QR codeQR code

الصحيفة السجّادية منهاج متكامل في التربية الاسلامية

تنا

25 Oct 2016 ساعة 11:37

جمعت الصحيفة السجادية اي (زبور آل محمد صلي الله عليه و اله) كنزا من أدعية وابتهالات للإمام علي بن الحسين الرابع من أئمة أهل البيت عليهم السلام.


السيد محمد رضا الجلالي
لم تكن" الصحيفة السجادية" بصيغة الروايات و الأحاديث المنقولة ، حتّى تعترضه مداخلاتها و مضاعفاتها ، أو تخترقه مصنوعات أهل الحديث و ... من مصطلحات الإرسال و الإنقطاع ، و مفاعلات التحريف و التصحيف ، و النقل بالمعنى ، و ما إلى ذلك من إشكاليات أصبحت ذريعة في أيدي من يُحاول طمس الحقائق اليقينية ، و العقائد الحقّة ، بمثل تلك ، و لا زالت حقائق تُطمس على أيدي أهل الجرح و التعديل ، و المتصنّعين من المتشدّدين في هذه الاُمور .

فقد جعل الإمام السجّاد ( عليه السلام ) هذا النصّ بعيداً عن متناول ذلك كلّه ، لأنّه ليس إخباراً عن أحد ، و إنّما هو إنشاء ينبع من النفس ، و إخبار عن ما في قراراتها من تصوّرات و تطلّعات و رغبات و آمال ، و توقّعات و مخاوف و أطماع ، و مشاعر و أحاسيس ، صدرت عن الإمام باُسلوب المناشدة و المناجاة ، و الإستعطاء و الإستعطاف ، بحيث يستوقف السامعين و يستعبرهم ، و يحدوهم على التأمّل و التكرار و الإستعادة و الإصرار ، لأنّه إذا عرف صدور هذا من أفضل أهل العصر ، فلابد أنّ ذلك سيبعثه على التأمّل في القول و الكلام ، و لابدّ أن ينفتح أمامه و لو منفذ صغير من رَوح الله ، و تشعّ عليه خيوط من أشعّة الحقّ النافذة .

اُسلوب الإستدراج
أن يبدأ الإنسان بنفسه في أيّ عمل يريد تحقيقه ، شيء مُثير في نفوس الآخرين و موح للواقعية و الجدّية و الإخلاص و الصدق .
فمن أساليب الإمام علي بن الحسين (ع) انّه يخاطب نفسه و يُحاسبها في دعائه ، و يحرّك الضمير و الوجدان فيجد الآخرون حديثاً خاصّاً بين الإمام ، و بين ربّه يناجيه و يخاطبه و يستدعيه و يستوهبه ، و تارةً اُخرى يكون الحديث بين الإمام و بين نفسه يعاتبها و يلومها و ينصحها ويستحثّها و يستبطؤها و يَعِدُها و يُوعِدُها ، و يتفنّن في توجيهها بالوعظ و الإرشاد و الترغيب و الترهيب .
و مثل هذا الكلام ليس للآخرين حقّ الإعتراض عليه ، بل و لا الإعراض عنه ، فضلا عن التدخّل فيه ، بل ـ كما قلنا ـ باعث على التأمّل و العبرة ، لأنّه صادر من شخصيّة هو القمّة في المعرفة و الإيمان ، و على أعلى المستويات في البلاغة والفصاحة ، وبلغة الحقيقة و الواقع ، الذي ينطبق على الجميع ، و يحسّه كلّ أحد من نفسه ووجدانه فلا يمكن إنكاره ، و المباهنة فيه ، فلا يجد السامع و القارىء من نفسه إلاّ الوفاق مع الإمام ، و القبول بما في الكلام بشكل تامٍّ .

 اُسلوب التعميم و الكتابة
لم يركّز الإمام السجاد (ع)  في دعائه ـ إطلاقاً ـ على ذكر أسماء محدّدة ، ولم يتعرّض للأفراد و الأشخاص ، و لا للأقوام ، بمشخّصاتهم ، فلم يطرح عناوين خاصّة ، يجعل لكلامه مضموناً عامّاً و مطلقاً شاملا ، يعطيه قابلية التطبيق على أكبر من مساحة ضيّقة ، و قابلية الخلود و الإستمرارية و هو اُسلوب مهمّ لتخليد التأثير و الإستفادة من النصّ ، و عدم تحجيمه و تطويقه ، كما يُبعده عن الهجوم و الرفض و المعارضة من قبل المعنيّين بالكلام حكّاماً و محكومين .

فهو يذكر الظالمين ، بكلّ صفة و عمل ، ينطبق على ظلمة التاريخ كلّه ، من عاصره ، و من تقدّم أو تأخّر عن عصره ، من دون أن يُمكّن أحداً من محاسبته و اتّهامه ، بل قد يبعث الظالمَ على أن يتبرّأ من حساب الخطاب متوجّهاً إليه ، أو محاولته الإبتعاد عن توجيهه إليه بترك جرائمه .
كما يصف أئمّة العدل ، فيعمّ بما يشمله هو و من سبق أو لحقه من المعصومين ( عليهم السلام ) ، بكلّ وضوح ، و ينطبق عليهم الكلام بحذافيره ، من دون أن يُثير في الحكّام وحشةً أو تحسّساً ، بل قد يستشرف لدعوى أنّه المقصود أو يتطلّع إلى أن يكون هو المعنيّ بالذكر .
إنّ وضع الخطاب على أن يقف سامعه على كلّ الحقائق و بكلّ أبعادها ، و أن لا يمكن مؤاخذته من قبل أهل الباطل ، و أن يُفلتَ من اتّهامه بشيء ، أمر ملحوظ في أساليب الإمام بوضوح تامٍّ .

نشر الأمل و الرجاء
يواجه القارىء و السامع لكلام "الصحيفة السجادية" ، محاولةً جادّة في نشر الأمل و الرجاء في الروح ، فبينما يؤكّد على المسؤولية ، يبعث الحياة لروح الأمل و الرغبة ، في سياق إحياء روح المراجعة و المراقبة و الرهبة .
و لا يدع لليأس من روح الله منفذاً ، و هو اُسلوب قرآني ناجع .

 التكرار بعبارات متعدّدة
و من الأساليب الفعّالة للامام زين العابدين (ع) ، إستعمال التكرار للمعنى الواحد ، بأكثر من عبارة ، فيقلبه في صيغ متعاقبة ، على التوالي ، بمقياس معيّن و نسق موحّد ، محافظاً على الجرس و الوزن الواردين في الجملة الأصلية ، و هذا يركّز في الذهن صورةً ذات أبعاد ، لا يمكن أن يُفلت العقل من جميعها في فترة قصيرة ، و لا يتجاوزها الضمير و الوجدان بسهولة ، فلابدّ أن يبقى في اللا شعور منها ما يؤذي هدف الوصول إلى المنشود .

الإلتفات
تنويع أساليب الكلام للامام السجاد(ع) ، من الخطاب ، إلى الغيبة ، إلى الإستفهام ، إلى العتاب ، إلى الترغيب ، إلى الإستنكار ، إلى الرجاء ، و هكذا .
ممّا يرفع الملل ، و يتقلّب معه الفكر ، ممّا يمنع القارىء و السامع عن ؟؟؟ بل السبات ، و يكون كلّ تقليبة و تحويلة إيعازاً ، يشدّه إلى الدعاء ، و يوجّهه إلى المعاني بشكل أدقّ و أعمق . .

 المنطقيّة و التدريج
ترتيب المعاني في "الصحيفة السجادية"، و إيرادها في الخطاب بشكل منطقيّ ، و متدرّج عقليّاً ، و حسب الواقع ، من الصغريات إلى الكبريات ، و من الجزئيات ، إلى المشتركات الكليّة ، ثمّ منها إلى النتائج ، ممّا يجعل له أثراً في تثبيت النتائج في عقل الداعي ، و تركيزها و الوصول بها إلى الأهداف المقرّرة للدعاء .

إستخدام الفنّ
إنّ البديع اللفظيّ ، بتزويق الكلام المنثور مسجعاً ، موزوناً ، يجعله بمنزلة الشعر في تأثير جرسه و رنينه من جهة صيانته ، حيث تبدو للعيان لمسات التعدّي عليه ، و تتبيّن آثار التحريف و التصحيف على صفحته ، فيتصدّى لها بكلّ يسر ، قبل أن يستفحل الخطر .
و من جهة ما يترك جمال الفنّ و موسيقاه في النفوس من إيحاء و أثر .
و قد ظهرت على صفحات الصحيفة أنواع كثيرة من أساليب البديع العربي الجميل ، مع المحافظة على جميع الأهداف المقصودة ، و الوفاء بجميع الأغراض المنشودة في كلّ مقطع و موضع .

 الأهداف و الدلالات
لقد إستهدف الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) في "الصحيفة السجادية" اُموراً عديدة مهمّة ، و أغراضاً بعيدة عديدة ، في ما تنوّع من أدعية الصحيفة ، بمناسباتها الزمانية و ظروفها المكانية ، و الحوادث ، و الأشخاص ، و الموجودات المختلفة التي كانت محوراً لكلامه ; بدءاً بالخالق جلّ جلاله ، و مروراً بالملائكة و الإنس ، و الجنّ ، و الشيطان ، و ختاماً بالحشر و المعاد و القيامة و الجنّة و نعيمها الخالد ، و ما يوازي كلا من ذلك ، أو يقارنه أو يسبقه أو يلحقه من شؤون  .

إنّ "الصحيفة السجادية"قد أرسلها علماء الإمامية إرسال المسلّمات ، ؟؟؟ ، أو بعض ما فيها من الأدعية ، إلى الإمام السجّاد ( عليه السلام ) بلا مناقشة في النسبة أو السند . فذكرها المفيد في الإرشاد وذكرها الطوسي في الفهرست ، و المصباح و ذكرها النجاشي في الرجال و ذكرها الخزاز في كفاية الأثر و ذكرها ابن شهر آشوب في مقدّمة معالم العلماء و في ترجمة رواية عمير بن المتوكّل .

ترجمة "الصحيفة السجّادية"
السيف اليماني ترجمة الصحيفة السجادية إلى الاُردو للسيّد محمّد هارون الهندي ( 1292 ـ 1339 ) الحسيني الزنگي پوري
ترجمة الصحيفة السجّادية إلى الانكليزية ترجمة البورفسور وليام چيتيك المولود 1943م هو اُستاد جامعة ولاية نيويورك ـ امريكا

البلغاء و" الصحيفة السجادية"  شهادات
قال ابن شهر آشوب : و ذكر عند بليغ في البصرة ، فصاحة الصحيفة الكاملة ، فقال : « خذوا عنّي حتّى اُملي عليكم » و أخذ القلم ، و أطرق ، فما رفع رأسه حتّى مات !

الشهادات الصحيفة عند الناقدين
قال الدكتور الشيخ محمّد حسين علي الصغير ـ اُستاذ في الدراسات القرآنية و البلاغية و النقدية في جامعة الكوفة ـ النجف الأشرف : و الحديث إلى القلب ينبع من القلب و دعاء الإمام بإيحاءاته كافّة ينطلق من الأعماق فهو يخترق كلّ الأعماق ليستقرّ بها معلماً شاخصاً هادفاً يهدي سواء السبيل .

ليس في هذا الحديث مبالغة الرواة ، و لا عنت الكتّاب ، و لا مساومة التاريخ ، بل فيه الصورة الناطقة المعبّرة عن حقائق الأشياء دون تزيّد على الواقع الصحيح ، و لا على الحقيقة الحرّة ، بل هو الروح الخالص المستنبط من واقع الأحداث  .


رقم: 247781

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/report/247781/الصحيفة-السج-ادية-منهاج-متكامل-في-التربية-الاسلامية

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com