تاريخ النشر2017 22 June ساعة 15:38
رقم : 272523

اهداف القواعد العسكرية الأميركية في سورية ومصيرها.

تنا-بيروت
في كانون الأول 2016، وبعد ان تيقنت اميركا ان حلب باتت في متناول الجيش العربي السوري وحلفاؤه، سارعت الى التحرك في المنطقة الشرقية من سوريةوتحديدا منطقاه البادية والحدود السورية مع العراق، للسيطرة عليهاوفرص فصل استراتيجي بين العراق وإيران من جهة وبين سوريةولبنان حيث حزب الله من جهة اخرى.
اهداف القواعد العسكرية الأميركية في سورية ومصيرها.
وكانت بداية التصرف الأميركي في الجنوب الشرقي إقامة مركزعسكري قرب معبر التنف على طريق دمشق بغداد الذي سيطرتعليه داعش منذ أكثر من سنتين،وبررت اميركا يومها تصرفها بانه من اجل تدريب قوى سورية محلية قادرة على مواجهة داعش وطردها منالمنطقة،ولتكون متكاملة في عملها مع" قوات سورية الديمقراطية" (الكردية) التي تتولى المهمة على الجزء الشمالي من الحدود الشرقية مع العراق. ما يعني ان اميركا تكون قد تولت مباشرة وعلانية إدارة الملفالميداني في سورية لجزء أساسي منه بهدف محدد هو إقامة منطقة الفصل التي كانت تروج لها مع ترامب بعنوان دعائي اعلامي تدعي فيه انها تريد إقامة المنطقة الامنة من اجل إعادة النازحينالسوريين.وهو ادعاءنعرف انه سخيف بخاصة إذا ربط بمنطقة الحدود الشرقية غبر المأهولة أصلا فهي بادية صحراوية بعيدة عن الماء والشجر ولم يقام فيها بناء او حجر.
تدعي اميركا بان مركزا لتنف قدم الخدمات التدريبة لحوالي 6000 فرد سلحتهم وجهزتهم ونظمتهم تحت عناوين مختلفة مثل "جيش سوريا الجديد"، "مغاوير الثورة"، و"أسود الشرقية"، الذين تعول عليهم للتكامل مع "قسد" ليكون الجمع اداتها في إقامة منطقة الفصل الاستراتيجي المبتغاة.
هنا ادركت سورية جوهر الخطة الأميركية الجديدة ، فسارعت مع حلفائها و بالتنسيق المستتر مع العراق لوضع خطة معاكسة تهدف الى منع القوات  المدعومة اميركيا  من التمدد داخل البادية السورية ، ثم الإمساك بالحدود السورية العراقية وصولا الى تحقيق التواصل البري مع القوات العراقية من جيش و حشد الشعبي .و انطلق محور المقاومة سريعا الى تنفيذ هذه الخطة لقطع الطريق على اميركا و منعها من تحقيق هدفها الاستراتيجي الذي اذا تحقق سيكون من شانه اختزال الكثير من المكاسب الاستراتيجية التي حققها في معارك الدفاع و المواجهة بخاصة خلال العام 2016 .
وبدا تنفيذ الخطة السورية المعاكسة، في استعادة السيطرة على تدمر التي تشكل في موقعها وأهميتها القاعدة الخلفية التي منها يمكن التوزع والانطلاق الى البوكمال عبر دير الزور حيث داعش والى الرقة شمالا حيث تريد اميركا تسليمها الى "قسد"ومن تدمر ايضايمكن توفير اسناد متبادل لمحور التقدم العسكري باتجاه البادية الاتي من ريف دمشق على طريق بغداد مرورا بالتنف حيث يتم تدريب جماعات مسلحة تعدها اميركا لتنفيذ خطتها في الجنوب الشرقي لسورية.
و اقرنت الخطة السورية المعاكسة و حتى تكون كاملة ، مع خطة خاصة بريف حلب الشرقي ابتغت منها القيادة السورية تحرير كامل المنطقة الواقعة بين حلب و بين نهر الفرات ثم التحول جنوبا لملاقاة القوى المتقدمة من تدمر، دون ان تهمل القيادة موضوع دير الزور و الجيش العربي السوري الممسك بالمطار و مناطق أخرى في محيطه حيث لحظ له الاسناد الدائم جوا الذي يعزز صموده و يمنع سقوطه بيد داعش المحركة و المدعومة اميركيا  كما اتضح جليا و من غير لبس عندما استهدف الطيران الأميركي مواقع الجيش هناك من اجل تمكين داعش من السيطرة عليها و اخراج الجيش السوري منها .
لقد كانت الأشهر الثلاثة الماضية زمنا حرجا وهاما على صعيد الدفاع عن سورية وافشال خطة عدوان أميركي جديدة،وكان معيار الانتصار هنا وصول الجيش العربيالسوريوحلفائه الى الحدود العراقية من الغرب ووصول الجيش والحشد الشعبي العراقيين الى الحدود من الشرق ليتحقق الاتصال الاستراتيجي بين قوى وطنية مقاومة للمشروع الأميركي الاستعماري القائم على منطق التجزئة والفصل والتشتيت.
ولان للموضوع مثل هذه الأهمية ،فقد اولت القيادتان السورية و العراقية و معهما الحلفاء في محور المقاومة و روسيا الأهمية البالغة لتحقيق الانجاز بسرعة  و احتراف و هذا ما حصل اذ و رغم التدخل العسكري الأميركي المباشر و الضغط على الحشد الشعبي العراقي لمنعه من التحرك الى الحدود  و الضغط على الجيش العربي السوري و استهدافه بالنار المباشرة في دير الزور ثم في منطقة التنف و أخيرا اسقاط طائرة حربية قرب الرصافة جنوبي الرقة ، رغم كل ما بذلته اميركا لمنع القوات السورية و العراقية من التلاقي و العناق على الحدود ، فان هذه القوى داست على الإرادة الأميركية و قبلت التحدي و ارتضت بتقديم التضحيات من اجل تنفيذ المهمة ، و نجحت و تحقق الاتصال الاستراتيجي البري بين مكونات محور المقاومة لأول مرة في تاريخ هذا المحور منذ الثورة الإسلامية في العام 1979 .
كان للعناق السوري العراقي على الحدود مفاعيل كارثية على معسكر العدوان بقيادة أميركية،وهو ما وصنفناه بانه العناق بين الإخواءوالأصدقاء الذي قاد الى اختناق بين الخصوم والأعداء، عناق دفع اميركا الى التصرف الميداني الهستيري الذي لا يقدم عليه الا شخص أسقط بيده واختل توازنه الذهني واختلطت عليهالأمور.وكنا نتوقع بعد هذه الهزيمة الاستراتيجية ان تتجه اميركا الى واحد من امرين: اما الإقرار بانتصار معسكر الدفاع والبحث عن طريقة تحفظ ماء وجهها وتحميل الخسارة في الميدان لغيرها، او الاقدام على عمل جديد يكون بمثابة خطة بديلة تمكنها من امتلاك أوراق ضغط للمناورة والادعاء بان في جعبتها من السلاح ما يمكن طرحه في المواجهة.
و يبدو ان اميركا المربكة ، لن تقدم سريعا على خيار الإقرار بانتصار سورية ، رغم ان اخر سفير لها في دمشق (فورد) أشار الى هذا الحال في مقابلته الأخيرة مع صحيفة من اعلام معسكر العدوان ، و لو كانت اميركا تتصرف موضوعيا و منطقيا و قانونيا ، لكان عليها ان تقر بانه لم يعد لديها مجال لمناورة او تخطيط جديد لمتابعة العدوان على سورية ، فالحرب على سورية و محور المقاومة انتهت بالعرف الاستراتيجي و العسكري و لن تجدي المكابرة نفعا لا بل قد تعمق الهوة و تزيد الخسائر ، و ان الأدوات المحلية التي تعتمد عليها اميركا من "قسد" الى مغاوير و اسود البادية ليس بمقدورهم الوقوف بوجه الجيش العربي و لو اسندتهم اميركا بطيرانها و ما حصل في رصافة جنوبي الرقة خير دليل ، حيث لم يمنع اسقاط الطائرة السورية الجيش العربي السوري من تحرير البلدة بمهلة 24 ساعة فقط .
اما التعويل الأميركي على سلسة القواعد العسكرية التي بدأتبأنشائها من غربي الحسكة الى التنف ، مرورا بالطبقة ، فأنها أيضا لن تعيق مشروع تحرير سورية من الإرهاب و من داعميه و في طليعتهم اميركا و لن تحقق الفصل المطلوب ، و اذا كانت اميركا تظن ان هذه القواعد التي تسرع في بنائها و اقامتها ستكون دائمة و مستقرة فأنها تخطئ كثيرا ، فهذه القواعد ستتحول الى رهائن بيد محور المقاومة الذي وجه لأميركا رسالة "ذو الفقار" (الصواريخ الإيرانية) المئثرة و لن يكون وجودها مقبولا او مشروعا مهما جهدت اميركا بالعربدة و المكابرة لحمايتها و ادعاء حقها بالدفاع المشروع عن النفس و هو طبعا ادعاء باطل .
ان لجوء اميركا الى تنفيذ سلسلة القواعد العسكرية لتتخذها خط فصل عسكري يعوض فشلها في إقامة المنطقة الامنة الفاصلة لن ينجح في تحقيق المراد اميركيا مع إصرار محور المقاومة على متابعة معركة التطهير و التحرير و اخراج أي عدو إرهابي  و اجنبي من البلاد مهما ارتفع الثمن و على اميركا ان تتذكر جيدا مصير قاعدتها في بيروت 1983 و مآل احتلالها للعراق 2003 ، و ان تعلم ان قواعد لن يكون فيها اكثر من 8000 عسكري لن تكون قادرة على تغيير استراتيجي او فرض واقع يناسبها و لهذا نعتبر ان اللجوء الى قواعد احتلال عسكري لن تجدي اميركا نفعا لانها في الأصل لن تكون ذات قدرات عملانية مؤثرة و لن يكون بمقدورها البقاء و الاستمرار الذي لا تملك مشروعيته أصلا في ظل رفض أصحاب السيدة على الأرض لها. وعلى اميركا ان تعلم ان الإنجاز الاستراتيجي الكبير كما وصفه الامام الخامنئي هو مكسب لن يفرط به محور المقاومة مهما غلت التضحيات.
العميد د. امين محمد حطيط 
https://taghribnews.com/vdcauunue49n0m1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز