تاريخ النشر2017 23 September ساعة 22:09
رقم : 285223

لتكن المجالس الحسينيَّة منابر للتَّوعية والتَّثقيف بالإسلام

تنا
إنَّ هذا النّداء لا بدَّ من أن ينطلق من كلّ حناجرنا في مواجهة الظالمين والمستكبرين كلّهم، سواء تمثّلوا في المواقع المنحرفة في الواقع الإسلاميّ، أو تمثّلوا في مواقع الاستكبار العالمي، لنرفض ذلك كلّه كما رفضه الإمام الحسين(ع)،
لتكن المجالس الحسينيَّة منابر للتَّوعية والتَّثقيف بالإسلام
العلامة والمرجع الفقيد السيد محمد حسين فضل الله
 إنَّ نداء الحسين(ع) الذي أطلقه منذ انطلق من المدينة، لا بدَّ من أن يبقى معنا، أن نخرج جميعاً في كلّ موقع يفسد فيه الواقع الإسلامي، على مستوى سلوك النّاس أو مواقع القيادة، أو على مستوى حركة السياسة، كلٌّ في موقعه، من أجل طلب الإصلاح في أمّة رسول الله(ص)، لأنَّ مسؤوليتنا جميعاً هي أن نصلح الأمَّة، وذلك هو شعار الأنبياء فيما حدّثنا الله تعالى عن شعيب عندما قال لقومه: {إن أريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعْت}. فلنعمل جميعاً على أن نطلق الإصلاح فكراً وروحاً وحركة في كلّ مجالات حياتنا، فذلك هو الإخلاص للحسين (ع) في رسالته.

ومرّت السنون، ونحن نواجه الموقف نفسه، فعلينا أن نتحمَّل المسؤوليَّة نفسها، فلا ننسحب من حركة الإصلاح في الأمَّة الإسلاميَّة تحت وطأة ضغطٍ هنا أو خوفٍ هناك. لقد انطلق الإمام الحسين(ع) في مواجهة الّذين أرادوا أن يفرضوا عليه النّزول على حكم يزيد وابن زياد، ليعطي الشرعيّة لهما، وهذا الذي رفضه منذ البداية، فكيف يقبل في النهاية، ولذلك قال كلمته الخالدة: "لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذَّليل، ولا أقرُّ إقرار العبيد"، وقال: "ألا وإنَّ الدعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلة، وهيهات منّا الذلّة!".

إنَّ هذا النّداء لا بدَّ من أن ينطلق من كلّ حناجرنا في مواجهة الظالمين والمستكبرين كلّهم، سواء تمثّلوا في المواقع المنحرفة في الواقع الإسلاميّ، أو تمثّلوا في مواقع الاستكبار العالمي، لنرفض ذلك كلّه كما رفضه الإمام الحسين(ع)، إنّ هذا الموقف لا بدَّ من أن يتحرك مع كلّ الأجيال، وهذا هو معنى أن تمتدَّ ثورة الحسين فينا، وهو معنى أن ينطلق عنفوان الرسالة الحسينيّة في حياتنا، لا أن نحوّل قضيّة الحسين إلى شيء في المأساة، لتكون قضيّته دموعاً ولطماً ونزفاً للدّماء من الرؤوس والظهور، إنّ العاطفة أساسيّة في قضية الإمام الحسين(ع)، ولكن علينا أن نختار من أساليب العاطفة ووسائلها ما يمكن أن يحرّك الإحساس الإنساني، وأن نبتعد عن كلّ وسائل التخلّف، فليس من الطبيعي أن نحمل السّيوف لنضرب بها رؤوسنا، أو لنحمل السَّلاسل لنضرب بها ظهورنا، إنّ السيوف تُجرّد من أجل مواجهة العدوّ، كما جرّد الحسين(ع) السيف أمام العدوّ..

لذلك، علينا أن نقيم المجالس الحسينيّة لنجعلها منبراً للثورة والإسلام والثقافة، منبراً من أجل رفع مستوى الناس، لا أن نجعلها مجرّد منابر تستنزف فيها الدموع بالروايات الصحيحة وغير الصحيحة، ونترك كلّ ما تجاوزه الزمن مما يثير سخرية النّاس بنا في العالم، مما كثر في هذه الأيّام، سواء في لبنان أو الشّام أو إيران أو العراق.. إنّ المصلحين وقفوا أمام هذه العادات التي لا تعطينا أيّ عنفوان أو موقع. لذلك، علينا أن نتعاون في أن تبقى قضيّة الحسين مشرقة مضيئة، وأن نعمل لنتوحّد بالحسين، وأن نخطّط كما خطّط الإمام الحسين(ع)، وأن نكون كما أرادنا الله تعالى في قوله: {إنَّ الله يحبُّ الّذين يقاتلونَ في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص}.

وعلينا في زيارة الأربعين، عندما نريد أن نزور الإمام الحسين(ع)، فنقف أمام ضريحه أو نتوجّه إليه، أن نستعيد في أفكارنا ثورته وشخصيّته وروحانيّته، فإنّ الزيارة ليست مجرّد كلمات تقولها، ولكنَّها فكر تستعيده، وعاطفة تعيش في نفسك، وخطّ تتحرَّك به في الحياة، أن تجدِّد بيعتك للإمام الحسين(ع) لتنهض كما نهض، ليقول لك الحسين(ع) من خلال التَّاريخ، كما قال لأصحابه وأهل بيته: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: 23].
https://taghribnews.com/vdcb5sb5frhbw5p.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز