تاريخ النشر2014 1 November ساعة 12:32
رقم : 172651
معلم أثري

مقام السّيدة رقيّة(ع) بنت الإمام الحسين عليهما السلام: قدسية منذ القرن الأول للهجرة.

تنا - بيروت
يعد مقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام واحدًا من أبرز معالم السياحة الدينية التي تستقطب الزوار من مختلف الإنتماءات الدينية، ومن مختلف بقاع العالم.
مقام السّيدة رقيّة(ع) بنت الإمام الحسين عليهما السلام: قدسية منذ القرن الأول للهجرة.

من هي السيدة رقية؟
هي إبنة الإمام الحسين عليهما السلام من زوجته أم إسحاق بن طلحة؛ استشهدت بُعيد معركة كربلاء، وهي في الخامسة من العمر؛ وتتداول سير مجالس العزاء ما مرّ بخصوص استشهاد السيدة رقية؛ فهي رأت الإمام الحسين عليه السلام في منامها بعد استشهاده، وتروي كتب التاريخ  أن السيدة رقية عليها السلام في ليلة قامت فزعة من منامها؛ وقالت: أين أبي الحسين (عليه السلام)؟ فإني رأيته الساعة في المنام مضطربًا شديدًا؟ فلما سمعن النساء بكين وبكى معهن سائر الأطفال، وارتفع العويل، فانتبه يزيد (لعنه الله) من نومه وقال: ما الخبر؟ ففحصوا عن الواقعة وقصّوها عليه، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه؛ فقالت: ما هذا الرأس؟ قالوا: إنه رأس أبيك، فرفعته من الطّشت وحضنته وهي تقول:

يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟

يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟

يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني؟

يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟

يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟

ثم وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا في الخربة في دمشق في الخامس من صفر للعام ٦١هـ .

مقام السيدة رقية عليها السلام ثاني أهم المقامات في سوريا بعد مقام السيدة زينب عليها السلام؛ ويقع مقام السيدة رقية عليها السلام عند مداخل سور مدينة دمشق القديمة، وعلى بعد أمتار قليلة  من المسجد الأموي في حي العمارة في دمشق؛ أطلق عليه سابقاً اسم مقام الرأس؛ يشغل مساحة لا تقل عن ٤٥٠٠ متراً مربعاً، ما بين الروضة والصحن والأروقة والفضاء الداخلي لقبة المقام مع القسم العلوي من ضريحها الذهبي؛ وكتبت أعلاه آيات سورة الدهر المباركة؛ تغطي الضريح لوحة من الفسيفساء مكسوة بالعاج والمرمر.

يعود  تاريخ بناء المقام والقبة إلى القرن الأول للهجرة؛ وهو مسجل كأثر منفصل عن مدينة دمشق بالقرار ٢٦٤/أ تاريخ ١/١١/ ١٩٧٩، كما جدد المقام سنة ١١٢٥ هجرية للمرة الأولى، ثم في عام ١٣٢٣، وأخيراً أوائل الثمانينات.

وقد شهد سلسلة متلاحقة من التحسينات وعمليات الترميم وإعادة البنانء؛ إذ يعود تأسيسه إلى سنة ٥٢٦هـ ؛ وتمّ تجديده سنة ١١٢٥هـ ، وفي العام ١٣٢٣ هـ جُدد بناؤه على يد الميرزا علي أصغر خان أمين السلطان ناصر الدين شاه ، وفي العام ١٣٩٩ عمد الشيخ نصر الله الخلخالي على توسعة المقبرة والحرم ، وذلك بشراء المنازل المحيطة بالحرم، وفي العام ١٤٠٨هـ بُدل الضريح الذي وضع على القبر في عهد أمين السلطان بضريح آخر صنع على يد أربعين شخصًا من الفنانين البارعين . وقد تمَّ تجديد المقام وترميمه في العام  ١٨٦٤ ؛ وفي بداية الثمانينات شهد المقام عملية توسعة استمرت لغاية العام ١٩٩٤؛ وضمت القبر والقبة القديمة؛ وألحق به معهد لتدريس العلوم الشرعية؛ وشيّد مسجد حول ضريح السيدة رقية(ع)، ويضم داخله عددًا من الأروقة؛ وأدخلت عليه تحسينات بطراز معماري فارسي مشغول بتناظر رائع، وتم تلبيسه بورق الذهب.

يلاحظ الزائر في الداخل طغيان الديكورات الفضية والذهبية، والنوافذ المزخرفة؛ وتعلو المقام قبة مضلعة؛ وكتب على الباب أبيات من الشعر العربي من قبل الحاج أحمد رضا الشيرازي، وهناك قصائد حول القبر منها : قصيدة شعرية للمرحوم د.السيد مصطفى جمال الدين كتبت بماء الذهب؛ يقول فيها :

فـي الشام في مثوى يزيد مرقد      يـنبيك  كـيف دم الشهادة يخلد

رقدت به بنت الحسين فأصبحت      حـتى حـجارة ركـنه تـتوقد

هـيا استفيقي يا دمشق وايقظي      وغـدا  على وضر القمامة يرقد

واريـه كيف تربعت في عرشه      تـلك الدماء يضوع منها المشهد

سـيظل  ذكـرك يا رقية عبرة      لـلظالمين مـدى الـزمان يخلد

ويتحدث الشيخ علي الرباني الخلخالي في كتابه "نجمة الشام الساطعة" عن مقام السيدة رقية، فيقول: بين تلك الأزقة المتعرجة، والبيوت المتكأة على بعضها بحنو أزلي والتي تحكي للناظر قصة تاريخ طويل، حيث تحوّل أديم الأرض إلى طبقات من العصور والأزمان والجماجم، نقلت قدميّ بخطى بطيئة، أتأمل تلك التعرجات والخدوش والزخارف الحجرية، فسافرت بين الذاكرة إلى الزمن البعيد، وأشرعت في قاربها الذي يلغي العصور والمسافات، وأخذت تطوف سجلات الزمن وتقلب أوراق التاريخ".

وفي كتابه "منتخبات التواريخ" يقول محمد اديب آل تقي الدين الحصني: "إن السيدة رقية بنت الإمام الحسين الصغيرة دفنت عند باب الفراديس. وقد اصبح مرقدها اليوم من أهم المعالم المقدسة في الشام.

يتوافد على مقام مولاتنا رقية عليها السلام  آلاف الزوار، ومن شتى بقاع الأرض للتبرك، وقضاء الحوائج ببركتها؛ ويتضاعف عدد الوافدين لزيارتها في المناسبات، لاسيما في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وفي شهر محرم الحرام مواساة لها في مصاب الإمام الحسين عليه السلام.

https://taghribnews.com/vdcbs5b88rhbz0p.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز