تاريخ النشر2015 1 September ساعة 22:54
رقم : 203567

​السيد موسى الصدر... إمام المحرومين والقائد القومي

تنا - بيروت
أرسى الإمام المغيّب السيد موسى الصدر نهجًا مقاومًا شاملًا شكّل منطلقًا أساسيًا للمناضلين في سبيل الحرية والتصدّي للأعداء.
الامام موسى الصدر
الامام موسى الصدر

 الإمام الذي أُعِدّ سندًا رئيسيًا لكلّ المكافحين من أجل انتزاع حريّتهم وطرد المغتصبين والمحتلّين لأرضهم ووطنهم، أضحى قائد مقاومة سارت على دربه وخطّه وأخلصت له، ولم تعرف ضعفًا أو هوانًا، لأن المنتهى هو نصرة المُستضعفين والمحرومين ورفض الإذعان لمنطق التسلّط والهيمنة الاسرائيلية.

طيلة الفترة التي كان الإمام الصدر يجول فيها على اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، كان يردّد أمام من يلتقيه وفي خطاباته ومؤتمراته " لا أدّعي أنني الحسين، أنا ذّرة من ترابه ولكني أحاول أن أفتّش عن طريق الحسين وأمشي". عبارةٌ عكست تجّذر فكر الامام بالمعاني الحسينية للثورة على الظلم والاضطهاد، لهذا كان يقول دائمًا: "الذين يصنّفونني لهذه الفئة أو العائلة أو القرية دون سواها، كانوا على خطأ.. أنا فقط للشهداء ليس إلّا.. نحن فقط للحقّ".

ينطلق الامام في كلّ كلمة كان يتلفّظ بها عندما كان حاضرًا بين شعبه من مخاطبة المحرومين في كلّ لبنان وأبناء البقاع والجنوب على حدّ سواء، ثابتةٌ لازمت أقواله التي عبّر فيها صراحة عن دوافعه لتأسيس حركة المحرومين: "الإيمان بالله، والسعي لصيانة الوطن، والاهتمام بكرامة الانسان".

على هذا الأساس حدّد سماحته مفاتيح مقاومة المُحتلّ، ولاسيّما عندما أوضح للبنانيين أن بلدهم "العربي المسالم مع "اسرائيل" يُعدّ طابورًا خامسًا ضمن العالم العربي"، رافضًا تصريح مناحيم بيغن (رئيس وزراء العدو عام 1977) عن استعداد الكيان الصهيوني لحماية الشيعة في لبنان، مؤكدًا أنها "مؤامرة اسرائيلية على لبنان وكرامتنا وتاريخنا، حتى لو أدّت مواجهتها الى وقوع مآسٍ أخرى".

عن فكر الإمام، يتحدّث عضو المكتب السياسي لحركة "أمل" الشيخ حسن المصري لـ"العهد"، فيقول إن السيد الصدر ومنذ عودته من "قُمّ" المقدّسة الى لبنان، ركّز على الاحتلال ومصائبه وانتهاكه للحرمات بحقّ الشعب الفلسطيني على حدّ سواء، لذلك وضع نُصب عينيه أولويتي محاربة الحرمان الذي تسبّب به طغيان النظام الإقطاعي في لبنان، وطرد الصهاينة ومجابتهم، فكانت خيوط المقاومة التي أسّسها الإمام، حينها جَهِد من خلال نهضته السياسية في مختلف المناطق من أجل أن يخاطب جميع المسؤولين اللبنانيين أنِ اعدلوا قبل أن تجدوا وطنكم في مقابر التاريخ.

ويضيف المصري إن "الإمام وسّع دائرة خطاباته لتشمل قادة الدول العربية، فوجّههم الى أن فلسطين هي مكان مقدّس لا يحرّره سوى الشعب المؤمن بالحرية، لذلك قال للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يومًا إن "شرف القدس يأبى أن يتحرّر إلّا على أيدي المؤمنين الشرفاء"، مطلقًا ورشة تدريب واستنهاض على مساحة لبنان لمؤازرة المقاومة الفلسيطنية"، ويؤكد أن "نهج المقاومة كان هاجسًا أساسيا لدى إمام المحرومين والمستضعفين، لأن لا لغة مع العدو تعلو فوق لغة القوّة".

بناءً عليه، ركّز الامام المغيّب في خطاباته على التحذير من "التعاون مع "اسرائيل" لأنه تعاون مع أعداء الله المتآمرين على كلّ القيم، ومسؤوليتنا تحرير أرضنا وإخراج العدوّ منها"، منبّهًا الى أن "الدول العربية المُجاورة هي وثرواتها مهدّدة أيضًا"، مع التشديد على أن "شرف أبناء جنوب لبنان في بقائهم متمسكّين بأرضهم صامدين يفضّلون التشريد على التعامل مع الصهاينة". من هنا، كانت دعوته لـ"تسليح أبناء الجنوب وتدريبهم على السلاح والحفاظ على ولائهم الوطني"، مع استشعار "الخطر الاسرائيلي الكبير على المسيحيين في لبنان".

المصري يستذكر كيف "كان الإمام يقول "عندما تقوى شوكتكم في الداخل وينضج عقلكم وفكركم الديمقراطي تستطيعون أن تسيطروا على الحكم في لبنان". منطق القوّة البعيد عن الضعف والمذلّة، شكّل قاعدة لدى الإمام، حسب المصري، لدعم القضية الفلسطينية والمقاومة في الأراضي المحتلّة، فهو أدرج فلسطين ضمن البنود التأسيسية لحركة المحرومين "أمل" وعلى الجميع المساهمة في تطهيرها من رجس الصهاينة، فلم يخلُ خطاب من التطرق للقضية الفلسطينية، مبديًا حرصه دائمًا عليها وهو ما عبّر عنه حين قال إن "للقدس دربا واحدا هو البندقية، لأن عيشنا دون القدس موت وذلّ، وعليه سنظلّ نسبح في بحر الشهادة حتى نصل الى شاطئ التحرير، فعملنا واضح يبدأ بالتضحية وينتهي بالشهادة".

يوضح المصري أن "الإمام المغيّب كان يرى في القدس الشريف قطعة منزّلة من السماء وهي أمانة في أعناق الأحرار الذين عليهم الحفاظ عليها، لا بل أكثر إن حادثة اختطافه كانت مرتبطة تمامًا بإغاثته للشعب الفلسطيني وبالتالي جولاته العربية التي أراد من خلالها أن يستنهض الهمم والقوميات لنصرة القدس الشريف".

سوريا كانت حاضرة بقوّة في خطابات إمام المحرومين. سماحته كان يرى فيها بعدًا استراتيجيًا للمقاومة وشريكًا لها في عملية التحرير"، وهو الذي قال يومًا إن "سوريا ولبنان يتشاركان المصير، ودمشق الشقيقة تبذل الجهد لمساعدة لبنان على صيانة وحدته وتطويره وخروجه من محنه".
وفق المصري، "كان التعويل الأكبر لدى الإمام المغيّب على سوريا، لأنه كان يعلم بأنها قلب العروبة، وبأنها القرش الأبيض لليوم الأسود، ومن أجل ذلك ناشد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مدّ يده البيضاء وإنقاذ لبنان من الويلات والمؤامرات الغربية على لبنان، فالأمن العربي العامّ لا يمكن أن يستقرّ ما لم تكن البندقية السورية موجّهة الى ما يخلّ به، لذلك كان يلفت الى أن سوريا هي امتداد للإرادة القومية الوطنية في لبنان وسند لها وحصن منيع للمقاومة الفلسطينية، وغدت برأيه "رئة الثورة الفلسطينية وتوأمها وحتّى أمها، متوقعًا صعوبة انتصار المقاومة الفلسطينية بمعزل عن سوريا".
موقع المنار
 
https://taghribnews.com/vdcce1qim2bqxp8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز