تاريخ النشر2017 6 June ساعة 12:44
رقم : 270088

شهر رمضان في المغرب.. حضور مميَّز

تنا
إحياء المراسم الرمضانيّة جزء مهمّ من عادات أهل المغرب وتقاليده القديمة، لما لهذا الشَّهر الفضيل من مكانة خاصَّة عند المغربيّين كباراً وصغاراً، حيث تبدأ الاستعدادات والتَّحضيرات لاستقبال شهر رمضان المبارك قبل أسابيع، فيتوافد المغاربة على الأسواق الشعبيَّة لتسوق الحاجات الرمضانيّة، من حلوى رمضانية وتوابل وتمور وعطور وبخور، في أجواء من الفرحة.
شهر رمضان في المغرب.. حضور مميَّز
الأسر المغربيّة تحرص على الاستعداد المادي والنفسي لإحياء الشّهر الفضيل، فما إن يهلّ هلاله، حتى تسمع على الألسنة عبارة "عواشر مبروكة"، أي أيام مبروكة، يقولها الناس لتهنئة بعضهم البعض.

كما تحرص الأسر أيضاً على تجميل المنازل وتنظيفها باستمرار، احتفاءً بالشهر الكريم، ويرتدي المغاربة لباسهم التقليديّ بأشكال متنوّعة، ويتقاطرون بعد الإفطار إلى المساجد العابقة بالبخور، والعامرة بالتّلاوة والدّعاء.

واكتسب رمضان في المغرب تقاليد مميَّزة، ففي ليلة السّابع والعشرين، يقضي المغاربة أوقاتاً طيّبة، باعتبارها ليلة القدر، وتمتدّ السهرات العائليّة إلى آخر اللّيل وحتى مطلع الفجر، وعادةً ما يحرص المغاربة على التّزاور وعلى صلة الرّحم أثناء الشّهر المبارك.

وتتمتّع الفتيات دون سنّ البلوغ بفستان جديد، أو "تكشيطة"، وهو لباس نسائيّ تقليديّ مغربي، كما تكسو أيديهن نقوش الحنّاء، وتمتلئ محافظهنّ الصّغيرة بالتمر والجوز والمكسّرات.

المائدة المغربية غنيّة بأطباقها، وشوربة الحريرة وجبة أساسيَّة تقدَّم في آنية تقليديَّة على كلّ مائدة مغربيَّة، لا فرق بين غنيّ وفقير.


حتى أهل البادية والأرياف، لرمضان لديهم رونق خاصّ، ويحتفون به احتفاءً كبيراً، وترى الأفران الطينيّة معدّةً لإعداد الإفطار، وتجتمع العائلات عند بعضها البعض وتتبادل التبريكات.

تشير العديد من المصادر التاريخيّة، إلى أنّ نساء المغرب، كنّ يجتمعن في الماضي أعلى أسطح منازلهنّ، في انتظار رؤية هلال الأوَّل من رمضان، لتطلقن الزغاريد فرحاً بقدوم ضيف عزيز على أهل فاس، يليها "النفّار" الّذي يحمل مزماراً طويلاً ينفخ فيه سبع نفخات، إمّا في صومعة المسجد، أو متجولاً في الأزقّة العتيقة للمدينة، معلناً قدوم موسم الطاعات والصّيام والتعبّد.

وتمثّل عادة الاحتفال بالصّوم الأوّل للأطفال، تقليداً اشتهر به المغاربة أيضاً، تقليداً يأمل المغاربة في استمرارها بقوَّة، في وقت يتعرَّض المجتمع لمزيدٍ من التّعقيدات والمشاكل.

وبعد صلاة الفجر يبقى بعض الناس في المساجد لقراءة القرآن وتلاوة الأذكار الصباحية، بينما يختار البعض الآخر أن يجلس مع أصحابه في أحاديث شيّقة لا تنتهي إلا عند طلوع الشمس، عندها يذهب الجميع للخلود إلى النوم بعد طول السهر والتعب.

يفضّل أكثر الناس الإفطار في البيوت ، إلا أن هذا لا يمنع من إقامة موائد الإفطار الجماعية في المساجد من قبل الأفراد والمؤسسات الخيرية لاسيما في المناطق النائية والقرى والبوادي.


وفيما يتعلّق بالإفطار المغاربي فإن (الحريرة) تأتي في مقدّمه ، بل إنها صارت علامة على رمضان ، ولذلك فإنهم يعدونها الأكلة الرئيسة على مائدة الإفطار، وهي عبارة عن مزيج لعدد من الخضار والتوابل تُقدّم في آنية تقليدية تسمّى "الزلايف" ويُضاف إلى ذلك (الزلابية) والتمر والحليب والبيض ، مع تناول الدجاج مع الزبيب.
وللحلوى الرمضانية حضورٌ مهم في المائدة المغربية ، فهناك (الشباكية) و(البغرير) و(السفوف)  والكسكس والملوزة والكعب، والكيك بالفلو وحلوى التمر، وبطبيعة الحال فإن تواجد هذه الحلوى يختلف من أسرة إلى أخرى بحسب مستواها المعيشي.

وبالرغم مما يتمتع به هذا الشهر الكريم من مكانة رفيعة، ومنزلة عظيمة في نفوس المغاربة عموماً، إلا أن البعض منهم يرى أن مظاهر الحياة الجديدة ومباهجها ومفاتنها، كالتلفاز والفضائيات وغير ذلك من الوسائل المستجدة، قد أخذت تلقي بظلالها على بركات هذا الشهر الكريم، وتفقده الكثير من روحانيته وتجلياته. ويعبر البعض -وخاصة الكبار منهم- عن هذا التحول بالقول: إن رمضان لم يعد يشكل بالنسبة لي ما كان يشكله من قبل !!

ومع قرب انقضاء أيام هذا الشهر تختلط مشاعر الحزن بالفرح، الحزن لفراق هذه الأيام المباركة بما فيها من البركات ودلائل الخيرات، والفرح بقدوم أيام العيد السعيد، وبين هذه المشاعر المختلطة يظل لهذا الشهر أثره في النفوس والقلوب وقتاً طويلاً.

 
https://taghribnews.com/vdcev78wvjh8f7i.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز