تاريخ النشر2016 29 September ساعة 22:07
رقم : 246429

أهمية معركة الموصل وخطورتها والتجاذبات حولها.

تنا-بيروت
ان أهمية معركة تحرير الموصل تنبع من التنافر في المصالح والأهداف التي يرمي اليها الأطراف المعنيون بالمدينة ومصيرها،وهنا يمكن تبين اتجاهين مختلفين حول المسالة الاتجاه الأميركي والاتجاه العراقي.
أهمية معركة الموصل وخطورتها والتجاذبات حولها.
  العميد د. امين محمد حطيط
عندما قررت اميركا دمج الميدانيين العراقي والسوري في العام 2014 إثر طي صفحة التهديد بالعدوان العسكري الأميركي المباشر على سورية عبر تسوية ملف الكيماوي الشهيرة، اوعزت الى داعش الفصيل الإرهابي الذي تعتمد عليه، اوعزت له بالتنفيذ، وسخرت له منظومة إعلامية ترويعيه من اجل ضرب معنويات السوريين والعراقيين وجعلهم يسلمون مدنهم وقراهم له حتى ومن غير مواجهة بطلقة واحدة.فالحرب النفسية والترويع والترهيب من داعش كانت ولا زالت أساسا في الخطة الأميركية ففي السابق حذرت اميركا من اقدام داعش على استعمال الأسلحة النووية التكتيكية واليوم وفي السياق نفسه تحذر من استعمالها الأسلحة الكيماوية في الموصل وامكنة أخرى.

وفي الواقع نجحت الخطة الأميركية في البدء في تمكين داعش من وضع اليد على الرقة السورية ومنها الى الموصل بشكل اسطوري ثم اندفعت نحو الحدود الإيرانية العراقية شرقا في تدحرج خيالي كاد معه العالم يصدق بان مسلحي داعش يملكون القوة الخارقة التي لا مثيل لها في العالم والا كيف يمكن التصديق بان مجموعة بدائية التنظيم والتسليح لا يتعدى حجمها ال 20 ألف مسلح ان يصدق بان هذه الجماعة تمكنت من احتلال نصف العراق وثلث سورية في مواجهة قوى تتعدى في سورية أكثر من 250 عسكريا وفي العراق أكثر من ذلك أيضا.

و مباشرة طبعا جاء الاستثمار الأميركي المحضر له سلفا ، اذ ما ان استتب الامر لداعش في الرقة أولا و في الموصل ثانيا و تم تهديد بغداد في العراق حتى أعلنت اميركا انها أنشأت تحالفا دوليا للعمل ضد داعش في العراق في مرحلة أولى ثم في سورية في مرحلة ثانيا ، في موقف خدع به البسطاء السذج في السياسة و الاستراتيجية  و لكنه لم ينطل على المواكبين للعدوان الأميركي على المنطقة العارفين بخلفياته و أهدافه ، اذ و من اليوم الأول كنا و لا زلنا نرى و نؤكد ان داعش لا تعدو كونها جيشا إرهابيا سريا بيد المخابرات الأميركية استعملته اميركا في العام 2014 كمفارز سباقة لتحضر لها عودتها العسكرية الى العراق ومنه للتسلل الاحتلال الى سورية بعد ان فشلت في العام 2011 من البقاء في العراق بشروطها الاحتلالية ، فقررت  ان تعود من باب إرهابي ضاغط كباب داعش .

لكن الميدان العراقي كما بات واضحا،لم يأت مطابقا للحسابات الأميركية، فكان الموقف التاريخي والبطولي الشجاع للمرجعية الدينية في العراق والذي على أساسه شكل الحشد الشعبي العراقي للدفاع عن الوطن وافشال الاحتلال الأميركي الجديد له والمقنع بداعش.

وبالفعل خاض الحشد الشعبي معارك رائعة تمكن خلالها من دفع الخطر عن العاصمة ومثلث الثقل الحيوي الأوسط المتشكل من بغداد والنجف وكربلاء،وفرض على داعش ابتعادا عن الحدو الإيرانية، ثم تابع تحرير مناطق واسعة في الانبار ذات الثقل السني،ومكن الجيش العراقي من ان يعود بفعالية الى مسرح العمليات ويؤهله لاستلام أسلحة جديدة من غير السوق الأميركي الذي امتنع عن تنفيذ العقود الموقعة معه قبل سنوات.

نجح العراق في الهجوم المعاكس ، الى حد بات القول معه ان خطة اميركا بالاحتلال غير المباشر قد دفعت نحو الفشل ،  رغم كل محاولاتها مع التحالف الدولي الذي ترعاه  لفرضه و التي تجلت خاصة في سعيها  للحد من عمليات الحشد الشعبي و منعه من متابعة التطهير ، بالإضافة الى تقديم الدعم الميداني العملاني و اللوجستي لداعش و الدعم المالي لها  و الترويج الإعلامي لجرائمها  و الضغط على المكون السني العراقي حتى يرفض دخول الحشد  الشعبي الى مناطقه باعتباره حسب التوصيف الأميركي شيعي التكوين و الأهداف و الهوى ، رغم كل هذه المحاولات حقق العراق بشعبه و جيشه و حشده الشعبي الإنجازات الميدانية الهامة التي تنبئ بالقول ان مصير داعش في العراق بات محتوم النهاية ، و ان الجزيرة المتبقية له فيه و التي تتمثل بمدينة الموصل لابد انها ستطهر قريبا .

من هنا تبدو أهمية مطلقة لمدينة الموصل ولمعركة تحريرها. اذ ان مصير الموصل وطريقة التعامل معها يحدد مصير داعش والإرهاب في العراق. ولذلك نجد ان الحكومة العراقية وبدعم من أكثرية الشعب العراقي تريد ان تحرر الموصل على الطريقة اتي حررت بها المناطق العراقية الأخرى بتطهيرها كليا من الإرهاب ووضعها كليا تحت سيطرة الدولة بقواها الشرعية، بما فيها الجيش والحشد الشعبي، باعتبار هذا الحشد منظومة شبه عسكرية ترعاها الدولة وترتبط برئيس الحكومة الذي هو القائد العام للقوات المسلحة العراقية.

ان أهمية معركة تحرير الموصل تنبع من التنافر في المصالح والأهداف التي يرمي اليها الأطراف المعنيون بالمدينة ومصيرها،وهنا يمكن تبين اتجاهين مختلفين حول المسالة الاتجاه الأميركي والاتجاه العراقي.

ففي الموقف العراقي نجد ان لدى الحكومة العراقية نية وقرارا باستعادة الموصل باعتبارها مدينة عراقية وان تحريرها واجب الحكومة والشعب،وبالتالي ان كل مكونات القوى العسكرية العراقية بما فيها الجيش والحشد الشعبي مسؤولون عن ذلك، بدعم من الشعب العراقي الذي يريد استعادة الامن والاستقرار الىربوعه.وان التحرير هنا يعني طرد داعش واجتثاثها كليا من الموصل وعدم السماح لأي جهة اجنبية او محلية لا تخضع للدولة بالوجود المسلح في الموصل.

اما في الموقف الأميركي ، فان معركة الموصل ضد داعش لن تكون معركة بالمعنى الحقيقي للكلمة او للمصطلح ، بل ستكون اسوة بما جرى في جرابلس السورية بمثابة عملية تسلم و تسليم بين داعش الخاضعة في العمق لأميركا و بين قوى عسكري أخرى نظامية او غير نظامية خاضعة أيضا لأميركا ، و لهذا ترفض اميركا اشراك الحشد الشعبي بالمعركة لأنه لا يأتمر بأمرها و تعول على مشاركة تركية و كردية فاعلة بالإضافة الى دور محدود للجيش العراقي في المعركة ، حتى اذا خرجت داعش اثر عملية التسلم و التسليم تحولت الموصل الى قاعدة أميركية تبتز بها الدولة العراقية .

ان اميركا تريد من معركة الموصل تحقيق مكاسب آنية تتصل بالانتخابات لديها و اهداف استراتيجية تتصل بأهداف العدوان الاصلية .و لهذا فهي تخطط لهذه المعركة لإنجازها في الفترة ما بين منتصف تشرين الأول \أكتوبر منتصف تشرين الثاني\ نوفمبر  لتجعلها ورقة في صندوق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر اجراؤها في 8 تشرين الثاني المقبل فيستثمرها الديمقراطيون ، ثم انها تريد المحافظة على داعش سالمة و نقلها من الموصل الى مناطق أخرى لاستعمالها لخدمة مصالحها و قد تكون الوجهة الأولى دير الزور و الرقة  السوريتين ، ثم انها تريد الإمساك بقرار الموصل كما ذكرنا .

اننا نرى ان السير بإحدى الخطتين الأميركية او العراقية سيحدد اتجاه ومصير العراق ووحدته وطبيعة الامنفيه، فان رجحت الوجهة العراقية كانت وحدة العراق وامنه هي الراجحة والعكس هو الصحيح ان استطاعت اميركا فرض وجهتها.ومن هنا نفهم كيف ان رئيس الحكومة العراقي يستنكف عن تحديد تاريخ لأطلاق معركة تحرير الموصل مشترطا استكمال جهوزية القوى التي تمكنه من تحقيق ما يريد العراق، بينما نجد اردغان التركي يحدد منتصف تشرين الاول \ أكتوبر موعدا لها تماهيا مع الخطة الأميركية.

وفي توصيف اجمالي نقول ان معركة تحديد الموصل وطريقة تحريرها ستؤشر الى مصير الخطة الأميركية بدمج الميدانيين العراقي والسوري وتاليا مصير الوجود الأميركي في العراق ومستقبل العراق وشكله،ومصير الخطة الأميركية لتقسيم العراق،وهي من هذه الناحية تطابق في أهميتها مسالة حلب التي تنظر اليها اميركا بانها مدخل لتقسيم سورية في حين يتعامل معها معسكر الدفاع عن سورية بانه خط الدفاع الرئيسي عن وحدة سورية.ولهذا نقول ان مصير المنطقة ومصير العدوان عليها يحدد اليوم في حلب والموصل.
 

 
https://taghribnews.com/vdcgx39xyak9tt4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز