تاريخ النشر2014 20 April ساعة 15:35
رقم : 156763
الوزير السّابق رشاد سلامة ل "تنا":

تدخّل فرنسي وعربيّ في الاستحقاق الرئاسي اللبناني

تنا - بيروت
بين فرصة تاريخيّة داخليّة، ومصالح وضغوط خارجيّة، يترنّح الإستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ بين ٨ و ١٤ أذار من جهة، وبين أطراف كلّ فريق من جهة أخرى .
تدخّل فرنسي وعربيّ في الاستحقاق الرئاسي اللبناني

 فمسبحة التّرشيحات في فريق ١٤ أذار لم تتوقّف حتّى الّلحظة؛ بل إنّ عدد المترشّحين إلى إزدياد؛ حيث يرى كلّ قطب داخل الفريق نفسه أنّه الأقدر على نيل أصوات الفريق الآخر؛ وبالتّالي الحصول على أغلبيّة الثّلثين الّتي يحتاجها أي مرشّح في الدّورة الأولى، أو الأكثريّة المطلقة في الدّورات الّلاحقة. 

وحيث أنّ رئيس حزب القوّات فتح الباب أمام مسيحيّي ١٤ اذار بترشيح نفسه إستكمل خطواته بإعلان برنامجه الإنتخابي الّذي يمكن تلخيصه بجملة " إنتخبوني؛ أنا لا غيري مخلّصكم من كلّ الشّرور "؛ وعلى طريقة القدّيسين قدّم نفسه بكلّ تعابير الوطنيّة والمحبّة والرّخاء والإنفتاح. وهو نفسه الّذي سعى إلى الميدان نفسه في العام ١٩٨٨ حينما إغتال داني شمعون لإزاحته من الدّرب؛ وأرسل مبعوثًا إلى أمين الجميّل أنْ غادر لبنان وإلّا؛ والجنرال عون كان في المنفى. 

تكرّ سبحة التّرشيحات، رئيس حزب الكتائب الّلبنانيّة أمين الجميّل مرشّح، والنّائب روبير غانم، فيما الوزير بطرس الحرب ينتظر على أحرّ من الجمر أن تأتيه الفرصة الذّهبيّة؛ والنّائب وليد جنبلاط يدفع هنري حلو إلى الترشّح ليرتاح من عبء التّصويت لكلا الفريقين؛ والجنرال ميشال عون مرتاح للوضع الدّولي برمّته ومطمئنّ لحلفائه ويرى الكرسيّ في الجيب؛ لكن ثمّة قراءة مختلفة لدى المتابعين لمسار الأمور والمتغيّرات الكثيرة ، ولهم تصوّرهم للمرشّح الأوفر حظّا. 

وكالة "تنا" وفي سياق متابعة الإستحقاق الرّئاسيّ إستصرحت المحامي والوزير السّابق رشاد سلامة حول الموضوع: 

س: أين ترى نقاط قوّة الفرصة التّاريخيّة لإنتخاب رئيس لبنانيّ بإرادة لبنانيّة بحتة ؟
ج: على أبواب كلّ إستحقاق، أو انتخاب، أو تعيين، أو تطبيل لرئيس جمهوريّة، تعوّدنا أن يكون التّدخّل الخارجيّ والأجنبّي موجوداً لإعتبارات عدّة؛ منها الدّول الصّديقة للبنان والعلاقات الوديّة، والدّول المرتبطة بعلاقات مع أطراف داخليّ لتحقيق مصالحها؛ وقد تدخّلت فرنسا وطرف عربيّ لصالح التّمديد للرّئيس الحالي ميشال سليمان. 

ومن يريد التّدخل في لبنان فأمامه رئاسة الجمهوريّة، أو الحكومة أو عبر أطراف فيها؛ وكلّ هذه الأمور تُفصَّل وتُبتّ في مجلس النّواب ، وهذا ما نتحدّث عنه اليوم ، فإذا وجدت الشّجاعة الكافية عند النّواب ـ ومهما كان حجم التّدخّل الخارجيّ ـ يمكنهم تعطيل هذا التّدخّل، وتأمين النّصاب لإنتخاب مرشّح يخدم المصلحة الوطنيّة ، عكس ما توحي به الأطراف الخارجيّة.
س: أين مقوّمات تغليب النّواب المصلحة الوطنيّة على المصالح الخارجيّة؟
ج: هذا جزء مرجِّح وليس المفصليّ كليّا، لأنّ المشاكل القائمة في المنطقة والعالم والإحتمالات المستقبليّة الجذريّة على صعيد التّفاهمات والتّحولات، غيّبت لبنان عن سلم الأولويّات في الإهتمام الدّوليّ والعربيّ، وهذا ما يعطي الإستحقاق فرصة لبنانيّة لإنجازه، وأؤكّد أنّ الموضوع يعود إلى النّواب في المجلس لتغليب المصلحة الوطنيّة في خياراتهم . 

س: ألا تعتقد أنّ تجربة إقرار سلسلة الرّتب في مجلس النّواب لا تشجّع على الرهان على موقف النّواب؟
ج: صحيح هذه علامة ومؤّشر، وإنطلاقا من هنا أقول أنّ رياض سلامة ـ حاكم مصرف لبنان ـ هو أقرب شخص للرّئاسة؛ وما نسمعه عن أنّ تأمين النّصاب مسألة أخلاقيّة هو هرطقة دستوريّة. فأين الأخلاق بتأمين نصاب لإنتخاب شخص مجرم؟ ويجب الحذر من هذا الموضوع، على خلفيّة إحتمال وجود لعبة قذرة وشريرة لتمرير إنتخاب شخص معيّن غير متفّق عليه، أو لا يليق بالوطن مثل سمير جعجع، وهو محكوم ب ٤ أحكام إعدام مخفّفة لمؤبّد، وخرج بعفوّ عام، لكن الأمر لا يجعله بريئًا ، والحكم بحقّه باقٍ؛ فكيف يترشّح لرئاسة الجمهوريّة وهو وفق وضعه القانونيّ يجب أن لا يستلم منصب مدير مدرسة . وأقول: على الّلبنانيّين إغلاق آذانهم عمّا يريده الخارج؛ وإنتخاب شخص يمثّل الخيار الأفضل للبنان. 

س: هناك لغاية الآن طبعًا ٤ مرشّحين ل ١٤ أذار ، فمن ستتبنى قيادة هذا الفريق ؟ وفي أيّ سياق تأتي التّرشيحات؟
ج: يمكن القول أنّ جعجع بترشيح نفسه قبل الجميع أحرج ١٤ أذار ؛ وهذا الإشكال سيقعون فيه لأنّهم يجب أن يختاروا مرشّحًا واحدًا يمثّلهم، وجعجع ليس بعيداً عن هذا الحلم، فهو منذ أواخر الثّمانييّات قام بعمليّة تنظيف كبيرة لكلّ من كان يعيق طريقه في الوصول إليه؛ فإغتيال داني شمعون حينه كان في هذا السياق، وبعث برسالة إلى أمين الجميّل مع كريم بقرادوني يبلّغه فيها بوجوب مغادرة لبنان في اليوم التّالي وإلّا. وها هو الآن يعود إلى محاولة تحقيق حلمه القديم ، لكنّ باقي الأطراف في ١٤ أذار سيكون لهم موقف بنهايّة المطاف حيث سيتقسّم هذه الفريق، وكلّ مكوّن سينتخب مرشّحه؛ ومن المستحيل أن يجتمعوا على مرشّح واحد ؛ كما يمكن إعتبار ترشّح جعجع محاولة لقطع الطّريق على تيّار المستقبل من الوصول إلى تسوية مع الجنرال ميشال عون وتبنّيه مرشّحا للرّئاسة. 

لكن وبإعتبار أنّ التّسوية مستمرّة لما بعد تاريخ الإستحقاق الرّئاسيّ ـ لأنّ الإتفاق الإيرانيّ - الغربيّ يكتمل في حزيران، أيّ بعد أيّام من الإستحقاق ـ فإنّ الفراغ سيكون المرشّح الأوفر حظّاً؛ وأظنّ بقوة أنّه لن يكون هناك رئيس قبل هذا الوقت حتّى يتبلور شيء ما بين إيران والغرب . 

س: سمير جعجع الأقلّ حظًّا على هذا الأساس على الرّغم من الحملة الإعلاميّة الكبيرة؟.
ج: أستغرب كثيرًا كيف يقوم أحمد فتفت ـ أحد صقور تيّار المستقبل ـ بإبلاغ سمير جعجع بأنّ التّيّار سيتبنّى ترشيحه بعد الأعياد ، في حين أنّه رجل مجرم وقاتل؛ واكمحامي أخذت هذه الأحكام بحقّه، إثنان منها إعدام، وحكم ثالث مع محامين أخرين؛ فكيف سيواجهون الشّارع السنّي في بيئتهم غدًا؟ وهذا التّصرّف يعتبر ممارسة للعمل السياسيّ بالحقد والكراهية والكيد من قبل هؤلاء الصّقور في التّيار، وأشكّ كثرًا أن يكون الرّئيس سعد الحريري قد كلّف فتفت بنقل الرّسالة ، وجلّ ما في الأمر أنّهم سيصوّتون له في الدّورة الأولى مع عدم وجود حظوظ له على أن تكون الدّورة الثّانية رهن الظّروف؛ وحتّى فإنّ تحركات تيّار المستقبل كلّها لا تشي بتبنّي ترشيحه . 

س: ماذا عن ترشيح هنري الحلو من قبل النّائب وليد جنبلاط، وفي أيّ سياق يأتي ؟
ج: هذا مهرب إتّخذه جنبلاط ليتحرّر من الإلتزام مع أيٍّ من الطّرفين؛ وسبق أن إعتمدها والده هذه الطّريقة قديمًا. 

س: وإذا أردنا تفسير كلام سماحة السّيد نصرالله عن تبنّي من يؤمّن المصلحة الوطنيّة الكبرى ؟
ج: سماحة السّيد يقصد بكلامه العماد عون، لكن أشكّ بحصول هذا؛ ونحن ذاهبون إلى شغور في موقع الرّئاسة إلى أن يتمّ التّوصّل إلى تسوية تأتي بمرشّح من خارج الأسماء المطروحة حاليًّا. 

س: من هو برأيك المرشّح الأوفر حظًّا بعد هذه القراءة؟
ج: ووفق المؤشرات الّتي ظهرت أرى أنّ رياض سلامة هو الأوفر حظًّا؛ هو شخص من عالم الإقتصاد وهذا ما يحتاج إليه لبنان حاليًّا؛ و تشهد له مسيرته الإقتصاديّة. وعلى المستوى الدّاخليّ فهو غير محسوب على أيّ من الأطراف؛ ولا يتّخذ مواقف مستفزّة لأحد؛ والبطريرك الراعي ـ مع أنّه ليس له سلطة ملزمة ـ إنّما ألمح في تصريحه الأخير إلى رياض سلامة كمرشّح مقبول. 

حاوره : بلال مذبوح



https://taghribnews.com/vdch--nzx23nmqd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز