تاريخ النشر2017 23 September ساعة 08:58
رقم : 285067

عاشوراء بلا خرافة ولا غلوّ!

تنا
لطالما صدحت حنجرة المرجع الفقيد السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض) بالدَّعوة إلى تشذيب عاشوراء ممّا علق بها من شوائب وخرافات على مرِّ العصور والأزمان، ولطالما أصرَّ على أن تكون عاشوراء نقيّةً بأحداثها ودروسها وكلّ العبر المستقاة منها، بعيداً من المغالاة في التَّعبير، واختراع أحداثٍ وقصصٍ ليست منها في شيء، ولطالما دعا إلى نقد النّصوص علميّاً وموضوعيّاً، لإعادتها إلى واقعيَّتها وصفائها.
عاشوراء بلا خرافة ولا غلوّ!
 سوسن غبريس
كان الفقيد السيِّد فضل الله يُتَّهم بخرق المقدَّسات، ولم يكن كلامه يعجب الكثيرين من أنصار المغالاة والتطرّف في التَّعبير، وممّن يرفضون مجرَّد النِّقاش في الوقائع، ويعتبرون أنَّ كلّ ما يقال على المنابر مبرَّر طالما هو في سبيل استدرار التَّفاعل مع قضيَّة الحسين، وإن أدَّى ذلك إلى تشويه الذّكرى، والإضرار بسمعتها وأهدافها.

واليوم، سيبقى الكثيرون يحيون عاشوراء كما اعتادوا، وسيرفضون ـ وللأسف ـ أن يتخلّوا عن الأجواء الخرافيّة والخاطئة الّتي تسيء إلى الذّكرى وصاحبها، ولكنّ الدَّعوات الّتي توجّهت من بعض المراجع والقادة المسلمين، بضرورة مراجعة النّصوص العاشورائيّة، وتقديم ما هو ثابت في صحّته، هو خطوة على الطّريق الصَّحيح، عسى أن تجد الدَّعوة تفاعلاً من قبل قرّاء المجالس، ومن قبل جمهور المناسبة، وعسى أن يتوحّد جميع المراجع حول رفض كلّ ما ليس له علاقة بالمناسبة العظيمة وبأبعادها.

من هذا المنطلق، كان البيان الّذي أصدره السيّد علي السيستاني في العراق، والّذي طلب فيه من خطباء المنابر الحسينيّة، باستقاء معلوماتهم من المصادر الإسلاميّة المعتبرة، والكفّ عن الاستقاء من "الأحلام والقصص الخياليّة" التي تسيء إلى سمعة المنبر الحسيني، وتظهره أنّه وسيلة إعلاميّة هزيلة، لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذّهني والثقافي للمستمعين، معتبراً أنَّ البديل هو القرآن والسنّة المعتبرة والأحداث التاريخيّة الثّابتة.

وكذلك الأمر مع السيّد حسن نصر الله في لبنان، حيث دعا قرّاء العزاء إلى تجاهل الأمور الخاطئة وتجنّب المبالغات، وعدم طرح مواضيع ذات إشكاليّات عقائديّة، مشدِّداً على ضرورة الابتعاد عن المبالغة في التفجّع، والترّكيز على الصّلابة والتمسّك بالمبادئ، اللّذين نتعلَّمهما من مدرسة كربلاء، وخصوصاً فيما يتعلّق بقضيّة السيّدة زينب(ع).

وفيما يتعلَّق بالنّصوص، لفت إلى أنَّ هناك بعض الأمور التي نحتاج إلى أن نصحِّحها، لكن من دون مهاجمة الأفكار السّابقة، وأنّه يمكننا بكلِّ بساطة أن نقول ما هو الصَّحيح، من دون التعرّض للأقوال المغايرة، حتى لا نتسبَّب بصدمة عند المستمع، أو نثير الخلافات".

هذه بعض نماذج التَّوجيهات الّتي سمعناها لهذا العام، والّتي تلتقي بدعوات سماحة المرجع فضل الله الّتي كان يطلقها منذ عشرات السّنين، والّتي نأمل أن تجد لها آذاناً صاغية، لأنَّ عاشوراء تستحقّ منَّا أن نحافظ عليها في صفائها ونقائها وأبعادها ودروسها، والأهمّ في فرادتها، فلا نسيء إليها بتصرّفات، أو ننسب إليها ما لا يليق بها، وهي الّتي انطلقت في خطِّ الوعي والتَّضحية، لنعيش في الضَّوء، وليس في عتمة الخرافة والجهل...
https://taghribnews.com/vdch-mniq23n6vd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز