تاريخ النشر2014 14 October ساعة 15:22
رقم : 171225

باسم «الله» تُستحمر العقول وتُذبح الأعناق

تنا
الاحتيال والاستحمار العقلي الذي قامت به ثلة من الغوغائيين الذين دنسوا الدين باسم «الله» من خلال الأصوليات التي جنحت بعيداً عن تعاليم الأديان التي تحضّ على الرحمة، وتؤمن بحرية الاعتقاد، وأخذت هذه الأصولية، لا سيما في شقها السياسي، تنتج خطاباً معادياً للآخر .
باسم «الله» تُستحمر العقول وتُذبح الأعناق
  
بقلم : فهد المهدي 
 العقلية المتطرّفة التي لم تتخلّ عن همجية الأسلاف القدماء، تلك التي استحمرت البشر باسم «الله» وذبحت أعناق العلماء والفلاسفة والمفكرين ومن يخالفها في الرأي لتحتال على العقول وتخدّرها، لتبعدها عن التفكير والإبداع، بأحكام تعسّفية وارتجالية جائرة ومتطرفة، ضللت الناس، وحرّضتهم على القتل باسم «الله»، لنصل الى ما وصلنا إليه اليوم، لنسير من دون ان ندرك النصب والاحتيال الذي نتعرّض له كلّ يوم، الغرب نجح في استبدال مظالم وجبروت الكنيسة، بمظالم جديدة سمّوها الديمقراطية، ديمقراطية يريدون فرضها على العالم وبالأخصّ على بلداننا العربية والإسلامية مستغلّين جهلنا وعدم تعلّمنا من التاريخ، فأوقعونا في فتن وحروب داخلية مستثمرين النزعة النرجسية وحب «الأنا» في البعض من بني جلدتنا، فسخروهم كأدوات تعمل في وسطنا بايديولوجيات متنوعة تعمل باسم «الله « متغذية بالترهيب والتطرف وإقصاء الآخر. 
  
الثابت اليوم أنّ عربدة هؤلاء تجاوزت كلّ الحدود كمنفذين للأجندة الغربية وحلفائها في تمزيق الأمة وتقسيم بلدانها، فمن هو هذا «الإله» الذي أباح لهم هذه الاعمال الوحشية القذرة، وفوّضهم في تقييم الآخرين والحكم عليهم بالكفر والإلحاد والزندقة؟
 
الاحتيال والاستحمار العقلي الذي قامت به ثلة من الغوغائيين الذين دنسوا الدين باسم «الله» من خلال الأصوليات التي جنحت بعيداً عن تعاليم الأديان التي تحضّ على الرحمة، وتؤمن بحرية الاعتقاد، وأخذت هذه الأصولية، لا سيما في شقها السياسي، تنتج خطاباً معادياً للآخر، وقد وصل الأمر إلى ذروته مع الأصولية الاسلامية المتطرفة لتنتج لنا «الإخوان» فـ»القاعدة» وبعدهما «داعش» و»بوكو حرام» و»جيش النصرة» وربما تسميات جديدة سنسمع عنها في المستقبل، وكلها جماعات إجرامية نازعة إلى السلطة والثروة وتقتل بلا رحمة… وباسم «الله»!
 
الإشكال الذي يعيشه هؤلاء أنّ المنتج الفكري الخاطئ الذي سطرته بعض الدول التكفيرية في المنطقة العربية والإسلامية، وخاصة السعودية باعتبارها الحاضن للفكر الوهابي التكفيري المتطرف، وكلُّ الحركات التي لجأت إلى العنف إنما جاءت من الفكر السلفي الذي دعمته السعودية، فنتج عنه هذه المجموعات الإرهابية
المختلفة، حيث أصبح الحاضن الأول لخلق ثقافة التطرف والتشدّد، وهيّئت أجيالنا للاختطاف الفكري ومن ثم الجسدي.
 
إنّ الأخلاق التي هي غاية الديانات جميعاً، لا نجد لها أثراً في أجندة هؤلاء المتديّنين الغلاة، فالأطفال والنساء وكبار السن باتوا رهينة وهدفاً لهم، واصبح الجميع مستهدفاً، ولا يكاد يدّعي او يزعم احد انه بمأمن عن هذا الاستهداف، المهمّ أنّ ما يجري ليس تعبيراً عن رأي سياسي معارض بل هو ممارسة شنيعة تشير الى حجم الخطر الحقيقي الذي يهدّد ديننا، ووحدة وأمن واستقرار بلداننا، فهذه الجماعات المتطرفة التي تتبنى فكر الجهاد تقتل باسم الله وعزاؤنا في ذلك انه بعين الله، وهم لا يجدون حرجاً في تبرير مصالحهم القذرة هذه وتنفيذ مشروعاتهم اللاإنسانية.
 
هذا الإله المزوّر الذي يبرّرون باسمه أعمالهم الإجرامية، تمّ تصنيعه وفق مواصفات قياسية تلائم أهواء أمراء الصحراء وأمزجة المتربّصين بالأمة، وتمّ إطلاقه كـ نسخة تجريبية في مراحل تاريخية مبكرة من عمر هذه الأمة، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن… كإله وحيد، متفرّد ومستبدّ بكلّ شيء إله مصاب بحالة وسواس قهري مستديم… يجعله يرى في كلّ شيء يخالفه تهديداً مباشراً لوجوده وأمنه، ومؤامرةً مدبّرة للانقلاب عليه والإطاحة بكيانه.
 
فكيف يسوغ لهذا الإله المُزَوّر الذي صُنع في أروقة مشبوهة وبمقاييس تتلاءم مع مصالح صانعيه أن يُكفر كلّ شيء دفعةً واحدة وأن يحلل ذبح الرقاب ويستبيح الدماء ويهتك الأعراض… وإلى هذا الحدّ المقزز! بل كيف تسوّل له نفسه المبتورة أن يسرق لسان الإله الحقيقي ويتكلم بالنيابة عنه؟!
 
إنّ لعبة الإله الذي قتل باسمه كثيرون عبر التاريخ وسُجنوا وعُذبوا، هي لعبة مستمرة، وستبقى كذلك ما دام الراقصون مع الشيطان يتجدّدون عبر العصور، فهو تحدّ قائم لا يزول إلا بزوالهم.
 
إننا إذ نشير إلى هؤلاء الذين يسرقون منا القيم الإنسانية باسم الله ويقتلوننا باسم الله ويروّجون لأفكارهم الهدامة باسم الله ويتسلّطون على رقاب البشر باسم الله ماهم إلا حفنة دموية، لا يمثلون ضمير الأمة ولا أغلبيتها بل هم مخطط مدروس وضع ضمن «كاتالوج» او خارطة طريق اسمها «سلسلة التدمير» Chain of Destruction وظيفتها شيطنة أي مجموعة لتجعل منها المنفذ كي يُبرّر من خلالها شنّ حرب تمزق الأمة وتدمّرها، وهذا ما نراه بالضبط راهناً من الجماعات التكفيرية التي غُرست في وسطنا والتي تعمل باسم الدين وتقتل باسم الله إلى حدّ جعلوا من العنف برََكَة من عند الله، وجعلوا من القتل مبرّرًا باسم الله!
 
اخيراً نختم بأنّ الله إسم عظيم له جلالته عند جميع الأديان، وأنّ من يدعون باسمه الى سفك الدماء وهتك الأعراض، هو إله آخر صُنع عبر تأريخ مظلم داخل أروقة أغْلِمَة الدين وتجار البترول والدولار، ليستحمروا عبر تاريخهم عقول البشر بهذا الإله العشوائي الذي يتصرف بالناس بطريقة تدلّ على خيانة ولا تدلّ ابداً على فضيلة… وحاشا الله تعالى عما يصفون.
https://taghribnews.com/vdchiznzm23nqid.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز