تاريخ النشر2017 23 September ساعة 12:30
رقم : 285157

دور عاشوراء في استنهاض الأمة

تنا-بيروت
هذا الموضوع، هو موضوع مركزي أساس في حركتنا باتجاه عاشوراء، ولعلَّ البعض قد فهم من إحيائنا لعاشوراء في المناطق المختلفة بأننا نحاول أن نستحضر العاطفة لنملأها ونعبر عن ولائنا من خلالها، من دون أن يكون لعاشوراء تلك الأبعاد الكبيرة التي تجذر مجتمعنا، وتؤسس لمستقبل إسلامي راقٍ.
دور عاشوراء في استنهاض الأمة
الهدف من كربلاء واضح، ولا أعتقد أننا بحاجة للبحث عنه طويلاً على الرغم من أن طريقة تقديمنا لعاشوراء في كثير من المجالات كاد أن يضيع الهدف، وإذا أردنا أن نتعرف عليه علينا أن نسأل الإمام الحسين عليه السلام ليقول لنا بنفسه ما هو الهدف من انطلاقه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم باتجاه كربلاء.

بدل أن نحاول استقراء هذه الحركة بعناوين لم يقلها، أو بتفسير المعاني لألفاظ واضحة لكنها تحمل دلالات مختلفة، فنختار منها الدلالة غير الدقيقة، هنا يصبح الأفضل أن نستمع إلى الكلام الأول الذي أطلقه الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنورة، عندما كتب وصيته إلى أخيه محمد ابن الحنفية، وهنا يمكننا أن نفهم هذه الخصوصية التي قام بها الإمام الحسين عليه السلام بأن لم يكتفي بالقول أو بالخطبة، أو بتعبيره عن الموقف أمام حشد من الأنصار والأحبة، وإنما أراد أن يكون الأمر
مكتوباً بتعبير الوصية لتصبح خالدة في التاريخ، فتبين للأجيال الهدف المركزي من حركة الإمام الحسين عليه السلام.

ما قاله في وصيته: "وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي، وأبي علي ابن أبي طالب)عم(، فمن قبلني بقبول حسن فالله أولى بالحق، ومن ردَّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين".

إذا دققنا في هذه الكلمات نجد أن الوصية تمحورت حول أمور ثلاثة:
أولاً: الإصلاح، ثاني اً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثالثاً: الإقتداء بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فهو يقول لنا: أريد أن أحيي هذا الدين في إصلاح ما فسد في تطبيق المسلمين لأن مقولة الإسلام من عند الله تعالى لا تحتمل خطااً ولا سهواً ولا نسياناً ولا التباساً، وإنما يأتي الانحراف من السلوك الذي يتبعه المسلمون، أما وقد حصل الانحراف في مجالات مختلفة، فلا بدَّ من حركة إصلاحية تعيد الإسلام إلى مكانته وتعيد الفهم الإسلام إلى أصالته التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وآله.

فإذاً الإمام الحسين عليه السلام خرج للإصلاح، وخرج من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثمن لا بدَّ أن يُدفع، لأنه لا يمكن أن يتلقى الآخرون سلوك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقبول حسن من ردود فعل، ومن دون استنكار، ومن دون مواجهة، مع ذلك هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمستلزماته ومتطلباته، هدفٌ للإمام الحسين عليه السلام.

والأمر الثالث السيرة: لماذا ركز على سيرة النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي عليه السلام؟ لأن الالتباسات حصلت في التطبيق كادت أن تجعل سيراً أخرى في مجال النقاش أنها تمثل الأصالة وتمثل الدرب الذي يجب أن نسير عليه، فأراد الإمام الحسين عليه السلام أن يعيدنا ويعيد الأمة إلى الجذور، ولذلك تحدث عن الاقتداء وتحدث عن السيرة.

من هنا إذا أردنا أن نقدم السيرة الحسينية لجمهورنا ولأبنائنا وأجيالنا، علينا أن نقدمها واضحة بأهدافها من اللحظة الأولى، حتى تنطوي داخل هذه الأهداف كل التفاصيل الأخرى وتكون تابعة لها، لا أن تكون هذه الأهداف مهمشة أمام التفاصيل التي كانت نتائج ولم تكن أصولاً في حركة الإمام الحسين عليه السلام.
https://taghribnews.com/vdchmmniq23n6zd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز