>> علاقة الثورة الاسلامية الایرانية بالصحوة الاسلامیة | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2014 14 September ساعة 14:29
رقم : 168373

علاقة الثورة الاسلامية الایرانية بالصحوة الاسلامیة

علاقة الثورة الاسلامية الایرانية بالصحوة الاسلامیة
علاقة الثورة الاسلامية الایرانية بالصحوة الاسلامیة
ان منطق تحلیل الاوضاع بعد انتصار الثورة الاسلامية یختلف عن اوضاع المنطقة قبل انتصار الثورة الاسلامية وهكذا الامر بالنسبة الی اوضاع العالم. ان الذین تابعوا تطور الاحداث قبل و بعد انتصار الثورة الاسلامیة . وارادوا تقییم اوضاع العالم قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية، سیدركون التفاوت بین هاتین المرحلتین بشكل جید لقد كان انتصار الثورة الاسلامية العدید من الارهاصات والاحداث فی العالم ویمكن بیانها علی النحو الآتی:
انبثاق الصحوة الاسلامية
وتیار العودة الی الاسلام. وهذا الشعور وهذه الصحوة لم تكن موجودة قبل انتصار الثورة الاسلامیة، إذ كانت المجتمعات الاسلامية لا تعیر أی اهتمام لاسلامها، وكانت التیارات غیر الاسلامیة هی السائدة في هذه المجتمعات، فلم تكن المؤسسات الثقافية والسیاسية تتحدّث عن الاسلام، ولم یكن الاسلام بوصفه دیناً دینامیكیاً ومحركا للثورات، منشا لتحرّك وصحوة الشعوب ابداً. وحتی في بلدان الشرق الأوسط، وخاصة الأقطار الواقعة في الجنوب من الخلیج الفارسي لم يكن هناك اسم للأسلام لا علی مستوی الدول فحسب ، بل حتی علی مستوی الشعوب، وإذا كان هناك للاسلام من اسم فهو محصور فی زوایا البیوت والمساجد وبشكل نادر جدا. وهي بالاضافة الی ذلك مساجد قلیلة جدا. وعندما انتصرت الثورة الاسلامية والقنبلة التی فجر ها الامام الخمیني ( رضوان الله تعالی علیه) فی العالم – قنبلة الانتماء الی الدین والعودة الی المعنویات- كان من ارهاصات ونتائج ذلك ظهور تیار العودة الی الاسلام . یجب القول بأن هذا الحدث العظیم كان اكثر من مجرد تیار، وإنما هو جریان هدر ومستمر وشامل فی المطالبة بالعودة الی الاسلام ، بحیث ان حكام الاقطار الاسلامية وخاصة حكام الدول الواقعة فی جنوب الخلیج الفارسي – الذین لیم یكونوا لتفوهوا بالاسلام من قریب ولا بعید- اخذوا یجاهرون في ادعائهم تمثیل الاسلام. ابتداء من حكام العربی السعودیة الی حكام الامارات وقطر ومصر وصولا الی صدام الذی لم یكن یطیق الحدیث عن الاسلام ابدا، بل كان یحارب الاسلا حتی فی اطروحته المذهبیة، بل إن أسس حزب البعث تقوم علی اجتثاث الاسلام واستنصاله من المجتمع ، ومع ذلك أخذ یبالغ فی ادعائه قیادة الاعالم الاسلامی، وبلغ به الأمر الی رفع كلمة (الله اكبر) علی علم الجمهوریة العراقیة. وعلی الرغم من أنّ هذه الامور تنبثق من سیاسة مراوغة ومنافقة ، ولكنها تثبت أنّ هذه الصحوة الجارفة أجبرت حتی شخصاً مثل صدام – الذي لایعرف الابجدیة الاسلامیة – علی ركوب الموجة الاسلامیة، واصطباغ بلونها. وفي تركیا انتعشت الأحزاب الاسلامیة وبدأت تمارس نشاطها ، في حین لم یكن في تركیا من یجرؤ علی ذكر اسم الإسلام علی المستوی الفردي فضلا عن ممارسة النشاط السیاسي، وانتشرت رقعة هذه النشاطات ، حتی فازت في الانتخابات واستلمت مقالید السلطة، وهذا شيء لم یكن هناك من یحلم به قبل ثلاثة عقود، وإذا تحدث به شخص لكان قد عرّض نفسه للسخریة والاستهزاء. لذلك فأنّ ارهاصات هذا التیار الاسلامي العظیم قد اخترقت حدود الدول الاسلامية، وانتقلت حتی ألی أوربا وأمركیا، وبدأ المسلمون في الأقطار الأوربیة والأمریكية یشعرون بهویتهم وكینونتهم وكرامتهم للمرة الأولی في تاریخهم، وأما قبل انتصار الثورة الاسلامية الایرانية فلم یكن هناك شيء من هذا القبیل، بل كان المسلمون في أوربا وأمریكا یسیرون في الشوارع مطأطئي الرؤوس ویشعرون بالخجل عند الكشف عن هویتهم الاسلامية، وكان الأسلام لایظهر الا علی جماعة من كبار السن والأجیال القدیمة. أما الجیل الجدید في أوربا وأمریكا فلم یكن لیبدي أي میل تجاه الاسلام . وإنّ غالبية هذا الجیل الجدید بدأت بالذوبان في المجتمعات الغربية، وأصبح جزءاً لا یتجزأ من هذه المجتمعات. في حین ظهر بعد انتصار الثورة الاسلامیة تیار مهیب یدعو للعودة الی الاسلام في الغرب، واتسع الإقبال علی بناء المساجد والمراكز الاسلامیة بشكل ملفت للغایة.
الحركة المناهضة للغرب
وهذه الظاهرة تشكل الوجه الآخر للظاهرة الأولی، فكل وحدة من هاتین الظاهرتین هما وجهان لعملة واحدة ، فإذا كان التیار المنادي بالعودة الی الاسلام هو الجانب الایجابي من الحدث، فإنّ الدعوة الی مقاطعة الثقافة الأجنبية وخاصة الغربية تمثل الجانب السلبي منها. لقد كانت الثقافة الغربیة هي الثقافة المسیطرة علی العالم، وكانت هي الثقافة الغالبة ، وكانت هذه الثقافة تدعي تمثیلها لجمیع القيم الأنسانية والبشرية، معتبرة نفسها الحاكم المطلق للعالم، بل كان الغرب من خلال ثقافته یری نفسه ملاكاً لإنقاذ الناس في كافة أرجاء المعمورة، وحیثما تعرض بلد ألی أزمة، تم تبریرها بأنّ الشعب في ذلك البلد أخفق في تطبیق القیم الغربية بشكل جیّد. وكانوا ینصحون الدول والشعوب ویقولون: إذا أردتم تحقیق التقدم والنجاح والتخلص من المشاكل والأزمات، فما علیكم إلا الاغتراب من النموذج الغربي. حتی بدأت جمیع شعوب العالم تری في القیم الغربية طوق نجاة، حتی انتصرت الثورة الاسلامية، فظهرت الكثیر من علامات الاستفهام أمام مصداقية القیّم الغربية. حتی تحولت هذه القیم في أنظار الشعوب بالتدریج ألی مفاهیم تقف علی الطرف النقیض من القیم الأنسانية. أي أنّ شعوب العالم أخذت بالتدریج تدرك أنّ الغرب لا یمثل ملاكاً منقذاً ، بل أنّ جلّ المشاكل والأزمانت التي تعاني منها الشعوب أنما هي أزمات مفتعلة من قبل الدوائر المنتسبة ألی هذا العالم الغربي، وتأتي كنتیجة لهیمنة القیم الغربية علی العالم. فإذا كان هناك حاكم مستنبد في بلد ما ، فأنما هو صنیعة للدول الغربية، وإذا كان هناك فقر في بلد ما ، فهو فقر مفروض علیه من قبل الغرب، لأنه یأتي كنتیجة لنهب خیراته من قبل الدول الغربية. إذا كان هناك من تخلف أو ضعف علی المستوی العلمي والثقافي ، فإنما هو نتیجة للأنانیة الغربية واحتكارها للتقنیات العلمیة، وعدم سماحها لبقیة شعوب العالم الثالث والبلدان الاسلامیة ببلوغ ما بلغته حتی بقدرتها الذاتية. من هنا أخذ یظهر في هذه الدول شعور بالكراهية للغرب تدریجیاً، حتی تحوّلت هذه الكراهية ألي ثقافة عامة، وكانت هذه الظاهرة المباركة قد ظهرت علی مدی ثلاثة عقود من انتصار الثورة الاسلامية.
الغرب في مواجهة
ان هاتین الظاهرتین بدلاً من اتخاذ موقف متزن وحكیم، اختار سلوك طریق الانفعال والتخبّط، حیث بدأ یواجه هذین التیارین بعدوانية قد برزت هذه المواقف العدوانیة علی ثلاثة أشكال: الشكل الأول: العدوان علی خصوص الثورة الاسلامیة من خلال إثارة الداخل وتسلیح العصابات المناوئة للثورة الاسلامیة، والی جانب ذلك إثارة أخری موازیة قادها صدام بایعاز من الاستكبار الغربي وشاركه فیها حكام المنطقة ، فخاضت الجمهوریة الاسلامیة حربین متزامنتین داخلیة وخارجية. والشكل الثاني، الذي ظهر منذ بدایة الثورة من خلال إثارة الحرب الناعمة، وهي حرب شاملة وواسعة تتألف من العدید من العناصر، وكانت الوهابیة واحدة منها بل علی رأسها، وقد مثلت حرباً باسم الاسلام ضد الثورة والتشیع. حیث اعتقد الغربیون أنّ التشیع هو الأیدیولوجية المحركة لهذه الثورات، ولذلك من ناحية، كما أثاروا بعض التیارات التنویریة من الداخل من ناحیة أخری. وبذلك قاد الاستكبار ضدّ الثورة حرباً ثقافیة وحرباً ناعمة من الداخل والخارج أیضاً.
والشكل الثالث، هو مواجهة النظام بثورات تصلح لكي تكون بدیلة عن الثورة الاسلامیة لكي تتأسی الشعوب والبلدان الأخری بها بدلاً من التأسي بنموذج الثورة الإسلامیة في ایران. فبعد أن شاهد الغرب أنّ هذه الثورة التی حدثت في العالم أدت ألی ظهور موجة عارمة من العودة إلی الاسلام، وبموازاة ذلك أدت إلی ظاهرة الكراهية للغرب وكل ما یمت الیه بصلة ، سعوا الی العمل علی احتواء هذه الموجة والسیطرة علیها بشكل من الاشكال، فوجدو أن أفضل طریق الی ذلك یتمثل في ایجاد بدائل منافسة لهذه لاثورة ، حیث بدأت هذه الثورات والحركات البدلیة ترفع بحسب الظاهر نفس الشعارات التی رفعها الامام الخمیني رحمه الله والثورة الاسلامیة الایرانیة ضد الولایات المتحدة الأمریكیة والمطالبة بحریة الشعوب، ولكنها في الحقیقة والواقع تعمل في الخفاء لصالح المشاریع الأمریكیة في المنطقة، وعلی رأسها القضاء علی الثورة الاسلامیة، واستقطاب البلدان الاسلامیة والشباب المتحمس والثوري واحتوائه داخل هذه التیارات المنحرفة فكان تنظیم القاعدة، وحركة طالبان، والتیارات المشابهة لهما، بل وحتی حزب العدالة والتنمیة التركي، حركات بدیلة تأسست في هذا السیاق للسیطرة علی تیار الثورة الاسلامية، فظهرت في الشرق الاسلامي وجوه مثل الملاعمر وأسامة بن لادن ، وتمّ الترویج لهما من قبل الإعلام الغربي وبوصفهما خصوم الداء للحضارة الغربية، لیخطفوا الأضواء من الثورة الاسلامية، ویعملوا علی توجیه أنظار الشعوب الإسلامية ناحیة هذه الوجوه التي هي مجرد صنائع لها. إذن كان للعدوان الغربي علی الثورة الاسلامية ثلاثة أشكال، الشكل الأول: العدوان العسكري المسلح من الداخل والخارج. والشكل الثاني: الحرب الثقافية الناعمة من خلال الترویج للانحراف الفكري الذي یهاجم قیم الثورة، والشكل الثالث: ایجاد التیارات الثوریة البدیلة . وقدتمكن تنظیم القاعدة من استقطاب بعض التیارت في العالم العربي. كما تمكنت حركة طالبان من الحصول علی موطئ قدم لها في باكستان وشبه القارة الهندیة. كما تمكن اردوغان من ایجاد قواعد لنفسه في تركیا وقلب العالم الاسلامي وحتی في بلدان شمال أفریقیة أیضا. ولكن لم یتمكن أي من هذه التیارات المصطنعة من قبل الغرب من الحیلولة دون تقدم زحف تیار هذه الثورة العظیمة. فقد تم القضاء علی صدام، وارتفع شأن التیار الفلسطیني بفعل دعم الثورة وبلغ حزب الله في جنوب لنان ذروة اقتداره بالانتصار علی العدوالصهیوني في اكثر من مواجهة ، وتمكن من دحر الجیش الذي لایقهر. وقد انتعشت المقاومة الاسلامیة في العراق وسوریة ولبنان وفلسطین في قبال التیار الذي أراد الغرب أن یجعل منه درعاً في مواجهة الثورة، وكان هذا الدرع یتمثل باتحاد الحكومات الموالیة للغرب والولایات المتحدة الأمریكیة وهو عبارة عن المملكة العربیة السعودية والأردن ومصر وتونس والدول الواقعة في جنوب الخلیج الفارسي، ولكن وبعد صمود الثورة الاسلامية، لم یتمكن هذا المحور من القیام بأي حماقة، وأثبت فشله حتی اكتسحه التیار المقاوم. فقد أطیح بالنظام التونسي والمصري وهو أخذ بالاتساع والقوة یوماً بعد یوم. لقد كان المخطط یقضي بمحاصرة الجمهوریة الاسلامية في ایران من جمیع الجهات. فطالبان والقاعدة في الشرق، وحزب العدالة والتنمیة بقیادة اردوغان في الشمال الغربي، وصدام ومشیخات دول الخلیج الفارسي في الغرب والجنوب، وتكاتف الجمیع من أجل فرض الحصار العسكري والاقتصادي الثقافي والسیاسي علی ایران وثورتها، الا انّ الثورة لم تخضع لهذا الحصار، بل انفتحت حدود هذه البلدان باتجاه الثورة، وتحول العراق وسوریة وخاصة لبنان وفلسطین الی قواعد للثورة الاسلامیة وعقیدة وثقافة المقاومة . حتی تحولت مصرفي الآونة الأخیرة وبعد بزوغ نجم الصحوة الاسلامیة الی قطب كبیر للمطالبة بالاسلام، وامتد هذا التیار لیشمل شمال أفریقیا ولیبیا وتونس والیمن،وكذلك دول جنوب الخلیج الفارسي ومن بینها البحرین ایضاً.
https://taghribnews.com/vdchq6nzx23n-xd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز