تاريخ النشر2010 22 September ساعة 11:13
رقم : 26504

الانتخابات الأفغانية... هزيمة جديدة للاحتلال الأميركي!

الانتخابات الأفغانية... هزيمة جديدة للاحتلال الأميركي!
وكالة انباء التقريب (تنا) :
من المهم جداً بالنسبة للاحتلال الأميركي في أفغانستان، وفي ظل تراجع شعبية الحرب في الشارع الأميركي، وتحولها إلى فضيحة مربكة للإدارة الأميركية في أعين العالم ... من المهم جداً أن يأخذ الوضع شكلاً يوحي بأن الهدف الرئيسي من التدخل العسكري قد تحقق بنقل البلاد إلى أحضان الديموقراطية.

من هنا كان من الضروري جداً، ومهما كان الثمن، أن تحفل نشرات الأخبار في العالم بالكلام عن الانتخابات التشريعية التي تجريها أفغانستان أسوة بسائر الديموقراطيات. والاعتبار نفسه لا يقل أهمية في الوقت الذي بدأت فيه، بمقتضى الديموقراطية، حملات التحضير لمعركة التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس التي ستجري في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وسط توقعات بعجز الديموقراطيين عن المحافظة على تفوقهم في مجلسي النواب والشيوخ، ما يعني أن أوباما لن يكون، بعد عامين، في موقع يؤهله للفوز بولاية ثانية.

وفي الوقت الذي يستخدم فيه الجدل الانتخابي في الولايات المتحدة ترسانة ضخمة من الخطابيات البالغة التشنج، وسط أوضاع سياسية واجتماعية هي بدورها بالغة التشنج، تنسحب الخطابيات من الانتخابات الأفغانية لتخلي المجال لترسانة ضخمة من الأسلحة الحربية.فمن جهة، آلاف أو عشرات الآلاف من مقاتلي طالبان يعملون، بقوة السلاح، على منع إجراء الإنتخابات، ومن الجهة المقابلة، ٣٠٠ ألف جندي أفغاني و١٥٠ ألف جندي أميركي وأطلسي، يعملون أيضاً بقوة السلاح، على إنجاح العملية الانتخابية. وبينهما الشعب الأفغاني والمراكز الانتخابية وصناديق الاقتراع. والأكيد أن في صفوف هذا الشعب أناس يهرعون إلى الانتخابات لاعتبارات شتى. منها التصويت لمصلحة القبيلة ضد قبيلة أخرى، ومنها الارتباط بهذا أو ذاك من مراكز القوى، ومنها ما تناقلته الأخبار عن وصول ثمن الصوت الانتخابي في البورصة الديموقراطية إلى ثلاثة دولارات أو أربعة.

ولا عجب، فخوار العجل المالي يطغى على جميع الخطابيات في زمن باتت الكلمة العليا فيه للمال، لا فرق بين حلاله وحرامه، بين الكثير من الفئات التي تطحنها شهوات الاستهلاك أو الحاجة إلى سد الرمق.

ولا عجب إذا كان كل شيء يجري وسط إجماع المقترعين على الأمل بأن تحمل أصواتهم إلى الحكم نواباً لا ينخرهم الفساد الذي بات سمة مميزة للديموقراطيات، وخصوصاً لتلك التي تقتطع لنفسها مهمة تعليم الديموقراطية للآخرين.والأكيد أن في صفوف الشعب الأفغاني، أناس لا تعنيهم الانتخابات من قريب أو بعيد. وأناس يقاطعونها عن سابق إصرار وتصميم لا لشيء إلا لأن هذه العملية التي يفترض بها أن تكون تعبيراً عن المواطنية والحرية إنما تجري في وطن يعيش تحت الاحتلال العسكري. وأناس يقاطعونها خوفاً من تهديدات طالبان.

المهم أن الانتخابات قد جرت. والأكيد أن التقديرات الرسمية عن حجم المشاركة الشعبية في الإقبال على صناديق الاقتراع والتي تراوحت بين ٣٠ و٤٥ بالمئة هي، لهذا السبب بالذات، استنسابية وتعسفية وبلا أية مرجعية إلى تعداد الأصوات في صناديق الاقتراع.

فهنالك، بالرجوع إلى المراقبين، صناديق كثيرة حشيت بـ "الأصوات" في مراكز ظلت مقفلة أو لم يدخلها غير الموظفين المولجين بالإشراف على العملية الانتخابية. أو في مراكز لم يدخلها غير عدد ضئيل من المقترعين. وهناك التصويت المتكرر بفضل سهولة تزوير أوراق الهوية، وسهولة انتزاع الحبر عن أصابع المقترعين... 
 
وأياً يكن الأمر، جرت الانتخابات في أجواء قتالية حقيقية. فقد قامت طالبان بقصف العديد من المراكز الانتخابية بالصواريخ. كما قامت باحتلال مراكز انتخابية أخرى، وبطالبان وبغير طالبان، لم تتمكن مراكز كثيرة من فتح أبوابها، ومراكز كثيرة فتحت أبوابها دون أن يلجها أحد. خوفاً من المعارك المحتدمة في أرجاء افغانستان.

النتيجة أن اليوم الانتخابي الدامي في أفغانستان اسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى بينهم نساء وأطفال سقطوا شرقي البلاد في قصف نفذته طائرات بلا طيار "يعتقد" بأنها أميركية. وبينهم أفراد من الشرطة الأفغانية وأفراد من جنود الاحتلال. وأفراد من مفوضية الانتخابات التابعة للأمم المتحدة.

مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى أفغانستان أشاد بالعملية الانتخابية التي لم يعكرها غير خوفه من حصول عمليات تزوير. أما المسؤول الحكومي الأفغاني فقد اعترف بحصول بعض المخالفات، لكنه اعتبر أن ما جرى هو، في النهاية، انتصار للشعب الأفغاني. وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس الأميركي الذي أعرب عن قلقه بشأن سير العمليات الانتخابية. لكنه قلق سرعان ما أخلى المجال لثقة أوباما الكبيرة بأن كل شيء سيجري على ما يرام.

وبالفعل، فإن الانتخابات الأفغانية معروفة النتائج سلفاً. لكن هذه النتائج لن تعرف بصورتها النهائية إلى بعد عمليات الفرز التي نعرف أنها بدأت ونجهل متى ستنتهي. شأنها في ذلك شأن الانتخابات الرئاسية التي لم تعرف نتائجها النهائية حتى اليوم! واياً يكن الأمر، فإن الانتخابات الأفغانية، وإن صلحت لترقيع الخطاب الانتخابي الأميركي، فإنها لن تقدم أو تؤخر في بلد أهم ما يميزه أنه، على طريق الهزيمة الكبرى، ملأ سجل أميركا بالهزائم.
عقيل الشيخ حسين





https://taghribnews.com/vdci5war.t1aqu2csct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز