تاريخ النشر2016 25 September ساعة 22:56
رقم : 246026

مصادر إقتدار النظام

تنا - خاص
الانظمة في العالم تنقسم الى ثلاثة انواع انظمة مستقلة واخرى تابعة في سياساتها وقراراتها للقوى الكبرى وانظمة مستعمرة . وبما ان الغرب حاول بعد الحرب الثانية ان يحول العالم الى قطبين وتكتلين شرقي وغربي لتنضم سائر دول العالم الى هاذين القطبين وتكون ضمن دائرة توجهاتها السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية ، فهي لا تحتمل وجود دول مستقلة خارج دائرة هاتين الكتلتين لها سياساتها المستقلة في الشؤون الدولية وترفض هيمنة القوى الكبرى على مقدراتها .
مصادر إقتدار النظام
ولهذا تسعى القوى الكبرى ارضاخ مثل هذه الدول للمعايير والنظم التي وضعتها في العالم لضمان هيمنتها وسلطويتها على مقدرات الشعوب وترسيخ ثقافتها لبناء ما تسميها بالعولمة . وفي هذا المجال تستعمل شتى الوسائل والضغوطات لكي ترجع تلك الدول المستقلة الى دائرة احدى الكتلتين وتنصاع الى املاءاتها لكي يبقى العالم الغربي مركز ومحور حل جميع مشاكل العالم الثالث سياسيا او اقتصاديا او تقنيا .

وفي مثل هذه الظروف على الدول المستقلة ان تفكر في كيفية المحافظة على سيادتها واستقلال قرارها السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي والعلمي ، ومن اجل ذلك فهي بحاجة الى :

1 – الحفاظ على التكاتف والتعاون السياسي بين مكوناتها وتياراتها السياسية المختلفة والابتعاد عن التناحر والصراع واقصاء مثيري الفرقة والفتن .

2 – الاهتمام بالتعايش السلمي بين الاديان والمذاهب والقوميات والعرقيات المختلفة واجتناب التحريضات المذهبية والطائفية .

3 – استخدام ذو الكفاءات القوية والعقلانية ذات التوجهات الوسطية والمعتدلة في المناصب الرئيسية كرئيس الجمهورية والوزراء ورجال التشريع والقضاء والتجنب من استخدام ذو التوجهات المتشددة والتقليدية الماضوية وعصرنة ادارة البلد .

4 – تقوية البنية الاقتصادية للبلد للتقليلل من احتياجاته للاجنبي وعدم الرضوخ لاملاءاته في هذا المجال .

5 – والاهم من كل ذلك تعزيز قدراته العسكرية خاصة في المجال الدفاعي لانه معرض دائما لخطر العدوان اما من قبل الدول السلطوية او عملائها في المنطقة .

6 – انتهاج سياسة التعامل البناء وحسن الجوار مع دول المنطقة والعالم والابتعاد عن سياسىة التشدد والتطرف ومقاومة ضغوطات القوى السلطوية بعقلانية ومنهجية منفتحة وعدم الرهان على وعود وتطميع هذه القوى بل التعامل معها بحنكة وحكمة مع اخذ اعتبار المصالح العليا وعلى المدى البعيد للبلد .

7 – التمسك والحفاظ على الهوية القومية والدينية ومواجهة الهجوم الثقافي الغربي باسلوب متسامح وعقلاني من خلال نشر وترسيخ ثقافة وحضارة البلد من خلال استخدام شتى وسائل الاعلام المرئي والمسموع .

8 – الحفاظ على القاعدة الشعبية من خلال مشاركته في جميع المجالات وخاصة في العملية السياسية .

نستطيع ان نلخص مصادر قوة النظام المستقل المحارب من قبل القوى الكبرى الى ثلاثة مصادر : سياسية واقتصادية وعسكرية . فاي خطر يهدد هذه المصادر سيعرض استقلال البلد للانهيار .

ابرز دولة في العالم الثالث والعالم الاسلامی التي حافظت على استقلالها واستقلال قرارها السياسي رغم جميع الضغوط والمشاكل والمحن التي واجهتها هي الجمهورية الاسلامية الايرانية ، التي خرجت عن الارادة الدولية بشكل كامل بعد انتصار ثورتها الاسلامية وخلعت عن ثيابها الانتماء والتبعية للقوى الكبرى ، فضلت طوال السبعة والثلاثين عاما منذ تأسيس نظامها المستقل تقاوم وتصمد امام الضغوطات المختلفة من ارهاب داخلي على يد الجماعات الارهابية ابرزها منظمة "مجاهدي خلق " و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" حيث كانت جرائمهم تشبه بكثير بجرائم "داعش" من قتل وسلب وحرق وتمثيل بالجثث الى تحريض النظام العراقي البعثي من قبل امريكا والسعودية لشن عدوان غاشم على الجمهورية الاسلامية الفتية .

الموضوع الاخر والاهم الذي جعل ايران الاسلامية عرضة لانواع الضغوط السياسية والاقتصادية والهجوم الاعلامي المضلل ، هو مبادئها الاسلامية والانسانية وتوجهاتها السياسية التي اختلفت كثيرا عن سائر الدول الاسلامية وقرارها الاستراتيجي للدفاع عن احرار العالم والشعوب المضطهدة دون تمييز مذهبي او ديني او عرقي ، وفی مقدمتهم الشعب الفلسطيني المظلوم ودفاعها ودعمها ماليا وتسليحيا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ورفضها لوجود "الكيان الاسرائيلي" حيث قلبت موازين القوى في المنطقة و جعل ايران مركز توجهات شعوب المنطقة الامر الذي اثار سخط الدول السلطوية وعملائهم في المنطقة خاصة النظام السعودي ، ومخافتهم من انتقال عدوى الصحوة الاسلامية الى سائر الدول العربية .

هذه الامور وامور اخرى من مخططات ومؤامرات تحاك ضد هذا البلد المستقل جعل من ايران الاسلامية ان تفكر في تحصين نظامها من اي تحرك او خطر يهدد امنها واستقرارها ليس فقط على الصعيد الامني وانما على الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي والاجتماعي . فكان لزاما على ايران بان تبرمج لرفع مستوى قدراتها على ثلاث اصعد : السياسي والاقتصادي والعسكري .

فاما على الصعيد السياسي فقد حافظت ايران على تماسكها السياسي من خلال التعاون والتنسيق بين التيارات السياسية المختلفة دون اي نزاع وصراع وكذلك المحافظة على مشاركة الشعب في العملية السياسية وحرية الرأي والصحافة مما زاد من قوة هذا النظام على مستوى القاعدة الشعبية وجعله اكثر ديمقراطية من سائر الدول العربية والاسلامية باعتراف كثير من الكتاب والمراقبين في المنطقة .

الصعيد السياسي لم يختصر على المستوى الداخلي فعلى المستوى الخارجي فقد انتهجت الجمهورية الاسلامية سياسة التعامل البناء والمتكافئ بدل سياسة التحدي والغطرسة دون ان تتنازل قيد انملة عن مبادئها الدينية وعقيدتها الثورية واستراتيجيتها التي تتلخص بوجوب وحدة المسلمين واستعادة دورهم الحضاري . وبهذا الاسلوب استطاعت ان تبعد كثر من الاخطار عنها وتحول تهديد الاعداء وتسوية خلافتها مع امريكا والغرب بالخيار العسكري الى خيار الجلوس على طاولة المفاوضات دون ان ترضخ للضغوط السياسية والاقتصادية كما شاهدناه في الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الدول الستة حيث اضطرت القوى الكبرى ان تتراجع عن مطالبها الغير منطقية بتعطيل جميع الانشطة النووية وحتى الغاء فرع الطاقة النووية من الدراسات الاكاديمية في الجامعات الى الاعتراف بحق ايران في النشاط النووي بكل فروعه وكذلك حقها في تخصيب الاورانيوم .

ولم تحصل هذه المكاسب الا بسبب القيادة الحكيمة والحنكة والحكمة والتعقل في الدبلوماسية الايرانية الاخيرة في تعامله مع الغرب الذي حاول احتواء ايران بشتى الوسائل والطرق .

المصدر الاخر الذي عزز من اقتدار ايران وجعلها حصنا منيعا امام الاعداء والطامعين هو قدراتها العسكرية التي طورتها عشرات الاضعاف بعد ان انتهت من حرب الثماني اعوام مع النظام الصدامي .

فالحرب التي شنها النظام البعثي ضد ايران الاسلامية الفتية جاء بدعم عسكري ومالي مباشر من كافة الدول الغربية والدول الخليجية ، الامر الذي كشف حجم المؤامرة على الثورة الاسلامية وادركتها القيادة الايرانية ، ولهذا قررت بتطوير قدراتها العسكرية لانها تعلم جيدا ان الغرب الحاقد عليها لا يسمح ببيع الاسلحة لايران الا بعد ان ان يطمأن من تغيير سياستها ومبادئها الثورية والتخلي عن دعمها للصحوة الاسلامية في العالم الاسلامي .

تطوير وتقوية الجانب العسكري يعتبر مصدر من مصادر قوة الجمهورية الاسلامية وتقيها من اي عدوان خاصة وان المؤامرات لا زالت تحاك ضدها .

في هذا المجال ركزت ايران في تطوير قدراتها الصاروخية حيث وصل مدى بعض هذه الصواريخ الى اكثر من 2000 كيلومتر ، اثار مخاوف الغرب وخاصة الولايات المتحدة وعلى الاخص الكيان الصهيوني لان مدى بعض هذه الصواريخ تصل الى هذا الكيان اضافة الى قدرتها التفجيرية .

ولهذا السبب طلبت الولايات المتحدة وفي اكثر من محادثات الجانب الايراني بتوقف تصنيع الصواريخ الباليستية وهذا يعني ان ايران وصلت الى درجة من القدرة العسكرية بحيث تستطيع ان تستند اليها في مفاوضاتها مع القوى الكبرى وتبعد عنها مخاطر اي حرب عدوانية ، وهذا تجلى في مفاوضاتها النووية خلال الـ 12 عاما من المفاوضات حيث هددها الكيان الصهيوني بحرب معلنة تستهدف الانشطة النووية خلال بعض فترات من المفاوضات التي لم تخرج عنها نتائج ايجابية ووصول هذه المفاوضات بسبب تعنت الجانب الغربي الى طريق مسدود .

ولكن التهديد الاسرائيلي في شن حرب ضد ايران جوبه برفض شديد من قبل بعض الدول الغربية خاصة فرنسا والمانيا حيث حذراها من ان العدوان على ايران ضرب من الجنون وسيؤدي الى زوال الكيان الاسرائيلي .
وفي هذا السياق يرى المراقبون أن أية مواجهة عسكرية أمريكية أطلسية مع إيران ستؤدي لتدمير المنطقة بالكامل، وقد تجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة حذر من تداعياتها على البشرية أكثر من خبير في العالم ...

فوفق مُلخص مُركّز حول قدرات إيران العسكرية في حال نشوب مواجهة عسكرية في المنطقة  اعده مركز "وار ورد" ونقله موقع ايران اليوم يخلص مسؤول عسكري كبير في حلف الناتو، إلى أن إيران ستزيل دول الخليج (الفارسي) من على وجه الأرض في أقل من نصف ساعة من انطلاق الحرب .
 
 كما وأن هذا السيناريو الكارثي سيعيد أربع دول هي الإمارات والبحرين وقطر والكويت التي تمتلك أربعة أخماس احتياطي الوقود الأحفوري العالمي إلى العصر الحجري خلال ساعات معدودات في حال قررت واشنطن دخول الحرب للدفاع عن مشيخات الخليج (الفارسي)، الأمر الذي يراه الخبراء شبه مستحيل لما قد ينتج عنه من كوارث أمنية واقتصادية واجتماعية ستطال جغرافية العالم أجمع .

ولهذا السبب يؤكد قائد الثورة الاسلامية في اكثر خطاباته على اهمية تطوير القدرات الدفاعية للبلد لعدم ثقته بشكل كامل بالطرف الغربي المفاوض مع ايران وهذا ما كشفته الاشهر الثمانية الاخيرة بعد الاتفاق على خطة العمل المشترك مع مجموعة الدول الستة التي زالت لم تفي بالتزاماتها ببنود هذا الاتفاق .
محمد إبراهيم رياضي
 
https://taghribnews.com/vdcj8me8muqexyz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز