تاريخ النشر2015 31 January ساعة 11:17
رقم : 180920

النجف الأشرف ينتظر الأزهر

تنا
ان الزيارة المرتقبة لشيخ الازهر الى النجف - وأظنها الزيارة الاولى لأئمة الازهر الى النجف والالتقاء بالمراجع الشيعية، ولا سيما السيد السيستاني - لا ريب في انها ستخلف أثراً طيباً في نفوس المحبين لتقارب القلوب والتئام الجروح التي تسبب ويتسبب بها الجاهلون ودعاة الفتنة .
النجف الأشرف ينتظر الأزهر
حسن علي كرم /كاتب كويتي

في زيارته الاخيرة الى القاهرة زار رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب في مكتبه بالازهر الشريف.
وكانت فرصة ان يتداول حيدر العبادي "الشيعي" وشيخ الازهر "السني الوسطي" امور المسلمين وما آلت اليه الاوضاع الاسلامية من الفتن والمذابح، وكانت المفاجأة هي رغبة فضيلة شيخ الازهر في القيام بزيارة الى النجف الاشرف والالتقاء بالمرجع الديني الأعلى للشيعة الامامية آية الله علي السيستاني دام ظله الشريف.

هذه الزيارة المباركة ان تمت - ونرجو ان يسرع ذوو الشأن بإتمامها في توقيت قريب - فستكون فاتحة أمل بأن يجتمع شتات هذه الامة على كلمة سواء والاعتصام بحبل الله، لاسيما ان الظروف والاوضاع الحالية اقتضت من علماء الامة وفقهائها التحرك في كل اتجاه لوقف هذا التدهور والظلام، وبعدما سادت الجهالة مكان العلم والعلماء واوصلت هذه الامة التي كانت خير امة اخرجت للناس، الى أن تصبح امة توصم بالارهاب والفتنة والفوضى والتقهقر الى الخلف بدلا من التقدم الى الأمام!!.

إن للازهر تاريخ ارتبط بالشيعة الفاطمية عندما حكموا مصر، إلا ان ذلك لم يمنع بأن تكون مصر سنية وان يُدرس في الازهر المنهج السني، وهذا لم يقطع الوصل والتواصل بين العلماء والفقهاء من السنة والشيعة ولم ينقطع طلاب العلم من ابناء الشيعة للدراسة في الازهر الشريف، فلقد زار مصر العلامة الشيعي عبدالحسين شرف الدين واجتمع مع شيخ الازهر آنذاك الشيخ سليم البشري وكان ذلك في اواخر سنة 1329هـ!! ودارت بينهما اجتماعات متوالية حيث تجاذبا فيها اطراف الحديث وتداولا جوانب النظر في امهات المسائل الكلامية والاصولية، ثم كان في نتاج تلك الاجتماعات الكريمة هذه (المراجعات) التي نحن بصددها (من مقدمة كتاب المراجعات لفضيلة الشيخ عبدالحسين شرف الدين).

 ولعل التوقيت يقتضي ان نذكر الزيارة التي قام بها السيد عبدالحسين شرف الدين لمكة والحج في اوائل القرن الماضي الميلادي وتكليفه من قبل شريف مكة وملك الحجاز آنذاك الشريف حسين بن علي بأن يؤم المصلين في الحرم المكي، وكان بذلك اول امام شيعي يصلي بالمسلمين في الحرم المكي، وهناك الكثير من طلاب العلم من الشيعة الذين تلقوا علومهم وتخرجوا من الازهر الشريف ونذكر منهم على سبيل المثال قارئ المنبر الحسيني المعروف الشيخ احمد الوائلي، حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من الازهر، ولعل ضم الازهر الشريف المذهب الشيعي الجعفري (الامامي) لمناهج التدريس الى جانب المذاهب الاربعة هو اعتراف صريح من الازهر بالمذهب الشيعي، ولعل شهادة الامام الاكبر احمد الطيب دام ظله بجواز الصلاة بإمامة شيعي هي اكبر شهادة لما يجمع هذه الامة بالعروة الوثقى التي لا انفصام بينها.

ان الحديث عن السنة والشيعة رغم انه ينطوي على الكثير من الآلام والشجون، إلا ان في النهاية لا يصح إلا الصحيح ويكفي قول الحق : (وان هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). ومهما حاول الجهلة وذوو الاحقاد والعداوات اضرام نيران الفتن والشقاق بين الامة الواحدة بين من يجتمعون على أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وان كتابهم المنزل هو القرآن لا غير فانه لن ينال مسعاهم الا الخيبة والانكسار..وان طال الزمن.

ان الزيارة المرتقبة لشيخ الازهر الى النجف - وأظنها الزيارة الاولى لأئمة الازهر الى النجف والالتقاء بالمراجع الشيعية، ولا سيما السيد السيستاني - لا ريب في انها ستخلف أثراً طيباً في نفوس المحبين لتقارب القلوب والتئام الجروح التي تسبب ويتسبب بها الجاهلون ودعاة الفتنة الذين رهنوا انفسهم للشيطان وأصبحوا عبيداً للدولار من الدواعش والنصرة والقاعدة وغيرهم من البغاة والتكفيريين الذين ما أنزل الله بهم من سلطان.

إن العراق الذي يقيم حربه على الدواعش والتكفيريين هو احوج ما يكون الى التقارب السني الشيعي والى تبادل الزيارات بين رجال الدين الكبار مثل الإمام الاكبر فضيلة شيخ الازهر دام ظله، فمصر الاشعرية السنية اقرب الى الامامية الجعفرية الشيعية.

ولعل من نافلة القول ان الزيارات بين علماء الازهر وعلماء الشيعة لم تنقطع، ففي الخمسينيات من القرن الماضي زار وفد من الازهر الشريف ايران واجتمع مع علمائها الدينيين،  مثلما زار علماء دين ايرانيون شيعة مصر وقاموا بزيارة الازهر.  ولعلي هنا اتذكر حديثا مطولا لآية الله محمود طالقاني إمام طهران الذي تحدث عن ذكرياته في اثناء تلك الزيارة.
ان التقارب السني الشيعي ليس معضلة،  ولا هو قضية عصيبة اذا فهمنا ان الاسلام واحد ما دمنا جميعا اخوة - بكل طوائفنا الاسلامية سنة وشيعة واباظية وغير ذلك – وما دام ديننا واحد وقبلتنا واحدة ونبينا واحد وقرآننا واحد. ولا شك ان الاختلاف على الفروع لا ينفي الاصول.
 
https://taghribnews.com/vdcj8yevyuqeohz.3ffu.html
المصدر : الصباح (العراقية)
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز