تاريخ النشر2017 6 July ساعة 12:27
رقم : 274133

مراسم احياء الذكرى السنوية السابعة لرحيل العلامة المرجع محمد حسين فضل الله

تنا
أحيت مؤسَّسات المرجع الفقيد آية الله سماحة السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية السابعة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.
مراسم احياء الذكرى السنوية السابعة لرحيل العلامة المرجع محمد حسين فضل الله
السيد علي فضل الله
بداية كلمة وجدانية لمدير «المركز الإسلامي الثقافي» شفيق الموسوي، ثم ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها: «لم يجامل السيد ولم يساوم أحدا على المبادئ، كان قويا بالله، لم يجامل استكبارا ولا احتلالا ولا ظلما، رفض كل المغريات ولم يأبه لكل التهديدات ولا لمحاولات الاغتيال والترهيب التي تعرض لها. ولم يحل دونه في ذلك عنوان، حتى عنوان المرجعية، عن أن يقول حقا أو يدفع باطلا، حين قال له بعض محبيه في العراق بعد الاحتلال الأميركي أن لا يتحدث بسوء عن هذا الاحتلال، لأنه سحق الطاغية، قال لهم: الاحتلال ليس جمعية خيرية. قالوا له: سوف تفقد مقلديك وتتأثر مرجعيتك بهذا الموقف. فقال لهم: إذا تعارضت المرجعية مع الحق ومع رضا الله، فإني أضعها تحت قدمي».

وأضاف: «لم يجامل في الفكر، كان حريصا على أن يقدم للناس فكرا صافيا نقيا لم يتلوث بتفريط أو غلو أو خرافة، وكان يواجه كل ذلك، حتى لو رجمه الراجمون، ووصفوه بنعوت الضلال والتكفير، وحتى عندما راحوا يزورون تاريخه. ومع ذلك، كان يقول: أستطيع أن أجامل وأن أكون مع التيار السائد، ولكن كيف سأواجه ربي عندما يسألني: لماذا لم تقدم الحقائق التي آمنت بها للناس؟ وفي كل ما قدمه، لم يقل السيد إلا ما رأى فيه الحقيقة التي لم يصادرها، بل قال: هذه وجهة نظري، وأنا أحترم وجهة نظر الآخرين عندما تنطلق من علم. حتى قال: أنا مستعد لأن أكتب مقدمة لكتاب ينتقدني إذا كان كتابا علميا يتوخى الحقيقة».

وتابع: «لقد دعا السيد إلى الوحدة بكل مجالاتها. ورأى أن لا خيار إلا الوحدة. كانت الوحدة بالنسبة إليه تعني الوقوف على القواسم المشتركة، واحترام كل فريق للفريق الآخر. وكان يرى أن البديل من ذلك هو التنازع والفشل وضياع الحاضر والمستقبل. وكان يؤلمه أن لا تستعيد الأمة تاريخها الوحدوي، وأن تستبدل به تاريخ الأحقاد والضغائن والصراعات».

وأشار إلى «أننا نستلهم دوما دعوته إلى احترام المراجع والعلماء والمفكرين وأصحاب الرأي والعلم أو القيادات الاجتماعية. لكن الاحترام لا يعني أن نسلم بكل ما أطلقوه من أفكار. فالنقد، مهما كان قاسيا على المستوى الفكري، لا يعني عدم احترامهم. فنحن أمة تعلمت أن النقد مفتاح الوصول إلى الحقيقة. وأن احترامنا للإنسان، إنما يكون بقدر ما نناقش فكره وننتقده».

وأكد فضل الله «أننا سوف نتابع مسيرته في أن
نعزز سبل الوحدة الوطنية والإسلامية ووحدة الديانات والوحدة الإنسانية، أن نقف في وجه دعوات التمييز على أساس طائفي أو مذهبي أو قومي أو عرقي أو غير ذلك من التصنيفات. وفي وجه كل الدعوات التي تستغل الأديان والمذاهب لغايات ومصالح خاصة».

ولفت إلى «أننا نرى أن لبنان يمكنه أن يشكل هذا النموذج الإنساني في صياغته لوحدته وبناء دولة الإنسان التي أرادها السيد، إن تحرر القادة الدينيون والزعماء السياسيون والنخب الثقافية والاجتماعية من عصبياتهم الطائفية واستندوا إلى القيم التي تحملها الديانات السماوية، فعاشوها واستلهموها في حياتهم، بحيث لا تعود الأديان، كما هي الآن، كيانات لتجمعات بشرية لا مضمون إيمانيا وقيميا وإنسانيا له،. بل تتعامل مع بعضها البعض من المنطلقات الإيمانية. ولن تتحقق هذه الغاية الرسالية الإيمانية للديانتين إلا عندما نصل إلى المرحلة التي يحرص فيها المسلمون على المطالبة بحقوق المسيحيين وحقوق الآخرين، ويحرص فيها المسيحيون على المطالبة بحقوق المسلمين ومن معهم في الوطن، بحيث يعيش الجميع جميعا في ظلال دولة الإنسان، دولة القيم والعدالة».

وقال: «سنواصل دعوتنا لكل الذين يتولون مواقع المسؤولية في هذا العالم العربي والإسلامي، إلى أن لا يشعروا أحدا بالغبن في وطنه وبالمظلومية، بحيث تنتقص حقوقه الإنسانية، لأن الغبن مشروع فتنة ومشروع حرب نعيش وقائعه في هذه المرحلة، في الطاحونة الدائرة في عالمنا العربي والإسلامي، والتي استدعت التدخلات الدولية للعبث باستقرار الأوطان والمكونات الطائفية والاجتماعية والسياسية فيها».

وختم فضل الله: «سوف نواصل معا حفظ المؤسسات التي كانت من الناس وإليهم، وهو الذي كان يرفض أن تنعت هذه المؤسسات باسمه. كان يقول: شرف لي أنني أطلقتها، ولكن الناس هم الذين بذلوا ويبذلون في سبيلها، هي ملكهم، وعليهم أن يحفظوها ويحموها. سنحفظ معا الأيتام والفقراء والمحتاجين والمعوقين، الذين كان هدف رعايتهم، ولا يزال، حفظ إنسانهم وكراماتهم وحفظ المجتمع من خلالهم».

 الكاتب سامي كليب
ثم كانت كلمة للزميل سامي كليب قال فيها: «هذه واحدة من أصعب لحظات حياتي على منبر. أنا أقلكم معرفة شخصية بالفقيه المجدد والعلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، لكنني حاولت تعويض القرب الشخصي بالاقتراب الوجداني والفكري. فوجدتني أمام محيط من المؤلفات وأمام بحر من الإنتاج وأمام مفكر ومناضل وإنسان، كلما اعتقدت أنك فهمته من كتاب، يفتح لك آفاقا أوسع في كتب أخرى، فتصعب المهمة، وتزداد المعرفة والغنى».

وأضاف: «لم يقبل السيد فضل الله كذلك طأطأة الرأس إلا لله تعالى. ولا نشد التقليد وإنما التجديد، ولا حض على الثورة وإنما على التغيير. لم يرض الاستسلام للأمر الواقع، وتحرك في دائرة أوسع من أن تحتمل في محيطنا الشرقي الضيق. ذهب بجرأته إلى القول إن قضاء الحياة وقدرها ليس شيئا منفصلا عن إرادة الإنسان. نحن الذين نصنع قضاءنا وقدرنا. وإن الجهاد الأكبر يبدأ من تغيير النفوس. هل ثمة جرأة أكبر؟».

وختم كليب: «لا بد لي نهاية من أن أنوه بالقائمين على المؤسسات الخيرية والمبرات وغيرها، التي لا تزال تقدم للناس الخبز والعلم
والعمل، فتبقي راية السيد محمد حسين فضل الله عالية، في انتظار يوم يصبح الجميع قادرين على فهم ما كتب».

سركيس نعوم
ثم ألقى الزميل سركيس نعوم كلمة قال فيها: «صديقي وأستاذي سماحة السيد فضل الله، أنت اشتغلت دينا في السياسة لا سياسة في الدين، وجعلت الأخلاق صفة ملازمة لممارسة السياسة، وعملت باستمرار لبناء الجسور مع الآخر المختلف أو المخالف، من دون التنازل عن مبادئك أو دينك، وأرسيت قواعد في هذا المجال، أهمها: الاختلاف بشرف، الابتعاد التام عن الكلام النابي، عدم الإيمان بمقولة الغاية تبرر الوسيلة، والاقتناع بأن الغاية تنظف الوسيلة، انطلاقا من الإيمان بأن أسلوب الإنسان يجب أن يكون شريفا إذا كان هو شريفا».

وأضاف نعوم: «صديقي وأستاذي، لغتك كانت لغة جمع لا لغة طرح وتقسيم، وربما لهذا السبب استعملت مفردات جامعة مثل «الأمة والساحة والحالة والواقع». وإذا أراد أحد أن يتعرف إلى مسلم يهوى المسيحية، وعلى مسيحي يهوى الإسلام، كان لا بد من أن يتعرف إليك. في إحدى خطبك قلت: «الحياة لا تستمر بالحقد. فالحقد موت والمحبة حياة». وفي إطلالة تلفزيونية لك مع مقدم ومحاور مرموق قلت: «أشعر أنني أزداد ثقافة إسلامية عندما أتحدث عن السيد المسيح». وقلت أيضا أنا «مسيحي عيسوي».

صلاح سلام
وتلاه رئيس تحرير جريدة «اللواء» صلاح سلام بكلمة قال فيها: «يعجز الخطيب أحيانا، مهما كان مطلعا وملما ومتابعا، عن إيفاء قامة كبر بحجم السيد محمد حسين فضل الله حقها من التقدير، كما قد تعجز الكلمات والمفردات والمصطلحات عن ذلك. كنا نذهب إليه كلما ادلهمت الأجواء، وتأججت الأزمات، ونشطت رياح الفتن، وكنا في كل مرة نخرج من مجلسه ونحن أكثر صلابة في مواجهة التحديات، وفي الصبر على تحمل المحن، لأن بعد العسر يسرا، كما علمنا رب العالمين».

وأضاف: «عندما نصارحه بهواجسنا من الفتن المذهبية في لبنان وسوريا والعراق، كان يرد بلهجة المؤمن الواثق بعقيدته: الدين عند الله الإسلام، والإسلام ليس سنيا ولا شيعيا، وهو أكبر من أن تنال منه أيدي الفتنويين، لقد حاولوا قبل ألف وخمسمائة سنة وفشلوا، وعلينا التمسك بإيماننا، والتسلح بوحدتنا، لإفشال مخططات الحروب والفتن بين المسلمين، وكشف الذين يحاولون إلباس خططهم الخبيثة رداء الدين الحنيف، لقد كانت وصيته الدائمة حفظ الإسلام والمحافظة على وحدة الأمة، معتبرا أن الاستكبار لن تنكسر شوكته إلا بوحدة المسلمين».

طلال سلمان
واختتم الاحتفال بكلمة للزميل طلال سلمان، قال فيها: «يصعب الحديث عنك، سماحة السيد، بصيغة الماضي، لأن حضورك الباهر باق، وتأثيرك الفكري راسخ، وخلال شهر رمضان المبارك كنت شريك الهلال في الحضور».

وأضاف: «لقد قاد هذا النجفي المتحدر من عيناثا (على تخوم فلسطين) لأسرة من العلماء، مع بعض رفاقه المستنيرين، ثورة حقيقية في قلعة الفقه ومركز المرجعية، هدفها الأساسي ربط الدين بالحياة، وتيسيره على المؤمنين، وجعله يحرض على كسر النمطية والتقليد الجامد، ورفض الخنوع، والاستسلام والتعامل مع الحاكم – مهما بلغ ظلمه – وكأنه ظل الله على الأرض».
https://taghribnews.com/vdcjtxe8tuqeavz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز