لإعادة النظر بحقيقة مفاهيمنا الإسلامية: الجهاد، الإستشهاد، المقاومة
"المقاومون كانوا قلة في فرنسا وشرعية المقاومة لا تؤخذ من التأييد الشعبي بل من نبل عملها"
المقاوم السابق والدبلوماسي ستيفان هيسل
>>
وللحرب في الإسلام آدابها
"خاص تنا" - مكتب بيروت
19 Oct 2012 ساعة 13:00
لإعادة النظر بحقيقة مفاهيمنا الإسلامية: الجهاد، الإستشهاد، المقاومة
"المقاومون كانوا قلة في فرنسا وشرعية المقاومة لا تؤخذ من التأييد الشعبي بل من نبل عملها"
المقاوم السابق والدبلوماسي ستيفان هيسل
ديغول، غاندي، عبد الناصر وغيرهم، ماذا يقول التاريخ عنهم؟ أليس الأول نُصّب بطلاً في فرنسا حتى اليوم والثاني لا يجهل أحد مقولته الشهيرة: تعلّمت من الحسينِ كيف أكون مظلوماً فأنتصر، فيما أكّد الأخير على أنّ ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلاّ بالقوة؟؟
ليس عبثاً أن إنطلقتُ من المقاوم الفرنسي ديغول ، لأنه في لبنان باتت القاعدة: قل لي من قدوتُك أقل لك من أنت. فالمقاومة بالطّريقة الفرنسية هي شغفٌ للكثيرين على قاعدة "كل شي فرنجي برنجي"، فيما يخجل الشخص نفسه بالمبدأ نفسه "مقاومة العدو" لأنه جاء من شخص يختلف معه في نظرته لهذا الوطن.
ما نشهده في السّياق اللّبناني، ليس نزع لمفاهيم تربّت في سياقات مغايرة بقدر ما هو إنحراف وتحريف لأمور ومفاهيم كثيرة بات اللّبناني يصدّرها للعالم. وبهدف إعادة النّظر بمفاهيم بات التفنّن بتحريفها سمة من سمات العصر، كانت مقاربتنا لهذا الموضوع.
الحرب، الجهاد، الشهادة، الإستشهاد، المقاومة.. مفاهيم لم يعد ثمّة إتفاق عليها، فهل الإستشهاد سلوك ينتمي إلى عالم "السّياسة و الحرب"، أم إلى عالم "الإيمان والإيديولوجيا"؟
ماذا عن "سياستنا عين ديانتنا و ديانتنا عين سياستنا" هل القاعدة باتت القتال والإستثناء المهادنة، أم ماذا؟ تساؤلات كثيرة تبحث عن إيجابات.. وحتى لا نتوسّع سنبادر إلى الحديث عن ثلاث محاور رئيسية:
- الحرب في الإسلام : مفهومها، آدابها وأخلاقياتها.
- الجهاد إستراتيجيّة إسلاميّة: مفهومه، نوعان للجهاد، المقاومة الوجه الحالي للجهاد.
- بين الإستشهاد و الإنتحار: عمليات إستشهادية، إنتحارية، أم فدائيّة؟
في هذا العدد سنتطرق للمحورين الأولين على أن نترك المحور الأخير للعدد القادم إن شاء الله.
أولاً : السلام على الجميع و السلاح على المعتدي فقط
إنّها تحيّة الإسلام، "السلام عليكم"، تعمد إلى بث الطمأنينة في نفوس من نلقاه، يقابلها أكره الحلال "السلاح عليكم" وهو ما أمر الإسلام بإستخدامه للضرورة فقط ودفاعاً عن النفس.
الحرب ليست إختراعاً أوهدفاً إسلامياً ، فهي موجودةٌ قبل الإسلام. فما إن حطّ آدم رحاله على الأرض ثارت نزعة الضغينة في ولده فقتل أخاه. وإن كان الإسلام خاض حروباً ضد أعدائه إلا أنه لم يبادر إليها، بل أرادها رادعة عادلة لا مدمّرة حين فُرضت عليه.
وإذا كانت حروب الأنبياء كثيرة، ولا ننسى حرب نوح (الطوفان)، إلا أنّ الإسلام جاء وأحدث تحولاً جذرياً في ماهية الحرب، كيفيتها، أخلاقيتها، عقيدة المحارب وهذا ما سنأتي على ذكره.
نستشهد هنا بالقرآن الكريم الذي لم يأت على ذكر "الحرب" سوى مرات ست، خمساً على سبيل الإخبار ومرة واحدة فقط للثّورة على المشركين المعتدين، في حين وردت مشتقّات السّلام مئة وستين مرة مفسرة التعامل المثالي مع الإنسانية جمعاء.
ثانياً: آداب الحرب في الإسلام
تعني كلمة "آداب" في اصطلاح فقهاء الإسلام وغيرهم ما نعبر عنه نحن اليوم بـ "أخلاقيات". والمقصود بها بيان الوجه الأفضل في كل سلوك والحثّ عليه. فللأكل آداب، وللسفر آداب، (زيادة على فرائضها وسننها ومستحباتها..).
من آداب الحرب وأخلاقياتها التي أولاها الفقهاء عنايةً خاصة، ما يتعلق بتصرّفات المسلمين أثناء الحرب مع الكفّار، مثل من يقتل ومن لا يقتل، وما يجوز إتلافه وما لا يجوز الخ.. كل ذلك نظّمته أحاديث كثيرة وأفعال صدرت من النّبي (ص) والصّحابة وبنى عليها الفقهاء حُكم الشرع فيها. من ذلك ما روي عن النبـي (ص) من أنه نهى عن قتل النساء والصبـيان فـي دار الـحرب.
واعتمد الفقهاء هذا في فهم هذه الآية : "وَقَاتِلُوا فِـي سَبِـيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" (البقرة -١٩٠)، فقالوا إنّ من لا يقاتل من أهل دار الحرب لا يجوز قتله مثل النّساء والصبـيان.
ويمكن إختصار أهم اداب الاسلام في الحرب، بخطوط عريضة يمنع على المقاتل تخطيها:
- لا يهدم البيوت
- لا يقتل الاطفال ولا الشيوخ ولا النساء ولا الرجال العاجزين عن القتال
- لا يقطع الاشجار
- لا يهدم الكنائس
- لا يقتل الحيوانات
- يحترم الدّيانات الاخرى
رقم: 104000