ما زال الناشط السياسي الأميركي أفرام نعوم تشومسكي ناشطاً في درب مقاومة الهيمنة الأميركية، الراعية للإرهاب الإسرائيلي، يتحدث بصريح الأسماء، ويوجه أوضح الإشارات إلى الفاعلين في الميدان ذاته.
وفي حوار أجراه معه ريكاردو ليزاما، ونشره موقع «كاونتربانش» الأميركي، تحدث تشومسكي، الذي أصدر مؤخراً كتابين حملا عنواني «الاحتلال» و«صنع المستقبل: الاحتلالات والتدخلات والإمبراطورية والمقاومة»، مطولاً عن إيران والشعب الفلسطيني، اللذين يجمع بينهما قاسم مشترك، بحسب رأيه، وهو الاستهداف الإسرائيلي في ظل الرعاية والاحتضان الأميركيين.
ويرى تشومكسي أن إسرائيل «دولة مجنونة»، وأنه يحتمل أن تخلق ظروفاً تدفع الولايات المتحدة إلى مهاجمة إيران، وهذا «ممكن وسهل»، عبر إفتعال حادثة في الخليج، حيث تربض منصات الصواريخ البحرية وحاملات الطائرات والمدمّرات الأميركية، ويمكن لأي حادثة صغيرة، تفتعلها سفينة أو مركب شراعي مع حاملة طائرات أن تؤدي إلى رد وخيم.
ويؤكد المفكر الأميركي، المعروف بإنتقاده للسّياسة الخارجية للولايات المتحدة، أن إسرائيل لا تريد شن الحرب بنفسها، لأنها من جهة خائفة من تكلفتها الباهظة، ومن جهة أخرى، سيكون العالم غاضباً، حتى في أوروبا التي أصبح ينظر فيها إلى إسرائيل بأنها «منبوذة وأخطر دولة في العالم»، وهي في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم الثالث مكروهة أكثر، وأي هجوم على إيران يمكن أن يحوّلها إلى جنوب أفريقيا سابقاً حين كانت دولة فصل عنصري. لذلك فإن إسرائيل تفضّل أن تقوم الولايات المتحدة عنها بهذه المهمة.
ويشدد تشومسكي على حقيقة أن الولايات المتحدة تخوض حرباً بالفعل ضدّ إيران، وذلك وفق معايير البنتاغون، فالاغتيالات، التي هي ضرب من الإرهاب، والحرب السيبيرية والحرب الاقتصادية، كلها أشياء تعتبرها الولايات المتحدة كأعمال حرب إذا وجهت ضدها، وليس الأمر كذلك إذا هي مارستها ضد الآخرين. بالتالي، وبحسب معايير واشنطن، فقد بدأت الحرب ضد إيران فعلاً، ويبقى السؤال: إلى أي مدى ستمعن أميركا في الحرب؟
ويعتبر تشومسكي أن هناك حلاً وجيهاً وصريحاً للأزمة مع إيران، وهو حل ديبلوماسي، يتلخص في إقامة منطقة خالية من السلاح النووي، وهذا الحل مدعوم نظرياً من العالم كله، لكن الولايات المتحدة تعرقله منذ سنوات. وقد حشد دعماً قوياً لدرجة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجبر على القبول به مبدئياً، لكنه تنصّل منه بالتأكيد أن إسرائيل مستثناة، و«هذا الأمر عبارة عن نكتة». ويرى في تصوير إيران على أنها تهديد «عملية تضليلية»، لكنه يؤكد أن المخرج الوحيد هو فرض منطقة خالية من السلاح النووي عبر إنهاء الإستثناء الإسرائيلي.
ويعود تشومسكي إلى ذكريات حرب غزة في العام ٢٠٠٨، التي بدأت قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية وانتهت قبل تسليم الرئاسة إلى المرشح الفائز، ويستذكر أن أوباما علق على الحرب في البداية بالقول «لا أستطيع أن أعلّق، لست رئيساً»، ثم أخذ موقف «أنه ينظر قدماً ولا يتطلع إلى الخلف»، ما يعني إفلات المتورّطين من العقاب، وهم الذين شنوا حرباً على شعب يتخذ موقفاً دفاعياً بالكامل، وأزهقوا أرواح ١٥٠٠ إنسان، وأمعنوا في ارتكاب الأعمال الوحشية، من قبيل قتل الأطفال ومهاجمة المستشفيات، والذي سمح بهذا هو العرقلة الأميركية لجهود بذلت في مجلس الأمن في بداية كانون الثاني العام ٢٠٠٩ من أجل وقف إطلاق النار.
صحيفة السفير