استخدام الدين للتضليل وتزييف الوعي العربي والاسلامي ليس غريبا على مجتمعاتنا الاسلامية . فالفتاوي التكفيرية لرجالات الدين ووعاظ السلاطين التي اباحت اراقة دم طائفة معينة من المسلمين ، تحولت اليوم الى مشكلة مستعصية للثورات الربيع العربي واصبحت في خدمة الجماعات الارهابية واهداف المشروع الامريكي الصهيوني لتشتيت صفوف المسلمين .
عمر كلاب
لم ينقلب الزمن الى هذا الحد ولم يفقد العقل بوصلته حد الفرح بقصف اسرائيل لدولة شقيقة ظلّ ياسمينها على الدوام عطرنا الصباحي وبهجة نفوسنا , وكيف لوعي ديني ان يجيز الفرح والبهجة بالاعتداء الاسرائيلي على دمشق , وربط ذلك بمعركة بالروم والفرس وزج النبي الكريم عليه افضل الصلوات والتسليم بهذا الهراء السياسي .
كيف يتصالح العقل ويتم تزييف الوعي وصولا الى الفرح بقصف عاصمة عربية من كيان عنصري غاصب لارضنا ومقدساتنا ثم نتحدث عن إباحة دينية لهذا الفرح ومن ثم الانتقال الى خانة الفتوى السياسية وتحليل الضربة الاسرائيلية الغاشمة على عاصمة عربية بأنها تواطؤ بين الاحتلال الغاصب والدولة السورية من اجل كسب تعاطف شعبي او شيعي موجود اصلا ومتحقق حسب السياق السياسي لمنطق الفتوى السياسية .
وهل بات السوريون فُرسا واليهود اتباع ديانة سماوية حتى يتم المقاربة الدينية بين الضربة الاسرائيلية ومعركة ذي قار بين الفرس والروم ؟ ام ان المسألة تمهيد مسبق لملحق فتوى تقول ان المقدسات الاسلامية على الارض الفلسطينية جائز ان تخضع لسيادة اتباع ديانة سماوية ؟.
تزييف الوعي بفتوى من الداعية علي الربيعي ليس هو الوحيد في ظل صمت العواصم العربية على ادانة العدوان الاسرائيلي على سوريا الشقيقة وشجبه واستنكاره كما المعروف والمتواتر عن العواصم العربية , التي سرعان ما تصدح ابواقها ويعزف ناطقوها الرسميون بإدانة اي تفجير داخل اراضينا المحتلة في فلسطين رغم شرعية مقاومة الاحتلال دينيا وقانونيا وضمن مواثيق الامم المتحدة .
التقاء الديني مع السياسي ليس غريبا , فالبلدان العربية مليئة بحملة المباخر وشيوخ السلطان والقابلين لتبرير اي فعل رسمي , لكنه انكشف حد الفضيحة في الصمت على قصف دمشق , وبعد ان مارست فضائيات الرذيلة صمتها عن القصف وتبريره بحجة انه ضربة لاسلحة عابرة نحو حزب الله تارة واخرى تقول عن توافق سرّي بين نظام دمشق وحكومة الاغتصاب والاحتلال , وتعامل الاعلام المسنود من احزاب دينية بعقل بارد ونقاء سريرة حيال الكيان العبري حد الفضيحة وهو يصف العدوان بأنه قصف اسرائيلي للعاصمة السورية .
يمكن تسجيل الملاحظات على ادارة النظام السوري لازمته الداخلية وتسجيل مثلها على مفهومه للممانعة والمقاومة ولكن لا يمكن تسجيل اي مبرر لاي دولة او حزب يصمت على ادانة العدوان على دمشق الحبيبة من الكيان العبري او من اي دولة خارجية , فجميع اركان المعارضة للنظام السوري يرفضون حسب اقوالهم التدخل الاجنبي والاستعانة بالقوات الاجنبية فلماذا يصمتون على ادانة الغارة , اذا كان رفضهم وتنسيقهم مع الغرب ودولة الاحتلال مجرد اتهامات من النظام السوري ؟.
حيثما تكون دولة الاحتلال نكون في الخندق الآخر , ولن تمنعنا ابواق المعارضة الخرساء عن ادانة الغارة العبرية على سوريا من اعلان موقفنا بدعم الدولة السورية ووقوفنا معها ضد الكيان العبري وضد اي عدوان خارجي على اراضيها الطاهرة .
دمشق ليست عاصمة عابرة او فاصلة عشرية في تاريخنا العربي والقومي , ولن تكون تحت اي مبرر او فتاوى داشرة لقطعان الضلالة واحفاد التيه وتوظيف الديني لخدمة السياسي لن يمنح الصمت العربي المٌريب اية مبرر , وقصف دمشق يوجع القلب العربي كله , ويوجع قلوب الاردنيين والفلسطينيين واللبنانيين على وجه الخصوص ولن نخشى اطراف الضلالة في ادانة العدوان على دمشق وفي اعلان انحيازنا لعاصمة النارنج والياسمين .