QR codeQR code

القرآن العظيم ودوره في توحيد الأمة الإسلامية (القسم الاول)

تنا

10 Mar 2014 ساعة 22:27

لا بد للعودة للقران الكريم الذي رسم لنا معالم المسلم الحقيقي واسلوب تعامله مع الاخرين .



الكاتبة : عفاف الحكيم
باحثة ومفكرة لبنانية


القرآن الكريم والاهتمام بشؤون المسلمين

قال تعالى في كتابه الكريم:{كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بأذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد}ابراهيم ١

وقال تعالى:{ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمؤمنين}النحل٨٢

وعن رسول الله(ص){إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن}

نعلم أن القرآن الكريم هو كتاب حياة الإنسان ومرآة نفسه وفطرته، ومفتاح سعادته وسعادة البشرية التي أخرجها بكنوز علومه من الظلمات إلى النور وشيد لها تلك الحضارة التي لم يعرف الإنسان مثيلاً لها إلى يومنا هذا ..

وحسب القرآن عظمة ومنزلة أنه كلام الخالق جل وعلا الذي{لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}فصلت٤٢

وأنه معجزة النبي المصطفى(ص) والدليل الخالد على نبوته والدستور الثابت من السماء للأمة الإسلامية في مختلف شؤون حياتها وأن آياته الكريمة كانت المربية والمهذبة للأرواح والعقول والمعلم والهادي إلى نظام الحياة اللائق بالإنسان ..

وأن هذه الآيات التي نزلت من لدن عزيز حميد ما هي إلا الغذاء الرباني للإنسانية كافة ولآمة رسول الله محمد(ص) خاصة. الأمة التي شاء الله تعالى أن تكون خير أمة.. إذ اختصت بالرسالة الخاتمة التي جاءت تبياناً لكل شيء.. جاءت هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين الذين يقرؤون ما ينزّل إليهم من ربهم فيعقلونه ويتدبرون معانيه ويعملون به سواء في حياتهم الفردية أو الاجتماعية أو فيما يخصهم كأمة.. إذ شمل اهتمام القرآن شؤون المسلمين كافة وبات هو المتصدي لتنظيمهم وإدارتهم، بات القيّم والمهيّن والمنظّم لكل جوانب وتفاصيل حياتهم وقضاياهم الكبيرة والصغيرة، فلا يخرج عن دائرة مظلته ورعايته جانب من الجوانب  ..

كما أصبح{القرآن في عصر الحكم الإسلامي، في العصر الأول هو القول الفصل والكلمة الأخيرة وحتى كلام الرسول(ص) فإنه يجب أن يعرض عليه. وكان حملة القرآن يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع بعد أن كان الرسول(ص) قد أعطى الأمة التعليم القائل{اشراف أمتي أصحاب الليل وحملة القرآن}. وقد كان استيعاب القول علماً وعملاً يشكل قيمة واقعية. فللعثور على حلِ لكل مشكلة حياتية يجب الرجوع إلى القرآن. ولقد كان القرآن ملاك قبول أي حديث أو أسلوب أو مدّعى. وبعبارة كان عليهم أن يعرفوا الحق والباطل من وجهة نظر القرآن ليشخصوا نماذجهما ومصاديقهما في ميدان الحياة}١

هكذا كان واقع الأمة في صدر الإسلام الأول.. ومن هنا فإننا لا نحتاج إلى الكثير من الجهد للوقوف على المقارنة التي طرحها الحديث الشريف بين أصحاب الليل وحملة القرآن. باعتبار أن الحامل للقرآن في حقيقة الواقع لا يقوى على القيام بحمل الرسالة إلى الناس في النهار إن لم يكن من اصحاب الليل ..

فالقيام برسالة القرآن في النهار يتطلب من الجهد والقوة والعزم والصبر ما ينوء به أي إنسان، إلا أن يكون- ممن تتجافى جنوبهم عن المضاجع- بحيث يمده الليل بما يحتاجه في النهار ...

هكذا كان المسلمون بين يدي رسول الله(ص) وأهل البيت(ع) كانوا يلوذون بالقرآن وبرسول الله الذي يعلمهم القرآن.. وهنا وقبل أن نعود إلى ما انتهى إليه حال المسلمين في واقعنا الإسلامي على امتداد الجغرافيا أي المنطقة الواسعة التي تقطنها غالبية من الناس تدين بالإسلام.. والتي تشير الاحصاءات المتداولة إلى أن عدد سكانها يبلغ حوالي(٣،١) مليار وثلاثمائة مليون نسمة. أما عدد نفوسهم على الكرة 
الأرضية فيقارب المليارين- أي أن العالم الإسلامي من حيث النفوس يبلغ حوالي ربع سكان العالم الذين تعدادهم حوالي ستة مليارات نسمة..

المهم أنه قبل العودة إلى هموم العالم الإسلامي الذي ابتعد عن كتاب الله.. فلا بد من وقفة يسيرة لإيجاز بعض من مضامين ما حمله القرآن الكريم ليس فقط من أجل الاهتمام بشؤون المسلمين وحسب وإنما الاهتمام بالإنسانية عامة وبأمة محمد(ص) بالخصوص لكونها الأمة التي اختصت من قبيل الباري جل وعلا لحمل أمانة الرسالة الالهية الخاتمة وإيصالها إلى البشرية بهدف اخراج الناس كل الناس من الظلمات إلى النور ..

وهنا سنتوقف مع ما حفلت به الرسالة الخاتمة من اهتمام بشؤون المسلمين إذ نجد :

١- القرآن في كلام الإمام الخميني(رض) ص/٦ اصدار جمعية المعارف

١- في القرآن مأدبة رب العالمين :
قال تعالى{ تبارك الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً}الفرقان ١

وقال تعالى:{ قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها}الانعام١٠٤

وعن رسول الله(ص) أنه قال{القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبة الله ما استطعتم. أنه النور المبين. والشفاء النافع. تعلموه فأن الله شرفكم بتعلمه}مستدرك الوسائل ج١ ص٢٨٧

فكتاب الله الذي جاء للعالمين نذيراً- هو المأدبة التي لا نفاد لها، والغذاء الرباني الذي أعده الله تعالى للإنسان.. ولذا من البديهي القول بأن القلوب إذا استنارت بالقرآن واغترفت من مائدته اينعت وأثمرت يقيناً وإخلاصاً وحباً لله وبراءة من اعدائه، وانتجت ارتباطاً والتزاماً وتضرعاً ومخافة لله وتواضعاً بين يديه عز وجل..

٢- في القرآن تبيان لكل شيء :
قال تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمة وبشرى للمؤمنين}النحل٨٩

إن كل ما يحتاج الإنسان إليه في حركته وسعيه إلى الله تعالى جعله سبحانه  في كتابه الكريم. وليس هناك شيء كالقرآن قادر أن يسد فاقة الإنسان وعجزه.. فالعقل بحاجة.. والروح بحاجة.. وأوضاع الإنسان بحاجة.. 

وعليه فإن كتاب الله جاء بياناً لكل شيء من أمر الهداية مما يحتاج إليه الناس في اهتدائهم إلى المعارف الحقيقية المتعلقة بالمبدأ والمعاد والأخلاق الفاضلة والشرائع الإلهية. وما يحتاجونه بشكل عام لبدء مسيرتهم الإيمانية وصنع حضارتهم .

٣- وفي القرآن حماية وحفظ للمتقين :
قال تعالى: {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون}البقرة ١

وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم أن الله غفور رحيم}الحديد ٢٨

وقال تعالى: {قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون}الزمر ٢٨

والتقوى هي الحصن الحصين. المتمثل بعدم تجاوز دائرة حدود الله من الحلال والحرام والتمسك بالاستقامة على الصراط الذي رسمه تعالى لعباده ولا يأذن لهم بأن يتخطوه..

فما دام الإنسان يعيش ويتحرك ضمن هذه الدائرة ولا يتجاوزها فإن هذه الدائرة تحصنه وتحميه من السقوط بالفساد وتعينه على تجنب المزالق لأنها حصن الله المنيع في حياة الإنسان فعن أمير المؤمنين علي(ع) {التقوى حصن حصين لمن لجأ إليه}( ).

٤- وفي القرآن خزائن العلم والمعرفة :
قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}الأسراء ٩

وقال تعالى: {هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}الأعراف ٢٠٣

وعن رسول الله(ص) {القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث (الفتن) وعصمة من الهلكة (الهوى)ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار}الكافي ج٢ ص٤٣٩

وعن أمير المؤمنين علي(ع){أن هذا القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق. لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به}الكافي ج٢ ص٤٣٨

وعنه أيضاً(ع) {ما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هوى أو نقصان من عمى}نهج البلاغة/خ١٧٤.

وعن الإمام زين العابدين(ع) {آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانه ينبغي لك أن تنظر فيها}الكافي ج٢ ص٤٤٦

يستفاد من الأحاديث الشريفة أن آيات القرآن عبارة عن خزائن من العلم والمعرفة.

وأن هذه الخزائن مستورة ولا يصل الإنسان إلى كشف عمقها إلا بالبحث وبذل الجهد ..

كما أن هذه الخزائن تمثل بطبيعة الحال العمق الفكري والعلمي لكل آية من كتاب الله تعالى. وبديهي القول أن عامة الناس لا ينالون من خلال النظرة العابرة للقرآن إلا السطح الظاهر منه. بحيث يلتقون مع الجمال الظاهر في الأداء والتعبير، وفي استعمال مفردات اللغة في جزالة اللفظ وفي القدرة التصويرية الفائقة للتركيبات القرآنية وفي ملامسة تلك القوة التأثيرية الهائلة التي تجذب الناس جزباً قوياً إلى كلام الله ..

أما باطن القرآن العميق فإنه من نصيب أصحاب البصيرة والنظرة النافذة ممن توجهت إليهم الآيات الكريمة بالقول{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}ص٢٩

٥- وفي القرآن حدود وحرمات وفرائض وواجبات :
قال تعالى{وتلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه}الطلاق١

نعلم أن الله تعالى قد خلق الخلق ليفرّدوه بالعبادة{وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}الذاريات٥٦

وقد أمرنا اللهأن نعظم حرماته ونهانا عن ارتكاب محارمه وتجاوز حدوده ومخالفة أوامره يقول تعالى{ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}النحل ٣٠

كما حذرنا تعالى من انتهاك حدوده والتعدي عليها بقواه تعالى{ومن يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين}النساء١٤

وقال سبحانه{تلك حدود الله فلا تقربوها}البقرة ١٨٧

والإنسان المؤمن الذي يسعى لرضى الله تعالى ورضوانه يقف عند الحدود التي حددها الله تعالى وعرّفها للمؤمنين وأباح لهم التصرف ضمنها.. وحرّم عليهم ما هو خارجها.. منها ما جاء في قوله تعالى{يا ايها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه}المائدة٩٠ 

{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}البقرة ١٧٣

وإلى جانب الحدود شرّع الله تعالى لعباده فرائض وواجبات كالصلاة والصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول تعالى{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}البقرة ٤٣

{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}البقرة ١٨٣

{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}آل عمران ٩٧

{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف}آل عمران ١٠٤

{انفروا خفافا وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله}التوبة ٤١

وإن الشريعة هي مجموعة الفرائض التي فرضها الله تعالى على عباده والحدود التي حرمها عليهم وحدد بها ما أحله على الناس وما حرّمه.. فأوجب مثلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم والنصيحة والارشاد وهما مما فرضه جل وعلا على الناس من الكلام. ثم أباح لهم أن يتكلموا وجعل للكلام الذي رخص فيه حدوداً منها: إلا يكون كذباً أو غيبة أو شتماً ولعناً وتشهيراً وتسقيطاً وهمزاً ولمزاً... وهذه هي الحدود التي رسمها الله تعالى للناس في الكلام وتضمنت كما نلاحظ واجبات وفرائض وحدود ومحرمات ..

وإلى هنا نجد أن الله تعالى قد بيّن لنا في القرآن الكريم أيضاً طائفة مما فرضه على العباد مما حرّمه عليهم إذ يقول تعالى{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى}البقرة ١٧٨

وقال تعالى{ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم. ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا. ولا تقتلوا اولادكم من إملاق. نحن نرزقكم وإياهم. ولا تقربوا الفواحش. ما ظهر منها وما بطن. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون}. {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها. وإذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى. وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون}الانعام ١٥١-١٥٢

وهكذا نجد بأن الفرائض والحدود الإلهية تشمل كل ما يحتاجه الإنسان في تكامله وحركته إلى الله.. وما من شيء يؤدي بالإنسان إلى الله ويبعده عن الأنا والهوى إلا وشرعه الله تعالى لعباده فيما شرّع ..

وعليه فإن في حياة الإنسان مساحتين. مساحة الرخصة وهي المساحة التي أباحها الله تعالى لعباده وحللها لهم. من الأكل والشرب والزواج والتجارة والزراعة والسياسة والعلاقات الاجتماعية وما يتصل بذلك .

ومساحة الحظر وهي المساحة التي حرمها الله تعالى ونهى عنها كالربا والفحشاء والغيبة واللهو المحرم والظلم والعدوان وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر. والخيانة والغش وما شابه ذلك مما حرمه الله .

وأن لكل من هاتين المنطقتين خصائص وآثار في حياة الإنسان. وهذه الخصائص تعم الدنيا والآخرة( ). 

٦- وفي القرآن وحدة الأمة وعزتها :
قال تعالى{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً}آل عمران ١٠٣

إنها الدعوة الالهية الهامة للاعتصام المجموعي والارتباط التام بحبل الله والدعوة الحاسمة إلى كتلة واحدة مترابطة ومتماسكة ووحدة حضارية وانسانية قال تعالى:{ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}الانبياء٩٢

{وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأتقون}المؤمنون ٥

فالوحدة جزء من إيماننا كمسلمين وهي مقوّم من مقومات الارتباط بالله وحبله المتين. وأن قيامها على أساس الإسلام هو أصل يجب أن نضعه أمامنا.. ثم تكون مخططاتنا وخطواتنا وأداؤنا وتثقيفنا وعلاقتنا ومناهجنا منسجمة مع الأمة التي لا بد أن تكون واحدة وقد روي عن رسول الله(ص) إنه قال[المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً]سنن الترمذي ج٤ ص٣٢٥

وأنه(ص) قال أيضاً[المؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى]بحارالأنوار ج٧ ص٢٣٤

كما وأن الله تبارك وتعالى قد أكد مرات عديدة على أهمية وابعاد توطيد دعائم الوحدة والعلاقة بين المسلمين ويبيّن عاقبة التشتت والتشرذم بكل وضوح باعتبار أن التشرذم والتشتت ميزة المشركين من أهل الحقبة الجاهلية. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا بقوله تعالى {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}الانفال ٤٦

٧- وفي القرآن حصانة المسلم وحرمته :
نعلم أن الإنسان المسلم يتمتع في الإسلام بحصانة فريدة في ماله ودمه وعرضه. وقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن رسول الله(ص) أنه قال[المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله]مسند أحمد ج٥ ص٤

وأن هذه الحصانة والحرمة التي يمنحها الإسلام للإنسان المسلم حصانة نادرة لأننا لا نجد للإنسان حرمة وحصانة في أية حضارة من الحضارات كالتي نعهدها في الإسلام . ( ).

ولا شك أن هذه الحضارات ناجمة عن القيمة العظيمة التي يعطيها الإسلام للإنسان المسلم. باعتبار إن حرمة المؤمن في الإسلام أعظم من حرمة الكعبة .

فعن عبدالله بن عمر إنه قال: رأيت رسول الله(ص) يطوف الكعبة ويقول[ما أطيبك وأطيب ريحك.ما أعظمك وأعظم حرمتك. والذي نفسي محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وان نظن بك خيراً]سنن ابن ماجةج٢ ص٢٩١

وعن أنس بن مالك عن رسول الله(ص)[من أستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فله ما لنا وعليه ما علينا]خصال الصدوق ج١ ص٨٤

وعن أمير المؤمنين(ع) إنه قال:[قال رسول الله(ص) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد حرم عليّ دماؤهم وأموالهم]بحار الأنوار ج٦٨ ص ٢٤٢

وعن ابي هريرة إنه قال: قال رسول الله(ص)[أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله]مسند أحمد بن حنبل ٢ ص ٤٧٢

وذلك أن الإسلام يحقن الدم. فإذا أسلم الإنسان وشهد الشهادتين حقن الإسلام دمه وأصبحت لديه حرمة لا يجوز ان ينهكها أحد إلا بحقه .

٨- وفي القرآن علاقة المسلم بالمسلم كما رسمها الإسلام :
قال تعالى{إنما المؤمنون أخوة}الحجرات ١٠

هذه الآية الكريمة على إيجازها تقرر دعامة أساسية من دعائم الدين. هي الأخوة الإيمانية التي تعتبر من أوثق الروابط على الاطلاق لمن عرفها وعاشها.. ولذلك نجد أن الصالحين من عباد الله قد سحقوا جميع الروابط أو تجاوزوها في سبيل الرابط الإيماني .

وأيضاً نجد التأكيد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة على ضرورة قيام الارتباط الوثيق بين المسلم وأخيه المسلم وصولاً إلى تحقيق نعمة الارتباط الأخوي ليصبح أقوى وأشد من الارتباط النسبي ..

قال تعالى{وأذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}آل عمران ١٠٣

إنها نعمة التآلف الذي حصل، بعد أن أمات الإسلام كل النعرات الجاهلية المتمثلة في الحميّة الظالمة بالمعنى الجاهلي وأحل محلها أخوة الإيمان السامية والرفيعة ..

فعن رسول الله(ص) إنه قال:[ألا أنبئكم بالمؤمن. المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أموالهم وأمورهم والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر السيئات فترك ما حرم الله]المحاسن ص ٢٨٥

وروى أبن ماجه عن أبي هريرة عن رسول الله(ص) إنه قال:[سباب المسلم فسوق وقتاله كفر] .

وعن رسول الله(ص) أيضاً[من آذى مؤمناً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة والانجيل والفرقان]بحار الانوار ج٧٥ ص١٥٠


رقم: 154105

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/article/154105/القرآن-العظيم-ودوره-في-توحيد-الأمة-الإسلامية-القسم-الاول

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com