الخيط الدقيق الذي يفصل بين الالتزام الأيدلوجي والتعصب الأيدلوجي المقيت ، هو حينما يمارس الفرض والقهر والحرب لتعميم أفكاره وقناعاته .. فحينما يمارس العنف بكل أشكاله ، لتعميم قناعاته فهو يتجاوز حدود الالتزام الطبيعي ، أما إذا اعتز الإنسان بأفكاره ، وعمل على تعميمها بوسائل سلمية – طبيعية ، وتعامل مع قناعاته بوصفها حقائق نسبية قابلة للصح وقابلة للخطأ في آن ، فإنه يمارس التزامه الطبيعي ، وهذا بطبيعة الحال من الحقوق الطبيعية لأي إنسان ..
بقلم : محمد محفوظ
المفارقة المعرفية
وحينما نرفض النزعات الأيدلوجية المنغلقة ، فإننا لا نرفض فكرة الالتزام الأيدلوجي ، لأنها بشكل عام من الحاجات الضرورية للإنسان ، بحيث من الصعوبة أن نجد إنسانا بدون منظومة أيدلوجية تشكل بالنسبة إليه هي معيار الخير والشر ، ومرجعيته الأخلاقية والسلوكية في الحياة .. ولكن ما نرفضه هي النزعات الأيدلوجية ، التي تتعامل مع قناعاتها وأفكارها بوصفها ، هي طوق النجاة والنجاح الوحيد ، وتمارس القهر والعسف لتعميم هذه القناعات والأفكار ، وتتعامل معها أي الأفكار والقناعات بوصفها متعالية على الزمان والمكان وغير خاضعة لشروطهما ومقتضياتهما .. فيتم التعامل مع قناعات الذات وكأنها حقائق علمية نهائية ، ليست قابلة للفحص والمراجعة والنقد ..
والذي يتجاوز أو يرفض هذه القناعات فكأنه تجاوز الحق إلى الباطل ، لذلك فهو سواء كان فردا أو جماعة ، يحارب في وجوده وحقوقه المعنوية والمادية ..
لذلك على المستوى المعرفي والاجتماعي ، العلاقة جد عميقة ووطيدة بين الأفكار والقناعات الدوغمائية المغلقة سواء كانت هذه الأفكار دينية أو دنيوية ، سماوية أو وضعية وبين ظاهرة التعصب ..
فالإنسان الذي يرى أن أفكاره تساوي الحق والحقيقة ، فإنه سيتعصب لها ويحارب من أجلها ، ويحدد موقفه من الآخرين انطلاقا من موقف هؤلاء من أفكاره وقناعاته .. ولا ريب أن هذه الممارسة التعصبية ، تتجاوز قيمة الالتزام .. فالإنسان من حقه أن يلتزم بأي فكرة أو نظرية أو أيدلوجيا ، ولكن ليس من حقه أن يتعامل مع أفكاره بوصفها هي الحقيقة الوجودية النهائية ، والتي يخالفها ، يخالف الحق ، وينصر الباطل ..
وإن الخيط الدقيق الذي يفصل بين الالتزام الأيدلوجي والتعصب الأيدلوجي المقيت ، هو حينما يمارس الفرض والقهر والحرب لتعميم أفكاره وقناعاته .. فحينما يمارس العنف بكل أشكاله ، لتعميم قناعاته فهو يتجاوز حدود الالتزام الطبيعي ، أما إذا اعتز الإنسان بأفكاره ، وعمل على تعميمها بوسائل سلمية – طبيعية ، وتعامل مع قناعاته بوصفها حقائق نسبية قابلة للصح وقابلة للخطأ في آن ، فإنه يمارس التزامه الطبيعي ، وهذا بطبيعة الحال من الحقوق الطبيعية لأي إنسان ..
من هنا فإننا أحوج ما نكون اليوم ، إلى خطاب ديني واجتماعي منفتح وإنساني وينبذ العنف ويحارب التعصب بكل أشكاله ..
لأن هذا الخطاب هو القادر على تدوير الزوايا ، وتنمية المساحات المشتركة بين جميع الأطراف والأطياف ، ويحول دون عسكرة المجتمعات واندفاعها صوب العنف وممارسته ..
لذلك فإننا نعتقد أن الخطاب الديني – الإنساني والمنفتح والمتسامح هو أحد ضرورات ومتطلبات انجاز وتعزيز الأمن الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الإسلامية المعاصرة ..
الواقع وثقافة الاستئصال
كما ذكرنا أعلاه يعيش الواقع العربي اليوم ، محنة جديدة و خطيرة ، و تهدد الأمن و الاستقرار في جميع دول المنطقة إذ انتقلت الأحداث و التطورات من مرحلة انفجار الهويات الفرعية بكل تضاريسها وزخمها إلى مرحلة انفجار المجتمعات العربية ودخولها في مرحلة جديدة على مختلف الصعد والمستويات . فالجغرافيا السياسية لدول العالم العربي مهددة بالتغيير ليس لصالح مشروع وحدوي أكبر ، وإنما للمزيد من التفتت والتشظي . والخطير في الأمر أن الذي يقود ويصنع هذه التطورات مجموعات إرهابية ، عنفية ، استئصاليه ، توظف قيم الدين و شعاراته المتعددة لخدمة مشروعهم التكفيري ، النبذي لكل ما عداهم .
وأمام هذه المرحلة الخطيرة التي تعيشها بعض دول العالم العربي ، و تهدد بشررها و تأثيراتها استقرار و أمن كل الدول و المنطقة نود التأكيد على النقاط التالية :
1ـ إن الإرهاب و جماعاته و العنف و أحزابه ، ليس هو الطريق السليم لتحسين الأوضاع السياسية أو تغيير المعادلات القائمة . لأن جماعات الإرهاب تقتل و تمارس العنف و الإرهاب بدون أفق سياسي ، ومن يقبل أن تقوده هذه الجماعات العمياء ، فإن مآله المزيد من المآزق و الأزمات و التوترات .
و المجتمعات التي تبتلي بوجود جماعات العنف و الإرهاب بينها ، فإنها ستعاني الكثير من الويلات والاستحقاقات التي لا تنسجم وطبيعة حياتها وأولوياتها .
2ـ إن جماعات الفصل و الاستئصال بتكوينها الايدولوجي و أفقها الثقافي ، ليست قادرة على إنجاز الاستقرار السياسي و الاجتماعي لمجتمعاتها ، لأنها جماعات لا تبحث عن مشتركات و مساحات مشتركة للتفاهم و التلاقي مع المختلف و المغاير ، و إنما تجعل الجميع محل الدعوة و الفرض و القسر للإيمان بخطابها وأيدلوجيتها . فهي جماعات لا ترى إلا ذاتها ، ولا تتصور الآخرين إلا في موضع القبول بدعوتها و خطابها أو في موقع الخصم الذي ينبغي محاربته .
و هكذا جماعات لا تبني استقرارا ، ولا تصون مجتمعات و مصالح.
فجماعات العنف و الإرهاب لا صديق لها ، ومن يعتقد أن المصلحة الموضوعية له التقت مع الجماعات الإرهابية و يراهن على هذا الالتقاء ، فإنه لن يحصد من هذا الالتقاء إلا المزيد من الأزمات و المشاكل .. فجماعات الإرهاب مثل النار ، إذا لم تجد ما تأكله سوف تأكل محيطها القريب وحاضنها الاجتماعي أو السياسي . فلا أمان و أمن مع جماعات العنف والإرهاب ، لأنها بطبعها تغدر و تفجر ولا تبحث إلا عن مصالحها الضيقة .
و هي دائما مصالح لا تتعدى حدود هذه الجماعات وفي بعض الأحيان لا تتعدى حدود رأي الزعيم الديني لهذه الجماعات ..
3ـ تمر علينا هذه الأيام ذكرى مرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى ، التي دفعت فيه البشرية ملايين القتلى و الجرحى . و تجربة هذه الحرب ـ الكارثة ومتوالياتها السياسية و الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية ، تؤكد و بشكل لا لبس فيه . أن سفك الدم و إشاعة القتل و التدمير ، لا ينفع أحدا و إن الناس إذا لم يبادروا لمقاومة نزعات القتل و التدمير ، فإن هذه النزعات ستصل إليهم وتهدد مصالحهم و مكاسبهم . و المعادلات السياسية والاجتماعية ، التي تبنى على قاعدة القتل والتدمير لن تستقر على حال . لأن الدم يستدعي الدم ، و القتل يقود إلى القتل ، وهكذا يخضع الجميع في دوامة العنف العبثي الذي يدمر الأوطان ، ولا يبقى مجالا للفهم و التفاهم وتطوير نظام الشراكة بين الناس . فمن يسعى إلى تحسين ظروفه السياسية و الاقتصادية والاجتماعية ، فعليه أن لا يتوسل بوسيلة العنف و الإرهاب ، لأن هذه الوسيلة تؤسس للمزيد من الدمار الذي يدخل الجميع في أتون الحروب العبثية التي تدمر الجميع بدون أفق حقيقي لأي طرف من الأطراف .
هذا ما تؤكده تجربة الحرب العالمية الأولى وكل الحروب وعمليات القتل التي تمارس لأغراض أيدلوجية و سياسية .
4ـ ثمة ضرورات وطنية وقومية ودينية في كل البلدان العربية والإسلامية ، للقيام بمبادرات للوقوف ضد جماعات العنف و الإرهاب التي بدأت بالبروز في المشهد العربي والإسلامي . لأن الصمت أمام هذه الظاهرة الخطيرة ، سيكلف المنطقة بأسرها على كل الصعد والمستويات ، لذلك ثمة حاجة ماسة لرفع الصوت ضد ظاهرة الإرهاب و العنف و تفكيك موجباتهما ، وتعرية خطابهما ، ومواجهة الحامل البشري لهما .
ونحن هنا لسنا من دعاة تهويل خطر الإرهاب على أمن المنطقة واستقرارها ، و لكننا نعتقد وبعمق أن جماعات العنف و الإرهاب من أخطر التحديات التي تواجه المنطقة في اللحظة الراهنة . وإن مواجهة هذه الآفة الخطيرة ، يتطلب تضافر جميع الجهود و الطاقات للوقوف بحزم ضد هذه الآفة على المستويات الأمنية و الثقافية و السياسية والاقتصادية والاجتماعية . لأن تمكن هذه الآفة سيهدد الجميع ، وسيغير من قواعد اللعبة السياسية القائمة في المنطقة ، وستدمر ماتبقى من وحدة النسيج الاجتماعي في أغلب البلدان العربية و الإسلامية .
فمن يربي وحشا في بيته ، فإن هذا الوحش لن يتحول إلى حيوان وديع و أليف ، سيبقى وحشا كاسرا ، وحينما يجوع سيفترس من جلبه إلى بيته .
جماعات الإرهاب كالوحوش المفترسة ، ولايمكن أن تتحول إلى حمل وديع ، ولا يمكن سياسيا أن يراهن عليها أحدا ، لأنها ذات بنية انشقاقية ، تمردية ، حينما تتمكن من أية رقعة جغرافية أو اجتماعية ، ستعمل على تنفيذ أجندتها ومشروعها العنفي وستقف ضد من يقف ضد مشروعها ونهجها الأيدلوجي والسلوكي ..
وجماع القول : إن جماعات العنف وعلى رأسها داعش ، أضحت اليوم ، تهديدا مباشرا لكل دول المنطقة ، و هذا يتطلب من كل دول المنطقة ، العمل على مواجهة هذا التهديد ورفع الغطاء الديني عن ممارساتها وخياراتها ، وبناء حقائق الوعي والتسامح والحوار والاعتراف بالمختلف في فضاء مجتمعاتنا ومنابرنا الإعلامية والثقافية ..
التطرف والنسيج الإسلامي
طبيعة النمط الثقافي والسلوكي الذي يسير على هداه ومنواله الإنسان المتطرف ، هو أنه لا يبحث عن النقاط المضيئة في موضوع تشدده وتطرفه ، وإنما يغض النظر عن هذه النقاط ويتغافل عنها ، ويوجه اهتمامه صوب النقاط السوداء التي تبرر رأيه وموقفه وتزيده تشبثا بمقولاته المتطرفة وقناعاته الجامدة .
ويتجلى هذا النمط والسلوك في طبيعة الرأي والموقف الذي يتخذه المتطرف من وقائع وحقائق العلاقات الإسلامية ـ الإسلامية . حيث أنها علاقات إنسانية وسياسية وثقافية واجتماعية ، تتراوح بين علاقات ودية وهادئة أو علاقات متوترة ومليئة بنقاط التباين والتوتر أو هي علاقات جامدة حيث تحتضن عناصر السلب كما تحتضن عناصر الإيجاب .
الإنسان المتطرف سواء من هذه المدرسة الفقهية أو المذهبية أو تلك ، هو بطبيعته المتطرفة والمتشددة ، يتجاهل عناصر الإيجاب في هذه العلاقات ، ويتغافل عن تلك اللحظات التاريخية التي تطورت فيها العلاقات الإسلامية على نحو إيجابي .
وينشغل نفسيا وعقليا بكل اللحظات التي ساءت فيها تلك العلاقات ووصلت إلى مديات سلبية ، كما يحتفل بكل المقولات المذهبية المتطرفة والمتشنجة ويعزز بها قناعاته ، ويزداد تشبثا بمواقفه ، يضخم عناصر التوتر ويستدعي بعض لحظات التاريخ الذي سادت فيها التوترات ، ويتغافل ويتجاهل الحقائق المضادة لتطرفه وتشدده المذهبي .
يتعامل مع الخلافات والاختلافات الإسلامية ـ الإسلامية ، بوصفها قدرا مقدرا ، لا يمكن تجاوزها أو معالجتها .
ويحتضن بوعي وبدون وعي من جراء هذا ، كل المقولات النبذية الاستئصالية ، ويرى أن الطرف الإسلامي الآخر ، لا ينفع معهم إلا لغة النبذ والاستئصال والقوة . ويتغافل عن حقائق ومقولات أن الأفكار والقناعات الدينية والمذهبية ، لا يمكن استئصالها ، ولا يمكن دحرها من الوجود ، لأنها حقائق عنيدة وتزداد رسوخا في تربتها الاجتماعية ، حينما تتجه إليها رياح الاستئصال والقتل والتدمير .
وعليه فإننا نعتقد أن طبيعة نفسية وثقافة المتطرف والمتشدد الديني والمذهبي ، تمارس عملية التغذية التي تديم حالات التطرف وتمدها بأمصال الوجود والحياة .
وإن قبض المتطرفين من كل الأطراف على ملف العلاقات الإسلامية ـ الإسلامية ، سيزيد الأمور تعقيدا وتشنجا .
لأن التطرف بطبعه ضد التآلف والتآخي والوحدة والتفاهم ، كما أن التشدد المذهبي يساهم في تصحير مسافات اللقاء والاشتراك .
وإن السماح لكل النزعات المتطرفة في التحكم بطبيعة العلاقة بين المسلمين ، لن ينتج إلا المزيد من التوتر وسوء العلاقة وتراكم عناصر السلب فيها .
لذلك فإن الخطوة الأولى في مشروع تحسين العلاقات الإسلامية بين المسلمين ، هو منع جماعات التشدد والتطرف من الإمساك بهذا الملف الهام والحيوي ، وتضافر كل الجهود من أجل القيام بمبادرات من قبل أهل الاعتدال والوسطية لإدارة ملف العلاقات الإسلامية ـ الإسلامية . فحينما تتحرر علاقات المسلمين مع بعضهم البعض من هيمنة أهل التطرف والتشدد ، فإن قدرة أهل الاعتدال على بناء أسس العلاقة الإيجابية والتفاهم بين المسلمين ستكون فعلية وحقيقية . بمعنى حينما نتمكن من فك الارتباط بين جماعات التطرف ومسيرة العلاقة بين المسلمين ، حينذاك ستتحرر هذه العلاقة من الكثير من القيود والأعباء التي تساهم في تعطيل هذه العلاقة أو تفجيرها من الداخل .
وفي سياق العمل على إخراج ملف العلاقات بين المسلمين من قبضه أهل التطرف والتشدد نود بيان الأفكار التالية :
1ـ إن السنة والشيعة من حقائق التاريخ والاجتماع الإسلامي . ولا يمكن لأي طرف مهما أوتي من قوة ، أن يلغي هذه الحقائق من الخريطة والوجود الإسلامي .
وإن المطلوب دائما مهما كانت الحقائق المضادة ونزعات التشدد والتطرف هو توسيع دائرة التلاقي والتفاهم .
لأن البديل عن هذه الدائرة ، يساوي أن يدمر المسلمون واقعهم ، ومجتمعاتهم بأيديهم .
فالحروب المذهبية لا رابح منها ، وإن إخضاع الواقع الإسلامي إلى متواليات هذه الحروب ستضر بجميع المجتمعات الإسلامية . لذلك فإن مصلحة الجميع تقتضي الجلوس على طاولة التفاهم والبحث بشكل موضوعي عن آليات تصليب العلاقات بين المسلمين ، وإخراجها من دائرة التحريض والنبذ والاستئصال .. فالصراخ الطائفي لن يغير من حقائق الوجود الإسلامي ، ونار الطائفية حينما تحترق فإنها ستصيب الجميع ولعل أول من تصيبه هو شاعلها .
2ـ كل الأمم والشعوب عانت بطريقة أو أخرى من انقساماتها الدينية أو المذهبية أو القومية أو العرقية . وإن المجتمعات الحية والواعية هي وحدها التي تمكنت من إدارة انقساماتها الدينية وغيرها بما لا يضر راهنها وواقعها .
وإن المجتمعات الإسلامية معنية قبل غيرها ، للتفكير بجد في الطريقة المثلى التي تجنب الجميع ويلات التحريض والحروب عبر إدارة حضارية لخلافاتها وانقساماتها المذهبية .
ومن يبحث عن حلول استئصاليه ، والغائية ، فإنه لن يجني إلا المزيد من المآزق والحروب . وقد جرب الجميع هذه الحقيقة بطريقة أو أخرى .
لذلك لا مناص إلا التفاهم وتدوير الزوايا والبحث عن سبل تحييد الانقسام المذهبي عن راهن وواقع المسلمين اليوم . وهذا لن يتأتى إلا بـ :
· الاحترام المتبادل ورفض كل نزعات تسخيف قناعات الآخر . فمن حق الجميع أن يختلف في قناعاته وأفكاره ، ولكن ليس من حق أي أحد أن يتعدى ماديا أو معنويا على قناعات ومقدسات الآخرين .
· إن ضبط العلاقة بين المختلفين مذهبيا في الدائرة الإسلامية ، لا يمكن أن تعتمد على المواعظ الأخلاقية فحسب ، وإنما هي بحاجة إلى منظومة قانونية متكاملة ، تجرم أي تعد على مقدسات أي طرف من الأطراف .
· من الضروري لكل الدول التي تدير مجتمعات متعددة ومتنوعة ، أن تتعالى على انقسامات مجتمعها ، وأن لا تكون طرفا في عمليات الانقسام الديني أو المذهبي. من حق أي فرد في الدولة أن يلتزم بقناعات مدرسة أو مذهب ، ولكن من الضروري أن لا يستخدم موقعه في الدولة لفرض قناعاته على الآخرين . فالدولة للجميع ، ومن حق الجميع أن يحظى بمعاملة متساوية في الحقوق والواجبات .
3ـ إننا ندعو كل العلماء والدعاة والخطباء من كل الطوائف الإسلامية ، إلى التعامل مع ملف وحدة المسلمين ومنع فرقتهم وتشتتهم ، بوصفها من المبادئ الإسلامية الأصيلة ، والتي تتطلب جهودا متواصلة لتعزيزها وتعميقها في الواقع الإسلامي المعاصر .
ولا يصح بأي شكل من الأشكال ، أن يتم التعامل مع هذه القيمة الإسلامية الكبرى ، بمقاييس الربح أو الخسارة أو المصلحة السياسية الآنية .
آن الأوان للجميع أن يصدع بضرورة تفاهم ووحدة المسلمين وأهل القبلة الواحدة ، وأنه المشاكل أو المؤاخذات المتبادلة ينبغي أن تحترم متطلبات ومقتضيات وحدة وتفاهم المسلمين . وإن الطريق إلى ذلك ، ليس أن يغادر أحدنا قناعاته ، وإنما صيانة حرمة وحقوق الجميع المادية والمعنوية ، وتنمية المساحات المشتركة ، وبناء حقائق التلاقي والتفاهم بين أهل الوطن الواحد ، ومنع التعدي على مقدسات بعضنا البعض ، وإطلاق مبادرات وطنية تستهدف تطوير نظام التعارف المتبادل بين جميع المسلمين بمختلف مدارسهم الفقهية وانتماءاتهم المذهبية .