لم تخطيء القيادة السعودية حين أعلنت آن هدفها من ضرب الثورة و الشعب اليمنى هو إعادة ما سمي بالشرعية المختزلة في الرئيس الهارب عبد ربه منصور ، فالسعودية قد جاءت لليمن بالفعل لإرجاع الرئيس منصور لكن مجيئها في الأصل كان للوصول إلى هدفين مهمين الأول إعادة الرئيس منصور و عند التعذر فرض الوصاية العسكرية على الثورة و الشعب اليمنى للقبول بالأوامر الصهيونية .
احمد الحباسى
يجمع كبار الكتاب في العالم على فشل عاصفة الحزم السعودية ضد الشعب اليمنى ، إجماع بدأ حتى قبل أن تبدأ هذه " العاصفة" ، تفضلوا بمراجعة كتابات عبد الباري عطوان ، الراحل الكبير محمد حسنين هيكل على سبيل المثال لا الحصر ، أردنا بذكر أسماء الكاتبين الكبيرين الاستدلال خاصة و أنهما أكثر الكتاب معرفة بـ "تضاريس الحكم في السعودية و أكثر الناس إطلاعا على ما يجرى في كواليس بعض الدول الغربية الفاعلة ، و علامات الفشل كانت بادية منذ اللحظة التي الأولى التي أقلعت فيها الطائرات السعودية لضرب الشعب اليمنى بكل فئاته و توجهاته ، من علامات الفشل المعلومة و الثابتة أن الطيران لا يربح حربا و أن الشعب اليمنى ليس الشعب المتعود على الهزائم إضافة إلى أن التضاريس اليمنية لا تخدم مصلحة المهاجمين بل تخدم مصلحة الشعب المدافع عن أرضه و عرضه .
القيادة السعودية ليست غبية إلى الحد الذي لم تفهم فيه مثل هذه العناصر و تأخذها بعين الاعتبار عند بداية هذه المعركة الدموية الشريرة و لعل هذه القيادة كانت مدركة من البداية أنها تخوض حربا ليست ككل الحروب و أن هذه المعركة التي فتحتها على نفسها سيصعب عليها تلافى انعكاساتها و ارتداداتها المدمرة في السنوات المقبلة خاصة و آن النظام قد فقد منذ سنوات كل حبوب المناعة و صار مجرد ميت سريري لن تفلح كل شطحاته الحزينة في إعادته للحياة ، لكن من الواضح أن هذه " العاصفة" ليست إلا مجرد حلقة من حلقات مسلسل التنازلات السعودية للمشروع الصهيوني الرامي لإسقاط بعض الدول العربية الرافضة للوجود الامبريالي الصهيوني في المنطقة العربية ، بهذا المعنى دخلت السعودية حربها ضد اليمن ليس لكسب هذه الحرب فهذا من رابح المستحيلات المعلومة للقاصي و الداني بل لضرب الوحدة اليمنية و إجبار الثورة اليمنية على تقديم ولاء الطاعة للوجود الصهيوني و القبول بدولة إسرائيل كجزء لا يتجزأ من الدول العربية .
لم تخطيء القيادة السعودية حين أعلنت آن هدفها من ضرب الثورة و الشعب اليمنى هو إعادة ما سمي بالشرعية المختزلة في الرئيس الهارب عبد ربه منصور ، فالسعودية قد جاءت لليمن بالفعل لإرجاع الرئيس منصور لكن مجيئها في الأصل كان للوصول إلى هدفين مهمين الأول إعادة الرئيس منصور و عند التعذر فرض الوصاية العسكرية على الثورة و الشعب اليمنى للقبول بالأوامر الصهيونية و تنفيذ التعليمات الأمريكية و من أهمها بالأساس عدم التعامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو الدخول في تحالف مهما كان نوعه مع المقاومة العربية الممثلة في رئيس المقاومة العربية الرئيس بشار الأسد ، هذه هي الغايات من التدخل السعودي الصهيوني في اليمن ، و لان البدايات السعودية قد كانت خاطئة و غير مدروسة فقد فشلت في إرجاع ما سمي بالشرعية إلى كرسي الحكم في اليمن و بقى الرئيس الهارب معزولا عن الشعب الكافر بهذا الخائن الذي وصلت خيانته حد المطالبة بإرسال قوات أجنبية إلى اليمن .
تخشى السعودية فيما تخشاه أن تتمدد الثورة اليمنية إلى الداخل السعودي المريض بكل علل الدنيا ، و هم النظام من تدمير اليمن و قتل أكثر ما يمكن من الشعب اليمنى هو منع هذه "العدوى" الثورية من التمدد كالحريق لهذا " الداخل السعودي القابض على زمام السلطة نظرا لحالة التماس بين البلدين و وجود معارضة سعودية تتلمس طريقها بحذر شديد نتيجة استبداد و جبروت المنظومة الأمنية المعززة بوجود بعض أجهزة المخابرات الغربية التي تحرس النظام و تدير دفة الحكم من وراء الستار ، و العقل الحاكم لا يريد ثورة في بلد شمولي يرفض مجرد وجود قصيدة تنتقد أداء النظام الفاسد بل لعل النظام بإعدامه الشهيد باقر النمر قد وصل إلى حالة من القطيعة المرعبة مع الشعب و مع الشعوب العربية الأخرى التي ترى فيه منظومة خيانة بالية فاسدة لا تستحق التواجد بين الأمم المتحضرة القابلة للتغيير و الانفتاح ، و اليوم و بعد مرور أكثر من سنة من هذه الحرب الدموية يجد النظام نفسه أمام نفس أسئلة و مشاكل البدايات و يجد نفسه مطالبا بالخروج من هذه الحرب المكلفة اقتصاديا بأسوأ النتائج المعلنة دون تقديم انتصار يبرر هذه التكلفة المالية و هذا الانخراط الدموي في صراع دمر العلاقة بين الشعبين إلى سنوات طويلة قادمة .
هناك فشل سعودي في اليمن ، هذا مؤكد ، لكن من الواضح آن الشعب و الثورة اليمنية قد دفعت الثمن الأعلى مقابل هذا الصمود الأسطوري في وجه هذا النظام الطاغية العميل و بعض أدواته في مصر و السودان و الإمارات ، و لان الشعب اليمنى قد كان رافدا و سندا لكل الشعوب العربية في كل محنها عبر التاريخ فقد أفرزت بعض المقالات اليمنية و بعض التصريحات حالة من العتب على صمت الشعوب و عدم انخراطها بالكامل في هذه المواجهة حتى تسقط هذا العدوان و تقي الشعب اليمنى مزيدا من الضحايا ، و لعل الوفد اليمنى الذي وصل إلى تونس منذ يومين لإطلاع الشعب التونسي بكل فئاته و توجهاته على طبيعة الجريمة السعودية سيلقى الترحيب المناسب لهذه الثورة و لهذا الشعب و ستكون هناك فرصة مواتية لتوضيح المواقف و ضخ دماء جديدة في شرايين الوجدان التونسي المساند لليمن الرافض الكاره للوجود السعودي في كل البلدان العربية و الداعي لمحاسبة القيادة السعودية أمام المحاكم الدولية من أجل الجرائم ضد الإنسانية .
المصدر : بانوراما الشرق الاوسط