بعد أكثرمن خمسة سنوات على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري تبدو المحكمة الدولية أكثرمن أي وقت مضى في دائرة الشكوك حول مصداقيتها و نزاهتها
بعد أكثرمن خمسة سنوات: المحكمة الدولية في دائرة الاتهام قبل أن تتهم
23 Aug 2010 ساعة 23:54
بعد أكثرمن خمسة سنوات على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري تبدو المحكمة الدولية أكثرمن أي وقت مضى في دائرة الشكوك حول مصداقيتها و نزاهتها
بعد أكثرمن خمسة سنوات على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري تبدو المحكمة الدولية أكثرمن أي وقت مضى في دائرة الشكوك حول مصداقيتها و نزاهتها.
حين اغتيل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في ۱۴ شباط ۲۰۰۵، اجمعت الآراء والافكار والمواقف على اعتبار العملية بمثابة زلزال ضرب لبنان وترك ارتدادات طالت كل المنطقة وجذبت العالم اجمع الى الدوامة اللبنانية.
وبعد ان كبرت المسألة وانتقلت من لجنة تقصي الحقائق الدولية الى لجنة تحقيق دولية، وصلت الامور الى خواتيمها عبر محكمة دولية ولدتها الامم المتحدة، انما بعد اربع سنوات على عملية الاغتيال. وفي نظرة منطقية الى واقع الامور، ودون الاخذ بواقع المعارضة ( سابقاً) التي تبنت وجهة نظر تسييس المحكمة، وواقع الموالاة (سابقاً أو تيار14 آذار المدعومة من أميريكا ) التي تبنت وجهة نظر نزاهة المحكمة وحياديتها، لا بد من طرح اسئلة تراكمت منذ سنوات وابرزها على الاطلاق:
- لماذا تأخر انشاء المحكمة طوال هذا الوقت، علماً انها تكاد تكون الوحيدة التي حازت على موافقة فورية من قبل الامم المتحدة، وان مسألة تمويلها لا تشكل أي عائق بفعل استعداد الدول كافة للمساهمة بها، ولو ان لبنان تأخر بعض الشيء في الموافقة على حصته من التمويل، مع العلم انه في الآونة الاخيرة صدرت اصوات تؤكد ان عدم دفع لبنان حصته للمحكمة لن يؤثر على مسيرتها او استمراريتها ما يعني ان في الامر ترتيبات سياسية معينة بين مختلف الدول حرصاً على توازنات معينة وعلى اوراق يمكن استخدامها او دفنها وفق المتطلبات.
- لماذا قيل ان القاضي البلجيكي سيرج براميرتز اعاد العمل في لجنة التحقيق الدولية الى بداياته بعد ان تسلم مهمته خلفاً للقاضي الالماني ديتليف ميليس الذي كاد ان ينهي التحقيق من خلال اتهامه لسوريا ولقادة الاجهزة الامنية بالضلوع في عملية الاغتيال، ولماذا خفت حدة التسريبات بشكل كبير بعد تسلم براميرتز لمهامه، بينما كانت بمثابة "الخبر اليومي" لوسائل الاعلام؟
- ما هي نقطة التحول التي ازاحت سوريا عن درب التحقيق والمحكمة بعد ان كانت التهمة "ملتصقة" بسوريا او برجالاتها في لبنان بشكل لا يحتمل الشك، حيث قدمت الادلة والبراهين في الاعلام التي اثارت اهتمام الجميع ولو انقسموا بين مؤيد ومعارض، وهل لعودة العلاقات الى مجاريها بين سوريا والغرب وسوريا ولبنان تأثير على المسلك الجديد للمحكمة؟
- الام استند القاضي الكندي دانيال بلمار لاطلاق الضباط الاربعة، علماً انه اذا كانت لسوريا او "حزب الله" يد في عملية الاغتيال، كما يقال، فكان يجدر عدم الافراج عنهم لان علاقتهم جيدة بالطرفين المعنيين، والا كان يجب اطلاقهم منذ تسلم براميرتز مهامه خلفاً لميليس الذي كانت له نظرية دافع عنها بعد تركه لمنصبه في لجنة التحقيق مشدداً على اقتناعه بما توصل اليه في تحقيقاته.
- ما هي قصة شهود الزور جميعاً، واين اصبحت المطالبة بهم من اماكن اقامتهم في سوريا او اوروبا او غيرها من الدول، وما قصة محمد زهير الصديق الذي "تعجز" المحكمة حتى الساعة عن التحقيق معه علماً انه اعتبر في احد تقارير لجنة التحقيق بأنه تحول من شاهد الى مشتبه به؟ - لم تعط اجوبة مقنعة عن اسباب الاستقالات العديدة التي طالت موظفين في المحكمة الدولية حتى قبل ان تبدأ جلساتها، والقول بأن الموظفين استقالوا لاسباب تتعلق بمسيرتهم حيث تلقوا عروضاً لا يمكن تجاهلها هو استخفاف بعقول الناس لان العروض انهالت على هؤلاء في فترة زمنية متقاربة جداً، كما ان "مواهبهم" لم تظهر بعد للتهافت عليهم. - حكي ان القرار الظني كان سيصدر في ايلول او تشرين الاول المقبل، وها هو الحديث اليوم عن توقع عدم صدوره هذا العام. فما سر هذا التأجيل؟ اذا كان الجواب ان المدعي العام بلمار يرغب في الاطلاع على القرائن التي قدمها "حزب الله" ضد اسرائيل لدرسها واتخاذ القرار المناسب في شأنها، فهذا يعني ان القرار الظني لن يصدر قبل سنة على الاقل، لان الادلة التي قدمها الحزب ومتابعتها والحصول على ادلة جديدة والتأكد منها (مع اشارة الحزب الى انه يملك معلومات كثيرة في هذا المجال)، تحتاج الى مثل هذه المدة الزمنية اذا ما قورنت بالادلة التي استندت اليها لجنة التحقيق خلال سنوات عملها في لبنان.
هناك الكثير من الاسئلة التي تدور في الأذهان وتنتظر اجابات مقنعة، الا ان احداً لن يكون باستطاعته تقديم الاجوبة الشافية، فالمحكمة مسيسة للاسف، وسياستها كاطار السيارة يدور ليقف تارة مع جهة وتارة اخرى ضدها.
بيروت - محمد الحسيني
رقم: 24218