رمضان في السويد.. تقاليد شرقية ومحال مكتضة بالمتسوقين
وكالة أنباء التقريب (تنا )
ينتهز المسلمون في السويد شهر رمضان المبارك للحفاظ على تقاليدهم الشرقية وتعزيز هويتهم الإسلامية، ابتداء من المنزل ومرورا بالمسجد وانتهاء بالشارع السويدي، فيما تشهد المحلات التجارية وخاصة بيع المواد الغذائية ازدحاما شديدا لشراء اللوازم الخاصة بالشهر الفضيل.
ويقول أبو غادة، وهو عراقي وصل إلى السويد عام ١٩٨٣، وصاحب محل لبيع المأكولات والحلويات الشرقية أن «مبيعاته في تزايد مستمر طيلة شهر رمضان المبارك، إذ يكتظ المتجر بالمتسوقين من العائلات العراقية والعربية المسلمة خلال هذا الشهر».
وفي رمضان تبدو المحلات الشرقية مكتظة بحركة المتبضعين، وهي متاجر صغيرة تعود في أغلبها إلى المقيمين من دول الشرق الأوسط، تقدم البضائع والمأكولات للعوائل المنحدرة من أصول شرقية.
وتعج هذه المحلات في أيام شهر رمضان المبارك بمختلف أنواع المواد الغذائية والسلع والبضائع المألوفة في مجتمعاتنا التي تلبي ذوق المتسوق الشرقي والتي تفتقر اليها المحلات والمتاجر السويدية.
اعتاد أبو غادة (٥٠ عاماً) على رص الحلويات وعلب التمر التي خص متجره بها خلال أيام شهر رمضان بعناية تامة على منضدة خشبية توسطت المتجر الكبير الذي يملكه في العاصمة استوكهولم.
ويضيف أنه «حريص على توفير كافة المستلزمات الغذائية التي تقبل عليها العوائل العراقية المهاجرة لإعداد أكلاتها الشعبية المعروفة التي اعتاد العراقيون على تناولها خلال شهر رمضان والتي تفتقر إليها أغلب المحلات السويدية».
ويشير إلى أن الكثير من الصائمين يترددون إلى المحلات الشرقية لما فيها من مواد يصعب إيجادها في المتاجر والمحلات السويدية.
وتزدحم المحلات الشرقية بشكل كبير قبل موعد الأفطار بساعة أو ساعتين، إذ يسارع المتبضعون لإكمال شراء حاجتهم قبل إقفالها، وخاصة شراء الحلويات المختلفة، ومنها «الزلابية والحلقوم والبقلاوة»، فضلا عن الكرزات التي يقضون بها المساء.
حل رمضان على العراقيين والعرب المسلمين هذا العام في السويد وسط أجواء خريفية جميلة أشبه بفصل «الخريف» في العراق، لا برد قارص تصطك له الأسنان، ولا رطوبة عالية تكتم الأنفاس.
وتبقى العائلات العراقية في السويد تلتزم بالصوم خلال شهر رمضان رغم ساعات الدوام الطويلة وكثرة المشاغل والمسؤوليات التي تحتم على العائلة أن لا تجتمع إلا في المساء.
تقول أم حنان (٥٥ عاماً)، وهي تعمل كممرضة للأطفال في إحدى المستشفيات السويدية إنها تنهي عملها في الخامسة مساءً، إلا أن بُعد المسافة بين مكان عملها والبيت يحتم عليها الوصول بعد الساعة السادسة.
وتضيف: «نمط حياتي خلال شهر رمضان يصبح بوتيرة أسرع من بقية الأشهر، فأضطر إلى التسوق يومياً قبل المجيء إلى البيت لإعداد وجبة الإفطار لأنشغل بعد ذلك بأمور المطبخ والأطفال».
وتهتم أغلب العائلات المسلمة في شهر رمضان المبارك في السويد بمشاهدة التلفاز بحلته البرامجية الجديدة والغزيرة التي تنهال من كل حدب وصوب خلال الشهر، إذ تتجه أنظار الصائمين نحو شاشات التلفاز، محاولين التواصل مع مجتمعاتهم وعاداتهم الرمضانية عبر الأثير.
وتوضح سلمى حيدر (٢٨ عاماً) أن اهتمامها بما تطرحه القنوات الفضائية من جديد في شهر رمضان يجعلها تقضي الكثير من الوقت أمام التلفزيون ومشاركة بقية أفراد العائلة بمشاهدة الأعمال الدرامية الجديدة.
وتتابع في حديثها إنه «من الصعب على العائلات العراقية التزاور فيما بينها أو تناول الإفطار معاً بسبب اختلاف الأنظمة الحياتية وساعات العمل التي تأخذ معظم الوقت، كما أن كثيرا من العائلات تؤجل لقاءاتها واجتماعاتها وزيارتها إلى عطلة نهاية الأسبوع».
وتعتقد سلمى أن «التلفاز» يصبح أقرب منفذ يمكن المرء من خلاله التواصل مع الفعاليات الرمضانية التي تجري في العراق أو في غيره من الدول العربية.
ولرمضان في عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد) نكهته الخاصة، إذ تتزاور العائلات فيما بينها ويتبادلون دعوات الإفطار، فهناك الكثير من الوقت لإعداد أشهى الموائد والأكلات التي تزين المائدة العراقية، مثل: «البرياني»، و«الدولمة»، و«الكبة»، وغيرها من الأكلات الشعبية.
تقول أم خالد (٦٨ عاماً) إنها تجتمع بأبنائها الثلاثة وعائلاتهم في العطلة من كل أسبوع، غير أن اجتماعهم في رمضان يكون له طابعه العراقي الخاص.
وتضيف أن «التجمع الرمضاني الذي أعده لعائلتي مصغر قياسا لما اعتدت القيام به عندما كنت في بغداد عندما أدعو الأهل والأحبة على مائدة الإفطار الغنية، وإن رمضان يعيد لي الحنين إلى الأهل والوطن».
ويبلغ عدد المسلمين في السويد بحسب بعض الإحصائيات والصحف السويدية ٤٠٠ ألف مسلم، وللمرء في السويد الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية، بل إن إدارات المدارس تساعد في الكثير من الأحيان على تطبيق الطقوس الدينية على أكمل وجه.
وعلى سبيل المثال لا تجبر المدارس السويدية تلامذتها المسلمين على تناول طعام الغذاء في صالات الطعام الموجودة في جميع المدارس السويدية والتي تقدم بشكل مجاني.
ولا يُحتسب عيد الفطر يوم عطلة رسمية في التقويم السويدي، غير أن إدارات المدارس تسمح لطلابها بعطلة ليوم واحد أو ليومين احتراماً للمسلمين وتقاليدهم.
صحيفة : السبيل الاردنية