وكالة أنباء التقريب (تنا): ما الفائدة من بيانات الإدانة والشجب العربية والفلسطينية، ضد قرار حكومة العدو الإسرائيلي الخاص باستئناف الاستيطان والإعلان عن طرح مناقصة لبناء 240 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، حيث إن القرار قيد التنفيذ دون أن تؤثر فيه البيانات ومواقف الإدانة الشديدة والمتوسطة والتصريحات عن قتل فرص السلام.

وطالما أن حكومة العدو الإسرائيلي مستمرة في استهتارها وعدم التفاتها لأي موقف للعرب، بما في ذلك مبادرتهم للسلام، فما هو المقصود من إصدار المواقف وبيانات الإدانة والتصريحات التي تحذر بوقف المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة لإعلان دولة فلسطينية، وإعلان الإدانة. 

وهل حقاً أن هناك أدنى فرصة من أن ردود الفعل العربية هذه ستكون ضاغطة أو مانعة للممارسات الإسرائيلية، وهل هناك من يصدق من مطلقي البيانات والمواقف أنفسهم، أن هناك من يحسب حسابهم، أو يلتفت إليهم وما يتحدثون عنه، ليس من أي كان في قيادات العدو، وإنما من مجرد تلميذ مدرسة في أي مستوطنة. 

يدرك القاصي والداني، والأكثر قرباً أو بعداً، أن الحكومة الإسرائيلية لا تحسب حساباً من أي نوع للمواقف الرسمية العربية كافة، باستثناء ما يخص سوريا ولبنان. وإنها إلى جانب ذلك لا تلتفت إلى مواقف وإمكانيات السلطة في رام الله ومن يقف إلى جانبهم، وإنما إلى المقاومة الفلسطينية وفصائلها وكتائبها. وفي حين أنها غير مهتمة بالمواقف الدولية منها، ولا تكترث لردود الفعل فيها، فإنها تحسب مليون حساب لإيران، وبطريقة مختلفة لتركيا من دول المنطقة وبدرجات أقل كثيراً لدول صديقة ومساندة للحقوق العربية في أمريكا اللاتينية وغيرها، مع قلتهم هذه الأيام، بعد أن كانوا أكثر بكثير قبل كذب وخداع السلام. 

لم يكن أمر وجود الرئيس الإيراني في لبنان زائراً، أمراً عادياً بالنسبة للعدو الإسرائيلي، وما تحدث به أثناء وجوده في جنوب لبنان، وقبل ذلك في بيروت وضاحيتها الجنوبية، ليس مسبوقاً من أي عربي رسمي فيما يعرف بمعسكر الاعتدال، الذي هو في حقيقته أقرب للابتذال. والأمر على جلائه يطرح تساؤلاً حول أيهما أقرب، أو أكثر تمثيلاً للحقوق العربية المستمر انتهاكها دون توقف وبلا هوادة، وفيما إذا كان الموقف الرسمي العربي للاعتدال أم أنه الموقف الإيراني، وفيما إذا كانت واشنطن أفضل لنا من طهران. 

لم يفزع الطيران الإسرائيلي الرئيس الإيراني الذي حلق قريباً من المكان الذي كان يتحدث فيه للجماهير اللبنانية في بنت جبيل الجنوبية، ولم يُلاحظ عليه اتخاذه أي إجراء وقائي، وإنما بدلاً من ذلك، ارتجاله للحديث بدل الخطاب المعد، وتوجيه الكلام للإسرائيليين بأنهم إلى زوال، ثم استمراره بعد ذلك في برنامج زيارته دون تغيير.
من أين يستمد الرئيس الإيراني قوته، وكيف أن الجيش الإسرائيلي لم يحاول أكثر من تحليق طائرات له بجبن مكشوف. 

تدرك القيادة العدوانية في الكيان الإسرائيلي أنها لو أقدمت على فعل أو مغامرة ضد الرئيس الإيراني فإن زوالها يكون قد بدأ، وهذا ما قصده الرئيس الإيراني تماماً في تلك اللحظة، حيث يدرك من جانبه أنه رئيس دولة أعدت ما أعدت لأسباب قوتها، وأنها قوة كفيلة بإزالة الكيان الإسرائيلي فعلاً.
واقع الحال ليس نفسه في مواجهة العدو الإسرائيلي عما كان عليه في السابق، وقبل ثبات المقاومة كأمر صعب ورقم أصعب في معادلة الصراع. فإذا كان ما لدى حزب الله من صواريخ وإمكانيات يجعل القيادات الإسرائيلية على قلق غير مسبوق، فما الذي يمكن أن يكون لدى سوريا، وحجم ما بحوزة إيران.
أما واقع الحال مع العدو الإسرائيلي عربياً فإنه ليس قدراً، وإنما فقدان للإرادة فقط، وهنا يكمن الفرق بين الموقف الإيراني وغيرها.
مقالة بقلم: جمال الشواهين