وكالة أنباء التقريب (تنا): السيد محمود عباس دخل في سباق مع رفيق دربه ياسر عبد ربه، فبعد تصريح عبد ربه بأن لا مشكلة لديه إذا اعترفت "إسرائيل" بدولة على حدود 4 حزيران، في أن تكون "إسرائيل" دولة يهودية أو صينية إن شاءت، جاءت مقابلة محمود عباس مع قناة عبرية لتؤكد أنه على استعداد للتخلي عن جميع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، مقابل قيام دولة على الأراضي المحتلة عام 67.
فالرئيس المنتهية ولايته وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، الفاقدة لصلاحيتها يغامران بمستقبل أشرف قضية، وبحقوق الشعب الفلسطيني، فيشطبان بجرة قلم، أربعة أخماس فلسطين، ويصادران حق ستة ملايين لاجئ فلسطيني في العودة إلى ديارهم، ويجعلان مصير عرب الأرض المحتلة في مهب الريح، بعد أن تطابقت وجهتا نظر الحكومة الصهيونية والسلطة الفلسطينية بشأنهم.
فمن الذي فوض عباس وعبد ربه بشطب القضية الفلسطينية لقاء دولة فاقدة لكل مقومات الدولة الا من ألقاب مملكة في غير موضعها؟ إن حجة المسؤولين الفلسطينيين، اللذين لا يسألان عما يفعلان، أن الفلسطينيين لم يعد لديهم أراض يقيمون عليها دولتهم، وأن البناء المستمر لن يترك للفلسطينيين أراضي.
فمن الذي فتح شهية الصهاينة للاستيطان؟ ومن الذي أزال من طريقهم كل العوائق التي تحد من مواصلة الاستيطان؟ أليست سياستهما التخريبية منذ أصبحا الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والوارث غير المنازع لمنظمة التحرير ولتضحيات ونضالات الشعب الفلسطيني؟
لقد أفسدت هذه السياسة التي لا خيار لدى أصحابها الا خيار التفاوض، الطبقة الحاكمة في منظمة التحرير، واستغلت مشاعر الحنين إلى الوطن لدى رجال المقاومة الذين أوهموا أن عودتهم مقدمة للتحرير والاستقلال وإقامة الدولة، ليجدوا أنفسهم، ومنذ وطئت أقدامهم أرض فلسطين، جزءاً من مؤامرة على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فأصبحت مهمتهم مطاردة المجاهدين، وقتل روح المقاومة في نفوس الفلسطينيين، والتجسس على القوى المخلصة لفلسطين والتنسيق الأمني مع عصابات الصهاينة، فخلا الميدان لنتنياهو وليبرمان، وغلاة الصهاينة، للعمل في تسارع شديد لنهب الأرض وتهويدها، ومواصلة تهجير الشعب الفلسطيني، والانفتاح على النظام العربي البائس الذي أصبح شعاره "نقبل بما يقبل به الفلسطينيون".
فهل حلم الصهاينة منذ راودت شياطينهم فكرة إقامة وطن قومي لهم بمثل هذا الكرم العربي؟ وهل نكبت فلسطين والأمة عبر تاريخها الطويل بما نكبت به على أيدي وكلاء غلاة الصهاينة في إدارة شؤون الشعب الفلسطيني؟ لقد طف الصاع، وبلغ السيل الزبى، ولم يعد أمام الذين أوصلوا الشعب الفلسطيني وقضيته إلى ما وصلوا إليه إلا الاعتذار غير المقبول للشعب الفلسطيني، والترتيب مع الإدارة الأمريكية لإقامة دائمة في إحدى جزر المحيط الهادي ليكتبوا مذكراتهم، وأن يحصلوا على تأشيرات لكل من شاركهم في جريمة تصفية القضية الفلسطينية، وذلك أضعف الإيمان.