قرار حزب الله لم يكن وليد لحظة انفعال عاطفية، بل إنه قرار مدروس مبني على معلومات غاية في الاهمية
نصرالله يقلب الطاولة على المحكمة الدولية
بقلم: عليان عليان
6 Nov 2010 ساعة 14:07
قرار حزب الله لم يكن وليد لحظة انفعال عاطفية، بل إنه قرار مدروس مبني على معلومات غاية في الاهمية
وكالة أنباء التقريب (تنا):
حسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله موقفه بشكل قطعي ونهائي بوقف التعاون مع المحكمة التي شكلها مجلس الامن الدولي الخاصة بالتحقيق في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وذلك بعد الزيارة الفضائحية والمشبوهة للمحققين الدوليين لعيادة الطبيبة النسائية إيمان شرارة في الضاحية الجنوبية، بهدف الإطلاع على آلاف الملفات منذ عام ٢٠٠٣؛ أي قبل اغتيال الحريري بعامين، حيث أكدت هذه الزيارة ثلاثة أمور هي:
أولاً: إن الهدف من الزيارة ليس البحث عن معلومات تفيد التحقيق في اغتيال الحريري الأب؛ لأن الحريري اغتيل عام ۲۰۰۵ وليس عام ۲۰۰۳، بل البحث عن عناوين وهواتف رجال المقاومة الذين ترتاد زوجاتهم هذه العيادة لتقديم هذه المعلومات للكيان الصهيوني.
وثانياً: والهدف الثاني من هذه الزيارة التجسسية لعيادة الطب النسائي وطلب سبعة آلاف ملف من الطبيبة النسائية، يكمن في السعي الهزيل لإضعاف حزب الله وإذلاله معنوياً، عبر الاطلاع على خصوصيات نسائه، خاصة أن هذه الاستباحة تمت في وضح النهار وفي عاصمة المقاومة "الضاحية الجنوبية".
ثالثاً: أما الهدف الثالث والأهم؛ فيكمن في تحضير المسرح اللبناني والبيئة الملائمة لإصدار القرار الظني من قبل المحكمة الدولية، والذي يتهم أعضاء في حزب الله بالوقوف وراء عملية الاغتيال، ومن ثم جر حزب الله إلى حالة من الاشتباك المبكر مع أدوات واشنطن في لبنان.
لقد أفشل حزب الله الاستهدافات سالفة الذكر، من خلال الزحف النسائي للعيادة ومصادرة هذا الزحف للوثائق التي حصل عليها المحققون من العيادة وغيرها من الوثائق التجسسية وطرد هؤلاء الجواسيس شر طردة هذا (أولاً).
(وثانياً) من خلال قرار نصرالله بوقف التعاون مع المحكمة الدولية، بعد الزيارة التجسسية للمحققين الدوليين لعيادة الطب النسائي، ومطالبته في كلمته على شاشة فضائية المنار المسؤولين اللبنانيين، بوقف التعامل مع المحققين الدوليين، ومطالبته كل مواطن لبناني بأن يقف أمام ضميره وشرفه وكرامته قبل أن يبدي أي تعاون مع هؤلاء المحققين؛ لأن أي معلومة تقدم لهم تصل فورا للإسرائيليين، وتزيد من استباحة البلد وتساعد في الاعتداء على المقاومة.
وثالثاً: من خلال عدم إغلاق السيد حسن نصرالله باب الحوار، وتحييده في كلمته لولي الدم سعد الحريري، ودعمه للتنسيق السوري- السعودي لدرء الفتنة التي يقف وراءها كل من العدو الصهيوني وواشنطن.
قرار حزب الله لم يكن وليد لحظة انفعال عاطفية، بل إنه قرار مدروس مبني على معلومات غاية في الاهمية، كشف عنها الامين العام لحزب الله بعد ساعات من زيارة المحققين الدوليين لعيادة الطب النسائي، وأبرز هذه المعلومات التي لا تمت بصلة لاغتيال الحريري: حصول المحققين الدوليين على كافة ملفات طلبة الجامعات الخاصة والرسمية من عام ۲۰۰۳ حتى عام ۲۰۰۶، مطالبتهم وحصولهم على داتا الاتصالات لكافة شركات الاتصالات اللبنانية، بما في ذلك رسائل " اس أم أس" مطالبتهم وحصولهم على بصمات المئات، من مديرية الجوازات في الأمن العام، مطالبتهم وحصولهم على لوائح مشتركي شركة الكهرباء وقاعدة بيانات "دي أن إيه" وقاعدة البيانات الجغرافية من جبال ووديان لبنان من الحدود إلى الحدود.
هذه المعلومات والملفات التي حصل عليها المحققون تؤكد أنها معلومات جمعت لمصلحة الكيان الصهيوني، وكما قال سماحة السيد -على سبيل المثال لا الحصر-: ما علاقة الموضوع الجغرافي وجمع المعلومات من الحدود إلى الحدود وعن الجبال والوديان والنقاط الحساسة والمهمة باغتيال الحريري؟
كما أن جمع مثل هذه المعلومات يؤكد ما ذهب إليه نصرالله، بأن المهمة الرئيسة للمحققين الدوليين في السنوات الأخيرة هي جمع المعلومات عن حزب الله والمقاومة، لمصلحة الكيان الصهيوني وأجهزة الاستخبارات الغربية، خاصة أن القرار الظني الخاص باتهام أعضاء في حزب الله مكتوب وجاهز منذ عام ۲۰۰۶، وسبق أن أشارت إليه صحيفة "دير شبيغل الألمانية" المعروفة بصلاتها مع الكيان الصهيوني وكذلك صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
لقد أثار هذا الموقف الحاسم لحزب الله ردود فعل غاضبة وهستيرية لدى الأمريكان وأدواتهم المحلية في لبنان، ولدى رئيس المحكمة الدولية المشبوهة أنطونيو كاسيزي، ومدعيها العام دانيال بيلمار، إضافة للأمين العام للأمم المتحدة وهدهده في الشرق الأوسط تيري رد لارسون الذي ينفذ أجندة اسرائيلية.
فالأدوات المحلية ممثلة ببعض قيادات تيار المستقبل المتمردة حتى على سعد الحريري الموالية لواشنطن وليس للرياض، وكذلك حزبا الكتائب والقوات اللبنانية- صاحبا التاريخ المشين في العلاقة مع الكيان الصهيوني- وصفت قرار حزب الله بأنه تمرد على الشرعية الدولية وأنه يشكل بداية لعصيان مدني داخل لبنان.
والقضاء اللبناني واصل مهمته في خدمة أجندة واشنطن في لبنان والمنطقة، فبدلاً من أن يفتح تحقيقاً ضد سلوك المحققين الدوليين المشين، جراء تعرضهم لخصوصيات حرائر الضاحية الجنوبية، وبدلاً من متابعة قضية شهود الزور راح يفتح عبر مدعيه العام سعيد ميرزا تحقيقاً ضد ما وصفه" بالاعتداء" على المحققين الدوليين في الضاحية الجنوبية.
في حين ذهب أسيادهم في واشنطن وغيرها إلى اعتبار قرار نصرالله بأنه عرقلة متعمدة للعدالة الدولية المزعومة، حيث بعثوا بمساعد وزير الخارجية الأمريكي جيفري فيلتمان إلى بيروت والرياض؛ لإفشال التنسيق السوري- السعودي الهادف إلى تجنيب لبنان الفتنة، عبر خارطة طريق تستهدف تأجيل إصدار القرار الظني، وإكمال ما تبقى من اتفاقي الطائف والدوحة بشأن الإصلاح السياسي في لبنان، حيث تتردد أنباء عن سعي واشنطن المحموم لإصدار القرار الظني قبل شهر كانون الأول القادم.
لبنان يعيش هذه الأيام حالة من التوتر تنذر بحرب أهلية جديدة، جراء تساوق جزء كبير من تحالف ۱۴ آذار مع مشروع التصعيد الصهيو-أمريكي في لبنان والمنطقة، الهادف إلى تطويع سوريا وإنهاء المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله من بوابة القرار الظني، لكن المعطيات على الأرض في لبنان تقول إنه إذا ما فرضت المواجهة على حزب الله وحلفائه -رغم سعيه الحثيث والمضني لتجنبها- فإنه سيكون هو وحلفاؤه في لبنان والمنطقة قادراً على حسمها وتحقيق هزيمة جديدة لأطراف المشروع الصهيو- أمريكي الانعزالي، على النحو الذي هزم فيه أطراف هذا المشروع في حرب تموز عام ۲۰۰۶.
فإستراتيجية حزب الله -وفق حديث الخبير الإسترتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط (المقرب من حزب الله) :" تقوم بالدرجة الأولى على منع الفتنة؛ أي منع تسبب هذه الفتنة، وهو لذلك يسعى إلى الاتصالات والحوار، أما إذا لم يستطع منعها ووقعت هذه الفتنة فسيحاول منع انفجارها بشكل واسع، وفي حال عجز عن درء الانفجار عندها سيلجأ إلى الحسم ميدانياً على الأرض".
رقم: 30374