لا بُدَّ من مشروع جاد وصبور في تنشيط الجسم الإسلامي الشيعي لإنتاج المضادات الحيوية للعلاج والوقاية من تحول العصبية إلى وباء،
سنَّة وشيعة: مخاطر تأسيس الصراع
بقلم: هاني فحص
20 Nov 2010 ساعة 8:45
لا بُدَّ من مشروع جاد وصبور في تنشيط الجسم الإسلامي الشيعي لإنتاج المضادات الحيوية للعلاج والوقاية من تحول العصبية إلى وباء،
وكالة أنباء التقريب (تنا)
لعلَّه من المسلم به أنَّ الشعوب الإسلامية قد عجزت عن إنتاج ذاتها فعجزت عن إنتاج دولها. كما أنَّ السلطات الإسلامية قد عجزت عن إنتاج ذاتها في دول فعجزت عن إنتاج مجتمعاتها، ولعلها هذه هي الصورة المتحققة للواقع العربي والإسلامي الراهن، من طنجة إلى جاكرتا، وهي حاشدة بالمؤشرات على المستقبل العربي والإسلامي القريب، والذي يبدو أنَّه سوف يكون أشد سوءاً وتخلفاً وتوتراً وصراعاً وارتهاناً لأي إرادة خارجية، من دون أن يكون أهل هذه الإرادة، هذه المرة، ملومين كما كانوا ملومين سابقاً في سعيهم للاستحواذ علينا، لأن هذا الاستحواذ سوف يكون إلى حد كبير وفي كثير من الحالات التي شهدنا ونشهد مثالات لها، هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ ما يتبقى من حقنا وقدرتنا على الحياة ولو بمعناها البيولوجي الصرف.
أمام هذه الحالة من الحصار والضغط اليومي على العصب العربي والإسلامي والانفجارات العشوائية المتنقلة، يبحث الجميع، الشعوب والسلطات، ومعهم ما هو بينهم من الحركات والأحزاب من دون أن يتمايز عنهم في سياق الإسهام في إنتاج الأزمات والتأثر بها، يبحث الجميع عن مرجعية تسوِّغ لهم تناقضاتهم، فلا يجدون إلاَّ الماضي الذي يحتاج إلى عقل مستقبلي نقدي يفرز عناصره الحية عن عناصره الميتة والمفتعلة، فيعالجونه برغبة متعاظمة في إماتة الحي منه وإحياء الميت وتأصيل الطارئ أو المفتعل، بما يشعر بأن الإفلاس في إنجاز الراهن على طريق الآتي، سوف يؤدِّي إن لم يكن قد أدَّى فعلاً إلى استدبار المستقبل واستقبال الماضي، قتلاً للماضي بالماضي وللمستقبل بالماضي.
ولعله من هنا بالذات تنتقل مؤشرات الانقسام والصراع من فضائها الإسلامي المسيحي، إلى الفضاء الإسلامي، ويستشري الانقسام الشيعي السني، من دون أن يؤدي إلى التئام سني سني أو شيعي شيعي إلاَّ في مرحلة متقدمة من الصراع، أي عندما لا يبقى خيار للشيعي إلاَّ أن يكون شيعياً على موجبات العصبية ومقتضيات القطيعية، وكذلك السني... وحينئذٍ يتحصل لدينا فسطاطان أو داران للحرب على غير ما رسم العبقري بن لادن في فسطاطيه التقليديين.
ومن دون فرق بين بلد وبلد أو بين مجتمع وسلطة أو نظام.. لأنَّ إدامة السلطة تلزم أهلها باللحاق بالجماعة، وتماسك الجماعة يلزم أهلها بالالتحاق بالسلطة، حذراً من غلبة الجماعة الأخرى أو السلطة الأخرى.
هنا تبدأ بالتضيق بوتيرة متسارعة مساحة التوسط والاعتدال، وقد ينتهي الأمر بذوبان أهل الاعتدال في ماء العصبية والتطرف.
ولعله من الممكن أن تبقى مساحة ضيقة جداً لحفنة من أهل الاعتدال، من الذين لا يرون حيزاً ضامناً لاعتدالهم إلاَّ أن يتنصلوا من جماعتهم المذهبية، وهنا يصبحون عرضة للون آخر من التطرف العلماني أو الليبرالي ضد جماعتهم والجماعة الأخرى معاً.
إن تهميش المسيحيين في لبنان مثلاً، لأسباب داخلية مسيحية، وأسباب غير مسيحية، يصب في هذه الطاحونة، ومن هنا ما نلاحظه من مساع لدى أطراف متعارضة إلى تسوية في لبنان على أساس ثنائية الشيعة والسنة، ما يعني تأسيس الصراع في لبنان على هذه الثنائية من ضمن مسعى يشارك فيه الجميع من دون استثناء، محلي أو إقليمي أو دولي، لجعل هذه الثنائية على أساس الصراع رافعة خافضة لمستقبل المنطقة التي تتميز جغرافياً وديموغرافياً واقتصادياً بكلّ ما يجعل هذا الاحتمال قوياً. وعندئذ لا يبقى على الدول العربية في إفريقيا مثلاً إلا أن تنتظر النتائج في آسيا من دون قدرة على التفكير في التأثير.
لا بُدَّ من مشروع جاد وصبور في تنشيط الجسم الإسلامي الشيعي لإنتاج المضادات الحيوية للعلاج والوقاية من تحول العصبية إلى وباء، آملين أن يكون ذلك مشجعاً للسنة على اللقاء مع الشيعة في منتصف الدين أو الطريق أو الوطن. وذلك من خلال إنتاج معرفة مشتركة بالسنة سنياً وإنتاج معرفة مشتركة شيعياً بالشيعة لاكتساب مصداقية وأهلية للشراكة في إنتاج معرفة بالإسلام، وبالمسيحية معاً أو لاحقاً وحسب سلم أولويات مرسوم بدقة وتقوى تحفظ لبنان بالجميع للجميع حتى لا يقع على رأس الجميع ويصبح مثالاً يحتذى للفتنة، بعدما شارف بعد الطائف أن يقدم درساً في الائتلاف على اختلاف بعد الخلاف الذي رُفع بفعل فاعل وقبول قابل إلى مستوى الصراع.
رقم: 31551