إنّ حريّة العقيدة الإسلامية، مازالت تعاني من التضييق وتشديد حبال الخِناق، وهذا ما نشاهدُه من خلال وسائل الإعلام التي تحاول بمساندة حكومات الدول العربية أن توقفَ روافد الإسلام العظيم، وتُلهي أبناءَ الأمة في البعد عن غاياتها،
سلطة فلسطينيّةٌ تقيمُ إسلامها بشروط
20 Nov 2010 ساعة 9:18
إنّ حريّة العقيدة الإسلامية، مازالت تعاني من التضييق وتشديد حبال الخِناق، وهذا ما نشاهدُه من خلال وسائل الإعلام التي تحاول بمساندة حكومات الدول العربية أن توقفَ روافد الإسلام العظيم، وتُلهي أبناءَ الأمة في البعد عن غاياتها،
وكالة انباء التقريب (تنا) :
يواجه الدين الإسلام الحنيف، حملةً شرسةً في معظم دول العالم الغربيّ، والتي تدّعي في أزقة ديمقراطياتها الحريةَ العقائديّة والفكريّة بالشكل الذي يتيح للفرد ممارسة شعائره الدينية والعقائدية تحت ظلال السلطة الحاكمة، وفي أكناف دول كانت حروبها الصليبيّة تُخّط كأعظم إنجازاتٍ مسيحيّة أوروبيّة في إبادة المسلمين والقضاء على عقيدتهم.
إنّ المتابعَ لأحداث العالم المعاصر، يجد بأنَّ سهام الحملة ضد الإسلام يشتدُّ قوسُها، ويتشاذق أصحاب الرماةِ في تصويب أهدافهم من خارج الأطر الأوروبيّة الغربية، حيث أصبحت هناك أيادٍ خفيّة تصفّقُ لكلِّ إنجاز منشود، وترى القضاء على الإسلام يُوثَّق في عهود الجلسات والمؤامرات، فقد غدت سياساتُ الحكومات في كثيرٍ من الدول العربيّة لا تستطيع تحقيق مرامي بلادها القوميّة والفكريّة والحريّة العقائديّة، دون سيولٍ جاريةٍ تعطيها حقَّ صرف العهد القرضي بينها وبين الدول الأوروبية.
إنّ حريّة العقيدة الإسلامية، مازالت تعاني من التضييق وتشديد حبال الخِناق، وهذا ما نشاهدُه من خلال وسائل الإعلام التي تحاول بمساندة حكومات تلك الدول أن توقفَ روافد الإسلام العظيم، وتُلهي أبناءَ الأمة في البعد عن غاياتها، وتشتيت أهدافها بما لا يُسمنُ ولا يغني من جوع. فنرى العديدَ من الموسسات التي تدَّعي الحفاظ على حريّة المرأة وتطالبَ بحقوقها، تشنُّ هجمتها بخلع الحجاب من باب إعطاء حقِّ المرأة بممارسةِ حياتها الطبيعيّة، ونرى في ناحية أخرى السياسات الحكوميّة تسدلُ ستارها بقطْعُ أصواتِ المآذن لما يسببُ زعماً بإزعاج غير المسلمين، وما زالت الشروط لا تنفكُّ بازدياد مطالبةِ الأفراد ذوو الفكر العلماني، بفصل الدين عن الدولة، في ظلِّ ربط الكنيسة بالمجتمع المدني.
ليس العجب أن نرى هذه السياسات الممنهجة من قبل الحكومات الغربية في وضع إسلامٍ بشروط تخنقُ الفرد المسلمَ في منع ممارسة حريتّهُ الدينيّة، وإنّما تكمنُ في ذاك الماعز (الدول العربية) الذي ما زال يربط جيدهُ ببقرةٍ، قد أكلت سبعاً من البقرات قبلها عجاف، في استراضاءٍ لسياساتٍ تستعبد أديان الشعوب، حتى تستطيع أن تجرَّها باستعباد فكرها وثرواتها ومقوّماتها، فإن سقطت العقيدة سقط أرباب الأمة وصنّاعُها.
هذا هو الحال والمآل في معظم الدول العربيّة التي ما زالت تعيش على صدقات الدول الرأسمالية والتي لا يحرّكُها ساكن، ولا يصدح بالانتفاض على حال العقيدة في الدول الأوربية شدياقُ بوقٍ من إحدى الدول العربيّة التي لا تزال تتنغمُ على أوتار المتشرذمين الكسالى، فإن كان هذا هو وضع الدول العربية، فكيف حالُنا بأرضٍ هي مهبط الرسالاتِ السماويّة، فمنها عرج نبيُّنا الأكرم في ليلةٍ من أعظمّ اللّيالي وأجلُّها تشريفاً، ليؤدي الأمانة، ويبلِّغ الرسالة، ويصونَ أخلاق الأمّة في زمنٍ أصبح الإفلاسُ الأخلاقيُّ يُشرى ويُباع في مزاداتٍ علنيّةٍ بماديةٍ نفعيٍة ذاتِ نزعةٍ فرديّة.
إنّ الإسلامَ المشروط، بدأ يجد حيّزاً له في أكناف فلسطين وخاصّةً في الضفّة الغربيّة، والتي تشهدُ تضييقاً جليّاً وواضحاً في ممارسة العقيدةِ والشعائرَ الدينيّة، في ظل وجود سلطةٍ فلسطينيّة تدّعي حرية العقيدة، وتمارسُ دورها بحراسة مجلس الأمن برعايةٍ وطنيّة صهيونيّة، فليست هناك كما يقولون - بلطجة - أرخص من أن يتقدم بعضُنا بالقرابينَ والولاءاتِ المجانيّة ساجدين للزعامات الشوهاء هنا وهناك. فقد غدا إسلام الضفة الغربيّة توليفة من إسلامٍ بلا ولاءٍ ولا براءٍ ولا جهاد، متغيٌر بلا هويةً في مقابل حالة السلطة وخطابها الشموليّ والمهيمن، الزاعم لتحقيق إسلامها ولكن بشروط، فهو يتشبه بالإسلام ولا يشبه الإسلام الذي تزعمه السلطة الفلسطينيّة.
إنّ من مظاهر الإسلام المشروط الذي تقيمه السلطة الفلسطينية بشروطد:
• تفكيك حلقات المساجد التربويّة، وحلقات حفظ القرآن الكريم، واعتقال كل من يدعمها مادياً ومعنويّاً.
• إلغاء قراءة القرآن قبل الأذان، بحجة أنها بدعة وليست من السنّة النبويّة.
• إلغاء تكبيرات العيد في مساجد مدن الضفة الغربيّة.
• إغلاق المؤسسات الدينيّة والجمعيات الخيرية، ومراكز التنمية والإبداع، والتي تعمل على توجيه طاقاتِ الشّباب وإعداد كوادرَ قياديّة.
• اعتقال كل من يضع شعار لا إله إلا الله، سواء كان ذلك عَلَماً أو حتى كشعار يعبّر عن الوحدانيّة لله تعالى، بادّعاء أنه يزيد من الانشقاق الفلسطينيّ ويعبّر عن التأييد الحزبيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس.
• تغيير أسماء بعض الأماكن والشوارع والتي تعبّر عن شخصيات إسلاميّة، مثل تغيير اسم مسجد سيد قطب إلى مسجد جمال عبد الناصر.
•استخدام التعذيب القهري في سجون السلطة الفلسطينيّة، لأبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس، بإرغامهم على سب الذات الإلهية والكفر بالله.
إنّ إقامة السلطة الفلسطينيّة للإسلام المشروط ومنع المواطنين الفلسطينيين من ممارسة شعائرهم الدينيّة إلى الأمور التاليّة:
• إيجاد شريحة كبيرة من فئة الأطفال والشباب مغيبي الأهداف، وفقدانهم إلى أسس العقائدية والفكرية والثقافية في ظل حلّ الحلقات التربويّة، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم.
• قتل الإبداع، ومحاولة إغلاق كافةِ السُّبل المؤدية إلى إيجاد كوادر إسلاميّة قياديّة من أبناء فلسطين، من خلال إغلاق المؤسسات الراعية للإبداع والمبدعين، بحجة أنها تدعم حركة المقاومة الإسلامية حماس.
•خلوِّ معظم مُساجد الضفة الغربية من فئة الشباب، حيث تحاول السلطاتُ الفلسطينيّةُ اعتقال الشباب أثناء ذهابهم وإيابهم إلى المساجد.
• تعزيزِ فجوة الانقسام بين المواطنين الفلسطينيين، خاصّةً ممن يؤيدون حركة فتح التي تتمثل بالسلطة الفلسطينيّة من جهة، والمؤيدون لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس من جهةٍ أخرى.
• محاولة إسقاط العقيدة الإسلامية من نفوس المواطنين الفلسطينيين، وذلك كرد فعلٍ في الانتقام من حركة حماس، كون يمثل أبناؤها ومؤيدوها الشريحة الملتزمة دينيّا من الشعب الفلسطيني.
• محاولة القضاء على ممارسة الشعائر الدينيّة، والتي تُشعر المسلمين بتوحُّد الإسلام والعقيدةِ قولاً وعملاً وأداءً، كمنع تكبيرات العيد.
إنّ المطالع للسيرة النبوية يتعرف إلى أن قريشاً جهدت في استمالة النبي محمَّد صلّى اللهُ عليه وسلّم بشروط وتحديات وضعتها، كعروض الملك والسيادة والمال، أو طلب أن تعبد آلهتهم بهدف خلق مستجد ثقافي مشروط، يجعله ضعيفاً ورخواً ومشتتاً وعاجزاً عن إضاءة المفاهيمِ الإنسانيّة ِالمعتمة، ضمن خصوصيّات الوعي الأبوي أو القبلي الضيق آنذاك، في الوقت الذي كانت فيه الفئة المسلمة هي الأقليّة، فكيف هذا بزمنٍ قد غدا فيه المسلمون يشكلون الأغلبية الغالبة من الشعوب والأمم كفلسطينَ مثلاً.
إن كان الإسلامُ قد وضع له أبناؤُه شروطاً لإقامته، يأخذون ويتركون ما يشاؤون كمن اتخذ إله هواه، فالإسلام بريءٌ منه، والمسلمون أشدُّ ولاءً لمن تبرّأَ من واضعي شروطٍ لهذا الإسلام.
إنّ وجود الإسلام المشروط، تعني محاولة إلغاء الإسلام من الحياة اليومية وفي هذا بداية إلى - الأوربة العلمانيّة - والتي تمنع من أن تجعلَ الفردَ المسلمَ الفلسطينيّ على علاقة بالدين الإسلاميّ في كلِّ شأنٍ من شؤون حياته، إن لم نساعد أنفسنا على إحياء ديننا وعقيدتنا، فلنقرأ النَّعيّ على أرواح أجيالنا من خلفنا، فمن سقطت عقيدتُه، سَقَط فكرُه، وسَقَطت أخلاقُه، فالسلام لا يكون إلا بإسلامٍ محررٍ من قيودٍ تضعُها السلطةُ الفلسطينيّة، وتقيمُ إسلاماً بأهواءَ عبثيّة في أجواءٍ شرطيّةٍ لخنقِ العقيدةِ الإسلاميّة.
عدنان جلب : كاتب فلسطيني
صحيفة القدس العربي اللندنية
رقم: 31641