تعتبر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حمل الحركة الإسلامية راية الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس، وتحديداً إشرافها على حملة "الأقصى في خطر" التي تبلغ ذروتها كل عام بتنظيم مهرجان سنوي، أحد أخطر مصادر التحريض غير المباشر على "الإرهاب".
>
رائد صلاح في بؤرة الاستهداف الصهيوني
بقلم: صالح النعامي
20 Dec 2010 ساعة 13:59
تعتبر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حمل الحركة الإسلامية راية الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس، وتحديداً إشرافها على حملة "الأقصى في خطر" التي تبلغ ذروتها كل عام بتنظيم مهرجان سنوي، أحد أخطر مصادر التحريض غير المباشر على "الإرهاب".
وكالة أنباء التقريب (تنا)
يمثل الإفراج عن الشيخ رائد صلاح من السجون الصهيونية حلقة أخرى في مسلسل طويل من المواجهة المفتوحة بين الحركة الإسلامية والكيان الصهيوني. فالسلطات الإسرائيلية ترى في الحركة الإسلامية برئاسته خطراً على الأمن الإسرائيلي، ويدعي جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" أن الكثير من حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة استعانت بعناصر من الحركة الإسلامية في تنفيذ عملياتها في العمق الإسرائيلي، رغم عجز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن اثبات توجه الحركة نحو عسكرة نضالها ضد "إسرائيل".
وتعزو المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ارتفاع عدد فلسطينيي 48 الذين ينضمون للجهد المقاوم الفلسطيني على نحو عام إلى الأفكار والفتاوى، والخطب في المساجد ومقالات التحريض التي تصدر عن شخصيات إسلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الدول العربية، معروفة بعلاقاتها الوثيقة بالحركة الإسلامية. ويؤكد تقرير صادر عن جهاز "الشاباك" أن معظم فلسطينيي 4۸ الذين ثبت تورطهم بالمشاركة في تنفيذ عمليات عسكرية ضد "إسرائيل" أو أدينوا بتقديم مساعدات لمنفذي العمليات الذين يفدون من الضفة الغربية وقطاع غزة هم من أنصار الحركة الإسلامية. وقد شملت العمليات التي تورط فيها أنصار الحركة الإسلامية مهاجمة قاعدة "جلعاد" العسكرية عام ۱۹۹۲ وقتل أربعة من الجنود، فضلاً عن طعن متنزهين يهود حتى الموت في الغابة التي تقع في محيط مستوطنة "مجيدو"، شمال "إسرائيل" عام ۱۹۹۹، فضلاً عن تنفيذ عملية استشهادية نفذها أحد أنصار الحركة في مدينة نتانيا عام ۲۰۰۳. لكن مما لا شك فإنه على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية تدرك تماماً انتماء الكثير من المتورطين في العمليات ضد "إسرائيل" للحركة الإسلامية إلا أنها فشلت في تقديم أي دليل على أن الحركة الإسلامية على علاقة بمثل هذه العمليات.
وتدعي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن هناك مستوى كبيرا من التنسيق والتكامل وتبادل الأدوار بين الحركة الإسلامية داخل "إسرائيل" وحركة حماس. وزعم جهاز "الشاباك" أن المؤسسات الخيرية والاجتماعية التي تشرف عليها الحركة الإسلامية تسهم إلى حد كبير في إيجاد بيئة اجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة لدعم العمل المقاوم من خلال تبنيها برامج كفالة الأيتام وأبناء الشهداء والأسر الفقيرة، معتمدة في ذلك على التبرعات التي يقدمها الموسرون من فلسطينيي ۴۸. وعلى الرغم من أن الحركة تمارس هذه الأنشطة بشكل علني ووفق القانون الإسرائيلي، إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تتردد في إغلاق الجمعيات الخيرية التابعة للحركة وشنت حملات اعتقالات في صفوف قادتها وكوادرها، بزعم أن هذه الأنشطة تعزز "الإرهاب".
ويزعم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق آفي ديختر أن الحركة الإسلامية توظف عملها الخيري لخدمة "الجهد الإرهابي" لحركة حماس، معتبراً أن عمل الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها الحركة بأنه "مكمل" لعمل للأذرع العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، على اعتبار أن الفلسطيني الذي يدرك أن هناك من سيهتم بعائلته في حال قتل أو اعتقل بسبب نشاطه "الإرهابي" فإنه لن يتردد في مواصلة هذا النشاط.
وتعتبر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حمل الحركة الإسلامية راية الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس، وتحديداً إشرافها على حملة "الأقصى في خطر" التي تبلغ ذروتها كل عام بتنظيم مهرجان سنوي، أحد أخطر مصادر التحريض غير المباشر على "الإرهاب". ويقول شاؤول موفاز الذي شغل منصبي رئيس هيئة أركان الجيش ووزير الدفاع في حكومة أرئيل شارون أن اتهامات الشيخ رائد صلاح لـ"إسرائيل" بالتخطيط لتدمير المسجد الأقصى تمثل تحريضاً على المس بأمن الدولة، محذراً من أن الحملات التحريضية التي تنظمها الحركة الإسلامية من شأنها أن تدفع ليس فقط الفلسطينيين، بل الكثير من الشباب العربي والمسلم للانضمام إلى دائرة العداء لـ"إسرائيل".
وترى السلطات الإسرائيلية أن الذي يفاقم خطورة التحريض الصادر عن قادة الحركة الإسلامية وكوادرها هو حقيقة سيطرة الحركة على معظم المساجد التي يؤمها فلسطينيو ۴۸. فعدد المساجد التي تديرها نشطاء الحركة الإسلامية يفوق عدد المساجد التي تمولها وزارة الأديان الإسرائيلية، في نفس الوقت فإن 4۱ في المئة من أئمة المساجد يتلقون رواتبهم من الحركة الإسلامية. وخلال الخمسة عشر سنة الاخيرة تضاعف عدد المساجد في "إسرائيل" اربعة اضعاف ونصف، من ۸۰ مسجدا في عام ۱۹۸۸ الى ۳6۳ مسجدا في عام ۲۰۰۳، حيث يعزى الارتفاع الحاد إلى ظهور الحركة الاسلامية.
ومن أجل تسويغ شنها الحملة على الحركة الإسلامية زعمت "إسرائيل" أن الحركة الإسلامية على علاقة بإيران. فقد شن جهاز "الشاباك" عام ۲۰۰۳ حملة اعتقالات ضد قادة الحركة الإسلامية، وعلى رأسهم الشيخ رائد صلاح بدعوى إقامة اتصالات مع المخابرات الإيرانية. لكن كما بات واضحاً فإنه بعد عامين من الاعتقال تبين أن الاتهامات التي وجهت لرائد صلاح ورفاقه تفتقر إلى الاستناد إلى أي أدلة دامغة؛ لدرجة أن لائحة الاتهام التي قدمت ضد قادة الحركة قد خلت من معظم الاتهامات التي وجهت للحركة عند انطلاق الحملة ضدها. لكن رغم ذلك، فإن الحملة الإعلامية المنفلتة قد أثرت بشكل كبير على اتجاهات الأغلبية اليهودية نحو فلسطينيي 48. فحسب دراسة أجراها البرفسور سامي سموحا من جامعة حيفا تبين أن 68 في المئة من الجمهور اليهودي يخشون من امكانية أن يشرع فلسطينيو 48 بتمرد شعبي و63 في المئة قالوا إنهم يمتنعون عن الدخول الى القرى والمدن العربية في "إسرائيل".
ويرى الباحث الإسرائيلي بن دورون يميني أن قيادة الحركة الإسلامية المظاهرات المؤيدة لحزب الله خلال حرب لبنان الثانية تحمل رسالة تضامن مع أعداء "إسرائيل" رغم أنه يدور الحديث عن مظاهرات مشروعة من ناحية قانونية.
من ناحية ثانية ترى المحافل الإسرائيلية الرسمية أن تبني الحركة الاسلامية لقضية المسجد الأقصى واضطلاع زعيمها رائد صلاح بالجهد الأكبر في الحملة ضد المشروعات الإسرائيلية الهادفة لتهويده، يسهم إلى حد كبير في دفع الرأي العام العربي والفلسطيني على وجه الخصوص لتبني مواقف "متطرفة" من الصراع، وبالتالي احباط جهود "إسرائيل" في إملاء التسويات التي تخدم مصالحها. وقد عبر ذلك بشكل واضح المستشرق الإسرائيلي لئيف أُرغاد، عندما قال إنه حتى لو كانت الدول العربية صادقة وجدية في طموحها الى انهاء النزاع العربي الاسرائيلي، فإن مواقف وجهود الحركة الإسلامية في "إسرائيل" تجعل هذا الأمر بالغ الصعوبة، حيث إن هذه الحركة تفرض على الرأي العام العربي أجندة "بالغة الخطورة، مع تركيزها على التصدي لحملات التهويد التي تستهدف الأقصى".
وفي محاولتها مواجهة ما تراه "الخطر الكبير" الذي ينطوي عليه نشاط الحركة الإسلامية، عكفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بين الحين والآخر على مداهمة مؤسسات الحركة الإسلامية، على أمل أن تعثر على مواد تشكل دليلاً على تجاوز الحركة القانون الإسرائيلي، وتحديداً رغبة المؤسسة الأمنية الجامحة في الاستناد إلى قرائن تربط بشكل قوي بين الحركة الإسلامية والجهات التي تعد حسب القانون الإسرائيلي معادية مثل حركة حماس وحزب الله وإيران.
ويرى آفي ديختر رئيس جهاز "الشاباك" السابق أنه على الرغم من أنه لا يوجد أدنى شك حول علاقة الحركة الإسلامية بالجهات "المعادية" إلا أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فشلت في تقديم قرائن دامغة تصلح لإدانة الحركة أمام المحاكم الإسرائيلية، مشيراً إلى أن المؤسسة الأمنية حرصت على تكثيف العمل الاستخباري ضد الحركة، وذلك من أجل الحصول على معلومات تؤدي الى بلورة هذه القرائن.
رقم: 34376