اعتبر الباحث السوري "عبدالحميد ماجد قطيط" (ابوماجد) فی مقال ان ثوره الشعب اللیبی و باقی الشعوب فی المنطقه ثورة حرية أبية وليست ثورة عبيد خنع.
الباحث السوری:
بثورة الأحرار، تتساقط الأقنعة
وکالة انباء التقریب (تنا) – دمشق ۲/۳/۲۰۱۱
1 Mar 2011 ساعة 23:54
اعتبر الباحث السوري "عبدالحميد ماجد قطيط" (ابوماجد) فی مقال ان ثوره الشعب اللیبی و باقی الشعوب فی المنطقه ثورة حرية أبية وليست ثورة عبيد خنع.
کتب ابوماجد فی بدایة المقال: إلى ضياغم الحق وليوث الهيجاء ورجال التحدي، إلى من سيذكُرهم التأريخ بكل فخر واعتزاز، إلى الأحرار الأبطال الميامين، في تونس الخضراء ومصر الكنانة وليبيا البسالة والبطولة والكفاح.
سلاماً لكم وانتم تنتفضون من أجل كرامة وعزة شعوبكم، بصورة سليمة حضارية تليقُ بكُم وبتأريخكم الضارب جذوره في عمق الحضارة الإنسانية، لقد ظن الطغاة والمستكبرين، بأنهم قد أحكموا قبضاتهم على مصائر البلاد والعباد ومقدرات الشعوب، فعاثوا في الأرض فسادا فملئت السُجون ونُصبت المشانق وأُقيمت حفلات الإعدام.
سلاماً لكم يامن قدمتم للشعوب الأخرى دروسا مهمة في الصبر والتحمل والمثابرة والتسامح والتضحية.
و اکد ابوماجد فی المقال، إنها ثورة حرية أبية وليست ثورة عبيد خنع، وأن الحرية ممكنةٌ في هذا الجزء من العالم، وأن الكفاح السلمي بإمكانه، أن يحقق ما عجزت عن تحقيقه الجيوش الجرارة، في عقودٍ من الزمن، وأن نكون على يقين أنه ثمة شعاع لضوء الحرية في نهاية هذا النفق الحالك من الظلم، وأن الشعب ليس نائم ولا مستسلم، بل هو حي رغم الظلم والقهر الذي يعيشه وإنه إذا قال كلمته سقط الاستبداد وارتعد المستبدون.
إنها ثورة شرعية، وشرعيتها مستمدة من الحاجة إلى التغيير والإصلاح، التي تتفق مع سنن الكون، وتأتي كرد فعل على الظلم والتعسف، الذي جوبهت به مطالب شعوبهم، وأن أيام الدكتاتوريات في العالم العربي باتت معدودة، ومحاولاتها خداع شعوبها وتهدئة ثوراتها وانتفاضاتها، بالإعلان عن إجراء هبات وكرم الإصلاحات وإحداث التغييرات المطلوبة، لن يُجديها نفعاً.
إنها ثورة حق علّمت الشعوب أن حقوقها لن تنالها، وكأنها صدقات وأعطيات، بل ستأخذها طوعا وكرها من كل طاغية، ستأخذها وهي في عزة وكرامة ورفعة بين أمم الأرض، وهذا لا يتم إلا من خلال إنهاء الاستبداد وإذعان الولاة الطغاة، لسلطان الشعب في صنع القرار.
إنها ثورة أمل بثت روح الحياة لهذا الشعب الذي كان يُظن بأن الفاتحة مقروءة على روحه من قبل حكّامه، وبأنه متـأقلماً مع حياة الذلّ والمهانة، مطأطئ الرأس، خوفاً وخنوعاً، لسيوف جلّاديه.
إنها ثورة أثبت حتمية الفشل في الرهان على هزيمة الشعوب مهما بلغ أعداؤها ظلماً وجوراً وجبروتاً، فهي المنتصرة في النهاية، ومصير الطغاة، المستبدين المتجبّرين، إلى الزوال ومزابل التاريخ، حتى وإن طال أمد ظلمهم واستبدادهم وجبروتهم.
إنها ثورة أثبتت للعالم أجمع أن هذه الشعوب العربية، بأنها لازالت الأمة العظيمة التي عرفها التاريخ، وأنها شعوب سيّدة لا تطالب بل تريد وتفرض إرادتها على الجميع وتجبر وتلزم، فالأمر أمر إرادة ووجوب فرضها، وليس أمر مطالب يرجى تحقيقها، وإنها مضرب الأمثال وملهمة الشعوب التي تتوق إلى التحرر من الغباء والبغاء السياسي الذي فيه الذل والعار والهوان إلى العزة والشموخ والكرامة.
وإن ما نشاهده الآن، بأمّ أعيننا، من ثورات شعبية، عارمة، ماكنا نشهده، في منطقة الشرق الأوسط، إذا ما استثنينا ثورة الشعب الإيراني، في شباط عام ۱۹۷۹، والتي أسقطت نظام الشاه محمد رضا بهلوي، الدكتاتوري المستبدّ، المتكبّر، المتغطرس، المتعجرف، لم نكن نجرؤ حتى على مجرّد تخيلها، بأن أيدي الشعوب امتدت بثبات لتطيح بهبل العصر، كما امتدت يد النبي محمد عليه الصلاة والسلام منذ أربعة عشر قرن مضت لتطيح برموز الظلم والعبودية في مكة وخارجها، لتضع الإنسانية على طريق الخلاص الذي كانت تبحث عنه.
إن نهوضكم اليوم يمثل المبدأ الأساسي لرسالة السماء، وهو أن الإنسان ولد حراً ولا يحق لإنسان أن يستعبد الأخر، وأنه يجب أن يعبد الله تعالى، مباشرة دون وسيط، وأن الله لا وكيل له، ولا توجد له صورةً على هذه الأرض ولا يمكن أخذ أي رموز أو أصنام له ، ولا يحق ذلك لأيٍ من البشر، إن ذلك هو المعنى المطلق للحرية، واليوم لازال الأحرار والحرائر يحملون هذه الرسالة وهذه التعاليم صافيةٌ في قلوبهم ويقارعون فراعنة هذا العصر.
إن ثورتكم اليوم تعلن كما قال الشاعر:
يـــا طـغــاة الأرض رفـقــاً واستـفـيـقـوا إنــــمــــا الــعـــاقـــل تــكــفــيــه الإشارة
قـــــوة الــحــاكــم فــــــي الــشــعــب وإلا مـــالـــت الأركــــــان وانـــشـــق جــداره
إنــــه مــــن يُـنـبــت الــســـوء ويَـســقــي قـد أتــي الـيــوم الـــذي يـجـنــي ثــماره
إن ثورتكم اليوم كشفت التحالف بين المال والسلطة والشعارات، التي يرفعها رجال المال والفساد بتحالفهم مع السلطة المستبدة لقاء مكاسب مادية، فرجال ثورتكم نذروا أنفسهم وإمكانياتهم لرفع الظلم انطلاقا من إيمانهم بقوامة الشعب على حكامه.
إن ثورتكم اليوم تذكرنا بقول المجاهد عمر المختار : سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي.
إن ثورتكم اليوم نبراس للآخرين لتكسر القيود وتتحرر من أغلال الذلة والمهانة التي صُفدت بها من قبل دكتاتورياتهم البوليسية الكارتونية، التي جعلت شعوبهم تتندر عليهم، وهم يرونهم خاسئين ذليلين من على شاشات التلفاز، يستجدون البقاء على كراسيهم وعروشهم، التي شيدوها على دماء المناضلين وجماجم الشهداء الأبرياء.
إن ثورتكم لقنت الصهيونية والدول الغربية الاستعمارية وأمريكا الحاقدة، أن تحالفها مع وسواس الأنظمة البوليسية، واستخدام شماعة الإرهاب لقمع الشعوب ومصادرة الحريات العامة، سينتج ثورات شعبية معادية لطموحاتهم السخيفة، كما وقع في إيران، فالنموذج الإيراني ماثلا أمام الغرب، وكما في مقاومة لبنان العنيفة، وكما في تحدي سورية الأبية، وكما في بطولة غزة هاشم الصامدة، والضفة الغربية الجريحة المكافحة، فقمع الشعب وسرقة مقدراته وإهانة كرامته ومصادرة حرياته، أشد خطرا على المجتمع الدولي من تطوير أسلحة الدمار الشامل، وينبغي للدول الديمقراطية الغربية أن تعي وتراجع الآن تحالفاتها مع أنظمة الشرق الأوسط العميلة لها، لأنها ستصبح عبئاً ثقيلا عليها استراتيجيا، على الرغم من المكاسب المادية الوقتية الهزيلة، كما أن الدول الغربية ينبغي لها أن تدرك أن العلاقة مع الشعوب أهم من العلاقة مع الأنظمة البوليسية الفاسدة الزائلة.
فالشعب هو ولي أمر حكامه وقضاته وولاته وهو مصدر السلطات وليس أنظمته السياسية.
فتحية عز وفخر لثورة شباب تونس الخضراء ومصر الكنانة وليبيا الأحرار الذين تنادوا منذ الوهلة الأولى إلى سقوط نظام طواغيتهم.
فكل التحية للذين يستلهمون قوله تعالى :{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج۴۱ .
فسبحان الله كيف أعمى بصيرة الطغاة وبصرهم ليوقعهم في شر أعمالهم، والله تعالى يقول: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ^ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ^ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: ۴- ۶].
رقم: 41375