معادلة ردع العدو تتفوّق مجدّدًا.. عجزٌ اسرائيلي بائنٌ كالشمس
قبل أشهر قليلة، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التحرّك لحلحلة أزمة المحروقات التي يعيشها لبنان متحدّثًا عن إمكانية استجرار المازوت مباشرة من إيران. خطاب العاشر من محرم، كان نقطة الانطلاق الفعلية، حينها أعلن عن إبحار أول سفينة محمّلة بالمازوت الى لبنان. وهنا بدأت التساؤلات تُطرح: هل يُقدِم الصهاينة على مهاجمتها؟ هل يتجرّؤون بالأصل ويتورّطون في ذلك؟
هذا الأمر وضع الإسرائيليين أيضًا أمام خيارين أحلاهما مُرّ، فإمّا السماح لحزب الله بتحقيق نصرٍ على الصعيد المحلي وإثبات مقولة "الوعد الصادق" التي اقترنت باسم السيد نصر الله، وإمّا أن تبادر بحرية العدو لإعاقة السفينة مما سيُسبّب إحراجًا لـ"إسرائيل" أمام العالم.
وإلى حين إعلان وصولها الاثنين كما ورد في خطاب السيد نصر الله الذي تميّز بشعار "سيجعل الله بعد عسرٍ يُسرًا"، شهد مجتمع العدو سجالًا شغل محلّليه وإعلامييه أظهر القلق الاسرائيلي من ترجمة وعد حزب الله فعلًا لا قولًا.
مراسل هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (مكان) روعي كايس غرّد في هذا السياق عبر حسابه على "تويتر" قائلًا إن مناسبة عاشوراء عادةً ما تكون مناسبة إطلاق السيد نصر الله لتهديداته ضد "إسرائيل"، لكنه استبدلها هذا العام بالإعلان عن الوقود الآتي من إيران وسط هدير الجماهير، معتبرًا ذلك "اقتصاد الحسن".
بدورها، "مكان" قالت إن "إعلان السيد نصر الله مثّل تحديًا للقرار الدولي المفروض على إيران ومنع التعاطي معها".
وفي السياق عينه، تحدّث الكاتب الاسرائيلي عوديد غرانوت في مقالةٍ نشرها موقع "إسرائيل هيوم" بعنوان "تهديدات بايدن لا تعمل في طهران" عن تحدٍّ إيراني لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عبر إرسال السفينة للبنان منتهكةً بذلك العقوبات المفروضة عليها، على حدّ وصفه، وأمل لو أن الأميركيين وفّروا على أنفسهم حلّ معضلة السفينة الإيرانية بتقديم المحروقات للشعب اللبناني، متخوّفًا من وصول السفينة إلى لبنان ومعها وسائل قتالية إضافةً للمحروقات، وفق ادّعائه.
بالموازاة، برزت بعض التعليقات الاسرائيلية التي أظهرت عدم رغبة العدو الاسرائيلي بالتعرض للسفينة تحت ذريعة الانهيار الاقتصادي في لبنان، فالكيان الذي ارتكب المجازر في لبنان تحت مرأى المجتمع الدولي أشفقَ فجأة على الشعب اللبناني، ولو جاء رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد ابراهيم رئيسي بنفسه إلى لبنان موزعًا للمحروقات كما قال الباحث الاسرائيلي مردخاي كيدار الذي عمل سابقًا في الاستخبارات الصهيونية، مضيفًا أن لبنان دولةٌ منهارة وحزب الله يخشى من هذا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، معتبرًا إيّاه "الحزب الوحيد على قيد الحياة" بعد إنهيار مؤسسات الدولة، وأن بعض اللبنانيين ينظرون إليه كمخلّصٍ لهُم.
التعليقات الاسرائيلية الأخرى كانت صريحةً، وتمحورت حول فكرة أن ضرب الإسرائيليين للسفينة سيزيد من نقمة اللبنانيين على "تل أبيب" ووصولها سيزيد من شرعية حزب الله الذي يحاول مساعدة الشعب اللبناني كما عبّر موقع "إسرائيل دينفينس".
وقد برز عدم تأييد المحلّلين العسكريين على القنوات العبرية للتعرض للسفينة بما يحمل من مجازفة عسكرية خشيةَ وقوع أيّة مواجهة مع حزب الله. وهنا تحدّث الصحافي الاسرائيلي يوني بن مناحيم في موقع "نيوز 1" عن المسألة، معتبرًا أن حزب الله وسّع دائرة الردع خاصةً بعد إعتباره "تل أبيب" تعيش مأزق التعامل مع السفينة، ورأى أنه لا يتعيّن على إسرائيل مهاجمة السفينة والاستجابة لطلب جو بايدن بعدم التعرض لها، متحدثًا عن أهداف عديدة للإيرانيين أولى بالاستهداف كرد على حرب السفن التي يخوضها الجانب الاسرائيلي مع الايرانيين.
وعليه، وجد الاسرائيليون أنفسهم أمام عجز واضح: لا يستطيعون الدخول بمواجهة مع حزب الله، خاصةً بعد معركة "سيف القدس"، وغير قادرين على منع السفينة من الوصول الى لبنان، لا شيء سوى مراقبة وعد السيد نصر الله يتحقّق رغم أنف المعترضين والأعداء.
/110