السياحة الدينية... أداة حوار
إرث واسع
بداية قالت المهندسة بانه تميم مديرة التسويق بوزارة السياحة : تحتضن سورية بكل محبة واحترام إرثاً واسعاً من العمائر الدينية والأوابد والمزارات كالجامع الأموي الذي يعتبر من أهم رموز دمشق على الإطلاق بالإضافة إلى العديد من الأضرحة ومقامات آل البيت في مقبرة الباب الصغير في دمشق، ومقام السيدة زينب الذي يشكل مقصداً لمئات الآلاف من المسلمين من الدول الخليجية ولبنان وباكستان وأفغانستان وبلدان إسلامية أخرى.
كما وتعتبر بلاد الشام مهبط الديانات السماوية، منها انطلق التبشير بالديانة المسيحية وبالسيد المسيح فلا تزال بلدة معلولا حتى الآن تتكلم اللغة السريانية لغة السيد المسيح بالإضافة إلى وجود العديد من الكنائس والأديرة القديمة والتي تعود لعصور مختلفة ككنيسة حنانيا ودير مار تقلا ودير سيدة صيدنايا وتكاد قدسيتها عند المسلمين تعادل قدسيتها عند المسيحيين.
متطلبات كل هذا يؤكد على وجود متطلبات خاصة بالسياحة الدينية وعن هذه المتطلبات ذكرت مديرة التسويق أن السياحة الدينية، تقوم على مقومات تقليدية للسياحة المعروفة من استقرار وأمن وفنادق ومطاعم ونقل، بالإضافة إلى أن هناك مقومات خاصة بالسياحة الدينية من آثار إسلامية من جوامع ومقامات ومراقد وأضرحة الأنبياء والأولياء ومواقع ذات أهمية لارتباطها بأحداث دينية معينة والاعتماد على الفن الإسلامي من متاحف وصور وموجودات تعود لشخصيات إسلامية.
أما متطلبات السياحة الدينية المسيحية فهناك أيضاً آثار مسيحية من كاتدرائيات وكنائس ومقامات ومراقد وأضرحة للقديسين ومواقع ذات أهمية لارتباطها بأحداث دينية معينة وأيقونات وتماثيل ومنحوتات بالإضافة للفن المعماري المسيحي وكذلك حاجيات عائدة للقديسين والقديسات.
تعدد النشاطات
وعن آلية النشاطات التي تقوم بها وزارة السياحة بالإضافة للمهرجانات ضمن الأعياد والحج إلى المواقع الدينية يمكن أن تترافق السياحة بالعديد من النشاطات كنشاطات ثقافية تشمل زيارة المواقع والأماكن الأثرية القريبة من الموقع الديني ونشاطات بيئية بزيارة مواقع التنقيب الأثرية والتجوال فيها. كما أن هناك نشاطات ريفية والتمتع بعاداتها.
وهذا يقودنا للسؤال التالي هناك موجة من الأسواق يتوافد إليها السياح إلى سورية؟
وهناك عدة أسواق منها السوق المحلية حيث يزور الكثير من السوريين المواقع الدينية إسلامية كانت أم مسيحية من أجل الصلاة والتبارك، وأما على نطاق السوق العربي فهناك الكثير من اللبنانيين يقومون بزيارة لضريح القديس مار مارون بالإضافة إلى فترة الحج الذي يقوم به اللبنانيون بزيارة إلى دير صيدنايا في عيد السيدة. كما يتوافد الكثير من الأردنيين والعراقيين لزيارة الأماكن الإسلامية المقدسة أيضا لدير صيدنايا طلباً للشفاء.أما الدول الخليجية فيقومون بزيارة للجامع الأموي ومقام صلاح الدين وجامع خالد بن الوليد في حمص.
أسواق أوروبية
وهناك السوق الآسيوي إذ يتوافد الكثير من الإيرانيين لزيارة الأضرحة والمقامات ناهيك عن القدوم بشكل فردي للزوار من دول إسلامية من شرق آسيا بهدف تعلم القرآن واللغة العربية وزيارة الأماكن الدينية مثل (ماليزيا، باكستان وأندونيسيا) وهناك أيضاً السوق الأوروبي منها تركيا، والكثير من الأوروبيين من فرنسيين وألمان وبريطانيين يزورون الأماكن الدينية في سورية وفق برامج سياحية منظمة من قبل مكاتب السياحة والسفر.
تحديد ضوابط
وهناك على صعيد آخر ما تقوم به وزارة الثقافة المديرية العامة للآثار والمتاحف حيث التقينا الأستاذ محمد نظير عوض مدير المباني والتوثيق الأثري في مديرية الآثار والمتاحف وفيما يخص السياحة الدينية قال: دورنا يأتي بتحديد الضوابط الفنية اللازمة للحفاظ على المواقع بحيث لاتكون عملية التأهيل عملية ثقيلة تسيء للموقع وتكون من منظور واحد فقط لأن التواصل بين المؤسسات مهم جداً ولكل مؤسسة مهامها ودورها المنوط بها، وبالتالي إذا أخذت كل مؤسسة الدور المهم في عملية تأهيل المواقع وإدارتها والحفاظ عليها فأعتقد أن السنوات القادمة ستكون سنوات جيدة جداً في هذا المنحى لأن هناك توجيهاً ودعماً من المؤسسات الأخرى في الدولة لدفع عجلة السياحة (منتج السياحة) لأنه من الممكن أن تكون السياحة الدينية في المستقبل بديلاً مهماً لعملية التطوير والتنمية للمجتمع وبالتالي تدعم الاقتصاد الوطني وتهيء فرص العمل.
استثمار داخلي
وعن الدور المنوط بمديرية الآثار على الصعيد الداخلي أشار عوض نحن كمديرية لسنا متخصصين كمؤسسة للترويج وهذا شأن السياحة لكن من الممكن أن نشارك بالترويج داخلياً إذ إننا من خلال النشاط الملحوظ لمديرتنا نعرف بالمواقع ونشجع المواطنين على زيارة المواقع والتحفيز لكثير من الناس والجمعيات الأهلية المحلية بأن نقوم بزيارة المواقع من خلال برنامج معين من خلال التلفزة أو مقال في صحيفة عن أهمية هذا الموقع وتقديمه بشكل مبسط وسلس ومبسط بعيداً عن التعقيد وبالتالي كل هذا يكون محفزاً لتنظيم عملية رحلة إلى هذه المواقع.
صعيد داخلي
وأردف مدير المباني والتوثيق الأثري على أن هناك الكثير من الجمعيات لديها أنشطة تتعلق بالحفاظ على الترويج للتراث يمكن أن نذكر بعض هذه الجمعيات الأهلية في مدينة السلمية جمعية أصدقاء السلمية بالتعاون مع مؤسسات أخرى لديها مشروع بسيط في قرية شيخ هلال حيث رممت مجموعة من القباب الطينية القديمة التقليدية وينظم فيها عملية زيارة وإقامة وأيضاً زيارة للمحيط الأثري في قرية شيخ هلال، حقيقة نشاط الجمعيات في هذا الإطار مهم جداً وعليها ألا تكتفي بعمليات نشر وإصدار نشرات علمية فيما يتعلق بالمواقع والتراث، وحتى في حلب هناك الكثير من الجمعيات تنظم زيارات وبالتالي كلما كان هناك نشاط ستنتقل العدوى إلى باقي المحافظات وبالتالي سيكون هناك محفز للمجتمع على الزيارة للمواقع الأثرية والتعريف بهذا التراث وكذلك المواقع التي سجلت على لائحة قائمة التراث العالمي في محافظتي إدلب وحلب وهي ۸ باركات تقع في القرى الأثرية بالشمال السوري في الكتلة الكلسية، وهذه القرى تعود إلى الفترة البيزنطية وفيها الكثير من الكنائس ودور العبادة ودور الرهبان وهي محط زيارة عالمية جداً وهناك الكثير من السائحين يأتون إلى هذه المنطقة.
المستوى الخارجي
هذا عن الشأن الداخلي فماذا تعملون على المستوى الخارجي؟
إن المديرية العامة للآثار لديها نشاط مهم جداً على هذا المستوى ويهدف بطبيعته إلى التعريف بالآثار السورية والتراث السوري والنشاط الذي تقوم به يروج للعملية السياحية ترويجاً رائعاً ومهماً والباركات الثماني التي تسجل ستطلق صيحة إعلامية لهذه المواقع وستعرض صوراً لتطبيقها و هناك المعارض التي تقوم بها المديرية العامة وهذه المعارض الخارجية أننا من خلالها نرخص لقطع أثرية تعرض خارجياً في دول العالم بفرنسا وألمانيا والبرازيل وهدفنا الأساسي هو التعريف بالتراث السوري والآثار السورية وإذا ما نظرنا إليها وإلى عدد الزوار والفترة الزمنية التي تبقى فيها هذه المعارض وتهافت مؤسسات علمية من خارج سورية من بلدان صديقة على طلب إجراء معارض عدة يشير إلى أهمية هذه المعارض لتلك المؤسسات ولسورية أيضاً وأرى أنها ساهمت كثيراً في ترويج السياحة من الخارج إلى الداخل. لهذا أقول ما تملكه سورية من تراث يستحق أن توظف له إمكانيات وتقنيات أكثر من الموجودة حالياً..
مشاركات ومعارض
وعمّا تقوم به وزارة السياحة من إجراءات في الترويج للسياحة الدينية أضافت تميم:
المشاركة في المعارض السياحية والمؤتمرات الخارجية، وتنظيم احتفالات دينية وأهمها احتفالية
عام القديس بولس، والعمل على تنظيم زيارة إلى سورية لأهم وكلاء السياحة والسفر والصحفيين من أجل تعريفهم على المنتجات السياحية السورية ومنها الدينية (كمهرجان طريق الحرير..).، إضافة لتصوير برامج تلفزيونية خاصة بالمواقع الدينية المسيحية والإسلامية في سورية. وإعداد بروشورات خاصة بالسياحة الدينية تتضمن أهم المواقع الدينية المهمة في سورية، والعمل على إغناء الزيارة الدينية للموقع بالنشاطات والفعاليات التي يمكن أن تنظم ضمن الموقع الديني (قداس في الكنائس القديمة احتفال ديني ضمن المساجد الأثرية القديمة) والاستفادة من الأعياد والمناسبات الدينية لإقامة نشاطات ترويجية مناسبة إذ شكلت السياحة الثقافية لعام ۲۰۱۰ نسبة ۱۸% من نسبة السياحة في سورية ۵% ثقافية و۱۳% دينية إسلامية ومسيحية.
بالإضافة إلى تأهيل أدلاء متخصصين حصراً بالسياحة الدينية.
- تأمين البنى التحتية والخدمية للموقع الديني الأثري (نقل، إقامة، مراكز استعلامات، مراكز صحية، خدمات الاتصالات، شاخصات الدلالة، أدلاء موقع...).
خطط مستقبلية
كما أضافت عن الخطط المستقبلية لتنشيط السياحة الدينية وذلك من خلال وضع مخطط إدارة موقع لأهم المواقع الدينية الأثرية في سورية.
- إدخال استثمارات جديدة داعمة للموقع الأثري الديني لزيادة مدة إقامة السائح وإنفاقه (إنشاء حدائق ومتاحف، أسواق تقليدية لبيع التذاكر الدينية، أماكن إقامة من التخييم إلى الفنادق الفاخرة ذات الطابع التراثي) وكل هذه المنشآت يجب أن تكون ملائمة للموقع الديني من حيث الجانب المعماري ما يجعل هذه الزيارة رحلة استكشافية ثقافية بيئية.
- الاعتناء بالمحيط الخارجي الطبيعي للموقع الديني (كنيسة، جامع..) بحيث تحقق الزيارة عامل جذب لسياحة ثقافية بيئية.
- تأهيل العاملين في الأماكن الدينية ثقافياً ودينياً لإعطاء الصورة الصحيحة والانطباع الجيد للسائح (التأكيد على الاستقبال الجيد واللباس الديني التقليدي).
منتج رئيسي
وأخيراً فإن أهمية السياحة الدينية تنبع من كونها منتجاً رئيسياً من المنتجات الموجودة في سورية لما تحتويه سورية من مراكز إشعاع ديني وحضاري بقيت زاخرة على مدى العصور, وهي غير محصورة في منطقة واحدة بل هي عابرة لمعظم المحافظات.
وهناك تقديرات لمنظمة السياحة العالمية إلى أن أكثر من ۳۰۰ مليون شخص في جميع أنحاء العالم يقومون بزيارة المواقع السياحية الرئيسية في العالم كل عام.
وخلصت مديرة التسويق: يمكننا أن نقول إن السياحة الدينية سوف تقدم فرصاً شاملة للترويج لفهم قيم العالم الإنساني, وبمزيد من الجهود من الجهات المعنية والمؤسسات الدينية كافة, السياحية, الاجتماعية ووسائل الإعلام يمكننا غرس مبادئ التناغم والاحترام المتبادل بحيث تصبح السياحة الدينية أداة حوار لجذب الناس من مختلف الأديان والمعتقدات لمنطقة واسعة ذات اعتقاد عام وشامل وبذلك نجتمع جميعاً على اختلاف أعراقنا وأدياننا وعقائدنا بما هو معروف بالعرق الإنساني.
وبخصوص السياحة الداخلية واستقدام المغتربين أشارت وزيرة السياحة لمياء عاصي في تصريح سابق إلى أن هذا هو الشغل الشاغل للوزارة حالياً بحيث تعمل كورشة عمل لإطلاق المشاريع السياحية الصغيرة والمتناهية الصغر وذات النكهة المحلية في المناطق السياحية وبمعايير وجودة عالمية بما يكفل بتشجيع هذا النوع من السياحة وتوفير فرص العمل .
وأضافت عاصي: نحاول استهداف أسواق متعددة حالياً كالسوق الإيرانية الواعدة بالتركيز على السياحة الدينية لافتة إلى أهمية تطوير عدد من الأماكن المجاورة للمعالم الدينية في سورية.
وتابعت الوزيرة عاصي: سنركز على البرنامج المقترح ومن ثم سنتجه للأسواق المستهدفة ليس أن نعتمد فقط على السوق الأوروبية بل باعتماد التنويع في عملية الاستهداف، ذاكرة الدور كبير للناقل الوطني «مؤسسة الطيران السورية».
وقالت لمياء عاصي: إننا نتطلع اليوم إلى أسواق جديدة مثل إيران للسياحة الدينية الإسلامية وروسيا للسياحة الدينية الإسلامية ودول جنوب غرب آسيا وأميركا اللاتينية والصين واليابان وغيرها ، وهذه الأسواق واعدة عالمياً وذات إنفاق عال جداً، والوزارة تعمل على التوازي لتنويع المنتج السياحي السوري بما يتوافق مع متطلبات هذه الأسواق وبالتالي إطلاق جميع المشاريع السياحية قيد الإنشاء والمتعثرة.
تنا – مکتب سوریا