يقول الأستاذ آية الله جوادي الآملي: إن الأعمال التي قام بها العلامه (قدس الله سره) في سبيل توحيد صفوف الأمة وإيجاد الألفة بين المذاهب الإسلامية كثيرة. ومن ذلك اهتمامه بتفسير القرآن باعتباره الكتاب الإلهي الذي تجتمع الأمة على مائدته الكريمة.
المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية
حديث التقريب.... العلامة الطباطبائي رجل الاستنهاض والتغيير...بمناسبة يوم تكريم العلامة
تنا
14 Nov 2021 ساعة 16:11
يقول الأستاذ آية الله جوادي الآملي: إن الأعمال التي قام بها العلامه (قدس الله سره) في سبيل توحيد صفوف الأمة وإيجاد الألفة بين المذاهب الإسلامية كثيرة. ومن ذلك اهتمامه بتفسير القرآن باعتباره الكتاب الإلهي الذي تجتمع الأمة على مائدته الكريمة.
حديث التقريب
العلامة الطباطبائي رجل الاستنهاض والتغيير
بمناسبة يوم تكريم العلامة (16 نوفمبر)
العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (1904-1981) رجلٌ نهض في إيران ليغيّر ويطوّر علميًا وثقافيًا ولينفتح على القرآن الكريم بمفهوم عصري عميق، وعلى العلوم العقلية والفلسفية برؤية إيمانية.
لقد رأى الدراسات الإسلامية في إيران منهمكة في الفقه وأصول الفقه، ورأى أن الاهتمام بالدراسات القرآنية والعلوم العقلية قليل، ولا يمكن إحداث ثورة في هذه الدراسات إلا من خلال استثارة مفاهيم القرآن في إطار إجتماعي علمي يخاطب الروح والعقل معًا، ولذلك عكف على تأليف تفسيره العظيم المعروف باسم «الميزان في تفسير القرآن» بالعربية في عشرين مجلدًا.
كما توجّه إلى الدراسات العقلية والفلسفية فألف كتاب «أصول الفلسفة والمنهج الواقعي» في خمسة أجزاء بالفارسية مع تعليقات الشهيد آية الله الشيخ مرتضى مطهري. نقله إلى العربية آية الله الشيخ جعفر السبحاني، ثم أعاد ترجمته وترجمة تعليقات الشيخ مطهري الأستاذ الشيخ عمار أبو رغيف.
وهذا الكتاب من العمق والدقة في الفلسفة بحيث لفت أنظار الغربيين وقصده بعض المستشرقين ليتزودوا من معارفه.
إضافة إلى الكتاب المذكور ألف كتاب «بداية الحكمة» ويتكون من اثنتي عشرة مرحلة علمية وأيضا كتاب «نهاية الحكمة» وهو أعلى مستوى من الكتاب السابق ويضم أيضًا انتي عشرة مرحلة.
هذا إلى غيرها من الكتب والرسائل يخاطب فيها العقل والروح على مختلف المستويات.
هذه الروح الاستنهاضية التغييرية اقترنت لدى العلامة الطباطبائي بحياة زاهدة متواضعة عرفانية. كان يعيش مع طلابه كزميل لهم، ولا يترك رسالة ترد إليه إلا ويجيب عنها على الرغم مما أصابه من ضعف بدني في آخر حياته.
كان يهتم بأن يرتقي بالخطاب الإسلامي إلى مستوى عالمي مشرّف، ويقول حافظوا على عزّة الإسلام والمسلمين وقدّموا الإسلام على مستوى متطلبات العصر.
ولم يكتف بالنصح في هذا المجال بل قدّم مشروعه الفكري والعلمي والثقافي وأبدى من سلوكه العملي ما يرتقي بالإنسان المسلم إلى مستوى ما أراده الله للإنسان من استخلاف و وسطية وشهادة.
العلامة الطباطبائي نظر إلى المفاهيم الإسلامية بنظرة حضارية، وقدم على سبيل المثال مذهب التشيع باعتباره المذهب الذي صان مسيرة الأمة الإسلامية على طريق التطوير الحضاري، والأبعد من ذلك أنه نظر إلى مفهوم الأمة في الآية الكريمة "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " بأن الأمة هنا هي مجموعة البشرية دون تفريق بين الاجناس والأديان والمذاهب، فالبشرية كلها أمة واحدة، وهي المخاطبة بعبادة الله وحده، ونبذ ما يقف على طريقها من الآلهة المزيفة المتعملقة على الطريق.
وهذه نظرة إنسانية بعيدة منطلقة من فهم واسع للخطاب القرآني. يقول:
«وفي قوله: «أمة واحدة» إشارة إلى حجة الخطاب بالعبادة لله سبحانه فإن النوع الإنساني لما كان نوعًا واحدًا وأمة واحدة ذات مقصد واحد وهو سعادة الحياة الإنسانية لم يكن له إلا رب واحد إذ الربوبية والألوهية ليست من المناصب التشريفية الوضعية حتى يختار الإنسان منها لنفسه ما يشاء وكم يشاء وكيف يشاء بل هي مبدئية تكوينية لتدبير أمره، والإنسان حقيقة نوعية واحدة، والنظام الجاري في تدبير أمره نظام واحد متصل مرتبط بعض أجزائه ببعض ونظام التدبير الواحد لا يقوم به إلا مدير واحد فلا معنى لأن يختلف الإنسان في أمر الربوبية فيتخذ بعضهم ربًا غير ما يتخذه الآخر أو يسلك قوم في عبادته غير ما يسلكه الآخرون فالإنسان نوع واحد يجب أن يتخذ ربًا واحدًا هو رب بحقيقة الربوبية. وهو الله عز اسمه».
هذا الرجل الفيلسوف المفكر الزاهد البعيد عما يتهافت عليه الآخرون من مال ومتاع وسمعة وجاه لم يثنه سلوكه هذا عن التصدي لحكم الشاه والعمل على إقامة الحكومة الإسلامية. فقد ساند ثورة الإمام الخميني(رض). وربّى طلابًا حملوا مسؤولية الثورة ومن ثم إدارة شؤون الدولة الإسلامية مثل الإمام السيد علي الخامنئي والشهيد مرتضى مطهري والشهيد محمد حسين بهشتي، والشهيد علي قدوسي والشهيد محمد جواد باهنر والشهيد محمد مفتح وغيرهم كثيرون.
ومن الطبيعي لمثل هذا الرجل الإحيائي أن يقف إلى جانب قضايا أمته وعلى رأسها القضية الفلسطينية فقد أصدر خلال حرب الأيام الستة مع عدد من العلماء بيانًا عبروا فيه عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وطلبوا من الأمة الإسلامية مدّ يد المساعدة لإخوانهم المسلمين. وكان ذلك في أيام نظام الشاه المتواطئ مع العدو الصهيوني.
أما في حقل العمل على توحيد صفوف المسلمين فيقول الأستاذ آية الله جوادي الآملي: إن الأعمال التي قام بها العلامه (قدس الله سره) في سبيل توحيد صفوف الأمة وإيجاد الألفة بين المذاهب الإسلامية كثيرة. ومن ذلك اهتمامه بتفسير القرآن باعتباره الكتاب الإلهي الذي تجتمع الأمة على مائدته الكريمة.
هذه بعض ملامح شخصية هذا الرجل الإحيائي الحضاري الذي يستحق من الأمة الإسلامية كل تكريم.
رضوان الله عليه وحشره مع الأنيباء والصالحين، و وفّق الأمة لمواصلة مدرسته في الأصالة والمعاصرة والإحياء واﻻنفتاح.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية
/110
رقم: 526758