شارك في الندوة الفكرية نخبة شخصيات دينية وفكرية واعلامية يتقدمهم رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية اية الله الشيخ محمد حسن اختري ورئيس مركز الامة الواحدة السيد فادي السيد والسيدة رباب الصدر رئيسة مؤسسات السيد الصدر
فيما يلي نص كلمة رئيس مركز الامة الواحدة السيد فادي السيد في الندوة :
بسم اللهِ الرّحمن الرحيم ... الحمدُ للهِ ربِ العالمين وافضلُ الصلاةِ واتمُ التسليمِ على المبعوثِ رحمةً للعالمين سيدِنا ونبِّينا حبيبِ الهِ العالمين ابي القاسم محمدٍ وعلى الهِ الطيبينَ الطاهرينَ واللعنةُ الدائمةُ على اعدائِهم الى قيامِ يومِ الدين.
نتقدمُ من الحجةِ المنتظر الامامِ المهدي عجلَ اللهُ فرجَه الشريف والمراجعِ العظام والحوزاتِ الدينيةِ والعلماءِ الافاضلِ ومن الامةِ العربيةِ والاسلاميةِ بأسمى اياتِ التبريكاتِ بذكرى ولادةِ الامامِ الخميني قُدسَ سرُه الشريف وعشرةِ الفجر.
اصحابُ السماحةِ والفضيلةِ والاستاذةُ الكرام والحضورُ العزيز السلامُ عليكم ورحمةٌ من اللهِ وبركاته
نرحبُ بحضورِكم الكريم في هذه الندوةِ المباركةِ إحياءً لهذه الذكرى المباركةِ تحتَ عنوان 'الامامُ الخميني ثورةُ قيمٍ لصناعةِ الحياة '
يقولُ اللهُ في مُحكمِ كتابِهِ :
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ
الامامُ الخمينيُ قدسَ سرُه الشريف مِصداقٌ لهذه الايةِ الكريمةِ لاسيما عندما انطلقَ بثورتِه المباركةِ معتقدا اعتقادا راسخا باللهِ سبحانَه وتعالى بان النصرَ حليفُه لان مرحلةَ خروجِه على شاهِ ايران كانت صعبةً جدا في ظلِ صراعِ قُطبين في العالمِ :غربيٌ متجسدٌ بالولاياتِ المتحدةِ الاميركية وشرقيٌ متجسدٌ بالاتحادِ السوفياتي فضلا عن كونِها شرطيَ المنطقةِ بالنسبةِ لاميركا اضافة الى انها مركزٌ استراتيجيٌ لاجهزةِ الاستخباراتِ العالميةِ لذلك فكرةُ الانطلاقِ من ايرانَ بمشروعِ الثورةِ معقدةٌ جدا وعواقبُها وخيمةٌ ورغمَ ذلك انطلقَ الامامُ بثورتِه المباركةِ معتمدا على قولِ اللهِ سبحانَه وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ والامامُ وجدَ ضرورةً لاظهارِ الدينِ المحمديِّ الاصيلِ كبديلٍ حضاريٍّ للعالمِ امامَ صراعٍ شرقيٍّ غربي معتمدا فيهِ على القيمِ الاخلاقيةِ والانسانية.
وامامَ شريعةِ الغابِ التي كانت سائدةً في ذلكَ الوقتِ حتّمَ الواجبُ الرساليُ والاخلاقيُ والانسانيُ على الامامِ الخروجَ في مسيرتِه الحضاريةِ بشعارِ لاشرقيةُ ولاغربيةُ جمهوريةٌ اسلاميةٌ لخرقِ جدارِ الصمتِ في العالمِ واعادةِ الاملِ الى الشعوبِ المضطهدةِ تحت شعارِ نُصرةِ المستضعفينَ في العالمِ.
وبعلمِ الفلسفةِ القائدُ المهمُ هو الذي يعرفُ أبعادَ وحيثيات ِ ما يُقدمُ عليهِ والى أين سيصلُ لذلكَ الامامُ الخميني شخّصَ اعداءَ الامةِ (( اميركا والقطبَ الواحد والاحتلالَ الاسرائيلي والرجعيةَ العربيةَ)) اضافةً الى ميزانِ القُوى الدولي كما شخّص َالانجازاتِ والطاقاتِ من خلالِ ايمانِه الراسخِ بقدرةِ الشعبِ الايراني والشعوبِ المستضعفةِ على التغييرِ لذلك عندما ارسلَ الحرسَ الثوريَ الى لبنان لم يرسلهُ للقتالِ بل من اجلِ التدريبِ من زاويةِ ايمانِه بقدرةِ الشعوبِ على تولى زمامِ الامورِ وتحقيقِ الانجازاتِ وكذلك فَعَلَت ايرانُ في العراق وسورية وفلسطين.
فالامامُ الخمينيُ جعلَ من الجمهوريةِ الاسلاميةِ منطلقا لصناعةِ الحياةِ في العالمِ ولو نظرَنا الى حَجمِ العقوباتِ التي فُرضت على ايران ضدَ اي دولةٍ اخرى لسقطت منذُ الاسبوعِ الاولِ فالمقياسُ لنجاحِ ايِّ ثورةٍ او فشلِها هو معيارُ العَداءِ لاميركا والاحتلالِ الاسرائيلي .والشواهدُ على ذلكَ كثيرةٌ اليوم حتى دولٌ كبرى مثلُ الصينِ وروسيا التي رفعت شعارَ الاستقلاليةِ عن اميركا نالت حصتَها من العقوباتِ لكنَّ الدولَ الاقليميةَ ماذا يجري لها لو فعلت ذلكَ.. ستسقطُ بايامٍ قليلةٍ جراءَ العقوباتِ الاميركيةِ التي تُفرضُ عليها. لكنَّ الثورةَ الاسلاميةَ في ايران رغمَ حجمِ العقوباتِ صمدَ الشعبُ بقوةٍ حتى عَجِزَت الولاياتُ المتحدةُ عن كسرِ ارادتِه ووَقفت حائرةً في كيفيةِ التعامل ِمع ايرانَ التي جعلت الحصارَ فرصةً لتحقيقِ الانجازاتِ فنجحت بشكلٍ كبيرٍ في كسرِ الحصارِ حتى اَصبَحت في مُقدَمةِ الدولِ من ناحيةِ الصناعةِ والتجارةِ والتصديرِ والابتكاراتِ العلميةِ على كافةِ الصعدِ والاتجاهاتِ حتى اخترقتِ الفضاءَ وامتلكت البرنامجَ النوويَ السلميَ وساندَت الشعوبَ بقوةٍ ووضعَت كلَّ امكاناتِها امامَ هذه الشعوبِ لتَصمِدَ في وجهِ تهديداتِ الغربِ لها.
وسرُ نجاحِ الامامِ في خطوتِه المباركِة التي غيّرت مجرَى التاريخِ وفَرضَت معادلةَ الاسلامِ الجديدةَ على العالمِ اجمعَ كبديلٍ حضاريٍ لانهُ استمدَ نهضتَه من ثورةِ الامامِ الحسينِ عليه السلام لتكونَ ثورتُه ثورةَ قيمٍ ومبادئَ لصناعةِ الحياةِ انطلاقا من فلسطينَ وصولا الى البرنامجِ النوويِّ السلمي الذي استطاعَ الامامُ السيدُ علي الخامنئي الحارسُ لنهجِ الامامِ الخميني قُدسَ سرُه الشريف ان يكشفَ عن الوجهِ الحقيقيِّ للاستكبارِ العالمي بعدمِ احترامِهِ للعهودِ والمواثيقِ الدوليةِ واستطاعَ ان يُشخّص َحقيقةَ جشعِ الاستعمارِ في العالمِ خصوصا في المنطقةِ..
وظهرَ ذلكَ بشكلٍ كبيرٍ خلالَ المباحثاتِ في فيينا عندما عبّرت الدولُ الغربيةُ عن هاجسِها الكبيرِ من امتلاكِ ايرانَ للبرنامجِ النوويِّ السلمي لوضعِ هذه العلومِ في خدمةِ الشعوبِ على قاعدةِ انما نطعمُكم لوجهِ اللهِ لانريدُ منكم جزاءً ولا شكورا ..واستطاعَ ايةُ اللهِ الخامنئي ان يصورَ حقيقةَ الصراعِ مع الغربِ بمقولتِه المشهورةِ بانَ الصراعَ مع الاستكبارِ ليس الاشتباكَ العسكريَ بل امتلاكُ العلمِ والمعرفةِ.. فحَارت الانظمةُ الرجعيةُ في شخصيةِ الامامِ ... ببصيرتِه وعلمِه لاسيما بعدما عجزَت عن النيلِ من هذه الثورةِ رغمَ المخططاتِ التأمريةِ عليها على مدى اربعين عاما ....ففشِلوا في ذلك وسيفشلونَ في ايِّ محاولةٍ اخرى لانه كما ان ثورةَ الامامِ الحسينِ حدَثت مرةً في التاريخِ فثورةُ الامامِ الخميني لن تتكرّرَ في التاريخِ.. لانها ثورةٌ حضاريةٌ يقودُها قائدٌ رساليٌ بكافةِ معاني ومعاييرِ الرسالةِ.. لذلك الشهيدُ الصدر رضوانُ اللهِ عليه اعتبرَ انَّ الامامَ الخميني قُدس سرُه الشريف بانهُ حقَقَ حُلُمَ الانبياءِ والمرسلين ..... نعم الامامُ حقَقَ معجزةً في التاريخِ ستبقى رايةً خفاقةً واشعاعا حضاريا لكلِ زمانٍ ومكانٍ تمهيدا لظهورِ الحجةِ المنتظرِ الامامِ المهدي عجّلَ اللهُ فرجَه الشريف. نعم اليوم سجّلت ايرانُ قيادةً وشعبا انتصارآ مدويا في ذكرى انتصارِها الثالثةِ والاربعين بعدما اَجبَرت اميركا على الرضوخِ لمطالبِها المحقةِ بامتلاكِ البرنامجِ النووي عندما اعلنَ الرئيسُ الاميركيُ جو بايدن رفعَ العقوباتِ عن الشعبِ الايراني التي فرضَها سلفُهُ دونالد ترامب والعودةَ الى الاتفاقِ النووي الايراني السلمي .
وانطلاقا من هذا الانتصارِ المهمِ ليس لايرانَ فحسب وانما للشعوبِ العربيةِ والاسلاميةِ بل للعالمِ اجمع.. نقولُ للمراهنينَ على إسقاطِ الثورةِ بانهم يراهنونَ على سرابٍ لان هذه الثورةَ هي امتدادٌ لنهضةِ الامامِ الحسين عليه السلام.... هي اشعاعٌ حضاريٌ لنورِ محمدٍ والِهِ الطاهرين ((وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)) لذلك نجدُ الثورةَ الاسلاميةَ في ايران في ايِّ مواجهة ٍمع الاستكبارِ وادواتِه في المنطقةِ نجدُ ان النصرَ حليفُها ((وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ))
فمشروعُ الامامِ الخميني قُدسَ سرُه الشريف هو مشروعٌ حضاريٌ للبشريةِ هو مشروعٌ انسانيٌ واخلاقيٌ لصناعةِ الحياةِ لا يَحملُ في طياتِه عقليةَ الاستعمارِ والاحتلالِ.. لذلك نجدُ قائدَها يساندُ الشعوبَ كافة.. من فنزويلا الى كوريا الشمالية الى البوسنة والهرسك وصولا الى نيكارغوا ولبنان وسورية والعراق واليمن وفلسطين.. ويدعمُها لتقفَ بوجهِ الاستكبارِ كما نجحَ في كسرِ شوكةِ هذا الإستعمارِ واجهاضِ مشاريعِه التامريةِ للاستفرادِ في العالمِ من خلالِ تشكيلِ حلفٍ استراتيجيٍّ في وجهِ اميركا.. روسيٍّ صينيٍّ ايراني (( ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)).. كَمقدَمةٍ لتحريرِ الشعوبِ المُستَضعفةِ من وطأةِ الاستعمارِ.
في الختامِ نقولُ إن مركزَ الامةِ الواحدةِ للدراساتِ الفكريةِ والاستراتيجيةِ يدعو الشعوبَ كافة الى عدمِ الانجرارِ وراءَ الخِدَعِ الاعلاميةِ التي تعملُ على زرعِ المفاهيمِ المغلوطةِ لقلبِ الصورةِ الحقيقةِ لهذه الثورةِ المباركةِ فهذه الثورةُ تُعتبرُ اليومَ هي خَشَبةُ الخلاصِ الوحيدةُ لانقاذِ الشعوبِ من فمِ التنينِ.. وخيرُ شاهدٍ على ذلكَ الشعبُ اليمنيُ الذي يُذبحُ على ملحمةِ التاريخِ دونَ حسيبٍ ولا رقيبٍ والشعبُ الفلسطينيُ المضطهدُ على مدى سبعةِ عقودٍ من الزمنِ وَسَطَ تآمرٍ عربيٍّ ودوليٍّ قلَّ نظيرُه على صعيدِ البشريةِ.
كما يُطالبُ مركزُ الامةِ الواحدةِ الانظمةَ الحرةَ في العالمِ برصِّ الصفِ لاعادةِ النظرِ في مواثيقِ الاممِ المتحدةِ والمنظماتِ الدوليةِ لتحريرِها من هيمنةِ الاستكبارِ والاستعمارِ ومنعِ استخدامِها كأداةٍ لمعاقبةِ الشعوبِ الحرةِ في العالمِ لكسرِ ارادتِها ....
فالواجبُ اليومَ يحتمُ على الجميعِ ان يقومَ بواجبِه الدينيِّ والاخلاقيِّ والانساني في حمايةِ هذه الثورةِ والدفاعِ عنها لاعادةِ إحياءِ القيمِ والمبادئِ الاخلاقيةِ وتحقيقِ شيٍء من العدالةِ الانسانيةِ في العالمِ لانها ستكونُ القطبَ الرئيسيَ لمشروعِ العدالةِ الالهيةِ في العالم.
/110