هذا المثل العراقي يطلق على من واجه العديد من المصائب والكوارث فلم يعد يكترث بشيء، وينطبق على حال ايران اليوم مع القرار الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدها.
السيد صالح القزويني
ايران والوكالة الذرية: المبلل ما يخاف من المطر
تنا
11 Jun 2022 ساعة 15:35
هذا المثل العراقي يطلق على من واجه العديد من المصائب والكوارث فلم يعد يكترث بشيء، وينطبق على حال ايران اليوم مع القرار الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدها.
هذا المثل العراقي يطلق على من واجه العديد من المصائب والكوارث فلم يعد يكترث بشيء، وينطبق على حال ايران اليوم مع القرار الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدها.
فالجمهورية الاسلامية منذ تأسيسها والى هذا اليوم وهي تواجه المؤامرات والتهديدات والعقوبات الكبيرة والصغيرة، الأميركية والغربية وأحيانا الاقليمية التي لو فرضت على أية دولة أخرى لشلت قدراتها ودمرتها وحولتها الى خبر كان، ومن بينها ادخال ايران في الفصل السابع من الأمم المتحدة، مما جعلها قاب قوسين أو أدنى من الحرب، إلا أن كل ذلك لم يسقط ايران وحسب بل زاد في قوتها ومنعتها، وبالتالي فانها تعودت على مثل هذه القرارات والتهديدات.
فضلا عن أن قرار الوكالة الذرية لم يفرض عقوبة جديدة وانما كان مجرد دعوة لطهران لتفتح ابوابها على مصراعيها لمفتشي الوكالة ليفعلوا ما يشاؤوا، إلا أنه حتى لو كان قد فرض عقوبة على ايران فانها لا تخشى على فقدان شيء لم تحصل عليه، فالعقوبات لا تزال مفروضة ولم تلغ أي واحدة منها، ولو كانت قد الغيت لربما كانت ايران تراجعت عن موقفها وسياستها خشية فرضها من جديد، ولكن بما أنها لا تزال قائمة فليس هناك اي داع من الخشية منها، مما يعني أن القرار لم يحقق أية مكاسب للطرف الآخر، بل على العكس أهدر ماء وجهه ومس كرامته عندما داسته طهران بأقدامها، وأقدمت على اجراءات وقرارات مضادة له.
ورب سائل يتسائل، اذا كانت ايران غير مكترثة بالقرار الذي أصدره المجلس فلم اتخذت ردة فعل عنيفة ضده، فأطفأت كاميرات المراقبة وأزالت اجهزة تعيير الماء الثقيل ودرجات تخصيب اليورانيوم وبدأت بتشغيل الاجيال المتطورة من أجهزة الطرد المركزي، ولكن ألم يكن بامكانها تجاهله وتمضي بسياستها؟
هناك أسباب متعددة وراء ردة الفعل العنيفة التي اتخذتها ايران من بين هذه الأسباب ..
أولا: لأنها تعاونت بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكانت تأمل أن تكافئها الوكالة على التعاون وتشيد به، لا ان تقوم الوكالة بالتنديد بها وتهديدها.
ثانيا: لأنها طلبت من غروسي خلال زيارته الأخيرة لطهران باغلاق هذا الملف بشكل نهائي مقابل تعاونها معه، ولكن القرار الذي اصدره مجلس الحكام يبين أن الملف سيبقى مفتوحا.
ثالثا: لان غروسي زار اسرائيل العدو اللدود لايران وأطلق تصريحات سلبية تجاه التعاون الايراني مع وكالته.
رابعا: لأن التعاون الايراني مع غروسي تجاوز حدود البرنامج النووي ووصل الى البرنامج العسكري، وذلك حينما فتحت طهران أبواب بعض منشآتها العسكرية لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليتأكدوا من خلوها من التصنيع النووي.
خامسا: لأنها تخشى من تكرار تجربة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع العراق، والتي بدأت بتفتيش المنشآت العسكرية بذريعة احتوائها أسلحة الدمار الشامل، ثم انتقلت الى تدمير أسلحة العراق ثم الانقضاض عليه، لذلك تريد ايران قطع دابر تفتيش منشآتها العسكرية للأبد، ومن المتوقع أن ترفض ايران من الآن فصاعدا دخول مفتشي الوكالة لأية منشأة عسكرية ايرانية.
ايران تدرك جيدا أن قرار مجلس محافظي الوكالة رسالة أخرى يوجهها الغرب لها من أجل التراجع عن مواقفها وسياساتها، والامتثال والاستجابة لمطالبه الذي طرحها في المفاوضات النووية، الى جانب رسائل احتجاز شحنة النفط الايرانية في اليونان، والى جانب رسالة اغتيال عضو فيلق القدس صياد خدائي، في العاصمة طهران، والى جانب أيضا رسالة مجلس التعاون الخليجي، والى جانب رسالة القرار الذي اتخذه الكونغرس الأميركي اليوم ضد الطائرات المسيرة الايرانية.
المراد من كل هذه الرسائل دعوة ايران لتغيير سياستها العسكرية والأمنية والخارجية وخاصة تجاه اسرائيل، وقد رد الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي يوم أمس الخميس على ذلك بالقول: لن نتراجع حتى خطوة واحدة.
أو أن المراد من هذه الرسائل تضليل الرأي العام المحلي أو الاقليمي أو العالمي، والايحاء له بأنه سيعود للاتفاق النووي ويوقع عليه بعد أن نجح في تخويف ايران وتهديدها وممارسة الضغوط عليها.
السيد صالح القزويني
باحث في الشأن الايراني
/110
رقم: 553041