من المنطقي أكثر أن يكون الاحتلال الإسرائيلي قد حدد توقيت الصراع لتعطيل المحادثات النووية لأنّه يعارض بشدّة أي اتفاق من شأنه أن يخفف العقوبات على إيران.
موقع "الاشتراكية العالمي" مقالةً للكاتب باتريك مارتن
مذبحة غز ة: جرائم الحرب الإسرائيلية ونفاق الولايات المتحدة
تنا
10 Aug 2022 ساعة 10:20
من المنطقي أكثر أن يكون الاحتلال الإسرائيلي قد حدد توقيت الصراع لتعطيل المحادثات النووية لأنّه يعارض بشدّة أي اتفاق من شأنه أن يخفف العقوبات على إيران.
نشر موقع "الاشتراكية العالمي" مقالةً للكاتب باتريك مارتن، يُدين فيها الجرائم بحق المدنيين، والنفاق الأميركي الذي يسعى لطمس حقيقة أنّ همّ واشنطن هو إعادة تذخير جيش الاحتلال الإسرائيلي وتعويضه عن مقذوفاته التي قتلت أطفال غزة.
فيما يلي نص المقال بتصرّف:
على مدى الأيام الـ 3 الماضية، قتلت الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرّة ما لا يقل عن 45 فلسطينياً، من بينهم 16 طفلاً، وتسببت في دمار واسع النطاق.
وأصيب ما لا يقل عن 400 بجروح، معظمهم إصاباتهم خطرة، والمستشفيات والمراكز الطبية القليلة مكتظة وبالكاد تعمل، إذ يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني في غزة بحالةٍ حصار.
وأمطرت الآلة العسكري الإسرائيلية منطقة تبلغ مساحتها 141 ميلاً مربعاً فقط، بمئات الصواريخ والقنابل، إذ تحولت المباني إلى حفر ودمار مروع تناثرت فوقه جثث الضحايا الأبرياء، تحت زعم أنّ قادة "الجهاد الإسلامي" هم المستهدفون وحدهم.
لو كان الأطفال الأوكرانيون هم الذين تعرضوا لما يتعرّض له أطفال غزة، فلا شك أنّ وسائل الإعلام الأميركية، الخادم المخلص لوكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية، ستوفر تغطية مركزة. وستكون هناك ساعات طويلة مكرسة للحداد على الخسائر في أرواح الأبرياء ووصف المسؤولين عن وفاتهم بالقتلة ومجرمي الحرب. لن يتم استخدام مثل هذه المصطلحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس وغيرهما من كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين.
وبدأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي قادت الحملة الإعلامية على "الفظائع الروسية المفترضة" في حرب أوكرانيا، تقريرها عن الوقف المؤقت لقصف غزة بهذه الطريقة: "وقف إطلاق النار ينهي ثلاثة أيام من القتال العنيف عبر الحدود بين إسرائيل وجماعة فلسطينية مسلحة في غزة، وبدأت الحياة على جانبي الخطوط تعود إلى طبيعتها".
وكان "القتال الشرس عبر الحدود" أمراً أحادي الجانب تماماً، حيث ألقى الجيش الإسرائيلي، المسلّح حتى العضم من قبل الإمبريالية الأميركية، بالقنابل والصواريخ على السكان العزل. في غضون ذلك، أطلق مسلحون من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية مئات الصواريخ البدائية محلية الصنع، سقطت جميعها تقريباً دون أذى بين المدنيين.
أما بالنسبة إلى "العودة إلى الوضع الطبيعي" لسكّان غزّة، فهذا يعني فقراً لا يطاق، ومعدل بطالة بنسبة 50%، وبنية تحتية محطمة، فيما يصف مراقبون بشكلٍ روتيني بأن غزة أكبر معسكر اعتقال في الهواء الطلق على هذا الكوكب. الكهرباء متوفرة فقط 11 ساعة في اليوم حتى عندما تكون محطة توليد الكهرباء في غزة قيد التشغيل، لكنها أغلقت، ليس بسبب القصف، ولكن لأنّ "إسرائيل" ومصر أوقفتا إيصال إمدادات الوقود اللازمة لإبقائها قيد التشغيل.
وأصدرت إدارة بايدن بياناً مقتضباً رحّبت فيه بوقف إطلاق النار، معربةً عن تقديرها لدور مصر وقطر والأردن وغيرها من الديكتاتوريات والملكيات العربية الرجعية، لدورها في الدبلوماسية التي أدّت إلى إنهاءٍ مؤقت للعنف، بينما أدانت "الجهاد الإسلامي" على الهجمات الصاروخية "العشوائية". وأعاد بايدن التأكيد على دعمه "الطويل الأمد والثابت لإسرائيل"، مضيفاً: "أشيد برئيس الوزراء يائير لابيد وقيادة حكومته الثابتة طوال الأزمة".
ليس هناك شك في أنّ الهجوم على غزّة تمّت مناقشته والموافقة عليه خلال زيارة بايدن لـ"إسرائيل" في الفترة من 13 إلى 15 تموز/يوليو الماضي، قبل 3 أسابيع فقط من بدء الهجوم المحضر جيداً. سوف يُسارع البنتاغون الآن إلى إعادة إمداد الذخائر التي أنفقتها قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال حملتها العدوانية الأخيرة.
تبادل الصواريخ مع "الجهاد الإسلامي" في فلسطين كان بسبب اعتقال واحتجاز "إسرائيل" للقائد البارز للجماعة في الضفة الغربية بسام السعدي، من ضمن حملة ممنهجة للعنف العسكري الإسرائيلي في مدينة جنين، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 30 فلسطينياً وإصابة المئات منذ بداية هذا العام.
وبدا توقيت الهجوم محسوباً لصالح رئيس الوزراء لبيد في تلميع صورته في انتخابات "الكنيست" المقبلة، وقد تأتي أُكلها في المنافسة مع اليميني بنيامين نتنياهو، الذي أطيح به في انتخابات العام الماضي.
وكان ردّ الحكام العرب على قصف غزة الذي استمر 3 أيام مثالاً على خيانتهم المُشينة لمصالح الشعب الفلسطيني والجماهير العربية عموماً.
واتبعت معظم مشايخ الخليج (الفارسی) خطى السعودية، التي استنكرت وسائل إعلامها رد العدوان من "الجهاد الإسلامي" باعتبارها أداةً لإيران، مشيرةً إلى أنّ "الجهاد الإسلامي" قد أثارت الصراع بالتزامن مع استئناف محادثات الطاقة النووية بين إيران وما يسمى مجموعة (5 + 1).
في قلبٍ للحقائق رأساً على عقب، من المنطقي أكثر أن يكون الاحتلال الإسرائيلي، وليس "الجهاد الإسلامي"، قد حدد توقيت الصراع لتعطيل المحادثات النووية لأنّه يعارض بشدّة أي اتفاق من شأنه أن يخفف العقوبات على إيران.
ولا يزال الوضع في غزة محفوفاً بالمخاطر. استدعى الجيش الإسرائيلي 25000 احتياطي وليس لديه أي خطط لتسريحهم، في حين قال أحد قادة "الجهاد الإسلامي" إنّه "إذا لم تفرج إسرائيل عن اثنين من قادة الجهاد الإسلامي المسجونين، بمن فيهم بسام السعدي، بحلول نهاية الأسبوع كما وعدت مصر، سيؤستئنف الصراع".
ولا يوجد مخرج من الصراعات الدموية المستعصية في الشرق الأوسط، إلا بفكّ الحصار عن غزّة وزوال الاحتلال عن فلسطين المحتلة.
/110
رقم: 560918