هناك مشكلة فكرية دائمة لدى العدو الصهيو - أمريكي تتلخص في عدم إدراك حقيقة وجوهر عقيدة المقاومة، وبالتالي هذه المشكلة الكبرى تفتح الباب دومًا لسوء التقديرات وخطأ الحسابات وحمق الممارسات.
إيهاب شوقي
العمى الاستراتيجي والحسابات الخاطئة
تنا
19 Sep 2022 ساعة 18:00
هناك مشكلة فكرية دائمة لدى العدو الصهيو - أمريكي تتلخص في عدم إدراك حقيقة وجوهر عقيدة المقاومة، وبالتالي هذه المشكلة الكبرى تفتح الباب دومًا لسوء التقديرات وخطأ الحسابات وحمق الممارسات.
إيهاب شوقي
هناك مشكلة فكرية دائمة لدى العدو الصهيو - أمريكي تتلخص في عدم إدراك حقيقة وجوهر عقيدة المقاومة، وبالتالي هذه المشكلة الكبرى تفتح الباب دومًا لسوء التقديرات وخطأ الحسابات وحمق الممارسات.
والعقلية الصهيو - امريكية هي الدرجة العليا من درجات العقلية الاستعمارية والتي لا تعترف سوى بالقوة المادية بعيدًا عن القوى الروحية، ولا تعترف إلا بقواعد تقليدية على رأسها قاعدة "فرق تسد"، كما لا تستطيع إدراك التحالفات بين الحركات والدول إلا تحت مبدأ الحرب بالوكالة.
هنا يمكن رصد الصورة الذهنية لدى معسكر العدو حول محور المقاومة، بأن هناك قوة اقليمية كبيرة هي ايران تحاول مد نفوذها الإقليمي عبر وكلاء في اليمن ولبنان والعراق، وخلق نفوذ في المحيط الحيوي لاعدائها بالتحالف مع سوريا ردًا على تحركات "اسرائيل" وامريكا في المحيط الايراني في آسيا الوسطى، وترى أن العصا والجزرة مع رأس المحور يمكن أن تنتزع التنازلات منها وبالتالي تنسحب التنازلات على جميع الجبهات.
ورغم أن محور المقاومة لم يقصّر في شرح عقيدته واستقلالية جبهاته، إلا أن العقلية الاستعمارية يبدو أنها لا تستطيع إدراك ذلك.
وعملًا بالواجب التذكيري، نود تذكيرهم مجددًا بأن المقاومة تنطلق من عقيدة الكرامة والحقوق ورفض المذلة واللين بين الحلفاء والشدة على الأعداء وأن هدفها الاستراتيجي المعلن هو زوال الكيان وطرد الوجود الاستعماري وعلى رأسه الأمريكي من المنطقة، وأن كل مكونات المحور مستقلة القرار ولا تعمل بالوكالة، وكلٌّ يعمل وفقًا لساحته وظروفه وكل المكونات تدعم بعضها البعض وتؤيد خيارات وقرارات بعضها البعض.
هذه الفجوة الفكرية تجعل حسابات العدو خاطئة، حيث يربط ملفات هي بالفعل منفصلة، ويفصل ملفات وساحات هي بالفعل مرتبطة، وهو نوع من العمى الاستراتيجي يقود إلى الحماقة.
الأمر اللافت الآخر، هو جنون بيع السلاح وتضخم نفوذ المجمع الصناعي العسكري في كل من امريكا والكيان المؤقت، فكلاهما يسعى إلى ترويج سلاحه مهما كانت المخاطر والمجازفات.
والجميع يعرف مدى التنافس في الحرب الباردة بين السلاح السوفييتي والسلاح الغربي، وقامت معارك كبرى على خلفية اثبات افضلية السلاح، وكم من معركة طالت كي لا ينتصر هذا على ذاك!
نرى حاليًا وضعًا مشابهًا، حيث تحرص أمريكا على ترويج اسلحتها في اوكرانيا، ولا شك أن استنزاف روسيا وتعطيلها وزيادة الكلفة عليها هي بند، ولكن البند الآخر هو الترويج لأسلحتها وزيادة مبيعاتها.
تفعل "اسرائيل" ذلك في اذربيجان عبر طائرات "هاروب" المستخدمة في ضرب الدفاعات الروسية في أرمينيا، وتحاول تحدي انظمة الدفاع الجوي الروسية في سوريا، وهو ما أدركته روسيا، وربما كان وراء بيان مركز المصالحة الروسي، حيث قال اللواء أوليغ إيغوروف إن الجيش السوري، خلال تصديه للهجوم الإسرائيلي، أسقط معظم الصواريخ باستخدام منظومات دفاع جوي روسية من منظومتي "بانتسير-إس-1" و"بوك".
وحاليا يزور رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي أفيف كوخافي أوروبا بهدف لقاء مسؤولين في بولندا وفرنسا، وهو ما يمكن قراءته من هذا المنظور، حيث التحديث للسلاح البولندي على انقاض السلاح السوفييتي، والتعاون مع منظومة السلاح الغربية الفرنسية، كجزء من اجزاء الزيارة لفرنسا.
ارقام زيادة المبيعات الامريكية للسلاح ارتفعت، وارتفعت معها ارقام قياسية لمبيعات الاسلحة الصهيونية، والمتابع لمقالات الرأي في الصحف الصهيونية يلمح انتقادات كبيرة لتضخم المجمع الصناعي العسكري الصهيوني على حساب المجتمع المدني وعلى حساب تردي الخدمات والاوضاع الاقتصادية، واتهامات مبطنة بأن القادة يتاجرون بالمخاطر الاستراتيجية والتهديدات الايرانية لزيادة ميزانية الحرب على حساب ميزانية الخدمات والسكان، وهو جانب جديد ولافت من جوانب الخلافات الداخلية الصهيونية في مجتمع ممزق داخليا.
خطيئتا عدم الادراك لجوهر محور المقاومة، والسعي المجنون لبيع السلاح، همها خطيئتان استراتيجيتان غاية في الخطورة، إحداهما تقود الى العمى والحمق والتورط والثانية الى المجازفات غير المحسوبة ومضمونة العواقب، وهما خطيئتان تعكسان ازمة أكثر من كونهما تعكسان غرورا أو فائض قوة.
/110
رقم: 565990