عديّ التميمي.. رجلٌ طارَدَ الكيان وجيشه
عدي التميمي، اسمٌ سيتوقف أمامه العدو مطولاً، حيث تجسدت الفدائية في رجل. فدائيةٌ جعلت من شابٍ في مقتبل العمر، من طحن كل جبال الخوف، وتفتيت كل سدود الرهبة، النابعة من وهم تحصُّن العدو الفائق، غير القابل للاختراق، رغم كل العمليات التي أثبتت وهن منظومته الأمنية، إلّا أنّ سرعة العدو في ترميم صورة تلك المنظومة، تعيد للأذهان والقلوب تلك الرهبة من تلك المنظومة.
عدي التميمي، هو الفدائي الذي أبهر العين بيقينه، قبل أن يبهر القلب بشجاعته. إنّه اليقين الذي يجعل الموت يأتيك صاغراً، يخيّرك من أيّ جنبٍ يأتيك، إن قبلت به ضيفاً، ويمسك في كلتا يديه المجد جزيةً، قبل أن تمتد يداه للروح مكافأةً. إنّه اليقين الذي لا يوازيه إلّا رسوخ الجبال، اليقين الذي يجعل من فلسطين أقرب.
إنّ الكيان المؤقت، الذي راهن على الوقت، حيث يموت الكبار وينسى الصغار، أصبح الوقت سيفاً مصلتًا على وجوده، فصار كياناً مؤقتاً وإن امتد الأجل قليلاً، فالصغار أصبحوا كباراً، يعرفون يقيناً أنّه الكيان المؤقت، فيذيقونه كأس المنون كلما حاول الهرب.
عدي التميمي رجلٌ طارَدَ "دولة" وليس العكس، لمدة 12 يوماً، وهي المدة الفاصلة بين عملية شعفاط وعملية "معاليه أدوميم"، وعلى مدار تلك الفترة كان عدي يطارد كيان العدو المؤقت، بكل ما أوتي من إصرارٍ على إثخانه، وقد أصابه بعمقٍ مرتين، مرتين عن حربٍ كاملة.
يقول المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع "إنّ لابيد يجب أن يعرف ما حدث قبل توجيه التحية للجيش، لأنّ ما حدث هو فشلٌ كبير"، كما اعتبر دورون كدوش مراسل إذاعة "الجيش"، أنّ هذه العملية هي فشل كبير للمنظومة الأمنية، وقال نوعام أمير المراسل العسكري لموقع "ماكور ريشون" إنّ "نجاح المطارد عدي التميمي بتنفيذ عمليةٍ أخرى يُعدّ شيئاً مخزياً للجيش".
ومن ناحيته قال المراسل العسكري يوئاف زيتون إنّه لا يذكر سابقاً قيام مطارد بتنفيذ عمليةٍ أخرى أثناء البحث عنه، كما قال المراسل العسكري للقناة 14 العبرية إنّ "هناك سؤالاً يجب الإجابة عنه، وهو أنّ كل أذرع المنظومة الأمنية، تلاحق عدي التميمي على مدار أيام، وفي النهاية نجح بالوصول إلى مكانٍ بعيد عن مكان اختفائه، وينفذ عملية جديدة، فكيف يمكن حدوث شيء كهذا؟".
إنّ هذا الإقرار بالفشل الخطير، ناهيك عن تقاذف الاتهامات، بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في الكيان المؤقت، يبرهن بالقطع هشاشة ذلك الكيان، وأنّ فدائياً واحداً استطاع مطاردة الكيان بأمنه وجيشه ومستوطنيه، على مدار 12 يوماً، أثبت أنّه الكيان الذي ما خُلق إلّا ليبلى لا ليبقى.
إنّ أخطر ما قام به عدي التميمي بالنسبة للاحتلال، هو النموذج القدوة، الذي سيشكل إلهاماً لفدائيين ينتظرون ما قضوا نَحبَهم، ويمثل صيحةً ونداءً أن اجعلوا من موتكم ثورة، فالعدو الذي احترف قتلنا، لا يفهم إلّا أن نهديه الموت أينما ولّى وجهه، في الشوارع وعلى الحواجز، في "تل أبيب" كما في القدس كما في نابلس وجنين.
عدي التميمي، رحلت وقد انتزعت من صدر العدو درعه الحصين، أمنه الذي يتحصن به ويراه غير قابلٍ للاختراق، رحلت وأبقيت لفلسطين رصاصاتك التي لن تصمت، وإن أوتي العدو آلاف الأعمار، سيجد آلاف عدي لينتزعها، فمع كل رصاصةٍ تصبح فلسطين أقرب، وكلما اقتربت سبابةٌ من زناد، كلما اقترب الكيان من الزوال.
/110