الشیخ غازي حنینة : ندعو الى إعداد مشروع مبرمج لصد هجمات الإنحراف عن الطريق الصحيح
قال رئيس مجلس الأمناء لدى تجمع العلماء المسلمين في لبنان " الشیخ غازي حنینة" : ندعو الحكومات التي تعاني وتستشعر مسؤولية شعوبها ومسؤولية أبناء وطنها وأوطانها لأن تتلاقى على المستوى الرسمي من خلال الجامعة العربية أو من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي ومن خلال جمعية الأمم المتحدة..لتتضافر جهودها من أجل إعداد مشروع مبرمج للتصدي لهجمات الإنحراف عن الطريق الصحيح وعن الخلق السليم وعن الفطرة الإنسانية التي فطر الله عزوجل الناس عليها.
"الشيخ حنينة"، صرح بذلك في كلمة ادلى بها خلال الاجتماع الافتراضي للمؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية الـ 37.
وافادت "تنـا"، ان نص كلمة رئيس مجلس الأمناء لتجمع العلماء المسلمين في لبنان، بالمناسبة، جاء على الشكل التالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار الميامين وعلى جميع عباد الله الصالحين من لدن آدم إلى قيام يوم الدين، وبعد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب السماحة والفضيلة السادة العلماء الإخوة والأخوات بمناسبة إنعقاد مؤتمر الوحدة الإسلامية في هذا العام الكريم وبهذه المناسبة أي مناسبة مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسأل الله سبحانه وتعالى بحق محمد وآل محمد أن يفرج الكرب عن الأمة الإسلامية ونحن نواجه التحديات تلو التحديات من قبل أعداء الأمة في الداخل والخارج.
الدعوة إلى التعاون أمر دعا الله عزوجل إليه في كتابه الكريم فقال تبارك وتعالى: "وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوىٰ وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ" والعمل المشترك من أجل إعداد جيل إسلامي والدعوة إلى المجتمع الإنساني عامة من أجل أن نستقطب هذا الجمهور الذي يعمل أعداء الإنسان وأعداء الإنسانية على إفساده وإضلاله أمر يدعو الله تبارك وتعالى إليه فقال تبارك وتعالى: "إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ أَلّا تَخافوا وَلا تَحزَنوا وَأَبشِروا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنتُم توعَدونَ". هذه آيات ومعها من الأحاديث ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولذلك النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام دعانا إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" ونحن نتعاون ونشد أيدي بعضنا البعض وخاصة ونحن نواجه هذه الهجمات التي تتعرض لها مجتمعاتنا الإسلامية في الأقطار العربية والإسلامية عامة وأبنائنا في المهجر المغتربين حيث أن هنالك الذين يسعون من أجل تحصيل العلم ولقمة العيش وتربية أولادهم تربية صحيحة التي تجعلهم نموذجا صالحا في المجتمع الإسلامي حيث ما حلوا لأننا نحن نؤمن بالإنسان المسلم الصالح أكثر من إيماننا بالإنسان المواطن الصالح لأن الإنسان المسلم الصالح أينما كان وأينما حل فهو كالمطر حيث ما وقع نفع فالله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حض على كل الفضائل حض على الصدق وحض على الأمانة وحض على العدل وحض على الرحمة وحض على التعاون وحض على التآخي وحض على أن نكون يدا واحدة وصفا واحدا وحثنا تبارك وتعالى أن نجتمع على ما فيه مرضاة الله سبحانه وتعالى ونصرة دينه تبارك وتعالى حيث قال: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".
وهذه الفضائل كلها هي مكونات الإنسانية بثها الله عزوجل في هذا المجتمع الإنساني وجاءت الشريعة الإسلامية لتؤكد عليها وتحث المسلمين على الأخذ بها والعمل بها والدعوة إليها والإلتزام بها ونشرها بين الناس أو بين المسلمين أولا وبين المسلمين وغير المسلمين أيضا لذلك عندما ندعو إلى أن يكون هناك تعاون إسلامي إنما نقصد من هذا التعاون مصلحة المجتمع الإسلامي ومصلحة المجتمع الإنساني عامة لأننا نحن نؤمن بأن الخير الذي أنزله الله عزوجل ليس حكرا لنا فقط وإنما هو للإنسانية عامة ولذلك عندما نقول الحمدلله رب العالمين فلا نقول رب المسلمين وإنما هو رب العالمين.
فهذه المخلوقات نحن في إعتقادنا ربها هو الله وخالقها هو الله ورازقها هو الله عزوجل الذي أنزل الشرائع من عنده تبارك وتعالى وختمها بشريعة الإسلام لما فيه مصلحة الإنسان عامة سواء أ كان أبيض أم أسود أو عربي أو عجمي أو أصفر أو أحمر أو غني أو فقير ولذلك الدعوة إلى القيم وبلورة القيم والسعي إلى تأكيدها والعمل على نشرها هي واجب على هذه الأمة. قال تبارك وتعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"، فقدم الله عزوجل مفردة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كجزئية من جزئيات الإيمان بالله تبارك وتعالى تأكيدا منه عزوجل على قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعانا أن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو باللسان ولو باليد وأدنى ذلك بالقلب وليس بعد ذلك من ذرة حبة من إيمان.
ولذلك اليوم هذه المجتمعات الإنسانية عندما تواجه ظاهرة نشر المخدرات بأنواعها وبأشكالها لإفساد جيل الشباب ولتضييع هذا الجيل بصحته وبعقله وبفهمه وبدينه بصرف النظر عن إنتمائه الديني وإضلاله وإخراجه من أن يكون إنسانا صالحا ليتحول إلى حالة هامشية لا قيمة لها، وأيضا من خلال الترويج لكل المفاسد ولعل آخرها في السنوات الأخيرة الدعوة إلى ما سمي تلطيفا للعبارة بالمثلية وعبر عنها بالميم وهي في الحقيقة خروج عن الفطرة أقصد الخروج عن الفطرة التي فطر الله عزوجل الناس عليها وهو أن يكون الذكر للأنثى والأنثى للذكر، فأرادوا غير ذلك أرادوا أن تكون الأنثى للأنثى وأن يكون الذكر للذكر وهذا خلاف الفطرة الإنسانية التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها.
ولذلك هذه الحرب الضروسة التي يمكن أن نسميها الحرب الناعمة اليوم هي نوع من أنواع الحرب الناعمة التي تشن على مجتمعات المسلمين وحتى على المجتمعات الإنسانية عامة ولكن نحن نتكلم إنطلاقا من إسلامنا أننا عندما ندعو إلى محاربة هذا الشذوذ عن الفطرة بممارسات النساء مع النساء والرجال مع الرجال إنما نحفظ مجتمعاتنا الإسلامية ونحفظ المجتمعات الإنسانية عامة لأن صلاح المجتمع الإنساني فيه خير الإسلام والمسلمين وصلاح المجتمع الإسلامي فيه خير للمسلمين وللناس أجمعين.
ولذلك الله تبارك وتعالى في أول نداء له في القرآن الكريم قال عزوجل: "يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم" ولذلك هذه الدعوة هي دعوة إنسانية. دعوة الناس هي جزء من رسالة الإسلام التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه فإننا نحن اليوم ندعو كل التوجهات الدينية من الإخوة المسيحيين واليهود غير الصهاينة وكل أتباع المذاهب الإسلامية إلى أن يكون فيما بينهم تعاون مشترك إنطلاقا من المفاهيم الإنسانية التي تجتمع عليها كل مكونات الإنسانية وهذه المفاهيم الإنسانية لا تتصادم مع شريعة الله وشريعة الإسلام بل هي تتوافق مع شريعة الإسلام وتتلاقى مع شريعة الإسلام لأن الذي أنزل هذه الأمور الفطرية هو الله عزوجل.
الله عزوجل هو الذي أنزل شريعته وهي شريعة الإسلام ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كُلُّ مَولودٍ يُولَدُ على الفِطرَةِ". نحن نولد على الفطرة التي فطر الله عزوجل الناس عليها. ولذلك نحن ندعو الحكومات التي تعاني وتستشعر مسؤولية شعوبها ومسؤولية أبناء وطنها وأوطانها لأن تتلاقى على المستوى الرسمي من خلال الجامعة العربية أو من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي ومن خلال جمعية الأمم المتحدة وأن يكون لهذه المجموعات الكتلة الإفريقية والكتلة الأسيوية مع المجموعة في أمريكا اللاتينية لأن نتعاون جميعا وأن نأخذ بأيدي كل المؤسسات الدينية الرسمية السنية والشيعية في الأزهر الشريف وفي المكة المكرمة وفي قم المقدسة وفي النجف الأشرف وفي دمشق وفي الزيتونة وأن تكون هذ المؤسسات كلها تتضافر جهودها من أجل إعداد مشروع مبرمج ويعرف كل واحد من أبناء هذه الأوطان دوره ومكانته في هذا المشروع للتصدي لهذه الهجمات الإنحراف عن الطريق الصحيح وعن الخلق السليم وعن الفطرة الإنسانية التي فطر الله عزوجل الناس عليها.
من هنا أنا أدعو مؤتمركم الكريم لأن يخرج بمقررات وبتوصيات من أجل أن تكون مشروع عمل تتبناه الهيئات الشعبية الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية والمنظمات الإسلامية في بلاد الإغتراب في أروبا وأمريكا وأستراليا وأمريكا الجنوبية أيضا وأن نتعاون جميعا للتصدي للهذه الهجمة الصهيونية الإلحادية التي يراد من خلالها إضلال أبناء الشعوب وتضييع خيرات هذه الشعوب من أجل أن يصلوا إلى غاياتهم الشريرة.
إنما قصدهم من كل ذلك هو إنقاص عدد سكان الأرض لأنه ضاقت بزعمهم الأرض بأهلها والله عزوجل يقول في كتابه الكريم: " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا". هذه الأرض خلقها الله عزوجل لتكفي بخيراتها الناس كل الناس حتى قيام الساعة ولذلك هذه المشاريع أي مشاريع الإفساد والإنحلال الخلقي وهدر طاقات الشباب من خلال المخدرات وغيرها إنما القصد منه محاربة الإنسان أي إنسان على وجه الأرض ونحن إنطلاقا من الإسلام ندعو إلى التعاون فيما بيننا وبين الآخرين فيما بيننا كمسلمين على إختلاف مذاهبنا وبيننا وبين غيرنا من المسلمين من الإخوة المسيحيين واليهود غير الصهاينة حتى أتباع المعتقدات الأخرى الذين يرون أن هذه الأمور تشكل خطرا على مجتمعاتهم أن نكون وإياهم على كلمة سواء نعمل من أجل التصدي لهذه الهجمة وإخراج المجتمع الإنساني من الحالة التي يراد لها أن يصل إليها وعند ذلك لا ينفع الندم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نهاية الكلمة