باحث اسلامي من ايران : المراة الفلسطينية نجحت في إثباتِ قدرتِها لمواجهةِ الكيان الصهيوني وتعزيزِ المقاومة
وفي كلمته خلال ندوة افتراضية بعنوان "دور المرأة في تعزيز المقاومة الإسلامية والفلسطينية"، اقيمت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في 17 كانون الثاني / يناير 2024، لفت "الاديب" الى، ان "المرأةَ الفلسطينية اليوم تنتهج ذات النهج الذي سلكـته زينبُ الكبرى بنت الإمام علي (عليهما السلام)؛ مبينا ان "ما يقال في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، بأن الدم انتصر على السيف، فإن عامل هذا النصر، كانت السيّدة زينب (س)، وإلا لكان الدم انتهى في كربلاء".
وفيما يلي نص مقال الباحث الاسلامي والناشط الثقافي في ايران خلال هذه الندوة الافتراضية :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
حديثـُنا اليوم عن المرأة ودورِها في تعزيز المقاومة الإسلامية والفلسطينية، فاليومَ نرى بعد أحداث الـ 7 من تشرين الأول/ أكتوبر من العام المنصرم وانطلاق عمليات "طوفان الأقصى"؛ أنّ المرأة الفلسطينية كإمرأة مسلمة نجحت في إثباتِ مسؤوليتِها الشرعيةِ والإسلاميةِ وقدرتِها لمواجهةِ الكيان الصهيوني وتعزيزِ المقاومةِ في مواجهةِ المؤامرات.
وبعد احتلال أرضها، أصبحت وليومنا هذا، المرأة الفلسطينية بمكانة يمكن أن تكون نموذجا لكل امرأة في العالم، لأنها بعطائها وتضحيتها بأولادها، وزوجها، وأحبابها في سبيل الله وحرية المسجد الأقصى، أظهرت مثالاً عظيماً على الصبر والمواصلة.
فهي أم الشهيد الصابرة، هي مفتاح القدس، هي مدرسة يتخرج من بين يديها الابطال والمعلمين والمهندسين والأطباء والعمال، صنعت التاريخ للحاضر والمستقبل، هي الأم والأخت والأسيرة والشهيدة والرفيقة، وهي الحياة بأكملها.
فكلُ التحيةِ لك أيتها المرأةُ الفلسطينيةُ العظيمةُ التي جسّدتِ أروع َآياتِ النضالِ والتضحية حُباً للوطن وحريته، فأنت اليوم مثالا لنساء العالم!
فإن المرأةَ الفلسطينية اليوم تنتهج ذات النهج الذي سلكـته زينبُ الكبرى بنت الإمام علي (عليهما السلام)، فإن ما يقال في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، أن "الدم انتصر على السيف"، فإن عامل هذا النصر، كانت السيّدة زينب (س)، وإلا لكان الدم انتهى في كربلاء.
فالمرأة الغزواية هذه الأيام، تحمل ذات المسؤوليات التي كانت يوما ما حملتها السيدة زينب (سلام الله عليها)، لأنّ مهمة السيدة زينب (عليها السلام) في كربلاء ودورها يعلّمان، مرأة اليوم، أن تكون حاملة راية العزة والكرامة ورسولةَ الصبر والمثابرة وأعظمِ آمرة بالمعروف وناهيةٍ عن المنكر وصانعة الأدوارَ الاجتماعية الكبيرة.
ربما نرى اليوم دورُ المرأةِ في غزة الأبية وفي دعم "طوفان الأقصى"، مشهودا على نحوين :
الأول، هو في مرحلة التجهيز والإعداد، فلم يعد هناك شك في أن عملية تأهيل كوادر المقاومة لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل تشمل أيضًا التأهيل التربوي والنفسي قبل كلِ شيء. يبدو جليا أن المرأة الفلسطينية لديها دور كبير في هذا الجانب.
فالأمهات الفلسطينيات نقلن قيمَ الصُمودِ والوطنيةِ إلى أبنائِهن. هؤلاء الأبناء نشأوا على الالتزام بالصلاة والحرص على حفظ كتاب الله وتعلق القلوب بالمسجد الأقصى. وهذه القيم أثرت في تصميمهم على الانخراط في المقاومة والتضحية من أجل الوطن والتمسك بالمسجد الأقصى.
وأما المستوى "الثاني" لدور المرأة الفلسطينية في «طوفان الأقصى»، فيتعلق بتداعيات ما بعد العملية، فقد اعتادت المقاومة الفلسطينية على أن يعقب كل عملية عسكرية لاستهداف الاحتلال، ردَ فعل منه؛ فإن ذلك الاستعداد جزء مهم من قدرات المقاومة ونجاح عملياتها.
فإن دور المرأة الفلسطينية في غزة يظهر في قدرتها على التحمل والصمود في وجه الاحتلال. إن تضحياتها تضيف صفحة جديدة في سجل نضالها، وتُثبت للجميع أن اختيارها من قبل الله تعالى لتكون في مقدمة الصفوف، لم يكن عبثاً.
فعلى الجانب الإيماني نادراً ما نجد امرأة غزاوية قانطة أو غير واثقة بالله ولم توكل أمرها إلى الله تعالى، فما أن يصل إليها خبر استشهاد ابنها أو زوجها أو أخيها أو أبيها أو أحدٍ من ذويها، حتى تحمد الله بصوتٍ عالٍ، مُؤكدةً بذلك على الرضا بقضاء الله سبحانه، فإنها ظلت مجاهِدةً بسلوكها، تحافظ بذلك على الحماس والرغبة في الاستمرار والمثابرة.
بلا شك أن المرأة الغزواية استمرت في الالتزامِ بتقاليدَ وقيمها الثقافية والدينية، رَغمَ كل الصعوبات والتحديات التي تواجهها. إن إظهار تمسكها بحجابها وتدينها في وسط هذا الدمار والقصف، سواء في حال نجاتها أو في حال استشهادها يعكس قوةَ إيمانِها وَعزمِها على المواصلة بالرَغم من كل الظروف الصعبة التي تواجهُها.
أما فيما يخص التضحيات، فالحديث طويل لا ينتهي، فالمرأة الفلسطينيةِ أضحت هدفاً رئيساً للاحتلال، فـ«إن الاحتلال الصهيوني» أخفق في مواجهة المقاومة؛ فصب غضبه على النساء والأطفال، فما تدل عليه الأرقام والإحصاءات فإن أكثر من 70% من شهداء الاعتداءات الصهيونية، من النساء والأطفال.
هذا من غير المأساة التي تعيشُه المرأة الفلسطينية كل يوم من العدوان، فطبقا لتقارير صادرةٍ عن الأمم المتحدة والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، فإن نحو 700 (سبعُمئة َ) ألف امرأة وطفلة نزحن نتيجة العدوان ولجأن إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأوُنُروا) والشوارع والخيام في ظروف صحيةٍ وإنسانيةٍ صَعْبَة.
ومن جانب آخر، إن الاعتداءات الصهيونية زادت من عدد الأرامل ِ في قطاع غزة بشكل كبير، وتقديرات تشير إلى أن العدوان أدى إلى إضافة أكثر من 1000 (ألفِ) امرأةٍ أرملةٍ تضطر إلى تحمّلِ مسؤوليةِ تأمينِ معيشة أسَرهِنّ بعد وفاة شركائهن. هذا يزيد من معاناة المرأة الغزاوية ويجعلها تتحمل أعباء مضاعفة.
أضف إلى ذلك محنة النساء الحوامل، فهي كاشفة ٌ لضمير العالَمِِ المُزيَف، ففي الوقت الذي غاب الحد الأدنى من الحياة الآدمية لنحو 50 (خمسين) ألف غزاوية حامل وشيكةَ وَضْع ِ حملهن خلال الأسابيع الآتية؛ ما اضطر بعضهن لوضع أبنائهن في الشارع وفي الخيام مع غيبة تامة لكل متطلبات الولادة الصحية الآمنة.
وعلى صعيد سياسة العقاب الجماعي المفروض من قبل الكيان الصهيوني على غزة ، بات من المستحيل وصول المساعدات من المواد الطبية والغذائية والطواقم الإغاثية إلى غزة، وذلك باستهداف الشاحنات وطواقم الإغاثة بواسطة جيش الاحتلال، حيث يواجه سكان القطاع خطر الموت جوعا، لا سيما مع انتشار الأمراض الناجمة عن نقص المناعة من قلة الغذاء وعدم تلقي العلاج وانتشار الأوبئة.
ما تم ذكره هو فقط جزء صغير من الواقع المؤلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، والذي لم يعد خفيا على الجميع. ومع ذلك، الصمت يسيطر على الموقف، و لكن كل ذلك لا يستطيع هزيمة إرادة وصمود المرأة الفلسطينية الصامدة في غزة.
آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نهاية المقال