اكدت الدكتورة "زهراء سلامي" وهي باحثة اسلامية واستاذة جامعية وناشطة ثقافية في الجمهورية الاسلامية الايرانية، ان السيدات يضطلعن بدور رئيسي في المقاومة؛ مستدلة بالمواقف المشرفة والشجاعة للنساء في قطاع غزة وقالت : إن نضال ومقاومة هذه النساء الواقفات إلى جانب الرجال الأحرار طوال أكثر من 70 عاماً من الاحتلال، هو أمر يستحق الثناء.
وافادت "تنـا" ان كلام هذه الباحثة الاسلامية الايرانية، جاء خلال الندوة الافتراضية التي اقيمت في طهران، تحت عنوان "دور المرأة في تعزيز المقاومة الإسلامية والفلسطينية"؛ برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، في 17 كانون الثاني / يناير 2024.
نص مقال "الدكتورة سلامي"، بالمناسبة، جاء على الشكل التالي :
بسم الله الرحمن الرحیم
دور المراه فی المقاومه الاسلامیه و الفلسطینیه
ان قضية المرأة تعتبر إحدى القضايا المهمة في مجال الفكر الإسلامي، وقد كان دور المرأة عبر التاريخ بارزا و ملحوظا؛ فمنذ بداية الإسلام، ضحت نساء مثل سیده خديجة (سلام الله عليها) بكل رأس مالها في سبيل الارتقاء بالإسلام الناشئ وتعالیه، وايضا السیدة فاطمة الزهراء (علیها السلام)، سیده نساء العالمین وقدوتهن التی قامت بالتضحیه بالنفس من اجل الاسلام والولایه والسیدة زينب (علیها السلام) مثال للصبر والمقاومة في حادثة كربلاء، وكان لها دورعظیم في ديمومة الإسلام ورفعته.
ومهما كتبنا عن شجاعة الرجال منذ بداية الإسلام وحتى الثورة الإسلامية، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل دور المرأة في تحقيق أهداف ومُثُل الإسلام المحمدي (صلى الله عليه واله وسلم) الخالص.
إن ثقافة التضحية والاستشهاد تنتقل من جيل إلى جيل منذ صدر الإسلام وحتى الآن هي في قلوبنا وهي أساس قيم الثورة والنظام الإسلاميين الذي يدين بالتضحية.
ونجد مثل هذه التضحية وروح الاستشهاد بین النساء الشجاعات الواقفات إلى جانب الرجال الأحرار، قاتلن وناضلن واستشهدن وصنعن الشرف في ساحات معركة الحق ضد الباطل. ويمكن رؤية هذه الروح بوضوح في النساء البطلات بغزة وفلسطين. نعم، إن نضال ومقاومة هذه النساء طوال أكثر من 70 عاماً من الاحتلال، هو أمر يستحق الثناء.
ومما لا شك فيه أنه أكثر من الاضطهاد ضد غزة، ينبغي أن نتحدث عن شجاعة نساء غزة ونتسائل، لماذا يقصف الصهاينة المناطق السكنية في غزة؟! يجب أن تجد الإجابة عند النساء الشجاعات، سيدات غزة الغيورات اللواتي ارسلن رجالهن إلى الميدان الجهاد رغم علمهن بأن العدو سوف يقصف بيوتهن ويدمر بيوتهن وعائلاتهن.
فارید ان اقول لکم دون المبالغة، أن المرأة تلعب الدور الأول في المقاومة. لماذا؟ لان هؤلاء الشباب والرجال الذين تحركوا للمقاومة وهاجموا العدو، لديهم أمهات وزوجات وأطفال وبنات، ولو لا موافقة وتضامن هذه النساء، لما ذهب هؤلاء الرجال إلى الجهاد، فکنّ یعلمن جمیعا بأنه إذا تحرك هؤلاء الشباب، ستنفجر القنابل وستقصف البیوت والاحیاء. وهناك نساء استشهدن، فعرفت هذه الأمهات أنه إذا ذهب أبناؤهن، أو ازواجهن، فسوف يتعرضن للقصف، وإذا كن خائفات، فلن يتمكن رجالهم من الذهاب.
ویمکن القول بان مثل هذا العدد من الشهداء بين النساء لم يسبق له نظير على مرّ تاريخ المواجهة بين الحق والباطل، كما هو الحال في غزة الیوم؛ فحسب آخِر الاحصائیات، منذ الیوم السابع من اکتوبر 2023 الی الیوم، تجاوز عدد الشهداء فی غزه أكثر من ثلاثه وعشرين ألف شهيد، معظمهم من الاطفال والنساء فی هذا المجتمع الصغير المقاوم، أی أن عدد الشهداء بين النساء والأطفال في غزه حتی الان، بلغ اکثر من سبعه آلاف شهیده وعشره آلاف طفل شهید.
الكيان الصهيوني المجرم والغاصب، يقصف منازل ومساكن سكان غزة لإزعاج النساء ومنع شبابهم من الاستمرار في المقاومة! وهم يعلمون جيداً أنه لو لم تكن نساء غزة مؤيدات للنِضال، لما وقف شبابهم ورجالهم بثبات مع النضال.
ولذلك لا ينبغي إهمال الدور الرئيسي للمرأة الشجاعة في المقاومة الفلسطينية؛ وكما هو الحال في سنوات الدفاع المقدس الثمانية، فإن دور أمهات وزوجات الشهداء في الدفاع عن كامل إيران الإسلامية لا يخفى على أحد. الأمهات اللاتي يتمنين أن يكون لديهن المزيد من الأولاد لتقديمهم في طريق الإسلام! فلم يوافقن فقط علی ذهاب اولادهم للجهاد والنضال، بل شجعنهم أيضًا. وهذا موضوع يستحق الاهتمام للغاية.
وإذا قارنا الامر مع فترة "الدفاع المقدس" (حرب الثماني سنوات المفروضة على ايران من قبل نظام صدام البعثي البائد في العراق 1980-1988)، حيث قدم الشعب الايراني أكبر عدد من الشهداء خلال القصف الذي استهدف مدينة دزفول (بمحافظة خوزستان - جنوب غرب ايران). لقد علم البعثيون بأن شباب دزفول لديهم دور خاص، ولهذا السبب عمدوا الى مهاجمتها أكثر من سائر المدن. لماذا هاجموا تلك المدينة؟ لكي تصل العوائل إلى درجه لا تسمح لشباب خوزستان، وشباب دزفول بالذهاب إلى الخطوط الأمامية للقتال.
في الحقيقة أرادوا استهداف ومهاجمة الرصيد الانساني التحفيزي والفكري لشباب خوزستان، لذلك قصفوا العائلات والنساء والأطفال هناك.
نحن لدينا تاريخ مثل هذه الدروس، لذلك لا بد من الإعلان أن المرأة اليوم هي الكلمة الأولى في صف المقاومة، هذه النساء هي نساء محور المقاومة، أمهات، زوجات، وبنات الشهداء، نجدهن في إيران وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن وفي سوريا، واليوم في غزة الصمود والعزة. حيث تقاوم أمهات الشهداء العزيزات اللاتي لا زلن يقدمن فلذات أكبادهن في سبيل العزة والكرامة، وفي سبيل شرف ومقدسات هذه الأمة.
تلك النسوة الصابرات، زينبياتُ عصرنا، حاملات رسالة كربلاء، هن شريكات النصر والجهاد في كل بقعة من بِقاع المقاومة.
نجد ذلك ايضا لدى أمهات شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان، كما هو الحال في نساء غزة اللاتي تعانين من الحصار وانقطاع الماء والكهرباء ولكل مقومات الحياة، لكن نجدهن لا يساومن ولا يتنازلن عن قضايا الأمة، مرددات شعار "هيهات منا الذلة"، ويقدمن فلذات أكبادهن قرباناً على مذبح الوطن والمقدسات، وحفظاً لكرامة الأمة كل الأمة.
نساء المقاومة في لبنان بطريقة وفي إيران بطريقة أخرى. عندما نتحدث عن كثب مع أمهات الشهداء، نرى الشجاعة ونكران الذات فيهن. والأمر نفسه حدث في دفاعنا المقدس، لذا ينبغي القول : بارک الله في نساء المقاومة اللاتي تحلين بالشجاعة والإيمان لنقلها إلى أبنائهن.
ان الثورات التي تقارع الظلم و الباطل وتقف في وجه الإستكبار هي تجل لملحمة كربلاء في كل آن و مكان، والمرأة التي تتسلح بالصبر على شدة البلاء و التضحية وتلتزم الإستقامة والعفَة وتنهض لنصرة الدين والدفاع عن الحرمات، هي بحق تجل للسيدة زينب الكبرى (س) في كل زمان ومكان، وان المرأة الفلسطينية اليوم بصبرها وتضحياتها ومساندتها لمشروع المقاومة، هي مصداق وتجل لمقولة السيدة زينب الشهيرة [ما رأيت إلا جميلا].
نعم لدينا الكثير من النساء الزينبيات اللاتي حملن هذا الشعار ومع كل ابتلاء ومصاب يرددن من صميم القلب [اللهم تقبل منّا هذا القربان].
المرأة ليست عنصرا مهمشا في التاريخ، بل هي في صلب الأحداث التّاريخيّة المهمّة ويُمكن أن يعطي حجاب وعفاف المرأة صورة للعزّة الجهاديّة، وأن يتحول هذا الحجاب إلى جهادٍ عظيم.
فمن واجبات المرأة المقاومة أن تربي جیلا صالحا علی نصره جبهه المقاومة الاسلامیه، طفلا فلسطينيا يهتف على الأنقاض ضد الکیان الصهیونی الغاصب ویقرأ آیات القرآن الکریم ویبشر المسلمین والمقاومه الاسلامیه بالنصر النهائی.
وها هي اليمن، حيث أصبح الأطفال متحمسين وأبطالاً! يرددون الهتافات ضد الكيان الصهيوني الغاصب والولايات المتحدة الامیریکیه، رغم استشهاد آبائهم وامهاتهم وتدمیر بیوتم؛ فذلك يجسد إحدى نتائج التربية الصحیحه لأمهات جبهة المقاومة.
في الحادث الارهابی الاخیر الذي طال مدینه كرمان (جنوب شرق ايران) المتزامن مع الذكرى الرابعة لاستشهاد سید شهداء المقاومه، القائد اللواء قاسم سليماني (رحمه الله)، شهدتم جميعاً أن عدداً من الشهداء والجرحى هم من الأطفال الذين ربتهم أمهات إيران المقاومات المدافعات عن جبهة المقاومة، فهولاء الأطفال کانوا یزورون مقام سيد شهداء المقاومه عندما نالوا مرتبة الشهادة.
في جنوب لبنان هناك نماذج کثیره عن المرأه المقاومه، مثلا السيدة هدى حجازي التي فقدت بناتِها الثلاث وأمها نتيجة قصفٍ إسرائيلي على منطقة في الحدود اللبنانية الفلسطينية، ومع ذلك كله، نجدها صابرة محتسبة كالعقيلة زينب، تردد كلمات ملؤها الصمود والمقاومه والشجاعه.
ونجد أيضاً أماً في غزة فقدت أبناءها تقول أبنائي ليسوا أفضل من الحسن و الحسين عليهما السلام..
ونجد أيضا الأمهات اللاتي شجعن أبنائهن من اجل الدفاع عن ضريح السيدة زينب (س) ابنة الكرار الامام علي ابن ابي طالب (عليه السلام) من كيد التكفيريين الدواعش أحفاد يزيد وبني أمية.
هذه هي مدرسة الشجاعة والصمود والصبرو المقاومه.. مدرسة انتصار الدم على السیف.
لقد سجل التاريخ بقلم النور، ان "الدم ينتصر على السيف وان المرأة وان سقط عنها واجب حمل السلاح، لكنها قادرة على ان تكون قيادية في ساحات جهاد التبيين؛ حيث الكلمة أشدُ وقعا على الظلم و الظالم من السيف المهند".
فکما صرح لنا سماحه القائد "آیه الله الخامنئی" کرارا، علی المرأه المسلمه الیوم اضافه الی الاهتمام بقضیه انجاب الاطفال وتربیه جیل مقاوم، ان تقوم بجهاد التبیین حیث توضح وتشرح حقائق الاسلام وتدافع عن المقاومه بکلامها و قلمها و کتابتها و عملها و تصرفاتها و فنها بکل ما عندها حتی تکون شوکه فی عین العدو. فیجب علیها تنویر الافکار و نشر الوعی و الحکمه والبصیره و ان تکون موثره اینما تواجدت.
فی الختام اسال الله عزوجل ان یجعلنا مقاومات صامدات متمسکات جمیعا بنهج زینب الکبری علیها السلام و ان ینصرنا و ینصر المقاومه الاسلامیه و السلام علیکم و رحمه الله.
نهاية المقال