باحثة اسلامية من لبنان : السيدة المعصومة (س) تجسدت في شخصيتها الفتاة الرسالية بكافة ابعادها
جاء ذلك في كلمة الاستاذة راغدة المصري خلال ندوة افتراضية نظمها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان "فاطمة المعصومة (س) قدوة الفتاة المسلمة"، وذلك احتفاء بذكرى ميلادها الميمون في 1 ذي القعدة 1445هـ الموافق 10 مايو 2024م.
فيما يلي نص هذا البيان :
بسم الله الرحمن الرحي م
يوم ولادة السيدة المعصومة (ع) يوم الفتاة المسلمة
الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآل بيت محمد الطيبين الطاهرين..السلام على السيدة المعصومة (س) في يوم ميلادها. هذا اليوم أطلقت عليه الجمهورية السلامية يوم الفتاة المسلمة، لما تمُثلّه السيدة المعصومة (ع) من نموذج للفتاة المسلمة والمرأة القدوة العابدة العالمة العارفة باحداث زمانها، حيث تجسدت في شخصيتها الفتاة الرسالية بكافة ابعادها الاجتماعية والسياسية.
السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهم السلام) سابع أئمة أهل البيت (ع)، هي أخت الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، من أمّه، نور من الانور المحمدية، بشّر بها الامام الصادق (ع) قبل ولادتها، نشأت وتربّّت في بيت العصمة، وعاشت في ظل ولاية أبيها الإمام الكاظم (ع) ست سنوات، ارتبطت بالامام الرضا(ع) ارتباطا وثيقا، فهو لم يكن مجرد الاخ فقط، بل كان الراعي والكفيل والمعلم والمربي، بعد أن زجّ هارون والدها في السجن إلى ان استشهد عام 183هـ.
نيت علاقتها بالامام الرضا (ع)، على معرفة تامة ويقين وبصيرة بمنزلة الامامة، وهي الفتاة التي تبوأت المقامات العالية في العلم والمعرفة و التقوى و الورع ، فاستحقت بذلك مع أصالة منبتها اقتران اسمها "بالمعصومة ".
هاجرت من ديارها سنة 201 هـ بصحبة بعض اخوتها للقاء أخيها عليه السلام، بعد أن وصلتها رسالة من أخيها الرضا (ع)، الذي غادرهم إذ استقدمه المأمون الى خراسان،
فكان سفرها لأداء تكليفها الشرعي بأمر من امام زمانها، حيث أنّ الحاجة اصبحت الحاجة ملّحة وضرورية، الى حراك سياسي يفضح سياسة المأمون وتزييف حقيقة قبول الامام الرضا(ع) لولاية العهد، التي تمت تحت الاكراه، مع شروط فرضها الامام (ع)، ولا تضفي الشرعية على الحكم العباسي القائم"، على أن لا يولي، ولا يعزل أحداً، ولا ينقض رسماً ولا سنة ".
فكانت هجرتها حراك سلمي، ومحطة إعلامية متنقلة، تظهر الحقيقة للناس، خلال مسيرها في الطريق، فأينما حلت كانت تبيّن مظلومية أخيها وغربته، ومعارضته للحكم العباسي.
حقق حراك السيدة المعصومة (ع) نصرا خُلد في التاريخ، ومن أبرز الدلائل على ذلك :
- التفاف الناس حولها إذ شكلّ حراكها صدمة دفعتهم للتسائل عن سبب خروج كريمة أهل البيت من المدينة المنورة وسلوكها ذلك الطريق.
- أثار تحركها خوف السلطة الحاكمة واعوانها فعملوا على تتبع أخبارها وملاحقتها في مسيرها، إلى أن اعترضوا طريقهم في «ساوه» وحصلت معركة استشهد فيها غالبية من معها.
- مرضت بعدها مرضا شديدا أدى الى وفاتها، وكانت قد طلبت بإيصالها إلى مدينة قم، فقد كانت على معرفة بوجود الأشاعرة فيها وقد عرفوا بولائهم لأهل البيت عليهم السلام، وكان كبيرهم قد حارب مع زيد في ثورته، واضطهدوا كثيرا من قبل الحجاج، مما اضطروا إلى هجرتهم والإقامة في قم، وقاموا بنشر العلم والمعرفة فأصبحت مركزا ثقافيا استمرت عطاءاته إلى يومنا هذا، حتى باتت قم مهوى قلوب وعشاق أهل البيت ومنارة لرفض الظلم والاضطهاد خاصة بعد أن حضنت تربتها الجسد الشريف للسيدة المعصومة، بعد أن بقيت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام فيها 17 يوم اً، كانت مشغولة فيها بالعبادة والدعاء في محل يسمى «بيت النور» ويقع الآن في مدرسة «ستيه».
وأخيراً حانت منيتّها في العاشر من ربيع الثاني «أو الثاني عشر منه على قول» قبل أن تحظى برؤية أخيها.
سَجلَ مكان وجود مرقدها الشريف في الخالدين حكاية امرأة :
نصَرت... فانتصرت، وأضحت مشفعّة بالمؤمنين يوم القيامة، حتى جاء في زيارتها المأثورة؛ [يا فاطمة اشفعي لي في الجنة فإن لك عند الله شأناً من الشأن...].
كما حمل حراكها ابعاداً هامة تشكل منارة للفتاة المسلمة المعاصرة:
البعد العقائدي الذي عكس مدى الايمان والارتباط بالامامة والدفاع عنها مهما كانت التضحيات .
-بعُد الالتزام بأوامر القيادة، والعمل بوعي وادراك وليس بالعاطفة، فالسيدة المعصومة)ع( لم تخرج من بيتها إلا بعد استلامها الرسالة من أخيها(ع) بالرغم من شوقها له وقلقها عليه.
-البعد الجهادي: وهو من صميم جهاد المرأة، دورها في التصدي للظلم، والعمل على بثّ الوعيّ، والمعرفة وفضح الأعداء، ويشهد على ذلك الدور الاعلامي البارز الذي قامت به النساء الرساليات القدوة النموذج ،حيث بينتّ نجاحهن في الدفاع عن الدين ومبادئه، والتصدي لسياسة الحكام المتعاقبين من السيدة الزهراء (ع)، مرورا بالسيدة زينب (ع)وصولا الى فاطمة المعصومة(ع) فكن صوت الائمة والعقيدة (ع).
في يوم الفتاة المسلمة ميلاد السيدة المعصومة عليها السلام ، نوجه تحية إجلال وإكبار إلى الفتاة الرسالية في فلسطين الجريحة، وإلى المرأة المجاهدة، المرابطة، الأسيرة، الجريحة، المرأة الصابرة الثابتة ببصيرتها ووعيّهّا، ويقينها بالنصر آت.