جاء ذلك في مقال الدكتورة الحائري، خلال ندوة بعنوان "السيدة فاطمة الزهراء (س) انموذج على مدى التاريخ"، نظمها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، احتفاء بذكرى ولادتها الميمونة يوم الاربعاء 25 كانون الاول / ديسمبر 2024م).
واوضحت هذه الباحثة الاكاديمية العراقية : ان السيدة الزهراء سلام الله عليها، هي الشخصية الفذة التي اتخذت موقع القياده في الاسرة، بحيث كانت انموذجا للزوجه الصالحه التي اخذت جانب الامتثال والطاعه وارساء المبادئ الاساسيه في بناء الحوار المتبادل بين الزوج والزوجة.
وفيما يلي نص هذا المقال :-
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاه والسلام على محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين.
نبارك للامة الاسلامية وجميع نساء العالم الاسلامي ولاده الطهر والعفاف ام الحسنين (ع) ريحانة رسول الله (ص) سيدة نساء العالمين فاطمه الزهراء سلام الله عليها.
ونبارك للمراه المسلمه هذا اليوم الذي اتخذه الامام الخميني قدس الله نفسه الزكية، يوما للمراه المسلمه ليكون رمزا لتكريم المراه ودورها العظيم في المجتمع، مستوحى من شخصية الزهراء سلام الله عليها، التي جسدت اسمى القيم الانسانيه والاسلاميه مثل الايمان والتضحيه والشجاعه والفداء.
هذا الدور، نحن من هذا المنبر نود ان نسلط الضوء على الشخصية القياديه والرياديه للزهراء سلام الله عليها، والذي ارسى هذا الدور، اسسه رسول البشريه محمد صلى الله عليه واله، حينما قال [فاطمة سيد النساء العالمين].
من هذا المنطلق سيده نساء العالمين والتي تعني الشرف وسمو هذا المقام الرفيع، لنرى شخصيه الزهراء سلام الله عليها وهي تمتكل الدور الريادي والقيادي في الامة، هل ان هذه الشخصية كانت شخصيه قياديه من حيث المناصب السياسيه والرياديه؟، هل نعني بالشخصيه القياديه، كانت الزهراء سلام اله عليها تطلب الجاه والمكانة والرفعه، لو انها الكنيه بمعنى القائده في الاخلاق الساميه، القائده في المبادئ الاسلاميه، الرائده في قيامة المجتمع نحو الأهداف والأخلاق والمبادئ الاسلاميه الرساليه؟.
القيادة الحقيقيه هي ليست تفصيل وليست رئاسه مكانه محددة تأخذ في المجتمع، هل الزهراء كانت تحتاج الى ذلك وهي ابنه سلطان الامه وزوجة الولي والخليفة من بعده، وام قاده هذه الامة الحسن والحسين؟
فهلا كانت الزهراء تطلب هذه المكانه؟! نحن نعلم ان للزهراء سلام الله عليها ادوار مختلفه ومتعددة، في المجتمع، لكن الجانب القيادي والريادي هو الابرز في حياه الزهراء (س).
لنتصفح حياه الزهراء، ونرى كيف اكتفلت هذا الدور الريادي، حتى نحن نقرب للمراه المسلمة الدور المهم الذي ينبغي ان تاخذه في المجتمع امتثالا من القدوه الحسنه للزهراء سلام الله عليها.
كثير ما تطلب النساء قدوات ومثلا في المجتمع، كالمثل التي تتخذها المراة المعاصره اليوم، لترى من هم في الساحه يعتبرونهم نجوما من النساء الممثلات او المطربات او غيرهن، فهلا تكون هذه هي المراة النموذجية للمراه المسلمه المعاصره اليوم؟، ام اننا ناخذ مثل من التاريخ لكي تكون هي لنا القدوات، وهي المثل الصالحة التي تنسجم مع حياتنا وطبيعه مجتمعاتنا.
الزهراء سلام الله عليها، كانت الشخصية الفذة التي اتخذت موقع القياده سواء في الاسرة بحيث كانت انموذجا للزوجه الصالحه التي اخذت جانب الامتثال والطاعه وارساء المبادئ الاساسيه في بناء الحوار المتبادل بين الزوج والزوجة؛ فما اشتكت يوما وما طلبت شيئا وما اخذت على امير المؤمنين (ع) يوما بحيث انها تكون عاصية له والعياذ بالله، بل انها كانت موافقة له، ومساعده ومشاركه له في كثير من مراحله الجهاديه والتضحوية وغيرها.
اما من جانب التربيه، فقد كانت اما حاميه ومربيه قائده، يكفيها انها خرجت قادة لهذه الامة، أمثال الامام الحسن والحسين (عليهما السلام)، وزينب (سلام الله عليها)، الذين اصبحوا هم قاده الامة، نحوا القيم والمبادئ الانسانيه.
رغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الزهراء (س)، لكنها كانت تدير الاسره اداره حكيمه، بحيث انها كانت تبتدئ على اسس الاحترام والتقدير وامتثال الادوار بكل صبر ورضى وحنان.
اما الريادة الاجتماعية في المجتمع، فكانت أيضا هي قائدة ورائدة، بحيث كانت تعلم نساء المدينه كيف يمكن ان يكنّ قيادات في فهم الدين وفي ارساء معالم الدين؛ كانت لا هناك دروس ودورات، وأصبحت بيتها مدرسه لتعليم الاحكام والمفاهيم الإسلامية، فقادت هذه الامه وقادت هذه النساء نحو معرفه الاحكام.
فكانت عليها السلام، مصدرا والهاما لهن، يكي يلتزمن بالقيم الاسلاميه، وكانت ايضا نموذجا في التكافل الاجتماعي رغم انها هي كانت ضعيفه الحال.
اما لو اخذنا موقفها الريادي والقيادي في وقوفها دفاعا عن خط الولاية، فهذا موقف مهم جدا في الوقت الذي كانت فيه المراة انذاك لم يكن لها مكان يحسب لها.
كانت الزهراء عليها السلام، تقف الموقف الشجاع والجريئ لكي تقف امام سلطان ذلك الزمان، والخليفة الاول في مسجد رسول الله (ص)، الذي يعتبر هو مكان السلطة ومكان الحاكمية واعلى مكان اطلت الزهراء عليه، لتقف بكل جرأة معلنة الحق، وتصرخ بصوت الحق، لتنبه الامة عن خطورة الانحراف الذي قد انجرت اليه؛ مؤكدة بان "الامامة هي ليست مجرد شأنا سياسيا؛ قد يتصور البعض انها مكانة سياسية ومرمقا سياسيا ارتقوا اليه.
لا، ان الامامة الذي تطلبها للامام علي (ع) والمنصب، هو ليس منصبا سياسيا، بل هو ركن اساسي لحفظ خط الولاية، وخط الامامة، ولحفظ هذه الامة وعدم تمزقها.
فبهذه الخطبة الفدكية الشجاعة التي القتها الزهراء (س) امام المسلمين وامام كبار اسيارهم، ثبّتت عدة نقاط :
اولا - ثبّتت الحجة على الامة بان الامامة هي امتداد للنبوة، حيث قالت [جعل طاعتنا نظاما للملة، وامامتنا امانا من الفرقة]، يعني في هذا المقطع من الخطبة، بينت السيدة الزهراء (س) بان الامامة هذه ليست مجرد منصب بل هي ضرورة للحفاظ على هذه الامة وتماسكها.
النقطة الثانية - حذرت الزهراء (س) من الابتعاد عن خط امير المؤمنين (ع)، حيث وجهت الكلام لهؤلاء الناس وبينت مكانتها، انه "حينما اتحدث فإني لست كأمراة عادية، بل انا اتحدث بصفتي بنت رسول الله(ص)"، حيث قالت - [اَیُّهَا النَّاسُ! اِعْلَمُوا اَنّی فاطِمَهُ وَ اَبی مُحَمَّدٌ، اَقُولُ عَوْداً وَ بَدْءاً، وَ لا اَقُولُ ما اَقُولُ غَلَطاً، وَ لا اَفْعَلُ ما اَفْعَلُ شَطَطاً، اَما لَعَمْرى لَقَدْ لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَما تُنْتِجْ ثُمَّ احْتَلِبُوا مِلْأَ الْقَعْبِ دَما عَبيطا وَذِعافا مُبيدا، هُنالِكَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ].
هذه الكلمة الجريئة التي بينتها في هذا النص، فهي تحذر الامة من ان تبعات هذا التخاذل عن نصرة امير المؤمنين (ع)، انه سيجر عليهم الويلات، لذلك حاولت ان تحذر الامة من ان يتقاعسوا عن نصرة امير المؤمنين عليه السلام.
وفي النقطة الثالثة – بينت الزهراء (س) فضائل امير المؤمنين (ع)، متسائلة- [مَا الَّذى نَقَمُوا مِنْ أَبى الحَسَنٍ؟! نَقـَمُوا وَاللّه من نكير سيفه وشِدَّةَ وَطْأَتِهِ وَ نَكالَ وَقْعَتِهِ.. وَتَنَمُّـرِهِ فى ذاتِ اللّه].
يعني ان سبب معاداة امير المؤمنين (ع) هو وقوفه الى جانب الحق، ونصرة الاسلام والدفاع عن الحق.
النقطة الاخرى الجريئة التي اتخذتها الزهراء سلام الله عليها للوقوف الى جانب خط الولاية والدفاع عنها، هي انها قالت في استحقاق علي (ع) للولاية، [والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إليه، لاختلفت عليهم دعائمه.. واقامهم على منهاج قويم واحكم لهم الامر حكما حكما]. فهذا الدور هو المهم، ان يعرف الانسان بانه لو اعطيت الخلافة الى أهلها لاقاموها ووضعوا كل شيء في مكانه.
ثم بينت الزهراء (س) الدور الاهم، انه لابد من توعية الامة، من ان الامة وصلت الى نوع من التغابي ونوع من الانكار للحق، فبدات (سلام الله عليها) بطريقة عاملية تذهب الى بيوت الأنصار وتنبهم وتطرق باب بابا، تاخذ عليا (س) معها وتذكرهم بما اخذه الرسول (صلى الله عليه واله) منهم من عهد لامير المؤمنين (س)، حيث قالت - [ايها الناس اما تستحون ان تقضموا حق علي (عليه السلام) او تقضموا حق ابي الحسن، اما كان رسول الله (ص) يقول علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيث ما دار].
هذه الادوار وهذه المواقف هي تذكير لهذه الامة بحديث متواتر جاء عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، في اثبات احقية امير المؤمنين (س).
هذه المواقف عندما نستقرئها في شخصية الزهراء سلام الله عليها، تبين الموقف القيادي والريادي في شخصيتها العظيمة، وهي في الحقيقة اثبات لكل امراة مسلمة، بانه كيف يمكن للمراة ان تساهم في بناء المجتمع وان تبني شخصيتها بشكل متوازن، اي اتخاذ الدور المتوازن في الاسرة والمجتمع وحق الله وبيان الجانب السياسي.
فحري بكل امراة مسلمة في هذا العصر وفي كل عصر، ان تقتدي بالزهراء سلام الله عليهان لتكون منطلقا في حياتها الرسالية والسياسية والاجتماعية.
نسال الله سبحانه وتعالى ان يأخذ بايدينا نحو نصرة الحق أينما كان وان نجعل الزهراء سلام الله عليها، نصب اعيننا محورا قياديا يقودنا نحو الحق والحمد لله رب العالمين.
انتهى