في إطار محاولات تحرير قطاع الاتصالات، أقدم الوزير الإسرائيلي المختص موشي كحلون على إنهاء إحتكار شركات الهاتف الخلوي وإفساح المجال لدخول شركات جديدة، الأمر الذي قاد إلى تخفيض تكلفة الهاتف بنسبة كبيرة.
وهكذا فجأة صار التنافس بين الشركات على توفير خدمة هاتف خلوي تشمل خدمة الانترنت المفتوح ومكالمات داخلية بلا حدود بسعر لا يتجاوز خمسة وعشرون دولارا في الشهر.
وألهم التفاعل الشعبي الإيجابي مع هذه الخطوة الوزير نفسه على محاولة تخفيض أسعار أجهزة الهاتف الخلوي من خلال تحرير هذا القطاع من الاحتكار والسماح لمستوردين مستقلين باستيراد الأجهزة من كل مكان. غير أن الوزير دخل هنا، من حيث لا يدري، في دائرة المحظورات الأمنية، فالجيش وقف له بالمرصاد وأعلن أن استيراد هذه الأجهزة يضر بقدرات منظومة «القبة الحديدية» ضد الصواريخ.
وهكذا في لجنة الاقتصاد في الكنيست اعترض ممثل الجيش الإسرائيلي قائلا إن تحرير هذا القطاع يخلق مشكلة أمنية خطيرة. وقاد هذا الاعتراض فورا إلى تأجيل توقيع الوزير المختص على أمر تحرير القطاع بانتظار أن يعرض وزير الدفاع خلال فترة محددة أسباب اعتراض الجيش.
وكان الوزير كحلون قد أصدر أمرا يقضي بأن استيراد أجهزة الهاتف الخلوي إلى إسرائيل لا يتطلب «إذنا خاصا» من وزارة الاتصالات، وأن المطلوب من المستورد فقط هو إثبات أن الأجهزة المستوردة تتلاءم مع المواصفات الأوربية أو الأميركية.
وفي البداية أبلغ ممثل الجيش في لجنة الاقتصاد المقدم آشير بيتون اللجنة أن هناك في السوق العالمية أجهزة خلوية تعمل على موجات يمكن أن تشوّش عمل منظومات أمنية حساسة وممنوع استخدامها في "إسرائيل".
وأوضح أن "إسرائيل" تمنع حتى الآن إدخال الأجهزة التي تملك قدرات كهذه إلى أن يثبت المستورد أنه طلب من الشركة المنتجة تعديل المنتج وفقا للمواصفات الإسرائيلية. وأشار إلى أن التعديل الجديد في قانون الاستيراد قد يجعل مهمة مراقبة هذه الأجهزة أكثر صعوبة وأن الجيش يريد معرفة طرائق التأكد من عدم دخول هذه الأجهزة.
وحذّر ممثل الجيش في المداولات بأن إستيراد أجهزة خلوية من دون رقابة كفيل بتشويش عمل بطاريات الدفاع ضد الصواريخ من طراز «القبة الحديدية» بسبب الموجات التي تبث عليها. وشددت مصادر في الجيش الإسرائيلي على أنه لا يمكن الإسهاب في هذا الشأن وكشف تفاصيل عن أنواع التشويش المحتملة لأن ذلك ينطوي على مخاطر أمنية. كما رفضت مصادر الجيش تحديد أنواع الهاتف الخلوي التي يخشون من إستيرادها أكثر من غيرها.
ورد الوزير كحلون على ممثل الجيش قائلا إن الوزارة سبق وأوقفت مرارا استيراد أنواع معينة من الهواتف بناء على طلب الجيش. وقال إن بين هذه الأجهزة التي طلب الجيش في الماضي منعها جهاز «آي باد» الذي تم تصنيفه على أنه خطر أمني وهو ما وضع الأمر في موضع السخرية عندما تبين أن التحذير لم يستند إلى أساس.
وقال كحلون مخاطبا الجيش: «كفّوا عن التهديد بأنه بسبب بضعة هواتف خلوية ستسقط علينا الصواريخ. ينبغي لنا أن نتقدم، والجيش ليس بوسعه عرقلة التقدم، إننا "دولة" لديها جيش ولسنا جيش لديه دول،. ولا يجوز أن يواصل الجيش تهديدنا لأنه بسبب الإصلاح ستسقط علينا الصواريخ».
وأضاف كحلون أن المئات من السياح الأجانب يحملون أجهزة هاتف خلوية لم تخضع للرقابة في إسرائيل ولم نر أثرا سلبيا لذلك على الأمن الإسرائيلي.
وأشارت صحيفة يديعوت " أن رئيس الأركان بني غانتس طلب من وزير الدفاع إيهود باراك العمل ضد الإجراءات الجديدة في وزارة الاتصالات خشية العواقب الأمنية الخطيرة".
وفي أعقاب طلب غانتس طلب باراك من المدير العام للوزارة الجنرال أودي شني فحص الأمر. وقد أرسل شني، رسالة إلى رئيس لجنة الاقتصاد عضو الكنيست كرميل شامه، طالبا منه باسم رئيس الأركان الجنرال بني غانتس تأجيل سريان أمر تحرير استيراد أجهزة الخلوي الجديدة إلى حين الرد النهائي للجيش. واستندت الرسالة إلى رأي خبير قدمه قائد سلاح التكنولوجيا في الجيش قال فيه أن استيراد أجهزة خلوية من دون رقابة ينطوي على «عواقب أمنية خطيرة جدا».
عموما يدور الحديث عن أجهزة الهاتف الخلوي المتطورة وبينها «آيفون» ٤S، و«أي باد»، و«سامسونغ غالاكسي» S٢ و S٣ وأنواع متطورة من هواتف HTC خصوصا تلك التي يمكنها أن تبث لاسلكيا. ومعروف أن وكالة شركة «سامسونغ» في إسرائيل تخلت تماما عن فكرة استيراد جهاز «غالاكسي نيكسوس» بسبب رفض شركة غوغل تعديل عناصر WiFi فيه وتكييفها للمتطلبات الإسرائيلية.
ومعلوم أن أجهزة الهاتف المصدّرة إلى إسرائيل مضطرة لنيل إذن هندسي من وزارة الاتصالات وهو ما ينص الأمر الجديد على إلغائه.
صحيفة السفير- حلمي موسى