كاتب تركي: إن الوصول الى نقطة الصدام العسكرية هو نتيجة طبيعية للسياسة الخارجية المعلولة لتركيا ولا ضرورة لهذا التحشيد في خط العداوة مع النظام السوري إذ إن المخاطر تعادل الانتحار
صحيفة السفير
المعارضة التركية ترفض الرد العسكري: الحكومة ملومة على سياستها تجاه سوريا
تنا - بيروت
26 Jun 2012 ساعة 22:47
كاتب تركي: إن الوصول الى نقطة الصدام العسكرية هو نتيجة طبيعية للسياسة الخارجية المعلولة لتركيا ولا ضرورة لهذا التحشيد في خط العداوة مع النظام السوري إذ إن المخاطر تعادل الانتحار
لم تخرج لقاءات رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مع زعماء المعارضة بخيار الرد على سوريا بالمثل، فيما حملت الحكومة التركية القضية الى حلف شمالي الأطلسي الذي سيجتمع اليوم من دون توقع أي خطوات نوعية لجهة الدعم العملي لتركيا في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية التي تلف القضية، كما في ظل الفتور الذي تواجه فيه المعارضة التركية سياسات حزب العدالة والتنمية تجاه سوريا.
وكان لافتاً ان المعارضة أبلغت اردوغان تضامنها معه بشأن تحميل سوريا مسؤولية إسقاط الطائرة من دون توجيه أي إنذار مسبق، وهو ما يجب ان تعمل تركيا على متابعته على الصعيد القانوني. لكن أحداً منهم لم يفوّض اردوغان القيام بأي خطوة عسكرية. وكان جلياً إنتقاد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار اوغلو لسياسة أردوغان الخارجية عندما دعاه الى التصرف بهدوء وبعقلانية. أما زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي فإذ انتقد سوريا إلا أنه اشار الى وجود «سياسات تتبعها حكومة حزب العدالة والتنمية» تجاه سوريا في اشارة الى أنه لا يدري ما اذا كانت الحكومة قادرة على مواجهة التحديات بسياساتها الحالية.
واختصرت صحيفة «أقشام» موقف المعارضة من تحركات الحكومة بالقول إنها تدعم «القوة الناعمة». وقالت الصحيفة إن الزحمة السورية التي تشغل بال أنقرة دفعت رئيس الحكومة الى لقاء زعماء المعارضة، وقد أشار معهم الى ان المسألة «وطنية وتتطلب الوحدة والحكومة تراعي المصالح الوطنية لتركيا».
أما زعماء المعارضة فقد أبدوا من جهة دعمهم وإنتقدوا من جهة ثانية. المعارضة ردّت على اردوغان بأنه «يجب استخدام القنوات الدبلوماسية حتى النهاية وأن تتحرك تركيا بالتنسيق مع المجتمع الدولي وأن تقوم الحكومة بإطلاع البرلمان التركي على المعطيات كاملة.
وبدا جلياً أن خيار الرد العسكري بالمثل غير مطروح بتاتاً رغم ان مصادر عسكرية قالت لصحيفة «ميللييت» إن تركيا سوف تمارس حق المبادلة بالمثل تجاه سوريا إن لم تعتذر الأخيرة وتدفع تعويضات. وهو حق يمنحه لها القانون الدولي. وقالت المصادر إن تركيا قد تلجأ الى خطوات عسكرية تتمثل في انتهاك المجال السوري بطائرات تركية وفي حال تم إسقاطها من قبل سوريا فإن الطائرات التركية سوف تقوم بتدمير الدفاعات الجوية السورية قرب اللاذقية أو تقوم بإسقاط مقاتلة سورية. لكن المصدر أضاف إن «هذا الخيار يعني الذهاب الى حرب بين البلدين لذا ستجرب تركيا كل الوسائل الأخرى قبل اللجوء الى هذا الخيار.
ولكن استبعاد الخيار العسكري لا يأتي بمعنى تخطي القضية بل إن صحيفة «حرييت» كتبت ان سياسة انقرة هي انه «لا حرب، لكن لن تمر الحادثة من دون عقوبات». لكن الصحيفة نقلت عن مسؤولين اتراك تحميلهم الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية إصدار الأوامر بإسقاط الطائرة، وقالت إن تركيا «لاحظت ان سوريا لم تعتذر واكتفت بالأسف. وتبعاً لمسؤولين اتراك فإن سوريا لم تتحرك كي تعاقب المسؤولين الذين أعطوا أوامر بإسقاط الطائرة. وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه فإن التقدير الذي ستخرج به انقرة هو أن نظام الأسد هو الذي أصدر أمر إسقاط الطائرة؟.
ويكاد يكون هناك إجماع بين مختلف الكتّاب على أن خيار الرد العسكري مستبعد لأكثر من مخاطرة.
وفي هذا الإطار كتب قدري غورسيل في «ميللييت» ان «الانطباع الذي خرجت منه من حوار (وزير الخارجية التركي) احمد داود اوغلو مع التلفزيون التركي هو ان الخيار العسكري ليس مطروحاً على الطاولة. فالجملة الشهيرة التي كان يحلو له أن يتلفظ بها وهي «نحتفظ بحقنا في الرد بالمثل» لم يتفوّه بها.
«ومهما يكن فإن الرد العسكري ليس خياراً. اذ ان كلفة هذا الخيار كبيرة سياسياً واقتصادياً. فقد تبين ان القدرة العسكرية التركية غير مؤهلة لمواكبة طموحات السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية. وماذا سيحصل لتركيا المرتبطة على صعيد الطاقة بروسيا وإيران؟ وماذا سيحصل للمسألة الكردية التي يلعب بها الجميع؟.
وحمل الكاتب بشدة على سياسة حزب العدالة والتنمية قائلاً: «وفي المحصلة إن الوصول الى نقطة الصدام العسكرية هو نتيجة طبيعية للسياسة الخارجية المعلولة لتركيا ولا ضرورة لهذا التحشيد في خط العداوة مع النظام السوري. إذ إن المخاطر تعادل الانتحار».
صحيفة السفير - محمد نور الدين
رقم: 99765