استنكاراً لحرق وتمزيق المصحف الشريف في السويد وهولندا، عُقد في تجمع العلماء المسلمين لقاءًا علمائيًّا حاشدًا بحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، ووفود تمثل الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.
وأكّد المجتعمون، أنّ ما قام به أحد المجرمين في دولة السويد من حرقٍ للمصحف الشريف وما قام به مجرمٌ آخر في هولندا من تمزيقٍ للمصحف، ليس عملاً منفرداً منفصلاً عن سلسلةٍ من الأعمال التي تستهدف المقدسات الإسلامية وفي أكثرِ من بلدٍ أوروبي، وهو يأتي ضمن مخطّطٍ مشبوهٍ يهدُف للتحريض على الاقتتالِ الدّينيِّ الذي سيؤدّي حتماً إلى تدمير المجتمعات الأوروبية، كذلك دعا المجتمعون حكومات العالم الإسلاميِّ لاتخاذ القرارات المناسبة باتجاه هكذا أعمالٍ تمسُّ بقدسية القرآن الكريم الذي هو أساس ومصدر التّشريع في أكثر دساتيرهم، وقطع العلاقات مع هذه الدول حتى تَتّخذ الإجراءات الكفيلة بوقف هكذا أعمال.
الشيخ الخطيب، لفت في كلمته إلى "أنّ التشويه الإعلامي اللاأخلاقي الذي يجيده الغرب وهو ما نحن بصدده، والذي لم يتوقّف أبدًا عبر إصدار الكتب التي تتعرّض للنبي محمد (ص)، ولم تقتصر بالمناسبة على نبيّ الإسلام، بل تناولت أهم الأنبياء من إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وشاركت في نشر هذه الثقافة المزورة والمسيئة للأنبياء واتهامهم بارتكابات أخلاقية مشينة، بعثات "تبشيرية" تقف وراءها خصوصًا الصهيونية التلمودية".
وأضاف "لقد كان التجديد لهذه الحملات خصوصًا بعد ثورة الإسلام في إيران والصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي تحت عنوان "صراع الحضارات"، وبهدف إحداث مواجهة عالمية للصحوة الإسلامية".
وأشار الشيخ الخطيب، إلى أنّه "على المستوى الداخلي اللبناني يجب أن تنخرط المرجعيات الدينية والثقافية في المواجهة لهذه الحرب على القيم الإنسانية الخطيرة وإلاّ نساهم فيها وننشغل عنها بالتلهي بأوهام غير حقيقية وبقضايا سياسية وقضائية، فالقضية أكبر من ذلك بكثير".
بدوره، قال رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين الشيخ غازي حنينة، "إن كان قصدهم استفزاز مشاعرنا، نعم نحن مشاعرنا مستفزة لأننا نغضب لله، ولكننا بما نحمله من وعي وما تحمله القيادة الإسلامية اليوم في هذه المرحلة المتمثلة بمحور المقاومة وخط المقاومة وخط الوحدة، بما تحمله من وعي ورشد وفهم وحكمة تعرف أين تضرب وضربت".
وأضاف، ان "الشهيد خيري علقم أذاقهم العلقم وكان هدّافًا وكان قرآنيًا".
من جهته، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان : نحن أقوياء بالقرآن الذي يؤكد ويحمي الشراكة الفكرية والشراكة الدينية، ولسنا بموقع الهزيمة أبدًا.
وأضاف قبلن : تأكد العالم بلا شك أنّ التيار القرآني يكبر بطريقة أكبر من أيّ حدود مادية أو سياسية، والإسلام بحمد الله سبحانه وتعالى ثاني أكثر الأديان انتشارًا بالغرب، والمطلوب اليوم تعايش الحضارات، تعايش الأديان، لا أن نحرق الجسور بينها.
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، لفت في كلمته، إلى أنّه "لا نتوقع ولا يجوز أن نتوقع أن تتوقف الحملات على ديننا بأشكال هذه الحملات المتعددة". وأضاف "لن يؤثر ذلك على انطلاقة الإسلام ومسيرته".
الى ذلك، صرح رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، انه "حينما ننطلق من القرآن ومن كتاب الله سبحانه وتعالى نصبح أقوياء، ونعتصم بحبل الله، وتتأكد وحدتنا، لذا يظهر حقد الضعفاء منهم على هذا القرآن الكريم، خاصة بعد أن قامت دولة منهاجها القرآن، قام بها الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) في زمن كانت قوى الاستكبار مطمئنة لمشروعها في السيطرة على المنطقة من خلال الكيان الصهيوني".
وتلا البيان الختامي لهذا الاجتماع، رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين اللبناني، الشيخ حسان عبد الله، قائلا : لقد أُلقيت في اللقاء كلماتٌ أكّدت على شجب هذا العملِ الجبانِ والمجرمِ، وخلُص المجتمعون إلى التأكيد على النقاط التالية :
أولاً: إن حرقَ المصحف الشريف أو تمزيقه لن ينالَ من قدسيّتِهِ عند المسلمين، بل سيؤدي إلى تمسّكِهم به أكثرَ فأكثر، وهذا المصحفُ هو تحتَ رعايةِ وحمايةِ اللهِ عزَّ وجلّ الذي وعَدَ بحفظِه ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، ولن يستطيعَ أحدٌ مهما بلغَ تجبُّرُهُ النيلَ منه.
ثانياً: يحمّلُ المجتمعونَ الحكومتَيْنِ السويديةَ والهولنديةَ المسؤوليةَ الكاملةَ عن هذا العملِ المُدان، ويعتبرون أن ذلك سيفتحُ صراعاتٍ داخلَ البلادِ ستجعلُهم يندمونَ على فِعْلَتِهم الشنيعةِ هذه.
ثالثاً: على حكومَتَيْ السويدِ وهولندا أن تعرفَ أن هذا العملَ الجبانَ قد نالَ من مقدساتِ مليارَيْ مسلمٍ، وبالتالي فإنها مسؤولةٌ عن تصويبِ هذا الأمرِ بالاعتذارِ وتجريم هذه الأعمال واتّخاذِ إجراءاتٍ تمنعُ من تكرُّرِهِ ومحاسبةِ المرتكبين.
وهل تعلمُ حكومَتَيْ السويد وهولندا أن هناكَ في السويدِ مسلمين يحملونَ الجنسيةَ السويديةَ يتجاوزُ عددُهم الستمائةَ ألفِ سويديٍّ، وفي هولندا 850 ألفَ مسلمٍ مسَّهم هذا العملُ الجبانُ وأساءَ إليهم، وهناك خوفٌ حقيقيٌّ من ردودِ أفعالٍ السويدُ وهولندا بغنى عنها؟!!.
رابعاً: لماذا عندما يخرُجُ أحدُ الباحثينَ ببحثٍ علميٍّ ينفي فيهِ أو يشكِّكُ بصحةِ الهولوكوست إن بأصلِ وقوعِها أو بحجمِ القتلى فيها تقفُ هذه الدولُ بوجهِ هذا الباحثِ ويدخلُ في السجونِ بحجةِ معاداةِ السامية، بينما المسُّ بالقرآنِ الكريمِ يُعتبر أمراً مباحاً مع العلمِ أنه أُنزِلَ في الأساس على أبناءِ سام رحمةً للعالمين.
خامساً: يدعو المجتمعونَ حكوماتِ العالمِ الإسلاميِّ لاتخاذِ القراراتِ المناسبةِ باتجاهِ هكذا أعمالٍ تمسُّ بقدسيةِ القرآنِ الكريمِ الذي هو أساسُ ومصدرُ التّشريعِ في أكثرِ دساتيرهم، وقطعِ العلاقاتِ مع هذه الدولةِ حتى تَتّخِذَ الإجراءاتِ الكفيلةَ بوقفِ هكذا أعمال.
سادساً: إن الذين يمسّونَ المقدساتِ الإسلاميةَ بسوءٍ لا ينطلقونَ في ذلك من معتقدٍ دينيٍّ آخرَ بل هم على استعدادٍ للتعدّي على مقدساتِ الأديانِ الأخرى، وهم تعدّوا عليها في مناسباتٍ سابقة، لذا يجبُ على المسلمينَ في تلك البلدانِ التنبُّهُ لهذه المؤامرةِ الطائفية التي تأتي في سياقِ الاقتتالِ الطائفيِّ الذي تسعى إليه قوى استخباراتيةٌ والصهيونيةُ العالمية.
سابعاً: أن ما قامَ به أحد المجرمينَ في دولةِ السويدِ من حرقٍ للمصحفِ الشريفِ وما قامَ به مجرمٌ آخر في هولندا من تمزيقٍ للمصحفِ الشريفِ ليس عملاً منفرداً منفصلاً عن سلسلةٍ من الأعمالِ التي تستهدفُ المقدسات الإسلامية وفي أكثرِ من بلدٍ أوروبي، وهو يأتي ضمنَ مخطّطٍ مشبوهٍ يهدُفُ للتحريضِ على الاقتتالِ الدّينيِّ الذي سيؤدّي حتماً إلى تدميرِ المجتمعات الأوروبية، وهذا ما يجبُ أن تتنبّهَ إليه الحكومات في تلكَ البلدانِ إن لم تكنْ هي بحدِّ ذاتِها شريكةً في هذا العملِ الإجرامي.
ثامناً: إن سماحَ الدولِ الأوروبيةِ للمتطرفينَ بالقيامِ بأعمالٍ تُهينُ مقدساتِ المسلمينَ تحت حجةِ حريةِ الرأي والتعبيرِ سيؤدي حتماً إلى زعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ ليس في دولهِا فحسبُ بل في العالمِ أجمع وعلى المجتمعِ الدوليِّ وجمعيةِ الأممِ المتحدةِ اتخاذُ القراراتِ المناسبةَ لوقفِ هكذا أعمال.
تاسعاً: يتوجّهُ العلماءُ المجتمعونَ بتحيةِ إكبارٍ وإجلالٍ لشعبِ فلسطينَ البطلِ وللشهيدَيْن خيري علقم ومحمود عليوات على عملِيّتَيْهِما البطوليةِ، ويدعونَ إلى تصاعدِ العملياتِ التي تشكِّلُ ردعاً للصهيونيِّ عن الاستمرارِ في عدوانِهِ ويؤجِّجُ خلافاتِهم الداخليةَ التي ستكون سبباً في زوالِ الكيانِ الغاصبِ الذي بات َقريباً وقريباً جداً بإذن الله.
عاشراً: يستنكرُ المجتمعونَ المجزرةَ الناتجةَ عن عمليةٍ انتحاريةٍ في أحد مساجدِ بيشاور في باكستان والذي أدى لسقوطِ أكثرَ من 90 شهيداً وعددٍ كبيرٍ من الجرحى، ويعتبرُ المجتمعونَ أن هذا العملَ هو من تخطيطِ نفسِ الجهاتِ التي تُحرِقُ وتمزّقُ المصحفَ في أوروبا من أجلِ الاقتتالِ الطائفيِّ والمذهبيِّ ويدعو المجتمعونَ علماءَ الأمةِ لمواجهةِ الفتنةِ بالدعوةِ للوحدةِ الإسلاميةِ ونبذِ الخطابِ المذهبي.
/110