الانفراج الحاصل في العلاقات الثنائية بين السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية يعد خطوة ايجابية نحو تحقيق الاهداف المرجوة في المنطقة..
الباحث السياسي الايراني مصيب نعيمي لـ "وكالة انباء التقريب":-
"الوحدة الاسلامية" تحتل موقعا اساسيا في السياسة الايرانية والتفرقة خط احمر يجب الابتعاد عنه
تنـا - خاص
18 May 2014 ساعة 13:25
الانفراج الحاصل في العلاقات الثنائية بين السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية يعد خطوة ايجابية نحو تحقيق الاهداف المرجوة في المنطقة..
اكد الكاتب والمحلل السياسي الايراني "مصيب نعيمي"، ان الانفتاح السعودي الاخير على ايران والرغبة التي ابدتها الرياض على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل لتحسين العلاقات مع طهران، جاء تماشيا مع التغييرات التي تشهدها المنطقة بمجملها؛ مبينا في حوار خاص مع مراسل وكالة نباء التقريب (تنـا)، ان التطورات الاقليمية الاخيرة والتغيرات التي سادت المنطقة وايضا النقاش السائد اليوم في الداخل السعودي نفسه، اضافة الى التضارب الملحوظ بين الدول العربية والاسلامية فيما يخص انشغال الرياض ودول اخرى بالازمات الراهنة في المنطقة ولاسيما التدخل في الوضع السوري دون مشاورة الاخرين، كل ذلك أدى الى تصور جديد لدى الحكومة السعودية حول جدوى التباعد او الفتور الحاصل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية.
وفي السياق نفسه، قال الخبير في الشؤون الدولية انه "في المرحلة الاخيرة شاهدنا ونشاهد بأن الكثير من المعادلات الاقليمية التي كان البعض يراهن عليها قد تغيرت؛ فهناك تعديل في سياسة الولايات المتحدة العربية التي كانت ترأس العصابة في تشديد ازمات المنطقة وكانت تريد ان تقطف ثمارها عبر تضعيف الجيش والحكومة السورية في مواجهة الكيان الصهيوني كما فعلت وتفعل حاليا في بقية الدول العربية وايضا الاسلامية كي لاتكون هناك قوة رادعة لهذا الكيان وبالتالي ترك المنطقة. وايضا هناك تعديل استراتيجي من قبل اطراف اوروبية التي استغلت الامور في منطقة الشرق الاوسط لاهداف سياسية معينة؛ وهناك تركيا التي عدلت سياساتها الاقليمية عندما رأت بأنها لم تجدي نفعا بل انعكست سلبا عليها.
واردف السيد نعيمي قائلا : كل ذلك ادى الى ضرورة ملحة لدى الحكومة السعودية لتعديل الرؤية السابقة في تعاملها مع الازمات التي يمر بها العالم الاسلامي والعربي؛ بما في ذلك العلاقات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تاثرت سلبا بسبب الازمة السورية والتقدم الحاصل في المفاوضات النووية بين ايران والغرب.
وحول كيفية التعامل المطلوب من قبل طهران مع الانفتاح السعودي الاخير، اكد الباحث والخبير السياسي الايراني على ضرورة ان تكون رؤية ايجابية لدى ايران قبال الرغبة السعودية في تحسين العلاقات معها؛ مؤكدا انه "رغم كل ماجرى في المنطقة والتوترات التي شابت علاقات بعض الدول فيها، فإن توفير الظروف المناسبة لتعزيز هذه العلاقات بين الدول الاسلامية والعربية، خاصة في هذه الظروف الحساسة التي تعيشها المنطقة، بالطبع سيصب في صالح المسلمين وسيفشل المخططات الغربية الرامية الى بسط السيطرة على المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا".
ومضى يقول: لذلك أرى بانه ليس هناك مجال لتأجيج الصراعات بين الدول الاسلامية لان كل هذه التوترات هي ما يريده الاستعمار بمظهره القديم او الجديد. وبالتالي اي تقارب بين هذه الدول بالطبع هو لمصلحة المنطقة شريطة ان يكون هناك نوعا من الشفافية والمصداقية لدى كل من الاطراف؛ وان يُحترم حق السيادة دون وجود اي رغبة لدى اي دولة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. وان يسود روح التشاور والتعاون والاتحاد بين دول المنطقة دعما للمصلحة العامة في المنطقة.
وجدد "نعيمي" تاكيده على ان "الانفراج الحاصل في العلاقات الثنائية بين السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية هي خطوة ايجابية نحو تحقيق كل هذه الاهداف"؛ لافتا في الوقت نفسه الى ضغوطات الدول الغربية التي لازالت مستمرة لابقاء بعض دول المنطقة راضخة لأجنداتها، الا ان ذلك لاينفي ان تسعى هذه الدول لازالة العقبات التي تحول دون ترابطها وتماسكها ببعضها البعض.
الى ذلك، لفت الباحث السياسي الايراني الى "نقطة هامة جدا" وهي ان "التقارب والتضامن بين الدول الاسلامية يشكل الركينة الاساسية في السياسة الايرانية منذ بدايات الثورة الاسلامية وحتى يومنا الحاضر.. ذلك ان الوحدة تحتل موقعا متقدما في استراتيجية ايران الاسلامية والتفرقة خط احمر يجب الابتعاد عنه".
واستطرد قائلا "يجب على دول المنطقة جميعا، ان تعرف بأن الاختلاف في الرؤية والمصالح لاينبغي ان تتحول الى خصومات بينها، ولاينافي ذلك تكوين استراتيجية موحدة بين هذه الدول نظرا للقواسم والمساحات المشتركة التي تمتلكها كل دول المنطقة".
وخلص "نعيمي" في هذا الشأن الى ان "سياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية هي تعزيز الترابط وروح التآخي، ليس على صعيد دول الخليج الفارسي فحسب وانما بين جميع الدول الاسلامية والعربية في اقصى نقاط العالم؛ هذا بالاضافة الى التاكيد على ابقاء التواصل مع الدول الاخرى التي تحترم سيادتنا ولن تسمح لنفسها بخرق هذه الحقوق ابدا بل تعمل على افشال مخططات تلك الدول الاستكبارية والاستحواذية التي تريد بسط هيمنتها على مقدرات وثروات الشعوب الاسلامية والعربية".
على صعيد اخر تطرق الخبير السياسي الايراني مصيب نعيمي، الى الانتخابات النيابية في العراق، وتاثيرها على الداخل العراقي وايضا الوضع الراهن في المنطقة، قائلا "لاشك أن نجاح الحكومة العراقية في اجراء الانتخبات النيابية رغم كل التحديات التي واجهتها؛ بمافيها تهديد الجماعات المسلحة الارهابية كـ داعش والقاعدة بعدم السماح لذلك، وايضا بغض النظر عن الفريق او الحزب الذي سيفوز في هذه الانتخابات، كان ذلك له الاثر الايجابي والجيد على الساحة العراقية والدولية".
وتابع "لقد ثبت لدى الجميع بأن الشعب العراقي مصمم على مواصلة مشواره السياسي والحصول على حقوقه المشروعة رغم كل التحديات. وبالتالي ينبغي للاحزاب والكتل العراقية المشاركة في العملية السياسية ان تحترم النتيجة التي ستخرج بها اصوات الناخبين لتستمر العملية بكل نجاح، خاصة وان العراق جرب الكثير من الازمات خلال السنوات الماضية وهو من البلدان الفتية في مجال الديمقراطية ومازال عليه ان يقطع اشواطا كبيرة وصولا لمستواه المطلوب في المجتمع الدولي والاقليمي"؛ مؤكدا ان "النظرة العالمية الى العراق سوف تتغير بعد هذه الانتخابات وهذا له صدى ايجابي ليس في العراق بل على الدول الجوار ايضا".
واضاف : طبعا يجب على الحكومة العراقية الجديدة ان تبني سياساتها تماشيا مع الوضع الراهن في المنطقة طبعا دون ان يكون لذلك اثرا سلبيا على سيادة العراق. والعكس ايضا صحيح، حيث انه ينبغي لدول الجوار ان تحترم نتيجة الانتخبات وتتعامل بمصداقية مع الائتلاف او الحزب الذي سيفوز في هذه الانتخابات، وذلك دعما لاستقرار المنطقة برمتها.
وعلى مستوى الداخل العراقي، اعرب الباحث السياسي الايراني عن اعتقاده بان الخطوة الايجابية الأولى قد حصلت باجراء الانتخبات النيابية في العراق، ويبقى هناك مسؤولية الفائزين ان ينجزوا ما قدموه من وعود لتحسين الوضع المعيشي والامني للشعب العراقي الذي صوت لهم ومنحهم المشروعية؛ "فهو لايطلب اكثر مما يطلبه اي شعب يعيش في بلد ديمقراطي حر؛ وبذلك اهم ما ينبغي على الحكومة المقبلة في العراق ان تنجزه للايفاء بوعودها هو اعادة الاعمار والاستقرار الامني والمعيشي للبلد والتعاون مع الفرقاء السياسيين من اجل الرقي بالعراق في جميع المجالات".
وفي معرض رده على سؤال مراسلنا حول الانتخابات الرئاسية المرتقبة في سوريا، وماذا تعني هذه الانتخابات خاصة في الوضع الحالي ونظرا لمخالفة "المعارضة" والدول التي تسمي نفسها "اصدقاء سوريا" مع هذه الانتخابات، قال الخبير السياسي الايراني انه "نظرا للتجرية الصعبة التي مرت بها سوريا منذ اكثر من ثلاث سنوات والتي خلفت لها الكثير من الدمار، برزت هذه الحقيقة بأن الحل الأمثل للازمة السورية يكمن في الداخل السوري ولايمكن ان تنجح الحلول التي تملى من الخارج عليه"؛ مؤكدا ان "الانتخابات الرئاسية المقبلة تاتي في اطار حل الازمة السورية من قبل السوريين انفسهم، لذلك لايوجد بديل عن اجراء انتخابات حرة في هذا البلد من اجل وضع حد للدمار الذي يعيشه اليوم".
وشدد على ضرورة دعم هذه الانتخبات من قبل الشعب السوري، "بكل اطيافه ونحله"؛ مجددا بالقول أن "التغيرات والاصلاحات المطلوبة حاليا يجب ان تلبى من الداخل السوري، واثبتت التجارب بأن الحلول التي تملى من وراء الطاولات والاجتماعات المغلقة في الغرب لن تحدث اي انفراج للازمة السورية ولاتؤدي الى نتائج ايجابية .. وان الوضع الميداني وثبات الجيش الذي هو مكون من ابناء الشعب السوري، وانتصاراته اليومية في دحر الاهابيين من اراضي البلاد هو خير دليل على رغبة السوريين في حل مشاكلهم داخليا ومن خلال الحوار الشامل لجميع اطيافه".
واضاف : لقد اتضح اليوم بأن الدول والجهات التي اقحمت سوريا في هذه الازمة كانوا ينفذون اجندات خارجية اهمها تضعيف النظام السوري في مواجهة الخطر الصهيوني الذي يهدد امن واستقرار المنطقة برمتها وليس سوريا فحسب. ونعرف جميعا بأن سوريا كانت ولاتزال من الدول الرائدة في مقاومة الكيان الاسرائيلي.
حاوره : حيدر العسكري
رقم: 159038