خاص بوكالة أنباء التقريب (تنا) - حزب الله كان يراقب مسيرة محكمة الحريرى وهو واثق أنها تسير في إطار خطة سياسية تستهدفه بالأساس
الأشعل لوكالة أنباء التقريب (تنا):
الكثيرون من أطراف مسرحية الحريري يعلمون الحقيقة
18 Aug 2010 ساعة 15:50
خاص بوكالة أنباء التقريب (تنا) - حزب الله كان يراقب مسيرة محكمة الحريرى وهو واثق أنها تسير في إطار خطة سياسية تستهدفه بالأساس
قدم الأمين العالم لحزب الله سماحة السید نصر الله الأسبوع الماضي صور ووثائق ووقائع اتهام إسرائيل لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري والتي ترد بشكل قاطع على الحملة الاستباقية التي أثيرت ضد حزب الله وضجة الاتهام الظني، والمعلومات التى قدمها السيد نصر الله بشأن دور إسرائيل فى اغتيال الحريري تبعث أكثر من رسالة وتحقق أكثر من هدف.
وقد أجرينا الحوار التالي مع السفير المصري السابق والخبير في القانون الدولي الدکتور عبد الله الاشعل:
س:مارایکم بالمعلومات التى قدمها السيد نصر الله بشأن دور إسرائيل فى اغتيال الحريري؟
- لابد فى البداية من إيضاح الافتراض بأن هذه المعلومات موجودة منذ اغتيال الحريري لكنها لم تكن معروفة فيما يبدو كاملة لحزب الله. وقد يدفع توقيت الكشف عن هذه المعلومات بعض المحللين إلى افتراض أن الحزب قدم هذه المعلومات حتى يدفع عن نفسه الاتهام الذى سربته المصادر الإسرائيلية، وأنه كان يملك هذه المعلومات من قبل ولم يتحرك إلا عندما حامت الشبهة حوله. وحتى لو صح هذا الافتراض فإن حزب الله كان يراقب مسيرة محكمة الحريرى وهو واثق أنها تسير في إطار خطة سياسية تستهدفه بالأساس، لأن درجة أهمية أى طرف تتناسب مع درجة استهدافه، ومع درجة تعويقه للمشروع الصهيوني. ويدرك الحزب قطعاً أنه لا يمكن الفصل بين قدرة إسرائيل على تشويه الحقائق وتضليل التحقيق وبين استجابة واشنطن للمخطط الصهيوني، مادامت المسألة فى النهاية تعود إلى هذا الصراع الأوسع بين مشروع استعماري إحتلالى صهيونى، وبين أمة هزمت إرادتها ولم يبق صامدا منها إلا مقاومتها الظاهرة والتى خاضت معارك عسكرية حقيقية أقنعت إسرائيل بأنها إزاء عقبة حقيقية بعد أن أخضعت الحكومات العربية لمتطلبات القهر الصهيونى.
س:مارایکم بمصادر المعلومات؟
هذه المعلومات التى قدمت سواء كان مصدرها العملاء وهم أصدق قولاً من شهود الزور(المصدر الوحيد للاتهام لدى الطرف الآخر) أو كان مصدرها صور النشاط الأمني والجوي فوق مسرح الجريمة تشكل كلها قرائن لا يمكن إغفالها من التحقيق كما تقدم أساساً صلباً للاتهام مادام الاتهام يظل كذلك حتى تمحصه المحكمة المختصة وفق إجراءات عادلة تفرز الحق من الباطل.
س:برأيكم مالذي تشكله هذه الاتهامات لاسرائیل ؟
اتهام إسرائيل يتعزز بثلاثة افتراضات حقيقية (كما يثير المشكلة الدائمة) الا أنه يصطدم بالحائط ويرتد إلى نقطة البداية.
فنقطة البداية هى أن إسرائيل لديها مشروع مدعوم غربياً وأمريكياً وأن إسرائيل تستخدم كل الوسائل للمواجهة والاختراق والاغتيال حتى تضعف المقاومة لهذا المشروع، بل تحول مقاومة الجسد إلى سند لهذا المشروع كما رأينا فى بعض مناطق الجسد العربى حتى داخل فلسطين ذاتها فيما ظهر من عملاء مستترين وظاهرين.
الافتراض الأول، هو أن من قتل الحريري هو المستفيد من قتله ولا أظن أحداً من سوريا أو حزب الله يهمه قتل الحريري بل إن الحريري كان محسوباً على التيار العروبي القومي، وقد بهرتنى كلمته قبيل الاغتيال بأيام فى منتدى دبي للإعلام فيما أذكر وكانت نبراسا لأي عمل عربي فعال، كما كان الرجل صوتاً للعقل وكابحاً للتطرف. لذلك فان المستفيد الوحيد هو إسرائيل كما أن لبقية الأطراف مصلحة محققة فى كشف الدور الإسرائيلي لذلك اذا تقاعس أحدهم لسبب أو لآخر فهي خيانة للرجل وإهدار لدمه. وأهم مكسب تحققه إسرائيل من الاغتيال هو تمزيق اللحمة السورية اللبنانية، واضطراب النسيج اللبناني وفرز القوى كما حدث تماماً بعد هذه الجريمة.
الفرضية الثانية، هى أن المحكمة جزء من المخطط السياسي الذي بدأ بقرار مجلس الأمن ١٥٥٩ وقد عالجنا هذا المخطط الذى اتخذ ثوباً قانونياً ليلبس الحق بالباطل فى ثلاثة كتب متتابعة بدءا بكتابنا حول "المؤامرة القانونية على سوريا". فقد كان مجلس الأمن جاهزاً يوم الاغتيال ببيان رئاسي شكل لجنة لتقصي الحقائق قدمت فى نهاية تقريرها افتراضاً بأن الشك يحوم حول سوريا لمجرد أنها كانت تتمتع بنفوذ أمني هائل فى لبنان، بل إن القرار ١٥٥٩ نفسه تجاهل الحكومة فى لبنان ثم فرض القرار ١٥٩٥ بلجنة التحقيق الوصاية على سوريا ولبنان ووضعهم جميعاً موضع الاتهام وعين هذه اللجنة وكيل الدم عن الحريري ضد الجميع.
الافتراض الثالث، هو أن المحكمة نشأت أصلاً بعد تحريف مهمة لجنة التحقيق التي كلفها قرار مجلس الأمن ١٥٩٥" باستجلاء الحقيقة فى اغتيال الحريرى،" فإذا برئيسها الأول ميليس يجعل مهمة اللجنة البحث عن أدلة تثبت أن سوريا هي المتورطة في قتل الحريري، ثم أن اللجنة لم تنهي تحقيقها بأدلة ترشح بها المتهمين، وإنما استعجلت تشكيل المحكمة استناداً إلى أن الأدلة الحاسمة سرية وسوف تقدم إلى المحكمة،وذلك في سياق محاولات تطويع سوريا.
ولما كانت الشكوك السياسية والقانونية تحيط بهذه المحكمة من البداية، فقد كان يتم التلويح بها في الساحة اللبنانية لإرهاب الفريق الآخر بل بلغ بالبعض الثقة في كراماتها أن اعتبر مجرد تشكيلها رادعا يوقف سلسلة الاغتيالات. المحكمة هدف نبيل فى شكله لكنه ملغوم في مضمونه . فالتمسك بعدم إفلات المجرم من العقاب مبدأ نبيل.
س:إذا كانت المحكمة تنفذ سيناريو سياسي فى ثوب العدالة الدولية فما جدوى تقديم السيد نصر الله للأدلة؟
هذا السؤال الذى يرتد بهذه القرائن إلى نقطة البداية التي أشرنا اليها في بداية الحوار، أعتقد أن الكثيرين من أطراف مسرحية الحريري يعلمون الحقيقة سواء من مسار التحقيق وتخبطه أو استعانة اللجنة بشهود الزور الذين فضحوا اللجنة وكشفوا زيفها أو باعتقال القيادات الأمنية حتى لا تضبط مستندات الحقيقية وشل يدها عن الملاحقة. لقد أشارت اللجنة فى إحدى تقاريرها الى أن عملية الاغتيال لا تقوم بها إلا دولة لديها إمكانيات هائلة، ثم أضاف محقق الماني نشر كتاباً عن الموضوع افترض فيه أن المادة المتفجرة هي نفسها التى استخدمت فى أحداث سبتمبر، وهي نفسها التى سقطت بها طائرة العال فوق أمستردام عام ١٩٩٩، ولا توجد إلا فى مخازن البنتاغون، ولذلك كتبت منذ سنوات أن من اغتال الحريري هو من رتب أحداث سبتمبر، وهو من خلط الأوراق في العالم وفي المسرح العربي.
س:ما هي توقعاتك للمستقبل فهل تطأطأ المحكمة رأسها للوثائق التي قدمها السيد نصر الله؟
نقطة البداية هى أن تعود المحكمة إلى التفويض الأصلى فى القرار ١٥٩٥ لتعرف على وجه اليقين من ارتكب هذه الجريمة النكراء.لا تختلف عندي محكمة الحريري الهادفة إلى إشاعة الظلم والارهاب باسم العدالة المزيفة، عن المحكمة الجنائية الدولية التي تسعى إلى تفتيت السودان باسم العدالة أيضاً، وهذا جديد من الاستعمار بعد أن انكشفت "رسالته المقدسة" في تحضير شعوبنا وتمدينها.
أجرت الحوار: لقاء سعيد
رقم: 23760