العلاقات الايرانية العربية وثيقة رغم الاعلام المضلل الغربي ورغم الضغوط الامريكية والتهويل والتخويف من ايران .
السفير الإيراني الجديد في الأردن: إيران تسعى لإقامة علاقات حميمة مع الأردن
23 Aug 2010 ساعة 14:19
العلاقات الايرانية العربية وثيقة رغم الاعلام المضلل الغربي ورغم الضغوط الامريكية والتهويل والتخويف من ايران .
وكالة أنباء التقريب (تنا )
بعد مرور نحو سنتين عن انتهاء مهام السفير الإيراني السابق محمد الإيراني في المملكة الأردنية الهاشمية، جرى اعتماد شخصية استراتيجية وأكاديمية كسفير جديد لإيران في الأردن، هو الدكتور مصطفى مصلح زادة، والذي يتوقع أن يتبعه تعيين سفير أردني جديد في إيران.
ومن المفيد التوضيح أن الملك عبد الله الثاني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد كانا قد اتفقا في لقاء لهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة على تنشيط العلاقات والاتصال بينهما عبر مبعوثين خاصين.
وقد شاب العلاقات الأردنية الإيرانية على مدى عقود حالات مد وجزر تبعاً للظروف السياسية، لكنها ربما كانت الأشد برودة في سنواتها الأخيرة، هذه العلاقات ربما بدأت تشهد تحسنا في الآونة الأخيرة التي شهدت جملة تطورات إقليمية، أفرزت معطيات جديدة.
وللوقوف على مستجدات العلاقة الأردنية الإيرانية، والتعرف على الموقف الإيراني إزاء الملفات الساخنة كان لنا الحديث التالي مع الاستراتيجي الإيراني السفير د.مصطفى مصلح زادة.
س - مرت العلاقات الأردنية الإيرانية في السنوات الأخيرة بمرحلة فتور، وثمة من يرى أن تعيينكم سفيراً لبلادكم في العاصمة الأردنية عمان مؤشر على رغبة إيرانية بعلاقات جيدة مع الأردن؛ هل ترون آفاقا للنهوض بهذه العلاقات وتفعيل الاتفاقات السابقة؟
ج : تضع إيران في رأس أولويات سياستها الخارجية الدول المحيطة بها، وترغب بأن تكون لها علاقات وطيدة معها، ولا ترغب إيران أبداً في أن تكون علاقاتها مع هذه الدول وبخاصة الإسلامية منها فاترة؛ لذلك ترمي إيران إلى إقامة علاقات حميمية مع الأردن، وأن تنتهي العلاقات الباردة إن كانت موجودة سابقاً. وباعتبار أني كنت مدير مركز دراسات استراتيجية في إيران، فقد اخترت لهذه المهمة.
وقد التقيت بالإضافة لرئيس الجمهورية الإيرانية أحمدي نجاد، رئيس مجلس الشورى الإيراني وكبار المسؤولين الإيرانيين في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية، واتفقنا على أن نقيم علاقات جديدة ومتينة مع الأردن، ونحن ننتظر اللقاء بالمسؤولين الأردنيين، وكنت قد التقيت الملك عبد الله الثاني ومدير المخابرات العامة الأردنية؛ وقد أبلغت الملك رسالة شفوية حملتها من رئيس الجمهورية الإيرانية أحمدي نجاد، تتضمن رغبة إيران في إقامة أفضل العلاقات مع الأردن، وتطرقنا إلى المشاريع التي يمكن إقامتها بين بلدينا، وتلك التي ينتظر إقامتها في المستقبل القريب، وسأعمل على توصيل الرسائل التي حملتها من المسؤولين الإيرانيين إلى نظرائهم الأردنيين عند اللقاء بهم. وتعتمد إقامة المشاريع على الزيارات المتبادلة والمتكررة بين مسؤولي البلدين، وهذا سيكون لصالح البلدين والمنطقة بعامة، ويحول دون أن يستغل العدو العلاقات بين دول المنطقة لصالحه.
س - وماذا عن المشاريع التي يمكن أن تكون محل بحث؟
ج - سيبحث وزراء البلدين المختصون مع نظرائهم العلاقات ذات الصلة؛ ونأمل مثلاً عند اللقاء بوزير النقل الأردني تسليمه دعوة موجهة من نظيره الإيراني لزيارة إيران للتحدث في المواضيع المشتركة. على سبيل المثال أطرح هذا الاقتراح: في الوقت الراهن فإن خط سكة الحديد الإيرانية على وشك الربط مع بغداد وقد اقترحت إمكانية طرح مشروع ثلاثي ـ بين ثلاث دول ـ يتم فيه ربط خط سكة حديد بغداد مع الأردن، وهذا يقود إلى أن التجارة والسياحة بين الدول الثلاثة يمكن أن تزداد بأقل الأثمان والتكاليف، وبأسهل الطرق، وبأسرع وقت.
جدير بالذكر أنني كنت قد اقترحت على رئيس الجمهورية الإيرانية بأن يتم ربط شمال وجنوب مضيق هرمز بنفق تحت الماء، وعن طريق هذا النفق يمكن أن نعمل سكة حديد، وأنابيب لنقل المياه المحلاة، وكوابل كهرباء واتصالات، وننقلها للجانب الآخر، بحيث تتوسع التجارة والسياحة، وبخاصة انتقال الحجاج من أقصى شمال آسيا إلى السعودية والدول المجاورة بأقل التكاليف الممكنة.
وفيما يتعلق بمشروع نفق هرمز فقد جرت محادثات بين وزارتي خارجية إيران وسلطنة عمان خلال هذا العام حول ذلك، كما اقترحت هذا المشروع على السفير الإماراتي في الأردن، وآمل من خلال تنفيذ هذين المشروعين أن يتم ربط شمال وجنوب آسيا، وشرق وغرب آسيا بواسطة هذا الخط الحديدي؛ لأن بندر عباس في جنوب إيران يتصل في الوقت الحالي مع دول شمال آسيا عن طريق سكة حديد، ومن جانب آخر فإن ايران وتركيا وسورية تتصل ببعضها بعضا أيضاً عن طريق سكة الحديد، وسيحقق تنفيذ هذين المشروعين ربط جميع دول المنطقة في الشرق الأوسط بعضها ببعض.
س - شهدنا مؤخراً تغيرات بالجملة في المواقف الدولية تجاه ملف إيران النووي، فروسيا والصين تحوّلتا عن مواقفهما السابقة التي كانت تحول دون استهداف إيران من قبل الولايات المتحدة. وكانت الدول الأوروبية تحول إلى حدٍ ما دون بلوغ الاستهداف الأمريكي لإيران مداه، باعتبار أن أوروبا أكثر المتضررين في حال وقوع حرب حيث تصلها الصواريخ الإيرانية.. ما هو تفسيركم لهذه التبدلات في المواقف، والتداعيات اللاحقة المحتملة لقرار مجلس الأمن الأخير،
بما في ذلك حدّ شن حرب أو ضربة أمريكية إسرائيلية على إيران؟
ج : أعتقد ابتداء أن أمريكا وأوروبا تعيشان في أوج ضعفهما في العقود الثلاث الأخيرة، وكانت الأزمة الاقتصادية التي ألمت بهما مؤخراً خير شاهد على ذلك، ووصلت كل المشاريع الأمريكية والأوروبية في المنطقة إلى طريق مسدود. وفشلت هذه الدول ومعها كندا (٢٩ دولة قوية ومقتدرة) في إجبار إيران على التراجع عن برنامجها النووي.
وينطبق الشيء ذاته على "إسرائيل" في سنواتها الـ٣٠ الأخيرة، حيث تعيش أوج ضعفها، فقد انهزمت في حربيها العدوانيتين على لبنان أواسط سنة ٢٠٠٦ وعلى غزة أواخر سنة ٢٠٠٨ وبداية عام ٢٠٠٩. وهي الحرب التي لم تكن "إسرائيل" فيها وحدها ـ فأمريكا كانت دائماً الداعم الرئيسي لها، وقد زادت هذه الهزيمة من ضعفهم أمام القدرة الإيرانية. وتؤكد استطلاعات الرأي الأمريكية والأوروبية أن كراهية الشارع العربي والإسلامي لأمريكا في ازدياد مطرد.
الضغوط وقرار مجلس الأمن الأخير لم يكن الأول الموجه ضد إيران، فقد واجهنا بأشكال مختلفة الكثير منها خلال السنوات الـ٣٠ الأخيرة، ولم يفلحوا في إجبار إيران على التراجع، وبقي موقف إيران بالنسبة لـ"إسرائيل" على حاله، كما هو موقفها من المقاومة لم يتغير، ومن وحدة الدول الإسلامية. ولم تغض إيران الطرف يوماً عن تحصيل كامل حقوقها.
وكلما زاد الضغط على إيران أعطاها ذلك منعة وقوة، وتتجه إيران الآن فيما يتعلق بالملف النووي نحو تخصيب اليورانيوم والوقود النووي بشكل جيد ومطرد ومتطور. كما تتجه بذات التصميم نحو مجالات عديدة أخرى كالتكنولوجيا الصاروخية، والأقمار الصناعية، والاستنساخ الحيواني، والخلايا الجذعية، وغيرها من التكنولوجيا المتقدمة، ما يؤشر إلى أن للضغوط الواقعة على إيران نتائج مغايرة.
ونحن نأسف لأن الصين وروسيا وافقتا على قرار مجلس الأمن، هذا الرضوخ ليس في صالحهما على المستوى الدولي مستقبلاً كدولتين عظميين؛ لا يجب ألا يرضخا للضغوط، وكان ينبغي أن يكون لهما رأيهما المستقل والخاص، وأن يظهرا قوتهما الدولية على هذا الصعيد. بعد السقوط الأمريكي ينبغي أن تكون الصين وروسيا دولاً عظمى، ما أظهرا قوتهما على المستوى العالمي وعدم الإذعان لأمريكا.. ألم تدركا أن أمريكا في حالة سقوط؟!
س - فشلت الولايات المتحدة في تجنيد العرب ضد إيران، ونجحت تركيا والبرازيل في التوصل إلى اتفاق مع إيران كان من الممكن أن ينتزع فتيل الأزمة، لكن أمريكا استبقت تكريس الاتفاق باتخاذ قرار في مجلس الأمن وافقت عليه دول المجلس دائمة العضوية مجتمعة للحيلولة دون منح إيران فرصة جديدة.. حيث تبدّى بوضوح أن الغرب لم يكن يريد حلاً للملف النووي الإيراني، ما يؤشر إلى أنه سيتبع صدوره تحولات وتطورات.. ما هي قراءتكم لهذا، وهل من الممكن استباق أي توجه أمريكي بمنح الاتفاق نوعاً من الشرعية الدولية المانعة؟
ج : - أنا لست موافقاً على أنه سيتبع صدور القرار تطورات مهمة في المنطقة، حيث لم تبق لدى الولايات المتحدة ورقة في المنطقة لم تستخدمها.
توجد في المنطقة ٤ استراتيجيات لا يمكن لأحدها إلغاء الأخرى:
أولاها: استراتيجية الاحتلال والغطرسة الأمريكية الإسرائيلية.
وثانيتها: استراتيجية المقاومة ضد الغطرسة والاحتلال.
وثالثتها: استراتيجية المفاوضات مع المحتلين.
ورابعها: شبة استراتيجية الإرهاب، وتمثله القاعدة وحركة طالبان وجند الله في حدود إيران وباكستان، وهي تريد السيطرة على المنطقة.
حيث إن هذه الاستراتيجيات لم تستطع إحداها إلغاء الأخرى، فقد أدت إلى حالة من توازن القوى في المنطقة. وبذلك فقد وصلت أمريكا إلى طريق مسدود، خاصة أن الغالبية العظمى لشعوب المنطقة تسير باتجاه آمالها ومصالحها، وليس باتجاه ما تريده أمريكا. مقترحاً على الصين وروسيا عدم الإذعان لأمريكا.
مع تفهم وجهة نظركم بأن أمريكا لن تشن حرباً على إيران، لكن ماذا لو قامت هذه الحرب فعلاً؟
ج : - لقد شنت أمريكا الحرب على إيران منذ سنوات طويلة... وقررت أمريكا جدياً شن حرب على إيران سنة ٢٠٠٥، وأخبرنا أصدقاء لنا بشكل سري، أن أمريكا ستشن حرباً على إيران بعد ٦ أشهر من تسلم الرئيس نجاد منصب الرئاسة. وفي حينه التقى المدراء في الخارجية الإيرانية وبحثنا الأمر، وكانت رؤيتي أن أمريكا وبسبب ظروف عدة، لن تشن حربا على إيران، والآن أعتقد أيضاً أنها لن تقوم بذلك.
ليست لدى "إسرائيل" إستراتيجية منفصلة عن الاستراتيجية الأمريكية، إستراتيجيتهما واحدة، فهم اتفقوا على استراتيجية تدريجية حول ايران تكمن نقاط أولوياتها كالتالي:
١- إشعال حرب شاملة من أجل احتلال إيران، وإسقاط الجمهورية الإسلامية، لكنه فشل.
٢- إذا لم تنجح استراتيجية الحرب الشاملة فيمكن استخدام الهجوم التكتيكي على المراكز العسكرية والنووية الحساسة.
٣- إيجاد فوضى واغتيالات في إيران عن طريق المجموعات الإرهابية مثل مجاهدي خلق، وجندالله، ومجموعات أخرى انضمت إلى مشاغبين بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
٤- الحصار الاقتصادي.
٥- الحرب الناعمة ضد إيران عن طريق المطبوعات، الإذاعة والتلفزيون والإنترنت، والسينما، والمهرجانات والاحتفالات وغيرها.
وعندما نقول إنه ليس بمقدور أمريكا شن حرب ضد إيران، نعني أن "إسرائيل" لن تستطيع القيام بذلك أيضاً.
س - قائد الثورة الإسلامية حذّر أمريكا قبل ٢٠ شهراً تقريباً، عندما قال: أن تعتقد أمريكا أنها قادرة على القيام بهجوم تكتيكي على المواقع الإيرانية والتمكن من الهروب دون عقاب فهو اعتقاد خاطئ. وإذا بدأت أمريكا الحرب فلن يكون في وسعها وقفها أو تحديد أمكنتها.
القائد أراد بتحذيره هذا إيصال رسالة لأمريكا مغزاها أن الهجوم على إيران لن يكون نزهة -مثلما فعلت "إسرائيل" عندما قصفت المفاعل النووي العراقي- وأن نتائج عملهم ستكون وبالاً عليهم، وسيكون رد فعل إيران قوياً.
تستغل الولايات المتحدة ما يعرف بالخلاف الإيراني الإماراتي حول الجزر الثلاث.. وتعمل على إقامة جسور بين دول عربية و"إسرائيل"، ولم يعد موقف أمريكا في العراق كالسابق، ويقال إن هناك تضييقاً على شخصيات وتيارات مقربة لإيران في العراق، ما هو تعليقكم على ذلك؟
ج : - لا ننكر وجود خلافات بين دول المنطقة، حيث توجد خلافات حدودية بين السعودية وقطر، والسعودية والإمارات العربية، وبين دول كثيرة أخرى موجودة. كما توجد خلافات سياسية بين دول المنطقة، وهي خلافات طبيعية مثل كل دول العالم التي توجد بينها خلافات سياسية أو حدودية.
بالنسبة لدول المنطقة ينبغي ألا تسمح للدول المتغطرسة باستغلال نقاط الخلاف الموجودة، وهذه الخلافات يجب أن تحل بالحوار. ولا بد أن تتخذ الدول الإسلامية استراتيجية لها بأن تكون وحدة واحدة للحيلولة دون فرض غطرسة الدول الكبرى عليها.
بمساعدة الدول الإسلامية لبعضها بعضا، لا بد من الوصول إلى التنمية المتقدمة، وإحياء الحضارة الإسلامية المتلألئة في القرون ٩ ـ ١٢ الميلادية، وهي الحضارة التي تحدث عنها ويل ديورانت، حيث سمى ذلك العصر بـ"العصر الذهبي للبشر" في كتابه "تاريخ الحضارة".
وآمل بأن تعمد دول المنطقة إلى الاتحاد فيما بينها ضد أعدائها، أعداء الإسلام، بدلاً من الصراع. وهذا لا يعني وضع كل الخلافات جانباً، ولكن الخلافات الجزئية والتكتيكية لا خوف من ورائها، هي خلافات عادية طبيعية، لكن المهم هو قيام الاتحاد الاستراتيجي بين دولها.
س - ثمة توجهات لنشوء تكتلات إقليمية كبرى في المنطقة.. ما هي رؤيتكم لهذه التكتلات بعد فشل المشروعين الأمريكي والإسرائيلي للشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وما موقفكم منها في حال قيامها، مع ملاحظة احتمال اختراقها عبر البعض وحرف مساراتها؟
ج : - في منطقة الشرق الأوسط نحن لا نوافق فقط على أي تكتل يتشكل، بل نشارك به، ونشجع بقية الدول لتكون عضوا في هذا الاتحاد، بخاصة إذا كان الاتحاد إقليمياً، ويعارض تواجد الدول المحتلة الأجنبية في المنطقة، ويسعى لأمن المنطقة والتعاون من أجلها أيضاً. نحن سعداء جداً للتكتلات التي تتكون حالياً، خاصةً بعد أحداث واقعة أسطول الحرية؛ لأن هذا العمل بحد ذاته يأتي في إطار وحدة الدول الإسلامية، بل إن أمريكا و"إسرائيل" غير راضيتين عن هكذا ائتلاف واتحاد.
س - تعتبر "إسرائيل" أداة أمريكا والغرب الضاربة ضد المنطقة المهددة لأمنها والمعطلة لتنميتها وتقدمها، وتتقدم "إسرائيل" في علاقاتها مع الغرب على أي علاقات أخرى منفردة أو مجتمعة مع دول المنطقة مهما بلغت هذه العلاقات من الحميمية. ما هو تعقيبكم على ذلك؟
ج : - تتخذ إيران موقفها من "إسرائيل" بناء على دراية وحكمة، واستناداً إلى حقوق، وحسب ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن تعتبر "إسرائيل" دولة تحتل أراضي غيرها، وكيانا مجرما، حيث لا توجد جريمة محظورة إلا ارتكبتها، ويمكن الإشارة إليها في المواضيع التالية:
"إسرائيل" هجرت أكثر من مليون شخص، وقصفت المناطق السكنية الآهلة بالمدنيين، وهاجمت المستشفيات وسيارات الإسعاف، وسجنت آلاف المواطنين العرب بمن فيهم أطفال ونساء ومسنون ومرضى ومنتخبون من الشعب وعذّبتهم، وقطعت الأشجار، وجرفت الأراضي الزراعية والمزارع، ودمّرت الآثار، وحاصرت المدن، وقطعت الكهرباء والماء عن المدنيين، وهاجمت المساجد والكنائس، واستخدمت الأسلحة الكيماوية، واغتصبت النساء، ومارست العنصرية في التعامل مع المواطنين، وخطفت أشخاصاً من دول مختلفة، وأوجدت حواجز أمنية على الطرقات، وأقامت جدار الفصل العنصري حول المدن والبلدات الفلسطينية، وصنعت القنابل النووية، وقامت بأعمال الجاسوسية على الدول، وارتكبت جرائم أخرى مخالفة للمواثيق الدولية ويحاسب عليها القانون الدولي. ومن وجهة نظر حقوقية قانونية ومنطقية كيف يمكن قبول أناس جيء بهم من كل بقاع الأرض ليحتلوا أرض غيرهم ويطردوا مواطنيها ويقيموا عليها كيانهم الغاصب؟ وهل يمكن لأمريكا أن تقبل بأن يأتي أناس من مختلف دول العالم ليحتلوا واشنطن أو نيويورك أو أي مدينة أمريكية أخرى ويطردوا مواطنيها الأمريكان؟ من هي الدولة التي يمكن أن تقبل بهذا المنطق؟ وبناء عليه فإن "إسرائيل" دولة مجرمة ويجب معاقبتها.
وجهة نظر إيران تقول إن شعب فلسطين الأصلي هو الذي من حقه أن يقرر مصيره، وله حق انتخاب الحكومة التي يريد، بغض النظر عن الدين الذي يتبعه، سواء كان مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً. أهل المنطقة يؤيدون هذا الحل الذي تراه إيران. بل ويرى ذلك أيضاً رجال القانون الدولي، لكن ماكنة الإعلام الغربي في العالم على اختلافها بما في ذلك الإنترنت تظهر "إسرائيل" بأنها صاحبة الحق خلافاً للقانون الدولي والمنطق، وتنخدع بعض شعوب العالم بتأثير الإعلام المضلل، لكن أكثر الشعوب لم تنخدع بهذه الدعايات، وتنطلق المظاهرات المؤيدة للحق العربي والإسلامي في مختلف الدول بما فيها أوروبا ضد "إسرائيل".
س - وماذا عن موقف إيران من الوضع في العراق؟
ج :- تقوم سياستنا بالنسبة للعراق على أساس العلاقة مع الشعب العراقي، ونرى أن علاقات وثيقة تقوم بين الشعبين العراقي والإيراني منذ عقود وقبل قيام الثورة الإسلامية في إيران، حيث التزاوج بين الشعبين، وكثير من الإيرانيين هم من مواليد العراق، بل حتى إن بعض المسؤولين الإيرانيين ولدوا في العراق، حيث الانتقال كثيف بالاتجاهين بين أبناء الشعبين، ولا يوجد هناك شعور بأن العراقيين والإيرانيين شعبان مختلفان، ولعبت زيارة المزارات وتحصيل العلم في الحوزات وكذلك التجارة في تعزيز هذه العلاقات.
نحن ندعم خيار الشعب العراقي في اختيار الحكومة التي يريد، إننا نحترم رغبة الشعب العراقي في كيفية تعامله مع المحتلين، لكن سياسة إيران بشكل مستقل كانت دائماً معارضة للاحتلال، سواءً كان احتلال فلسطين من قبل "إسرائيل"، أو احتلال العراق من قبل أمريكا، لذلك لم تسمح إيران للجيش الأمريكي باجتياز الحدود الإيرانية لقتال جيش صدام، وبالتالي استطاعت أمريكا بمساعدة بعض الدول العربية في المنطقة أن تحتل العراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* د. مصطفى "مصلح زادة "
ـ عضو هيئة تدريس بكلية العلاقات الدولية (المواد المتخصصة في الدبلوماسية في الإسلام)
ـ مدير مركز التخطيط الإستراتيجي في وزارة الخارجية.
ـ نائب رئيس مركز نشر الوثائق في وزارة الخارجية الإيرانية.
ـ نائب رئيس المركز الثقافي للفكر الإسلامي التابع لوزارة الإرشاد الإيرانية.
ـ لديه العديد من المقالات والخطابات التي كتبت وألقيت في ستة عشر مؤتمراً رسمياً.
اجرى الحوار : محمد شريف الجيوسي
المصدر : السبيل الاردنية
رقم: 24171